أحاديث «وسائل الشيعة»، تأمُّلاتٌ في خصائص الأسانيد والمتون
يُعتبر كتاب «وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة»، لمؤلِّفه الشيخ محمد بن الحسن الحُرّ العاملي(ر)، من أهمّ الموسوعات الحديثيّة المتخصِّصة عند الإماميّة، التي أُلِّفت في القرن الحادي عشر الهجريّ. وقد ذكر فيه مؤلِّفُه الأحاديثَ الفقهيّة موضع الحاجة، بسندها ومتنها معاً. وقد تميَّزت هذه الأسانيد والمتون ببعض الخصائص، وهذا ما سوف نستعرضه في هذه المقالة في مبحثين:
المبحث الأوّل: خصائص الأسانيد
يمتاز كتاب «وسائل الشيعة» عن بعض الكتب والمجاميع الحديثيّة بعدّة أمور، ومنها
أـ ذكر أسناد الأحاديث
فقد أثبت الشيخ الحُرّ(ر) في كتاب «وسائل الشيعة» الأحاديثَ بأسنادها، بحيث يكون بإمكان الباحث الاطّلاع على سند الحديث ومحاكمته، فيميِّز بين الصحيح والحَسَن والموثَّق والضعيف([1]).
ب ـ ذكر الطرق السنديّة الأخرى للحديث في ذيله
ويذكر الشيخ الحُرّ(ر) ـ عادةً ـ الطرق السنديّة الأخرى للحديث([2]) في ذيله، ونعني بها مصادر الحديث وأسناده الأخرى، ومن ذلك:
* ما في الباب 1 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 3، حيث قال: «و[محمّد بن يعقوب] عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر(ع) قال:….
ورواه البرقيّ في «المحاسن»، عن أبيه، عن عليّ بن النعمان.
ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ابن رباط، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله(ع)، عن رسول الله(ص)، نحوه.
ورواه الحسين بن سعيد في كتاب «الزهد»، عن عليّ بن النعمان، مثله، إلى قوله الجهاد.
و[محمّد بن يعقوب] عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله(ع)، نحوه.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى.
ورواه الصدوق بإسناده عن عليّ بن عبد العزيز.
ورواه البرقيّ في «المحاسن»، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، مثله»([3]).
الخطأ في ذلك
وقد يخطئ الشيخ الحُرّ(ر) في ذلك، فيذكر مصدراً آخر لحديث، وهو في الواقع مصدرٌ لحديثٍ آخر قريبٍ منه، ومن ذلك:
* ما في الباب 1 من أبواب القصاص في النفس، ح 4 و5، حيث قال: «4ـ وعنه [محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم]، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثماليّ، عن عليّ بن الحسين(عما) قال: قال رسول الله(ص): لا يغرَّنَّكم رَحْب الذراعين بالدم؛ فإنّ له عند الله قاتلاً لا يموت، قالوا: يا رسول الله، وما قاتلٌ لا يموت؟ فقال: النار.
ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن أبي عمير.
ورواه في «معاني الأخبار»، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير.
ورواه البرقيّ في «المحاسن»، عن محمّد بن عليّ، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، نحوه.
5ـ و[محمّد بن يعقوب] عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر(ع) قال: قال رسول الله(ص): لا يعجبك رَحْب الذراعين بالدم؛ فإنّ له عند الله قاتلاً لا يموت.
ورواه الصدوق في «عقاب الأعمال»، عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، مثله»([4]).
وعلَّق المحقِّقون في مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث، على قوله: «ورواه البرقيّ في «المحاسن»، عن محمّد بن عليّ، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، نحوه»، بقولهم: «وهو يعود للحديث 5 الآتي؛ لأنّه يتطابق معه سنداً ومتناً»([5]).
وبمراجعة كتاب «المحاسن»، لأحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ، تبيّن بالفعل أنّه يروي الحديث الخامس «عن محمّد بن عليّ، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر(ع) قال:…»([6]).
ولا يروي الحديث الرابع أصلاً.
إذن فما ذكره الشيخ الحُرّ(ر) في ذيل الحديث الرابع يعود للحديث الخامس.
ج ـ اختصار الأسناد
للمساهمة في اختصار الكتاب وتحجيمه عمد الشيخ الحُرّ(ر) إلى اختصار أسناد الأحاديث، واعتمد(ر) في ذلك جملةً من الطرق.
ومن تلك الطرق:
1ـ حذف بعض العبارات من أسناد الشيخ الصدوق(ر) وغيره من المحدِّثين
عمد الشيخ الحُرّ(ر) ـ وللاختصار ـ إلى حذف بعض العبارات من أسناد الشيخ الصدوق(ر) وغيره من المحدِّثين، من قبيل: «حدَّثَنا»، و«حدَّثَني»، و«قال: حدَّثَنا»، و«قال: حدَّثَني»، و«أخبَرَنا»، و«أخبَرَني»، و«قال: أخبَرَنا»، و«قال: أخبَرَني»، وأتى محلّها بلفظ «عن».
وقد أشار(ر) إلى ذلك بقوله: «وأمّا أسانيده في غير كتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه» فقد أوردتُها كما أوردها هو، إلاّ أنّي حذفتُ من كثيرٍ منها لفظ «قال: حدَّثَنا»، و«قال: أخبَرَنا»، وأتيتُ مكانها بلفظ «عن»؛ للاختصار، وكذلك أسانيدُ غيره من محدِّثينا([7]).
وقد عُبِّر عن هذه الطريقة بـ «حذف ألفاظ الأداء والتحمُّل، وتبديلها كلّها بحرف «عن»»([8]).
مخالفة تلك الطريقة أحياناً
ولكنّه(ر) يُبقي ـ أحياناً ـ على مثل تلك العبارات، مع إمكان حذفها، ومن ذلك:
* ما في الباب 3 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب قال: حدَّثَني عدّةٌ من أصحابنا، منهم: محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(ع)…»([9]).
ولعلّه(ر) قد أبقى على تلك العبارة للإشارة إلى أنّ هذا الحديث هو الحديث الأوّل من «أصول الكافي»؛ إذ فيه استعمل الشيخ الكلينيّ(ر) مثل تلك العبارة([10])، واستعملها كذلك في الحديث الأوّل من «فروع الكافي»([11])، بل وفي أوّل بعض الكتب من«الكافي»، ككتاب الصلاة([12]).
2ـ حذف الألقاب، والكُنى، ونحوها
«حذف الشيخ الحُرّ(ر) من أسناد أحاديث «الوسائل» الألقابَ، والكُنى، وأعمدةَ النَّسَب، والتواريخ، والأمكنة، وما أشبه، وذلك في أكثر الموارد، وخاصّة في الأسانيد المتكرِّرة، والأسماء المعروفة المتداولة.
واقتصر(ر) على الأسماء، أو الألقاب المعروفة، مثلاً: يكتفي بكلمة (الحِمْيَريّ) عن ذكر (عبد الله بن جعفر الحِمْيَريّ)»([13]).
3ـ استبدال بعض كلمات السند بضميرٍ دالٍّ عليها
في نقله لأحاديث «الكافي» تصرّف الشيخ الحُرّ(ر) في أسناد بعض تلك الأحاديث، وذلك للاختصار قدر الإمكان.
وتنحصر تلك التصرُّفات ـ بحَسَب تتبُّعنا ـ في أمرَيْن، وهما:
أـ استبدال قول الشيخ الكلينيّ(ر): «عدّة من أصحابنا» بلفظ «عنهم» أحياناً
وقد أشار الشيخ الحُرّ(ر) لهذا الأمر حيث قال: «وقد أورَدْتُ عبارته ـ في الأسانيد ـ بعينها، إلاّ أنّه إذا تكرَّر قوله: «عدّة من أصحابنا» في سند حديثَيْن قلتُ ـ في الثاني ـ: «وعنهم، عن فلان»؛ للاختصار…»([14]).
ومن موارد هذا التصرُّف:
* ما في الباب 6 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 1 و2، حيث قال: «1ـ محمّد بن يعقوب، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(ع) قال:….
ورواه البرقيّ في «المحاسن»، عن ابن محبوب، مثله.
2ـ وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن إسحاق بن الحسين بن عمرو، عن حسن بن أبان، عن أبي بصير قال: سألتُ أبا عبد الله(ع)….
ورواه البرقيّ في «المحاسن»، عن عليّ بن أسباط، مثله»([15]).
وبمراجعة «أصول الكافي» تبيّن أنّ الحديثَيْن على هذا النحو:
«3ـ عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(ع) قال:….
4ـ عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن إسحاق بن الحسين، عن عمرو، عن حسن بن أبان، عن أبي بصير قال: سألتُ أبا عبد الله(ع)…»([16]).
ب ـ استبدال بعض أسماء الرواة الصريحة في المصدر بضميرٍ راجعٍ إليها
فالشيخ الحُرّ(ر) إذا نقل حديثَيْن متتاليَيْن من مصدرٍ واحدٍ عن راوٍ واحدٍ، ذكر السند في الحديث الأوّل كما هو في المصدر، وأمّا في السند الثاني فيستبدل الاسم الصريح للراوي الذي يروي عنه صاحب المصدر بضميرٍ يعود إليه في السند الأوّل، ويُعبِّر عن ذلك عادةً بلفظ «وعنه».
ومن موارد هذا التصرُّف:
* ما في الباب 6 من أبواب أعداد الفرائض، ح 3 و4، حيث قال: «3ـ وعنه [يعني محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى]، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قال أبو الحسن الأوّل(ع):….
4ـ وعنه [يعني محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى]، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله(ص):…»([17]).
وبمراجعة المصدر، وهو «الكافي»، تبيّن أنّ هذَيْن الحديثَيْن على هذا النحو:
«15ـ محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قال أبو الحسن الأوّل(ع):….
16ـ محمّد، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن جعفر، عن أبيه(عما) قال: قال رسول الله (ص):…»([18]).
فلاحِظْ كيف أنّ الشيخ الحُرّ(ر) قد استبدل تعبيرَيْ الشيخ الكلينيّ(ر): «محمّد بن يحيى»؛ و«محمّد»، بضمير «الهاء» في قوله: «وعنه»([19]).
4ـ الجمع بين الأسناد
نسبةٌ خاطئةٌ
نُسب إلى الشيخ الحُرّ(ر) أنّه ـ ولاختصار كتابه «الوسائل» ـ «جمع بين الأسانيد، إذا وَرَدَتْ بنصٍّ واحدٍ عن مصدرٍ واحدٍ، فيما إذا اختلفت مواضعُها؛ أو عن أكثر من مصدرٍ، بالدَّمْج والتلفيق، فيظنّ مَنْ لا خبرة له بالفنّ وقوعَ سَهْوٍ منه؛ لما يراه من زيادة في السند»([20]).
ولكنّ الحقّ أنّه(ر) يتبع المصدر الذي ينقل الحديث منه؛ فإنْ جُمع بين أسناد الحديث في المصدر نقله كما هو؛ وإنْ لم يُجمع بين أسناد الحديث في المصدر لم يجمع(ر) بينها، بل نقل الحديث بسنده الأوّل، ثمّ ذكر السند الثاني له، ومن ذلك:
* ما ذكره في الباب 26 من أبواب الدفن، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(ع) قال:…»([21]).
وهذا السندُ ينحلّ إلى سندَيْن، وهما:
السند الأوّل: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ….
السند الثاني: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ….
والواقع أنّه(ر) قد نقل الحديث كما هو من «الكافي»، وفيه: «عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(ع) قال:…»([22]).
* وما في الباب 27 من أبواب التكفين، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب، عن عليّ ابن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا أعدّ الرجل كَفَنَه فهو مأجورٌ كلّما نظر إليه.
وعن عدّةٍ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ، مثله»([23]).
وبالرجوع إلى المصدر، وهو «الكافي»، تبيّن أنّ الشيخ الكلينيّ(ر) قد ذكر لهذا الحديث سندَيْن مختلفَيْن، ولم يجمع بينهما في حديثٍ واحد.
ففي «الكافي»: «9ـ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(ع)، قال: إذا أعدّ الرجل كَفَنَه فهو مأجورٌ كلّما نظر إليه.
12ـ عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(ع)، قال: إذا أعدّ الرجل كَفَنَه فهو مأجورٌ كلّما نظر إليه»([24]).
وقد تبعه الشيخ الحُرّ(ر)، فذكر الحديث بسنده الأوّل فقط، ثمّ ذكر سنده الثاني، مشيراً إلى تطابق الحديثَيْن في المتن بقوله: «مثله».
وقد كان بإمكان الشيخ الحُرّ(ر) لو أراد اعتماد طريقة الجمع بين الأسناد للاختصار ـ كما نُسب إليه ـ أن يذكر الحديث بهذا النحو: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن عدّةٍ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(ع)، قال: إذا أعدّ الرجل كفنه فهو مأجورٌ كلّما نظر إليه.
ولكنّه لم يفعل ذلك، الأمر الذي يدفعنا للقول بأنّه(ر) لم يعتمد طريقة الجمع بين الأسناد، وإنّما تبع المصدر الذي ينقل منه؛ فإنْ كان قد جمع بين الأسناد نقله كما هو، ولم يُفكِّك بين تلك الأسناد؛ وإنْ كان لم يجمع بين الأسناد نقله كما هو أيضاً، ولم يجمع بينها من تلقاء نفسه([25]).
* وما في الباب 64 من كتاب العتق، ح 1 و2، حيث قال: «1ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن غياث ابن إبراهيم الرازيّ، عن جعفر، عن أبيه(عما): إنّ رجلاً أعتق بعض غلامه، فقال عليّ(ع): هو حُرٌّ كلّه، ليس لله شريك.
2ـ وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه(عما): إنّ رجلاً أعتق بعض غلامه، فقال: هو حُرٌّ كلّه، ليس لله شريك»([26]).
وبالرجوع إلى المصدر، وهو «تهذيب الأحكام»، تبيّن أنّ الشيخ الطوسيّ(ر) قد ذكر لهذا الحديث سندَيْن مختلفَيْن، ولم يجمع بينهما في حديثٍ واحد.
ففي «تهذيب الأحكام»: «57ـ عنه [عن محمّد بن عليّ بن محبوب]، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن غياث بن إبراهيم الداريّ، عن جعفر، عن أبيه(ع): إنّ رجلاً أعتق بعض غلامه، فقال(ع): هو حُرٌّ، ليس لله شريك.
58ـ محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه(ع): إنّ رجلاً أعتق بعض غلامه، فقال: هو حُرٌّ كلّه، ليس لله شريك»([27]).
وقد تبعه الشيخ الحُرّ(ر)، فذكر الحديث مرّتَيْن.
وقد كان بإمكان الشيخ الحُرّ(ر) لو أراد اعتماد طريقة الجمع بين الأسناد للاختصار ـ كما نُسب إليه ـ أن يذكر الحديث بهذا النحو: محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن غياث ابن إبراهيم الرازيّ، وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، جميعاً، عن جعفر، عن أبيه(عما): إنّ رجلاً أعتق بعض غلامه، فقال(ع): هو حُرٌّ كلّه، ليس لله شريك.
ولكنّه لم يفعل ذلك، الأمر الذي يدفعنا للقول بأنّه(ر) لم يعتمد طريقة الجمع بين الأسناد، وإنّما تبع في ذلك المصدر الذي ينقل منه([28]).
الالتزام بما في المصدر
إذن تبع الشيخ الحُرّ(ر)، في مسألة الجمع بين الأسناد وعدمها، المصادرَ التي ينقل الحديث منها.
والتزم(ر) بما جاء في تلك المصادر تماماً، رغم كون الجمع في بعض الموارد مُوهِماً جدّاً، ويحتاج إلى توضيحٍ، ومن ذلك:
* ما ذكره في الباب 60 من أبواب القصاص في النفس، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط قال: سألتُ أبا عبد الله(ع)…»([29]).
فكيف نفكّك هذا السند؟
الصحيحُ أنّ السندَيْن هما:
السند الأوّل: محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط….
السند الثاني: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط….
ولكنْ قد يشتبه أحدُ الباحثين، ممَّنْ لا خبرة له في علم الرجال، فيعتقد أنّ السندَيْن بهذا الشكل:
السند الأوّل: محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي ولاّد الحنّاط….
السند الثاني: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط….
فلاحِظْ الإيهام في هذا الاختصار.
كيفيّة دفعهم للإيهام الناشئ عن الجمع بين الأسناد
وقد تخلَّصوا من ذلك الإيهام في بعض الموارد بذكر كلمة «جميعاً» في آخر الجزء المعطوف من السند الثاني، ومن ذلك:
* ما في الباب 51 من أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، جميعاً، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(ع) قال: جرَتْ السُّنّة أن لا تؤخذ الجِزْية من المعتوه، ولا من المغلوب على عقله»([30]).
وسندا الحديث هما:
السند الأوّل: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(ع)….
السند الثاني: محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(ع)….
ولولا كلمة «جميعاً» لتوهَّم كثيرون أنّ سندَيْ الحديث هما:
السند الأوّل: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة….
السند الثاني: محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة….
أنواع العطف في السند
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ العطف في الأسناد تارةً يكون عاديّاً؛ وأخرى يكون غير عاديٍّ.
فالعطف العاديّ هو ما كان عطفاً لطبقةٍ على طبقة، أي لراوٍ واحدٍ على راوٍ واحدٍ آخر، ومن ذلك:
* ما في الباب 1 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصوم، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعبد الله بن الصلت جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(ع) ـ في حديثٍ ـ قال:…»([31]).
وأمّا العطف غير العاديّ فهو ما كان عطفاً لطبقتَيْن أو أكثر على طبقتَيْن أو أكثر، ويُسمّى «التحويل في السند»، وقد تقدّم فيما مرّ ذكر بعض الأمثلة له.
ولعلّ هذا العطف هو ما ذكره السيّد البروجرديّ(ر) بعنوان «تقطيع الأسانيد»، فقال: «ومع ذلك كلّه لا يخلو عن تكرار الأبواب، والأحاديث، وتقطيع الأخبار، والأسانيد»([32]).
5ـ الاكتفاء بذكر بعض السند
حذف آخر السند بدون أيّ إشارةٍ
في نقله للحديث من مصدره يعمد الشيخ الحُرّ(ر) إلى ذكر سنده أوّلاً، ثمّ ينقل متن الحديث، فإذا أراد أن ينقل الحديث من مصدرٍ آخر غير المصدر الأوّل اكتفى بذكر السند إلى حيث يشترك مع سنده في المصدر الأوّل، فيفهم القارئ أنّ ما بعد المذكور من السند الثاني هو نفس المذكور في السند الأوّل، ومن ذلك:
* ما في الباب 11 من أبواب التيمّم، ح 3، حيث قال: «وعنه [محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم]، عن أبيه، وعن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألتُ أبا جعفر(ع) عن التيمُّم….
ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب»([33]).
وهُنا يُدرك القارئ أنّ الشيخ رواه بإسناده عن محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه…إلى آخر الحديث الذي ذَكَره أوّلاً.
حذف آخر السند مع الإشارة
ويشير ـ أحياناً ـ إلى أنّه ترك ذكر باقي السند بقوله في آخر كلامه: «مثله»، ومن ذلك:
* ما في الباب 1 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 3، حيث قال: «و[محمّد بن يعقوب] عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر(ع) قال:….
ورواه الحسين بن سعيد في كتاب «الزهد»، عن عليّ بن النعمان، مثله، إلى قوله الجهاد»([34]).
وقد أشار لهذا الأمر السيّد البروجرديّ(ر) بقوله: «ومع ذلك كلّه لا يخلو عن تكرار الأبواب، والأحاديث، وتقطيع الأخبار، والأسانيد»([35]).
حذف أوّل السند مع الإشارة
وقد يحذف الشيخ الحُرّ(ر) أوّل السند، مشيراً لذلك بقوله: «بإسناده»، ومن ذلك:
* ما في الباب 15 من أبواب الوضوء، ح 3، حيث قال: «و[محمّد بن يعقوب] عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة وبكير، أنّهما سألا أبا جعفر(ع) عن وضوء رسول الله(ص)….
ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، نحوه،….
ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن يعقوب»([36]).
وعلَّق الشيخ الربّانيّ في تحقيقه لكتاب «الوسائل»، على هذا الحديث، بالقول: «وأسقط صاحب «الوسائل» من مبتدأ السند الثاني [سند الشيخ الطوسيّ(ر) إلى الشيخ الكلينيّ(ر)] الوسائط بين الشيخ ومحمّد بن يعقوب، وهم: المفيد، عن جعفر بن محمّد ابن قولويه([37]).
ومن مبتدأ السند الأوّل [سند الشيخ إلى الحسين بن سعيد]: المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان([38]).
وكذلك أسقط هؤلاء من ابتداء سند الحديث التاسع [وهو: «وعنه [الطوسيّ عن الحسين بن سعيد]، عن أحمد بن حمزة، والقاسم بن محمّد، عن أبان بن عثمان، عن ميسر، عن أبي جعفر(ع)، قال: ألا أحكي لكم وضوء رسول الله(ص)…»([39])]»([40]).
تبريرٌ محتَمَلٌ
ولعلّه(ر) قد أوكل الباحث ـ في معرفة السقط ـ إلى ما ذكره الشيخ الطوسيّ(ر) في مشيخة «تهذيب الأحكام» و«الاستبصار» من طرقٍ إلى بعض الرواة، حيث يتطابق ما أسقطه(ر) مع بعض طرق الشيخ الطوسيّ(ر) إليهم، ومن هؤلاء الرواة:
1ـ الحسين بن سعيد([41]).
2ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ([42]).
مؤيِّدٌ لهذا التبرير
ويؤيِّد ذلك أنّه(ر) ترك بعض الأسناد على حالها في المصدر، ولم يحذف منها شيئاً، مع أنّه قد يبدو ـ للوَهْلة الأولى ـ إمكان حذف أوّل السند، واستبداله بلفظ: «بإسناده»، ومن ذلك:
* ما في الباب 15 من أبواب الوضوء، ح 11، حيث قال: «و[الطوسيّ] عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن أذينة، عن بكير وزرارة ابنَيْ أعين، أنّهما سألا أبا جعفر(ع) عن وضوء رسول الله(ص)…»([43]).
وبمراجعة المصدر، وهو «تهذيب الأحكام»، تبيّن أنّ الشيخ الطوسيّ(ر) ذكر الحديث بهذا الشكل: «ما أخبرني به الشيخ أيَّده الله تعالى، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن أذينة، عن بكير وزرارة ابنَيْ أعين، أنّهما سألا أبا جعفر(ع) عن وضوء رسول الله(ص)…»([44]).
وَهْمٌ مردود
وهنا قد يتوهَّم بعض الباحثين أنّه كان بإمكان الشيخ الحُرّ(ر) ـ وللاختصار ـ أن يحذف أوّل السند، ويقول: وبإسناده عن سعد بن عبد الله….
ولكنّ ذلك غيرُ صحيح؛ إذ لو فعل الشيخ الحُرّ(ر) ذلك لأوقع الباحثَ في اشتباهٍ كبيرٍ، وهو أنّ الباحث سيعتمد في معرفة طريق الشيخ الطوسيّ(ر) إلى سعد على ما ذكره الشيخ الطوسيّ(ر) من طريقٍ إليه في مشيخة «تهذيب الأحكام» و«الاستبصار في ما اختلف من الأخبار»، وهو: «وما ذكَرْتُه في هذا الكتاب عن سعد بن عبد الله فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله [المفيد]، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله؛ وأخبرني به أيضاً الشيخ [المفيد]، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين [الصدوق الابن]، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله»([45]).
وكلا الطريقَيْن مختلفٌ عمّا كان سيُسقطه ها هنا، فلو حذف الشيخ الحُرّ(ر) أوّل سند هذا الحديث واعتمد الباحث على أحد الطريقَيْن المذكورَيْن لوقع في الاشتباه والخطأ، وهذا ما لا يريده ولا يرضاه الشيخ الحُرّ(ر).
6ـ حذف أسناد بعض الأحاديث
تقدّم الكلام في ما فعله الشيخ الحُرّ(ر) من تأخير ذكر أسناد الشيخ الصدوق والشيخ الطوسيّ رحمهما الله إلى آخر الكتاب، حيث عقد لبيانها فائدتين:
الأولى: لبيان أسانيد الشيخ الصدوق(ر)؛ والثانية: لبيان أسانيد الشيخ الطوسيّ(ر).
وقد أشار(ر) إلى ذلك بقوله: «وأخّرْتُ أسانيدهما [أي أسانيد الشيخ الصدوق والشيخ الطوسيّ رحمهما الله] أيضاً إلى آخر الكتاب؛ لما ذكرناه في هذا الباب [أي للاختصار وحذراً من الإطناب]»([46]).
وقد عمد الشيخ الحُرّ(ر) أيضاً ـ وللاختصار ـ إلى حذف أسناد بعض الأحاديث.
وقد أشار(ر) إلى هذا الأمر في خاتمة «الوسائل»، ففي الفائدة الثانية قال: «وروى الشيخ في كتاب «المجالس والأخبار» وصيّةً لأبي ذرّ، عن جماعة، عن أبي المفضَّل، عن رجاء بن يحيى العبرتائيّ، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله الهمدانيّ، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤليّ، عن أبيه، عن أبي ذرّ، عن رسول الله(ص)…، وذكر الوصيّة بطولها.
وقد أورَدْتُ منها فصولاً في مواضع كثيرة، وتركْتُ السند اختصاراً»([47]).
وقد عثَرْنا على بعض هذه المواضع، فوجَدْنا الأمر كما قال، ومن ذلك:
* ما في الباب 5 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 8، حيث قال: «وفي «المجالس والأخبار» بإسناده الآتي عن أبي ذرّ، عن رسول الله(ص)، في وصيّته له، قال: يا أبا ذرّ، ليكن لك في كلّ شيءٍ نيّةٌ، حتّى في النوم والأكل»([48]).
وفي الفائدة الثالثة قال: «وقد روى [أي الشيخ الكلينيّ(ر)] رسالةً طويلة لأبي عبد الله(ع) ـ في أوّل كتاب الروضة من «الكافي» ـ وقد حذفْتُ سندها في مواضع اختصاراً، وصورته: محمّد بن يعقوب الكلينيّ قال: حدّثني عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن حفص المؤذّن، عن أبي عبد الله(ع).
وعن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله(ع): أنّه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه، وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها.
قال: وحدّثني الحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن القاسم بن الربيع الصحّاف، عن إسماعيل بن مخلد السرّاج، عن أبي عبد الله(ع).
قال: خرجَتْ هذه الرسالة من أبي عبد الله(ع) إلى أصحابه، وذكر الرسالة بطولها»([49]).
وقد عثَرْنا على بعض هذه المواضع، فوجَدْنا الأمر كما قال، ومن ذلك:
* ما في الباب 6 من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به، ح 2، حيث قال: «وبإسناده [الكلينيّ] الآتي عن أبي عبد الله(ع)، في رسالةٍ طويلة له إلى أصحابه أمرهم بالنظر فيها وتعاهدها والعمل بها، من جملتها: أيّتها العصابة المرحومة المفلحة…»([50]).
الإشارة إلى حذف السند، وبشكلٍ مُوهِم إلى موضع السند المحذوف
وكما يُلاحِظ القارئ فإنّه(ر) يشير إلى حذف السند بقوله: «بإسناده»، فيعرف الباحث أنّ لهذا الحديث سنداً، لم يُذْكَر هاهُنا، ولكنّه مذكورٌ في مكانٍ ما من «الوسائل»، أو على الأقلّ يمكن معرفته من المصدر.
ويشير(ر) إلى وجود السند في الخاتمة بقوله: «الآتي»، ولكنّه لا يحدّد موضعه بدقّةٍ، فيصير البحث عنه أمراً صعباً نوعاً ما.
وقد وفَّر المحقِّقون في مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث على الباحث مشقّة البحث عن هذا السند؛ إذ حدّدوا موضعه في الخاتمة بدقّةٍ، ومن ذلك:
* ما في الباب 16 من أبواب آداب الحمّام، ح 6، حيث قال في ذيله: «ورواه في «الخصال» بالسند الآتي عن أنس بن محمّد، مثله».
وعلَّق المحقِّقون بقولهم: «يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز (خ)»([51]).
ولا يخفى على القارئ ما في تعبير الشيخ الحُرّ(ر) من الإبهام، فحين يقول: «بالسند الآتي، أو بالأسانيد الآتية» يختلط الأمر على الباحث، ولا يدري هل أنّ هذا السند سيُذكر في أحد الأحاديث اللاحقة، أو أنّه سيُذكر في الخاتمة؟
ويزيد من هذا الإبهام ما فعله(ر) من استخدام مثل التعبير المذكور للإشارة إلى أنّ السند سيُذكر في أحد الأحاديث اللاحقة، لا في الخاتمة، ومن ذلك:
* ما في الباب 1 من أبواب ديات الأعضاء، ح 3، حيث قال: «ورواه [الطوسيّ] أيضاً بأسانيده الآتية إلى كتاب ظريف، وكذا الصدوق، إلاّ أنّ في روايتهما:…»([52]).
وليس في الفائدة الأولى والثانية من الخاتمة، وهما المخصَّصتان لذكر طرق الشيخ الصدوق والشيخ الطوسيّ رحمهما الله، أيّ ذكر لسند الشيخ الصدوق والشيخ الطوسيّ رحمهما الله إلى كتاب ظريف، فأين ذُكرَتْ هذه الأسانيد؟
الصحيحُ أنّها ذُكرت في الباب 2 من أبواب ديات الأعضاء، ح 4، حيث قال: «ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ظريف بن ناصح، عن عبد الله بن أيّوب، عن الحسين الرواسيّ، عن أبي عمرو المتطبِّب قال: عرضتُ هذه الرواية على أبي عبد الله(ع)، فقال: نعم، هي حقّ، وقد كان أمير المؤمنين(ع) يأمر عمّاله بذلك، ثمّ ذكر الحديث بطوله.
ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد.
وبإسناده عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ظريف بن ناصح.
وعنه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسان الرازيّ، عن إسماعيل بن جعفر الكنديّ، عن ظريف بن ناصح.
وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن العبّاس بن معروف، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ظريف بن ناصح.
وبإسناده عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ظريف بن ناصح.
وبإسناده عن سهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف بن ناصح، قال: عرضتُ هذه الرواية على أبي عبد الله(ع)»([53]).
التحديد العامّ لموضع السند المحذوف
وعليه فما أحسن ما فعله(ر) في بعض الموارد من التحديد العامّ لموضع ذكر السند! ومن ذلك:
* ما في الباب 55 من أبواب الأطعمة المحرَّمة، ح 2، حيث قال: «وفي «عيون الأخبار»، وفي «العلل»، بالأسانيد الآتية في آخر الكتاب، عن محمّد بن سنان، عن الرضا(ع)…»([54]).
خلاصة القول
وممّا تقدَّم نعرف أنّ الشيخ الحُرّ(ر) قد يترك ذكر بعض الأسناد اعتماداً على ذكرها في أبواب أو أحاديث أو مواضع أخرى من «الوسائل».
وهو في ذلك قد يترك الإشارة إلى تقدُّم الأسناد أو تأخُّرها؛ وقد يشير إلى ذلك على نحو العموم؛ وقد يحدِّد موضع ذكر تلك الأسناد على نحو العموم أو الخصوص.
ترك الإشارة إلى تقدُّم الأسناد أو تأخُّرها
من الموارد التي ترك فيها الإشارة إلى تقدُّم الأسناد أو تأخُّرها ما في الباب 4 من أبواب ديات الأعضاء، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب بأسانيده إلى كتاب ظريف عن أمير المؤمنين(ع)…»([55]).
وهذه الأسانيد تقدَّم ذكرها في الباب 2 من أبواب ديات الأعضاء، ح 1 و2 و3.
الإشارة إلى تقدُّم الأسناد أو تأخُّرها على نحو العموم
من الموارد التي أشار فيها إلى تقدُّم الأسناد أو تأخُّرها على نحو العموم ما يلي:
* ما في الباب 90 من أبواب أحكام العشرة، ح 4، حيث قال: «وقد تقدّم حديث عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله، عن آبائه(عم)، قال: قال أمير المؤمنين(ع): حريم المسجد أربعون ذراعاً…».
وذكر المحقِّقون في مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث أنّه «تقدَّم في الحديث 1 من الباب 6 من أبواب أحكام المساجد»([56]).
وبالرجوع إلى الموضع المشار إليه تبيّن أنّ السند بهذا الشكل: «محمّد بن عليّ بن الحسين في «الخصال»، عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله(ع)، عن أبيه، عن آبائه(عم)، قال: قال أمير المؤمنين(ع): حريم المسجد أربعون ذراعاً…»([57]).
* وما في الباب 31 من أبواب المزار وما يناسبه، ح 1، حيث قال: «محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود [الصحيح: داوود]، عن محمّد بن بكّار النقّاش، عن الحسين بن محمّد الفزاريّ، عن الحسن بن عليّ النخّاس، عن جعفر بن محمّد الرمانيّ، عن يحيى الحمانيّ، عن محمّد بن عبيد الطيالسيّ، عن مختار التمّار، عن أبي مطر، قال: لمّا ضرب ابن ملجم الفاسق لعنه الله أمير المؤمنين(ع)….
ورواه عبد الكريم بن طاوس [الصحيح: طاووس] في «فرحة الغريّ» بالإسناد السابق عن محمّد بن أحمد بن داود، مثله».
وعلَّق المحقِّقون، على قوله: «بالإسناد السابق عن محمّد بن أحمد بن داود»، بقولهم: «سبق في الحديث 2 من الباب 30 من هذه الأبواب»([58]).
وبالرجوع إلى الموضع المشار إليه تبيّن أنّ الشيخ الحُرّ(ر) قال في ذيل الحديث 2 من الباب 30: «ورواه السيّد عبد الكريم بن أحمد بن طاوس في «فرحة الغريّ»، عن نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسيّ الوزير، عن أبيه، عن السيّد فضل الله الحسنيّ، عن ذي الفقار بن معبد، عن الشيخ الطوسيّ، عن المفيد، عن محمّد بن أحمد بن داود…»([59]).
إذن فالسندُ الثاني للحديث 1 من الباب 31 هو: السيّد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس في «فرحة الغريّ»، عن نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسيّ الوزير، عن أبيه، عن السيّد فضل الله الحسنيّ، عن ذي الفقار بن معبد، عن الشيخ الطوسيّ، عن المفيد، عن محمّد بن أحمد بن داوود، عن محمّد بن بكّار النقّاش، عن الحسين بن محمّد الفزاريّ، عن الحسن بن عليّ النخّاس، عن جعفر بن محمّد الرمانيّ، عن يحيى الحمانيّ، عن محمّد بن عبيد الطيالسيّ، عن مختار التمّار، عن أبي مطر قال: لمّا ضرب ابن ملجم….
* وما في الباب 8 من أبواب آداب القاضي، ح 2، حيث قال في ذيله: «ورواه الشيخ كما مرّ في محلّه».
وعلَّق المحقِّقون بقولهم: «في الحديث 8 من الباب 1 من أبواب قسمة الخمس؛ والحديث 4 من الباب 1 من أبواب الأنفال؛ والحديث 2 من الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ»([60]).
وبالرجوع إلى الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ح 2، وجَدْنا أنّ الشيخ الحُرّ(ر) يقول في ذيله: «ورواه الشيخ كما تقدَّم في الخمس».
وعلَّق المحقِّقون بقولهم: «تقدّم في الحديث 9 من الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس؛ وفي الحديث 8 من الباب 1 من أبواب قسمة الخمس»([61]).
ورجَعْنا من جديد إلى الباب 1 من أبواب الأنفال، ح 4، فوجدناه(ر) يقول في ذيله: «ورواه الشيخ كما مرّ».
وعلَّق المحقِّقون بقولهم: «مرّ في ذيل الحديث 8 من الباب 1 من أبواب قسمة الخمس»([62]).
ورجَعْنا من جديد أيضاً إلى الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، ح 8، فوجَدْناه(ر) يقول: «8ـ وعنه [محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم]، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح(ع) قال: الخُمْس من خمسة أشياء: من الغنائم؛ والغَوْص؛ ومن الكنوز؛ ومن المعادن؛ والملاحة….
محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عليّ بن يعقوب، عن أبي الحسن البغداديّ، عن الحسن بن إسماعيل بن صالح الصيمريّ، عن الحسن بن راشد، عن حمّاد بن عيسى، نحوه»([63]).
فلاحِظْ مدى العناء الذي يتكبّده الباحث لمعرفة سند بعض الأحاديث نتيجة هذه الطريقة، وقد كان بإمكانه أن يقول في كلّ تلك الموارد: ورواه الشيخ كما مرّ في قسمة الخمس، ولو فعل ذلك لوفّر على الباحث الكثير من التعب والعناء([64]).
تحديد موضع ذكر الأسناد المحذوفة
حدّد الشيخ الحُرّ(ر) في بعض الأحيان موضع ذكر الأسناد المحذوفة؛ ولكنّه يحدّد موضع ذكر تلك الأسناد على نحو العموم تارةً؛ وعلى نحو الخصوص تارةً أخرى.
تحديدها على نحو العموم
من الموارد التي حدّد(ر) فيها موضع ذكر الأسناد المحذوفة على نحو العموم ما في الباب 8 من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به، ح 19، حيث قال: «وقد تقدَّم في الزيارات حديث محمّد بن مارد، عن أبي عبد الله(ع) في فضل زيارة أمير المؤمنين(ع) ـ إلى أن قال: ـ ثمّ قال: يا ابن مارد [الصحيح: يا بن مارد]، اكتب هذا الحديث بماء الذهب([65]).
ولم يحدِّد في أيّ باب من أبواب الزيارات قد ذكر هذا الحديث، وبالمراجعة المتعِبة تبيّن أنّه في الباب 23 من أبواب المزار وما يناسبه، وهو بعنوان: «باب استحباب زيارة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)، وكراهة تركها»([66])، وهو الحديث 3 في الباب.
وقد كان بإمكان الشيخ الحُرّ(ر) أن يحدِّد الباب الذي ذكر فيه هذا الحديث، فيقول: وقد تقدَّم في الزيارات، في باب استحباب زيارة أمير المؤمنين(ع)، حديث محمّد بن مارد….
تحديدها على نحو الخصوص
من الموارد التي حدّد(ر) فيها موضع ذكر الأسناد المحذوفة على نحو الخصوص ما في الباب 146 من أبواب أحكام العشرة، ح 6، حيث قال: «وفي «عيون الأخبار» بأسانيد تقدَّمَتْ في إسباغ الوضوء، عن الرضا، عن آبائه(عم)، قال: قال رسول الله(ص):…»([67]).
وباب إسباغ الوضوء هو الباب 54 من أبواب الوضوء.
فلاحِظْ كم أنّه ـ مع هذا التحديد من الشيخ الحُرّ(ر) ـ أصبح من السهل على الباحث أن يصل للحديث المراد، ومعرفة السند من خلال ذلك([68]).
حذف أصل السند دون الإشارة لهذا الحذف
وقد يحذف الشيخ الحُرّ(ر) سند بعض الأحاديث دون أيّ إشارةٍ لهذا الحذف، فيذكر الحديث في صورة الحديث المُرْسَل الذي لا سَنَد له، بينما هو في المصدر حديثٌ مسنَدٌ، ومن ذلك:
* ما في الباب 94 من أبواب الأطعمة المباحة، ح 2، حيث قال: «قال: وقال لي: يا عليّ، إذا طبخْتَ شيئاً فأكثر المرقة؛ فإنّها أحد اللحمين، فإنْ لم يصيبوا من اللحم يصيبوا من المرقة»([69]).
وبمراجعة المصدر، وهو «عيون أخبار الرضا(ع)»، وجدنا الحديث بهذا الشكل: «339ـ وبهذا الإسناد، عن عليّ بن أبي طالب(ع) قال: قال النبيّ(ص): يا عليّ، إذا طبختَ شيئاً فأكثر المرقة؛ فإنّها أحد اللحمين، واغرف للجيران، فإنْ لم يصيبوا من اللحم يصيبوا من المرق»([70]).
ومرادُ الشيخ الصدوق(ر) بقوله: «وبهذا الإسناد» ما ذكره في الحديث 338، حيث قال: «338ـ حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغداديّ، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن عيينة، قال: حدّثنا دارم بن قبيصة، قال: حدّثني عليّ بن موسى الرضا(ع)، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليٍّ(ع) قال: دخلتُ على رسول(ص) يوماً وفي يده سفرجلة، فجعل يأكل ويطعمني…»([71]).
وقد ذكر الشيخ الحُرّ(ر) هذا السند في نفس الباب، ح 1([72])، ولكنّه لم يُشِرْ إلى أنّ سند الحديث الثاني هو نفس سند الحديث الأوّل، بل ذكر الحديث الثاني في صورة الحديث المُرْسَل الذي لا سَنَد له.
7ـ عدم ذكر أسناد أخرى للحديث في ذيله
من دون أيّ إشارةٍ لوجود تلك الأسناد
تقدَّم فيما مضى أنّ من عادة الشيخ الحُرّ(ر) أن يذكر في ذيل الحديث أسناده الأخرى إنْ كانت، ولكنّه(ر) أهمل ذلك في بعض الموارد، فذكر الحديث بسندٍ واحدٍ، ولم يذكر أسناده الأخرى في ذيله، ولمّا نقل الحديث في موضعٍ آخر ذكره بسندٍ مختلِفٍ عمّا ذكره من قبل، فعرَفْنا أنّ للحديث أكثر من سَنَدٍ، ومن ذلك:
* ما في الباب 74 من أبواب نكاح العبيد والإماء، ح 1، حيث قال: «محمّد بن الحسن بإسناده عن البزوفريّ، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(ع) قال: أيّما رجلٍ وقع على وليدة قومٍ حراماً…».
وعلَّق المحقِّقون في مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث على هذا الحديث بقولهم: «وأخرجه بإسناد آخر عنه، وعن «الكافي»، في الحديث 1 من الباب 8 من أبواب ميراث ولد الملاعَنة»([73]).
وبمراجعة الموضع المشار إليه تبيَّن أنّه قال: «محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(ع)، قال: أيّما رجلٍ وقع على وليدة قومٍ حراماً….
ورواه الكلينيّ عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، مثله.
وعنه [الطوسيّ بإسناده عن الحسين بن سعيد]، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله(ع)، مثله»([74]).
مع الإشارة لوجودها
وفي بعض الموارد يكتفي الشيخ الحُرّ(ر) بالإشارة إلى أنّ للحديث المنقول أسناداً أخرى، ولا ينقلها لطولها، ومن ذلك:
* ما في الباب 1 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 22، حيث قال: «و[الصدوق في «العلل»] عن محمّد بن موسى بن المتوكِّل، عن عليّ بن الحسين السعدآباديّ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمّد بن جابر، عن زينب بنت عليٍّ(ع) قالت: قالت فاطمة÷ في خطبتها: فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك….
ورواه أيضاً بعدّة أسانيد طويلة»([75]).
8ـ الإشارة لبعض الأسناد المتقدِّمة دون ذكرها تفصيلاً
يعمد الشيخ الحُرّ(ر) في ذكر بعض الأسناد إلى الاكتفاء بالإشارة إليها دون ذكرها تفصيلاً، فتُعرف ممّا تقدَّم، ومن ذلك:
* ما في الباب 31 من أبواب أحكام الدوابّ، ح 9، حيث قال: «وبالإسناد الثاني عن أبي خديجة قال: سمعتُ أبا عبد الله(ع) يقول: هذه الحَمَام ـ حمام الحرم ـ من نسل حمام إسماعيل بن إبراهيم التي كانت له»([76]).
ومرادُه(ر) من قوله «الإسناد الثاني» ما ذكره في الحديث 8 من نفس الباب، حيث قال: «وبالإسناد عن الوشّاء، وعن عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد جميعاً، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله(ع) قال: ليس من بيت فيه حمامٌ إلاّ لم يُصِبْ أهل ذلك البيت آفةٌ من الجنّ…»([77]).
ومرادُه(ر) من قوله «وبالإسناد عن الوشّاء» ما ذكره في الحديث 6 من نفس الباب، حيث قال: «و[محمّد بن يعقوب] عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: سمعتُ أبا عبد الله(ع) يقول: إنّ أوّلَ حمامٍ كان بمكّة حمامٌ كان لإسماعيل(صلّى الله عليه)»([78]).
إذن فالسندُ المشار إليه بقوله: «وبالإسناد الثاني» هو: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة قال: سمعتُ أبا عبد الله(ع) يقول: هذه الحَمَام…([79]).
9ـ حذف أو اختصار أسماء بعض الأئمّة(عم)
حذف أسماء بعض الأئمّة(عم)
يعمد الشيخ الحُرّ(ر) في بعض الأحاديث إلى حذف أسماء بعض الأئمّة(عم) من السند، ومن ذلك:
* ما في الباب 26 من أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ح 12، حيث قال: «و[الصدوق في «الخصال»] عن سليمان بن أحمد بن أيّوب، عن عبد الوهّاب بن خراجة، عن أبي كريب، عن عليّ بن حفص العبسيّ، عن الحسن بن الحسين العلويّ، عن أبيه الحسين بن يزيد، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن عليٍّ(عم) قال: قال رسول الله(ص): والذي نفسي بيده ما جُمِعَ شيءٌ إلى شيءٍ أفضل من حلمٍ إلى علمٍ»([80]).
وبالرجوع إلى «الخصال» وجَدْنا العبارة كما يلي: «…عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب(عم)…»([81]).
فلاحِظْ كيف أنّه(ر) قد استبدل سلسلة أسماء الأئمّة(عم) بقوله: «عن آبائه».
وقد صرّح الشيخ الحُرّ(ر) بذلك، فقال: «إنّي اختصرتُ روايات الرضا(ع)، وغيره من الأئمّة(عم)، عن آبائه(عم)، بالتفصيل، وأتَيْتُ بلفظ: «عن آبائه»»([82]).
اختصار أسماء بعض الأئمّة(عم)
ويعمد الشيخ الحُرّ(ر) في بعض الأحاديث إلى اختصار أسماء بعض الأئمّة(عم)، ومن ذلك:
* ما في الباب 53 من أبواب أحكام العشرة، ح 1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلتُ لأبي الحسن(ع): أرأيتَ إن احتجْتُ إلى طبيبٍ، وهو نصرانيّ…».
وعلَّق المحقِّقون في مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث، على قوله: «لأبي الحسن(ع)»، بقولهم: «في المصدر: أبي الحسن موسى(ع)»([83]).
وبمراجعة المصدر، وهو «الكافي»، وجَدْنا الحديث بهذا الشكل: «محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلتُ لأبي الحسن موسى(ع): أرأيتَ إنْ احتجْتُ إلى الطبيب، وهو نصرانيّ…»([84]).
10ـ حذف مشخِّصات بعض الرواة المذكورة في المصدر من السند
يعمد الشيخ الحُرّ(ر) في بعض الأحاديث إلى حذف مشخِّصات بعض الرواة المذكورة في المصدر من السند، وهذا ما قد يجعل من بعض العناوين في السند عنواناً مشترَكاً بين الثقة وغيره، أو يُوهِم مَنْ لا خبرة له في علم الرجال بأنّ هذا الراوي من الطبقة الفلانيّة، والحال أنّه ليس كذلك، بل إنّ راوياً آخر، مشترِكاً معه في الاسم، هو من تلك الطبقة.
ومن ذلك:
* ما في الباب 69 من أبواب أحكام العشرة، ح 3، حيث قال: «و[الصدوق في «معاني الأخبار»، و«عيون أخبار الرضا(ع)»] عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن الجهم قال: سمعتُ أبا الحسن(ع) يقول: لا يأبى الكرامة إلاّ حمارٌ…»([85]).
وبمراجعة المصدر، وهو «معاني الأخبار»، وجدنا الحديث بهذا الشكل: «2ـ حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن الجهم قال: سمعتُ أبا الحسن موسى(ع) يقول: لا يأبى الكرامة إلاّ حمارٌ…»([86]).
وبمراجعة المصدر الثاني، وهو «عيون أخبار الرضا(ع)»، وجَدْنا الحديث بهذا الشكل: «حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن الجهم قال: سمعتُ أبا الحسن(ع) يقول: لا يأبى الكرامة إلاّ حمارٌ…»([87]).
فلاحِظْ كيف أنّ الشيخ الحُرّ(ر) قد حذف مشخِّصات ثلاثة من الرواة.
ولعلّ ذلك منه(ر) اعتماداً على شهرتهم ومعروفيّتهم عند العلماء([88]).
* وما في الباب 1 من أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ح 10، حيث قال: «و[محمّد بن يعقوب] عنهم، عن ابن خالد، عن أبيه، عن أبي البختريّ، عن أبي عبد الله(ع) قال: قال رسول الله(ص): إنّ جبرئيل(ع) أخبرني بأمرٍ قرَّتْ به عيني…»([89]).
وبمراجعة المصدر، وهو «الكافي»، وجَدْنا الحديث بهذا الشكل: «عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبي البختريّ، عن أبي عبد الله(ع) قال: قال رسول الله(ص): إنّ جبرئيل أخبرني بأمرٍ قَرََّتْ به عيني…»([90]).
فلاحِظْ كيف أنّه اكتفى من قول الشيخ الكلينيّ(ر): «عن أحمد بن محمّد بن خالد» بقوله: «عن ابن خالد».
ولعلّ ذلك منه(ر) اعتماداً على ما ذكره في الحديث 9 من نفس الباب وهو: «و[محمّد بن يعقوب] عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن حيدرة، عن أبي عبد الله(ع)، قال: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض»([91]).
فيكون الشيخ الحُرّ(ر) قد مارس التعليق الوصفيّ في سند بعض الأحاديث.
11ـ إنشاء سند للرواية من خلال مضمونها
يعمد الشيخ الحُرّ(ر) في بعض الأحاديث الطويلة إلى نقل فقرةٍ واحدة منها فقط، ولكي يكون المنقول واضحاً يُضطرّ(ر) إلى إضافة بعض الرواة إلى سند الحديث، وذلك اعتماداً على ما جاء في مضمونه، ومن ذلك:
* ما في الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 12، حيث قال: «و[الطوسيّ] بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد، عن أبي سيّار مسمع بن عبد الملك ـ في حديثٍ ـ قال: قلتُ لأبي عبد الله(ع): إنّي كنتُ وليتُ الغوص فأصبْتُ أربعمائة ألف درهم…»([92]).
وبمراجعة المصدر، وهو «تهذيب الأحكام»، وجَدْنا الحديث بهذا الشكل: «سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: رأيتُ أبا سيّار مسمع بن عبد الملك بالمدينة، وقد كان حمل إلى أبي عبد الله(ع) مالاً في تلك السنة فردّه عليه، فقلتُ له: لِمَ رَدَّ عليك أبو عبد الله(ع) المال الذي حمَلْتَه إليه؟ فقال: إنّي قلتُ له حين حمَلْتُ إليه المال: إنّي كنتُ وليتُ الغوص فأصبْتُ أربعمائة ألف درهم…»([93]).
فلاحِظْ كيف أنّه صاغ سند الحديث بشكلٍ مختلفٍ عمّا في المصدر، ما يوحي بأنّ أبا سيّار مذكورٌ في سند الحديث في المصدر، والأمرُ ليس كذلك.
12ـ تغيير بعض الأسناد عن حالها في المصدر
يعمد الشيخ الحُرّ(ر) ـ وبسبب تقديم وتأخير بعض الأحاديث عمّا هي عليه في المصدر ـ إلى تعليق أسناد بعض الأحاديث على أسناد الأحاديث التي قبلها، مع كونها غير معلَّقة في المصدر.
ولكنّ هذا ما يجعله يرفع تعليق بعض الأسناد، ويذكر جميع الرواة فيها، مع أنّها معلَّقةٌ في المصدر.
ومن ذلك:
* ما في الباب 93 من أبواب أحكام العشرة، ح 1 و2، حيث قال: «1ـ محمّد بن يعقوب، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(ع) قال: ردّ جواب الكتاب واجبٌ كوجوب ردّ السلام…، الحديث.
2ـ وبالإسناد عن ابن محبوب، عمَّنْ ذكره، عن أبي عبد الله(ع) قال: التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب»([94]).
وبمراجعة المصدر، وهو «الكافي»، وجَدْنا الحديثين بهذا الشكل: «1ـ عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عمَّنْ ذكره، عن أبي عبد الله(ع) قال: التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب.
2ـ ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(ع) قال: ردّ جواب الكتاب واجبٌ كوجوب ردّ السلام، والبادي بالسلام أَوْلى بالله ورسوله»([95]).
13ـ العطف بين الأحاديث
ونظراً للحاجة إلى بسط الكلام في هذا المبحث فقد آثَرْنا التعرُّض له في مقالةٍ مستقلّة، تُنْشَر لاحقاً في عددٍ قادم، إنْ شاء الله تعالى.
المبحث الثاني: خصائص المتون
1ـ الاختصار
ومن أبرز خصائص متن الأحاديث في كتاب «الوسائل» الاختصار.
أساليب الاختصار في المتن
وقد اتّبع الشيخ الحُرّ(ر) في اختصار متن أحاديث كتابه جملةً من الأساليب، ومنها:
أـ تقطيع متن الحديث
وقد أشار السيّد البروجرديّ(ر) إلى هذا الأمر بقوله: «ومع ذلك كلِّه لا يخلو عن تكرار الأبواب، والأحاديث، وتقطيع الأخبار، والأسانيد»([96]).
والمقصود من «تقطيع متن الحديث» أنّ الشيخ الحُرّ(ر) يعمد إلى «الحديث الواحد المشتمل على عدّة فقراتٍ، فيفرِّق بين فقراته، ولا يذكرها في بابٍ واحد، بل يذكر كلّ فقرةٍ في بابها المناسب»([97]).
وبعبارةٍ أخرى: إنّ الشيخ الحُرّ(ر) ـ في بعض الأحاديث ـ يحذف بعض فقرات الحديث([98]).
الحذف مع الإشارة
في كثير من الأحاديث التي قام بتقطيعها يشير الشيخ الحُرّ(ر) إلى أنّه قد حذف بعض فقرات الحديث، وذلك من خلال عدّة صور:
الصورة الأولى: إنْ كان المحذوف في أوّل الحديث فيقول(ر)، بعد ذكر السند وقبل ذكر متن الحديث: «في حديثٍ»، ومن ذلك:
* ما في الباب 24 من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، ح 2، حيث قال: «…عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(ع) ـ في حديثٍ ـ قال: وإنْ كان موسِراً…»([99]).
الصورة الثانية: إنْ كان المحذوف في وسط الحديث فيقول(ر) في وسط متن الحديث: «ثمّ قال:»، أو «إلى أن قال:»، ومن ذلك:
* ما في الباب 26 من أبواب أحكام الملابس، ح 5، حيث قال: «…عن إسماعيل ابن عليّ الدعبليّ، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه(عم)، عن أمير المؤمنين(ع) ـ في حديثٍ ـ، أنّه اشترى قميصاً بثلاثة دراهم، فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، ثمّ أتى المسجد، فصلّى فيه ركعتين، ثمّ قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمّل به في الناس، وأؤدّي فيه فريضتي، وأستر فيه عورتي، ثمّ قال: سمعتُ رسول الله(ص) يقول ذلك عند الكسوة»([100]).
وفي مصدر الحديث، وهو «أمالي الطوسيّ»، بَدَل قوله: «ثمّ قال:» هذه العبارة: «فقال له رجلٌ: يا أمير المؤمنين، أعنك نروي هذا أو شيءٌ سمعْتَه من رسول الله(ص)؟ قال: بل شيءٌ سمعْتُه من رسول الله(ص)»([101]).
* وما في الباب 11 من أبواب الأغسال المسنونة، ح 2، حيث قال(ر): «…عن ابن بكير، عن أبيه قال: سألتُ أبا عبد الله(ع) في أيِّ الليالي أغتسل من شهر رمضان ـ إلى أن قال ـ والغسلُ أوّل الليل، قلتُ: فإنْ نام بعد الغسل؟ قال: هو مثل غسل يوم الجمعة، إذا اغتسلْتَ بعد الفجر أجزأك»([102]).
وفي مصدر الحديث، وهو «تهذيب الأحكام»، بَدَل قوله: «إلى أن قال» هذه العبارة: «قال: في تسع عشرة، وفي إحدى وعشرين، وفي ثلاث وعشرين»([103]).
الصورة الثالثة: إنْ كان المحذوف في آخر الحديث فيقول(ر) في آخر متن الحديث: «الحديث»، أو «الحديث مختصر»، أو «ثمّ ذكر الحديث بطوله»، ومن ذلك:
* ما في الباب 93 من أبواب أحكام العشرة، ح 1، حيث قال: «…عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(ع) قال: ردُّ جواب الكتاب واجبٌ كوجوب ردّ السلام…، الحديث»([104]).
وفي مصدر الحديث، وهو «الكافي»، زيادة: «والبادي بالسلام أَوْلى بالله ورسوله»([105]).
ويُلاحَظ في هذا المثال أنّ المحذوفَ من متن الحديث هو جملةٌ واحدة، لا أكثر([106]).
* وما في الباب 86 من أبواب أحكام العشرة، ح 2، حيث قال: «2ـ…عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله، عن أبيه(عما)، قال: قال: قرأتُ في كتاب عليٍّ(ع) أنّ رسول الله(ص) كتب بين المهاجرين والأنصار ومَنْ لحق بهم من أهل يثرب أنّ الجار كالنفس غير مضارٍّ ولا آثمٍ، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمّه، الحديث مختصرٌ»([107]).
* وما في الباب 2 من أبواب ديات الأعضاء، ح 4، حيث قال: «4ـ…عن أبي عمرو المتطبِّب، قال: عرضتُ هذه الرواية على أبي عبد الله(ع)، فقال: نعم، هي حقٌّ، وقد كان أمير المؤمنين(ع) يأمر عمّاله بذلك، ثمّ ذكر الحديث بطوله»([108]).
الحذف مع عدم الإشارة
وفي بعض الأحاديث التي قام بتقطيعها لا يشير الشيخ الحُرّ(ر) إلى حذف بعض فقرات الحديث بشيء، فيوقع الباحث في الاشتباه والوَهْم، حيث يعتقد أنّ ما ذُكر في «الوسائل» هو تمام الحديث، بينما يكون المذكور هو بعض الحديث فقط، ومن ذلك:
* ما في الباب 82 من أبواب الطواف، ح 5، حيث قال: «…عن إبراهيم بن أبي البلاد أنّه قال لإبراهيم بن عبد الحميد يسأل له أبا الحسن موسى(ع) عن العمرة المفردة على صاحبها طواف النساء؟ فجاء الجواب أن نعم، هو واجبٌ لا بُدَّ منه، فدخل عليه إسماعيل بن حميد، فسأله عنها، فقال: نعم، هو واجبٌ، فدخل بشير بن إسماعيل بن عمّار الصيرفيّ، فسأله عنها، فقال: نعم، هو واجبٌ»([109]).
وبالرجوع إلى مصدر الحديث، وهو «تهذيب الأحكام»([110])، تبيّن لنا أنّ الشيخ الحُرّ(ر) قد تصرّف في الحديث، بحذف بعض العبارات، وبصياغةٍ جديدة لبعض عباراته الأخرى، وكلّ ذلك طَلَباً لاختصار الحديث قَدْر الإمكان.
بعض الإشكالات على تقطيع متن الحديث
1ـ تشويه متن الرواية
في بعض الأحيان يمارس الشيخ الحُرّ(ر) تقطيع متن الحديث بشكلٍ يؤدّي إلى تشويه متن الرواية، ومن ذلك:
* ما في الباب 7 من أبواب التعقيب، ح 2، حيث قال: «…عن محمّد بن مسلم قال: سألتُ أبا جعفر(ع) عن التسبيح؟ فقال: ما علمْتُ شيئاً موظّفاً غير تسبيح فاطمة، وعشر مرّات بعد الفجر…، الحديث»([111]).
وبالرجوع إلى مصدر الحديث، وهو «الكافي»، تبيَّن أنّ تتمّة الحديث هي: «وعشر مرّات بعد الفجر تقول: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ، ويُسبِّح ما شاء تطوُّعاً»([112]).
فلاحِظْ كم كان مشوِّهاً للرواية قوله: «وعشر مرّات بعد الفجر…، الحديث»، ولو أنّه نقل من الرواية إلى قوله: «تسبيح فاطمة»، ثمّ قال: «الحديث»، لكان أفضل وأحسن.
2ـ الخطأ في الفَهْم
«اعتُرض على منهج الشيخ الحُرّ(ر) في تقطيع متن الحديث بأنّه رُبَما يكون في سائر فقرات الحديث ما له دَخْلٌ في فَهْم المراد الفقهيّ»([113])، وبالتالي فإنّ سياسة تقطيع الحديث قد تؤدّي إلى خطأ فتوى الفقهاء.
الجواب عن هذا الإشكال
وقد أُجيب عن هذا الاعتراض بعدّة أجوبة:
أوّلاً: «إنّ سياسة التقطيع إنّما كانت مراعاةً للاختصار، الذي هو غرضٌ رئيسٌ للمؤلِّف.
فلو التزَمْنا بمنهج المؤلِّف(ر) في صغر حجم الكتاب، لم يكن لنا طريقٌ صحيحٌ مقبولٌ إلاّ ما قام به من التقطيع»([114]).
وثانياً: «إنّ المؤلِّف قد صرَّح بالتزام سياسة التقطيع هذه([115])، وبنى عليها بنيان كتابه.
ومع ذكره مصدر الحديث، وتعيين محلّ الحديث في مصادره، والمواضع التي وردَتْ فيها بقيّة قِطَع الحديث، صَدْراً وذَيْلاً، في الطبعة المحقَّقة من قبل مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث، يحصل الغرض الذي أشار إليه المُعتَرِض، ولا يبقى لهذا الإشكال أثرٌ يُذْكَر»([116]).
وثالثاً: «إنّ المعهود من المؤلِّف، والذي يقتضيه حُسنُ الظنّ به، أنّه لا يترك من الحديث ما له دَخْلٌ ـ ولو احتمالاً ـ في فَهْم الحكم منه، كما هو المُلاحَظ من عادته، وإنّما يترك ما لا دَخْل له في ذلك، وإلاّ لكان ناقضاً لغرضه»([117]).
تنبيهٌ
وهُنا تجدر الإشارة إلى أنّ التقطيع لم يشمل كلّ الأحاديث؛ لعدم إمكان تقطيعها، ولذا بقيت بعض الأحكام في غير الأبواب المخصَّصة لها.
وعليه ينبغي للباحث في مسألةٍ ما أن يُكثر من التتبُّع للأحاديث المرتبطة بموضوع بحثه.
وهذا ما أشار إليه الشيخ الحُرّ(ر) نفسُه حيث قال: «فعليكَ بكثرة التتبُّع لهذه الأحاديث، والمطالعة لها، ولا تقتصر على الباب الذي تريد، فقد بقيَتْ أحكامٌ منصوصةٌ في غير مظانّها؛ إذ لم يمكن تقطيع الأحاديث كلِّها أو أكثرها، ولا الإشارة إلى مضمون الجميع؛ لعدم الاستحضار، وللاكتفاء بالبعض، وغير ذلك»([118]).
ب ـ الصياغة الجديدة لألفاظه
عمد الشيخ الحُرّ(ر) في أكثر من حديثٍ إلى اختصار متن الحديث، أو بعضه، بصياغةٍ جديدة لألفاظه، ومن ذلك:
* ما في الباب 92 من أبواب أحكام العشرة، ح 1، حيث قال: «…عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه(عم)، أنّ أمير المؤمنين(ع) صاحب رجلاً ذمّيّاً، فقال له الذمّيّ: أين تريد يا عبد الله؟ قال: أريد الكوفة، فلمّا عدل الطريق بالذمّيّ عدل معه أمير المؤمنين(ع)، ـ إلى أن قال: ـ فقال له الذمّيّ: لِمَ عَدَلْتَ معي؟ فقال له أمير المؤمنين(ع): هذا من تمام حُسْن الصحبة، أن يشيّع الرجل صاحبه هنيئةً إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبيُّنا…، الحديث، وفيه أنّ الذمّيّ أسلم لذلك»([119]).
وبالرجوع إلى مصدر الحديث، وهو «الكافي»، تبيّن أنّ تتمّة الحديث هي: «فقال له الذمّيّ: هكذا قال؟ قال: نعم، قال الذمّيّ: لا جَرَمَ أنّما تبعه مَنْ تبعه لأفعاله الكريمة، فأنا أشهد أنّي على دينك، ورجع الذمّيّ مع أمير المؤمنين(ع)، فلمّا عرفه أسلم»([120]).
فلاحِظْ كيف أنّه(ر) قد اختصر هذه الزيادة بقوله: «وفيه أنّ الذمّيّ أسلم لذلك»([121]).
ج ـ حذف متون بعض الأحاديث، وقسم من أسنادها
في ذكره لمصادر الحديث الأخرى يعمد الشيخ الحُرّ(ر) ـ وللاختصار ـ إلى حذف متن الحديث المتَّحِد مع ما في المصدر الأصليّ للحديث.
وكذلك يحذف قسماً من أسنادها، وهو القسم المشترك بينها وبين سند الحديث في المصدر الأصليّ له.
غير أنّه تارةً يترك الإشارة لحصول هذا الحذف؛ وتارةً أخرى يُشير إلى هذا الحذف بقوله: «مثله»، أو «نحوه».
ومن الأمثلة على ذلك:
* ما في الباب 26 من كتاب الوصايا، ح 3، حيث قال: «3ـ و[الصدوق] بإسناده عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة وحسين بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(ع)، في رجلٍ مات فأقرّ بعضُ وَرَثته لرجلٍ بدَيْنٍ، قال: يلزم ذلك في حصّته.
محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، مثله.
ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير»([122]).
* وما في الباب 1 من أبواب القبلة، ح 1، حيث قال: «1ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: سألتُ أبا جعفر(ع) عن الفرض في الصلاة؟ فقال: الوقت، والطهور، والقبلة، والتوجّه، والركوع، والسجود، والدعاء، قلتُ: ما سوى ذلك؟ فقال: سنّةٌ في فريضةٍ.
و[الطوسيّ] بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران والحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، نحوه.
ورواه الكلينيّ، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن حمّاد، مثله»([123]).
* وما في الباب 56 من أبواب الدفن، ح 3، حيث قال: «3ـ و[محمّد بن يعقوب] عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائنيّ قال: سألتُ أبا عبد الله(ع) كيف التسليم على أهل القبور؟ قال: تقول: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، رحم الله المستقدِمين منّا والمستأخِرين، وإنّا ـ إنْ شاء الله ـ بكم لاحقون.
ورواه الصدوق بإسناده عن جرّاح المدائنيّ، مثله، إلاّ أنّه قال: رحم الله المتقدِّمين منّا والمتأخِّرين»([124]).
* وما في الباب 53 من أبواب الأطعمة المحرَّمة، ح 2، حيث قال: «2ـ و[محمّد بن يعقوب] عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال: سُئل أبو عبد الله(ع) عن قومٍ مسلمين يأكلون، وحضرهم مجوسيٌّ، أَيَدْعونه إلى طعامهم؟ فقال: أمّا أنا فلا أواكل المجوسيّ، وأكره أن أُحرِّم عليكم شيئاً تصنعونه في بلادكم.
ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن الكاهليّ، نحوه»([125]).
الفرق بين ترك الإشارة أصلاً وقوله: «مثله» وقوله: «نحوه»
اختلفَتْ آراء المحقّقين والباحثين في مسألة الفرق بين قوله: «مثله» وقوله: «نحوه».
فقال بعضُ المحقِّقين: «كثيراً ما ينقل متن حديثٍ من أحد المشايخ رضي الله عنهم، ثمّ يعطف عليه بقوله: «رواه فلانٌ مثله»، وقد يعبِّر بقوله: «رواه نحوه».
والذي وقَفْنا عليه بالتتبُّع هو وجود اختلافٍ أكثر بين متن الروايتين عند التعبير الثاني»([126]).
ولا يخفى ما في هذا القول من الاختصار والإجمال في بيان الفرق بين كلا التعبيرَيْن.
وقال بعضٌ آخر: «إنّ صاحب «الوسائل» قد يُعقِّب بعد أن يورد الرواية بقوله: «ورواه البرقيّ في «المحاسن»» مثلاً، أو يقول: «وروى البرقيّ مثله»، أو يقول: «وروى البرقيّ نحوه».
وهذه التعابير الثلاثة كثيرةٌ في «الوسائل»…، وبينها جهة اشتراكٍ وجهة اختلافٍ.
أمّا جهة الاشتراك فهي أنّ الرواية واحدةٌ في هذه الموارد الثلاثة، وإلاّ لو كانت روايةً أخرى لذكرها على نحو الاستقلال، من دون حاجةٍ إلى العطف.
وأمّا جهة الاختلاف فإنّ قوله: «رواها» يعني أنّ الرواية بعينها هي الرواية السابقة من دون زيادةٍ ونقيصةٍ.
وأمّا إذا قال: «مثله» فالمراد أنّها ليست عين الرواية السابقة، بل فيها زيادةٌ أو نقيصةٌ.
وأمّا إذا قال: «وروى نحوه» فالمراد أنّها ليست عين الرواية السابقة أيضاً، بل فيها زيادةٌ ونقيصةٌ معاً، وإنْ كان الجميع روايةً واحدةً.
وهذا الذي ذكَرْنا في تفسير المثل والنحو إنّما هو على نحو الغالب، وإلاّ ففي بعض الموارد قد يقع خلاف ما تقدَّم ذكره»([127]).
وهذا القول الثاني قريبٌ جدّاً إلى الصواب([128]).
النتيجة
حين يحذف الشيخ الحُرّ(ر) ـ من نقله عن مصادر الحديث الأخرى ـ متن الحديث المتَّحِد مع ما في المصدر الأصليّ للحديث، مشيراً إلى هذا الحذف بقوله: «مثله»، أو «نحوه»، فإنّه يريد أنّ هذه الرواية واحدةٌ في هذه المصادر، ويريد أيضاً الإشارة إلى أنّ ما أثبته من متن الحديث، المنقول عن المصدر الأصليّ، مغايرٌ بعض الشيء لمتن الحديث في المصادر الأخرى.
والمتحصِّل أنّه في هذه الحال يترك(ر) الإشارة إلى موارد الاختلاف في الكتب التي ينقل عنها.
وهذا ما أشار إليه السيّد البروجرديّ، حيث قال: «ولم يضبطْ أحاديث الكتب الأربعة كما في الأصول، بل اكتفى بذكر الخبر عن أحد الشيوخ، ثمّ قال: ورواه الكلينيّ، أو الشيخ، أو الصدوق، مع أنّه رُبَما تختلف متونها في الألفاظ، التي يختلف بها المعنى المقصود.
وأهمل هذا في غير الأربعة أكثر ممّا أهمله فيها»([129]).
وعليه «فلا يمكن للباحث الجَزْم بأنّ ما أثبته الشيخ الحُرّ(ر) في «الوسائل» متطابقٌ مع المصدر الذي ينقل عنه، فلا بُدّ له من مراجعة المصدر؛ للوقوف على نصّ العبارة»([130]).
الإيحاء بالدقّة في النقل عند قوله: «مثله»، أو «نحوه»
تبيَّن ممّا تقدَّم أنّ الشيخ الحُرّ(ر) يُعبِّر عن المتن المحذوف بقوله: «مثله»، أو «نحوه»، تاركاً الإشارة للاختلاف بين ما أثبته من متن الحديث والمتن المحذوف.
غير أنّه في بعض الأحيان يشير(ر) إلى ذلك الاختلاف بين المتنَيْن، مع كونه يسيراً جدّاً.
ومن الأمثلة على ذلك:
* ما في الباب 47 من أبواب الاحتضار، ح 2، حيث قال: «2ـ و[الطوسيّ] بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله، عن آبائه(عم)، قال: قال رسول الله(ص): ثلاثة ما أدري أيّهم أعظم جُرْماً: الذي يمشي مع الجنازة بغير رداءٍ، أو الذي يقول: قفوا، أو الذي يقول: استغفروا له غفر الله لكم.
ورواه الصدوق في «الخصال»، مرسلاً.
ورواه أيضاً، فيه، عن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، مثله، إلاّ أنّه قال ـ بَدَل قوله: «قفوا» ـ: ارفقوا به»([131]).
* وما في الباب 1 من أبواب الأمر والنهي، ح 22، حيث قال: «22ـ و[الصدوق في «الخصال»] بإسناده عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد(ع) ـ في حديث شرائع الدين ـ قال: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على مَنْ أمكنه ذلك، ولم يخَفْ على نفسه، ولا على أصحابه.
وفي «عيون الأخبار» بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا(ع)، في كتابه إلى المأمون، نحوه، وأسقط قوله: ولا على أصحابه»([132]).
الخطأ في الإشارة إلى المتن المحذوف بقوله: «مثله»
وقد وقع الشيخ الحُرّ(ر) ـ في هذا الأسلوب من الاختصار ـ في الاشتباه والخطأ.
ففي بعض الموارد عبَّر(ر) عن متن الحديث المحذوف بقوله: «مثله»، إلاّ أنّ مراجعة المصدر أثبتت أنّ المتن الذي يعنيه مغايرٌ تماماً للمتن الذي أثبته من المصدر الأصليّ للحديث، ومن ذلك:
* ما في الباب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيّته، ح 4، حيث قال: «4ـ وعنه [الطوسيّ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب]، عن أحمد، عن الحسين، عن فضالة، عن صالح بن عبد الله، عن أبي إبراهيم(ع)، قال: قلتُ له: رجلٌ جعل لله عليه الصيام شهراً، فيصبح، وهو ينوي الصوم، ثمّ يبدو له فيفطر، ويصبح، وهو لا ينوي الصوم، فيبدو له فيصوم؟ فقال: هذا كلُّه جائزٌ.
ورواه الكلينيّ، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن صالح بن عبد الله، مثله».
وعلَّق المحقِّقون في مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث، على قوله: «ورواه الكلينيّ…، مثله»، بقولهم في الهامش: «ورد هذا السند في «الكافي»، لكنّ متن الحديث مختلفٌ عمّا أورده المصنِّف»([133]).
وقد رجَعْنا بالفعل إلى كتاب «الكافي»، فوجَدْنا الحديث بهذا الشكل: «أحمد بن محمّد [معلَّقاً على ما قبله، وفي أوّله: عدّةٌ من أصحابنا]، عن ابن فضّال، عن صالح بن عبد الله الخثعميّ قال: سألتُ أبا عبد الله(ع) عن الرجل ينوي الصوم فيلقاه أخوه، الذي هو على أمره، أيُفطر؟ قال: إنْ كان تطوُّعاً أجزأه، وحُسِب له؛ وإنْ كان قضاء فريضة قضاه»([134]).
فلاحِظْ كيف عبَّر الشيخ الحُرّ(ر) ـ خطأً ـ عمّا حذفه من متنٍ بقوله: «مثله».
والصحيحُ أنّ المتن المحذوف مغايرٌ تماماً لما ذكره قبلُ([135]).
وفي بعض الموارد عبّر(ر) عن سند الحديث المحذوف بقوله: «مثله»، إلاّ أنّ مراجعة المصدر أثبتت أنّ السند الذي يعنيه مختلفٌ في بعض رواته عن السند الذي أثبته من المصدر الأصليّ للحديث، ومن ذلك:
* ما في الباب 24 من أبواب فعل المعروف، ح 6، حيث قال: «6ـ و[محمّد بن يعقوب] عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله(ع) قال: من أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ إدخال السرور على المؤمن: إشباع جَوْعته، أو تنفيس كُرْبته، أو قضاء دَيْنه.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله».
وعلَّق المحقِّقون في الهامش، على قوله: «ورواه الشيخ…، مثله»، بقولهم، بعد تعيين موضع الحديث في المصدر: «وسندُه: محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم…»([136]).
وقد رجَعْنا بالفعل إلى كتاب «تهذيب الأحكام»، فوجَدْنا الحديث بهذا الشكل: «محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله(ع) قال: من أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ إشباع جَوْعة المؤمن، وتنفيس كُرْبته، وقضاء دَيْنه»([137]).
فلاحِظْ كيف عبّر الشيخ الحُرّ(ر) ـ خطأً ـ عمّا حذفه من السند بقوله: «مثله».
والصحيحُ أنّ السند المحذوف مختلفٌ في بعض رواته عمّا ذكره قبلُ([138]).
تنبيهٌ
في بعض الموارد عبّر الشيخ الحُرّ(ر) عن سند الحديث المحذوف بقوله: «بالإسناد المذكور»، إلاّ أنّ مراجعة المصدر أثبتَتْ أنّ الإمام(ع) الذي نُقلَتْ عنه الرواية في (الوسائل) مختلفٌ عن الإمام(ع) الذي نُقلَتْ عنه الرواية في المصدر الأصليّ للحديث، ومن ذلك:
* ما في الباب 1 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 2، حيث قال: «2ـ و[محمّد بن يعقوب] عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعبد الله بن الصلت جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر(ع) قال: بُني الإسلام على خمسة أشياء:….
ورواه أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ في «المحاسن»، عن عبد الله بن الصلت، بالإسناد المذكور».
وعلّق المحقِّقون في الهامش، على قوله: «ورواه أحمد…، بالإسناد المذكور»، بقولهم، بعد تعيين موضع الحديث في المصدر: «إلاّ أنّه رواه عن أبي عبد الله(ع)»([139]).
وقد رجَعْنا بالفعل إلى كتاب «المحاسن»، فوجَدْنا الحديث بهذا الشكل: «عنه، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي عبد الله(ع) قال: بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحجّ، والصوم، والولاية،…»([140]).
**********
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) وسائل الشيعة، مقدّمة تحقيق الخاتمة (بقلم: السيّد محمّد رضا الجلاليّ) 30: 9 (بتصرُّف).
([2]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 88 (بتصرُّف).
([3]) وسائل الشيعة 1: 14 ـ 15.
([4]) وسائل الشيعة 29: 11 ـ 12.
([6]) البرقيّ، المحاسن 1: 105، باب عقاب القتل، ح85.
([8]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 96.
([10]) الكلينيّ، الكافي 1: 10، كتاب العقل والجهل، ح1.
([11]) الكلينيّ، الكافي 3: 1، كتاب الطهارة، باب طهور الماء، ح1.
([12]) الكلينيّ، الكافي 3: 264، كتاب الصلاة، باب فضل الصلاة، ح1.
([13]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 96؛ وسائل الشيعة، مقدّمة تحقيق الخاتمة (بقلم: السيّد محمّد رضا الجلاليّ) 30: 12 (بتصرُّفٍ وتلفيق).
([15]) وسائل الشيعة 1: 49 ـ 50.
([16]) الكلينيّ، الكافي 2: 85، كتاب الإيمان والكفر، باب النيّة، ح3 و4.
([18]) الكلينيّ، الكافي 3: 270، كتاب الصلاة، باب من حافظ على صلاته أو ضيّعها، ح15 و16.
([19]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 20: 73، باب 27 من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، ح4، والكلينيّ، الكافي 5: 345 ـ 346، كتاب النكاح، باب آخر منه، ح6.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 20: 471، باب 22 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح2، والكلينيّ، الكافي 5: 362، كتاب النكاح، باب الرجل يتزوّج المرأة ويتزوّج أم ولد أبيها، ح3.
([20]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 96.
([22]) الكلينيّ، الكافي 3: 193 ـ 194، كتاب الجنائز، باب مَنْ يدخل القبر ومَنْ لا يدخل، ح5.
([24]) الكلينيّ، الكافي 3: 253 ـ 254، كتاب الجنائز، باب النوادر، ح9 و12.
([25]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 3: 278، الباب 86 من أبواب الدفن، ح2، والكلينيّ، الكافي 3: 227 ـ 228، كتاب الجنائز، باب في السلوة، ح1 و3.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 22: 85، باب 36 من أبواب مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح1 و3، والكلينيّ، الكافي 6: 126، كتاب الطلاق، باب طلاق السكران، ح1 و3.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 23: 246 ـ 247، باب 22 من كتاب الأيمان، ح1 و3، والكلينيّ، الكافي 7: 445، كتاب الأيمان…، باب أنّه لا يحلف الرجل إلاّ على علمه، ح1 و3.
([26]) وسائل الشيعة 23: 99 ـ 100.
([27]) الطوسيّ، تهذيب الأحكام 8: 228، كتاب العتق…، باب العتق وأحكامه، ح57 و58.
([28]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 23: 374 ـ 375، باب 23 من أبواب الصيد، ح4 و6، والطوسيّ، تهذيب الأحكام 9: 36 ـ 37، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، ح150 و153.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 24: 17 ـ 18، باب 9 من أبواب الذبائح، ح2 و3، والطوسيّ، تهذيب الأحكام 9: 55 ـ 57، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، ح230 و239.
([29]) وسائل الشيعة 29: 124؛ وراجِعْ: الكلينيّ، الكافي 7: 359، كتاب الديات، بابٌ، ح1.
([30]) وسائل الشيعة 15: 131؛ الكلينيّ، الكافي 3: 567، كتاب الزكاة، باب صدقة أهل الجزية، ح3.
([31]) وسائل الشيعة 10: 173؛ الكلينيّ، الكافي 2: 18 ـ 19، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام، ح5.
([32]) الملايريّ، جامع أحاديث الشيعة 1: 9 ـ 10 (من كلامٍ للسيّد البروجرديّ(ر)).
وراجِعْ: وسائل الشيعة 3: 333، الباب 20 من أبواب الأغسال المسنونة، ح1، حيث قال: «محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن زياد القنديّ، عن عبد الرحيم القصير قال: دخلتُ على أبي عبد الله(ع)….
ورواه الصدوق بإسناده عن زياد القنديّ، مثله».
([35]) الملايريّ، جامع أحاديث الشيعة 1: 10 (من كلام للسيّد البروجرديّ(ر)).
([36]) وسائل الشيعة 1: 388 ـ 389؛ وسائل الشيعة (تحقيق: الشيخ الربّانيّ) 1: 272 ـ 273.
([37]) وراجِعْ: الطوسيّ، تهذيب الأحكام 1: 81، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنّة والفضيلة فيه، ح60.
([38]) وراجِعْ: الطوسيّ، تهذيب الأحكام 1: 76، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنّة والفضيلة فيه، ح40.
([39]) وسائل الشيعة 1: 391 ـ 392؛ وسائل الشيعة (تحقيق: الشيخ الربّانيّ) 1: 275؛ وراجِعْ: الطوسيّ، تهذيب الأحكام 1: 75، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنّة والفضيلة فيه، ح39.
([40]) وسائل الشيعة (تحقيق: الشيخ الربّانيّ) 1: 272.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 1: 391، باب 15 من أبواب الوضوء، ح8، والطوسيّ، تهذيب الأحكام 1: 58، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنّة والفضيلة فيه، ح11.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 1: 392، باب 15 من أبواب الوضوء، ح10، والطوسيّ، تهذيب الأحكام 1: 55، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنّة والفضيلة فيه، ح6.
([41]) راجِعْ: حسن الخرسان، شرح مشيخة تهذيب الأحكام: 63 إلى 66 (في آخر المجلّد العاشر من كتاب «التهذيب»)؛ الطوسيّ، الاستبصار في ما اختلف من الأخبار 4: 320 ـ 321، المشيخة، وفيهما: «وما ذكَرْتُه عن الحسين بن سعيد فقد أخبرني به الشيخ المفيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلّهم، عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد؛ وأخبرني أيضاً أبو الحسين بن أبي جيد القمّيّ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد؛ ورواه أيضاً محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد».
إذن فأحد الطرق: المفيد، عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد.
وهذا هو المحذوف من مبتدأ السند الأوّل.
([42]) راجِعْ: الخرسان، شرح مشيخة تهذيب الأحكام: 5 ـ 8 (في آخر المجلّد العاشر من كتاب «التهذيب»)؛ الطوسيّ، الاستبصار في ما اختلف من الأخبار 4: 305 إلى 307، المشيخة، وفيهما: «فما ذكَرْتُه عن محمّد بن يعقوب الكلينيّ فقد أخبرنا به الشيخ المفيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثيّ البغداديّ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب».
إذن فأحد الطرق: المفيد، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب.
وهذا هو المحذوف من مبتدأ السند الثاني.
([44]) الطوسيّ، تهذيب الأحكام 1: 56، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنّة والفضيلة فيه، ح7.
([45]) الخرسان: شرح مشيخة تهذيب الأحكام: 73 ـ 74 (في آخر المجلّد العاشر من كتاب «التهذيب»)؛ الطوسيّ، الاستبصار في ما اختلف من الأخبار 4: 325 ـ 326، المشيخة.
([46]) وسائل الشيعة، مقدّمة الشيخ الحُرّ(ر) 1: 7.
([48]) وسائل الشيعة 1: 48؛ وراجِعْ: وسائل الشيعة 12: 188، الباب 118 من أبواب أحكام العشرة، ح1.
([49]) وسائل الشيعة 30: 149 ـ 150.
([51]) وسائل الشيعة 2: 50. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([55]) وسائل الشيعة 29: 293. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([63]) وسائل الشيعة 9: 513 ـ 514.
([64]) والأمثلةُ على ذلك كثيرةٌ جدّاً، فراجِعْ.
([68]) والأمثلةُ على ذلك كثيرةٌ جدّاً، فراجِعْ.
([70]) الصدوق، عيون أخبار الرضا(ع) 1: 78، ح339.
([71]) الصدوق، عيون أخبار الرضا(ع) 1: 78، ح338.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 17: 87، الباب 3 من أبواب ما يكتسب به، ح2، ووسائل الشيعة 21: 198، الباب 81 من أبواب نكاح العبيد والإماء، ح1.
([79]) الكلينيّ، الكافي 6: 546، كتاب الدواجن، باب الحَمَام، ح4.
([81]) الصدوق، الخصال: 5، باب ما جُمع شيءٌ إلى شيء أفضل من خصلة إلى خصلة، ح11.
([82]) وسائل الشيعة 30: 119 ـ 120.
([84]) الكلينيّ، الكافي 2: 650، كتاب العشرة، باب التسليم على أهل الملل، ح8.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 12: 102، الباب 69 من أبواب أحكام العشرة، ح3، والصدوق، معاني الأخبار: 268، باب معنى قول أمير المؤمنين(ع): «لا يأبى الكرامة إلاّ حمارٌ»، ح2.
([86]) الصدوق، معاني الأخبار: 268، باب معنى قول أمير المؤمنين(ع): «لا يأبى الكرامة إلاّ حمارٌ»، ح2.
([87]) الصدوق، عيون أخبار الرضا(ع) 2: 278، باب في ما جاء عن الإمام عليّ بن موسى(عما) من الأخبار المتفرِّقة، ح78.
([88]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 19: 147، الباب 29 من كتاب الإجارة، ح21، والصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: 454، ح21.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 6: 92، الباب 30 من أبواب القراءة في الصلاة، ح2، والطوسيّ، تهذيب الأحكام 2: 148، كتاب الصلاة، باب تفصيل ما تقدّم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون وما يجوز فيها وما لا يجوز، ح36.
([90]) الكلينيّ، الكافي 5: 8، كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد، ح8.
([93]) الطوسيّ، تهذيب الأحكام 4: 144، كتاب الزكاة، باب الزيادات، ح25.
([95]) الكلينيّ، الكافي 2: 670، كتاب العشرة، باب التكاتب، ح1 و2.
([96]) الملايريّ، جامع أحاديث الشيعة 1: 10 (من كلامٍ للسيّد البروجرديّ(ر)).
([97]) الإيروانيّ، دروس تمهيديّة في القواعد الرجاليّة: 307 (بتصرُّف).
([98]) الشواهد على ذلك كثيرةٌ جدّاً، ويمكن للباحث تتبُّعُها بالاستعانة بما أثبته المحقِّقون في هوامش «وسائل الشيعة»، طبعة مؤسَّسة آل البيت(عم) لإحياء التراث، ومن ذلك:
1ـ وسائل الشيعة 3: 303، الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة (باب حصر أنواع الأغسال المسنونة وأقسامها)، ح2، حيث قال: «2ـ وبالإسناد [إسناد الكلينيّ المتقدِّم في الحديث الأوّل] عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد قال: سألتُ أبا عبد الله(ع): كم أغتسل في شهر رمضان ليلةً؟ قال: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، قال: قلتُ: فإنْ شقَّ عليّ؟ قال: في إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، قلتُ: فإنْ شقَّ عليّ؟ قال: حسبُك الآن».
ووسائل الشيعة 3: 310، الباب 4 من أبواب الأغسال المسنونة (باب استحباب الغسل ليالي الإفراد الثلاث من شهر رمضان)، ح2، حيث قال: «2ـ و[محمّد بن يعقوب] عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد قال: سألتُ أبا عبد الله(ع) كم أغتسل في شهر رمضان ليلةً؟ قال: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين…، الحديث».
وهذان الحديثان حديثٌ واحدٌ، فلاحِظْ كيف حذف(ر) بعض فقرات الحديث في المورد الثاني، وذكر فقط ما يدلّ على استحباب الغسل ليالي الإفراد الثلاث من شهر رمضان.
2ـ وسائل الشيعة 3: 308، الباب 1 من أبواب الأغسال المسنونة (باب حصر أنواع الأغسال المسنونة وأقسامها)، ح14، حيث قال: «14ـ و[الطوسيّ] بإسناده عن إبراهيم بن إسحاق الأحمريّ، عن جماعةٍ، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن بكير، عن أبيه بكير بن أعين قال: سألتُ أبا عبد الله(ع): في أيِّ الليالي أغتسل في شهر رمضان؟ قال: في تسع عشرة، وفي إحدى وعشرين، وفي ثلاث وعشرين…، الحديث».
ووسائل الشيعة 3: 322، الباب 11 من أبواب الأغسال المسنونة (باب أنّ وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر إلى الزوال، وإنّ ما قَرُب من الزوال أفضل، فإنْ نام بعده لم يُعِدْ)، ح2، حيث قال: «2ـ و[الطوسيّ] بإسناده عن إبراهيم بن إسحاق الأحمريّ، عن جماعةٍ، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبيه قال: سألتُ أبا عبد الله (ع) في أيِّ الليالي أغتسل من شهر رمضان ـ إلى أن قال ـ والغسلُ أوّل الليل، قلتُ: فإنْ نام بعد الغسل؟ قال: هو مثل غسل يوم الجمعة، إذا اغتسلتَ بعد الفجر أجزأك».
وهذان الحديثان حديثٌ واحدٌ، فلاحِظْ كيف حذف(ر) بعض فقرات الحديث في كلا الموردَيْن، وذكر في كلّ مورد ما يختصُّ به من فقرات الحديث.
3ـ وسائل الشيعة 3: 377، الباب 19 من أبواب التيمُّم (باب انتقاض التيمُّم بكلّ ما ينقض الوضوء، وبالتمكُّن من استعمال الماء، فإنْ تعذَّر وجب التيمُّم…)، ح1، حيث قال: «1ـ محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلتُ لأبي جعفر(ع): يصلّي الرجل بوضوءٍ واحدٍ صلاة الليل والنهار كلّها؟ قال: نعم، ما لم يُحدث، قلتُ: فيصلّي بتيمُّمٍ واحدٍ صلاة الليل والنهار كلّها؟ قال: نعم، ما لم يُحدث، أو يُصِبْ ماءً، قلتُ: فإنْ أصاب الماء، ورجا أن يقدر على ماءٍ آخر، وظنّ أنّه يقدر عليه كلّما أراد، فعَسُر ذلك عليه؟ قال: ينقض ذلك تيمُّمه، وعليه أن يعيد التيمم…، الحديث.
محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، مثله».
ووسائل الشيعة 3: 379، الباب 20 من أبواب التيمُّم (باب جواز إيقاع صلوات كثيرة بتيمُّم واحد ما لم يُحدث أو يجد الماء)، ح1، حيث قال: «1ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قلتُ لأبي جعفر(ع): يصلّي الرجل بتيمُّمٍ واحدٍ صلاة الليل والنهار كلّها؟ فقال: نعم، ما لم يُحدث، أو يصِبْ ماءً…، الحديث.
ورواه الكلينيّ كما مرّ».
ووسائل الشيعة 3: 381، الباب 21 من أبواب التيمُّم (باب أنّ مَنْ دخل في صلاة بتيمُّم ثمّ وجد الماء وجب عليه الانصراف والطهارة والاستئناف ما لم يركع)، ح1، حيث قال: «1ـ محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن الصفّار وسعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة ـ في حديثٍ ـ قال: قلتُ لأبي جعفر(ع): إنْ أصاب الماء وقد دخل في الصلاة؟ قال: فلينصرفْ فليتوضَّأْ ما لم يركع، فإنْ كان قد ركع فليمضِ في صلاته، فإنّ التيمُّم أحد الطَّهورَيْن.
ورواه الكلينيّ، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، مثله».
وهذه الأحاديث الثلاثة كلُّها حديثٌ واحدٌ، فلاحِظْ كيف حذف(ر) بعض فقرات الحديث في كلّ مورد، وذكر في كلّ مورد ما يناسبه من فقرات الحديث.
([99]) وسائل الشيعة 11: 63. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([100]) وسائل الشيعة 5: 48 ـ 49. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([101]) الطوسيّ، الأمالي: 365.
([102]) وسائل الشيعة 3: 322. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([103]) الطوسيّ، تهذيب الأحكام 1: 373، كتاب الطهارة، باب الأغسال وكيفيّة الغسل من الجنابة، ح35.
([104]) وسائل الشيعة 12: 135. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([105]) الكلينيّ، الكافي 2: 670، كتاب العشرة، باب التكاتب، ح2.
([106]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 20: 158، الباب 79 من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، ح1، والكلينيّ، الكافي 5: 506 ـ 507، كتاب النكاح، أبواب المتعة، باب حقّ الزوج على المرأة، ح1.
([109]) وسائل الشيعة 13: 444. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([110]) الطوسيّ، تهذيب الأحكام 5: 439، كتاب الحجّ، بابٌ من الزيادات في فقه الحجّ، ح170، وفيه: «…عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: قلتُ لإبراهيم بن عبد الحميد، وقد هيّأنا نحواً من ثلاثين مسألة نبعث بها إلى أبي الحسن موسى(ع): أدخل لي هذه المسألة، ولا تسمِّني له، سَلْه عن العمرة المفردة على صاحبها طواف النساء؟ قال: فجاءه الجواب في المسائل كلّها غيرها، فقلتُ له: أَعِدْها في مسائل أُخَر، فجاءه الجواب فيها كلّها غير مسألتي، فقلتُ لإبراهيم بن عبد الحميد: إنّ هاهُنا لشيئاً، أفرد المسألة باسمي، فقد عرفْتَ مقامي بحوائجك، فكتب بها إليه، فجاء الجواب: نعم، هو واجبٌ لا بُدَّ منه، فلقي إبراهيم بن عبد الحميد إسماعيل بن حميد الأزرق، ومعه المسألة والجواب، فقال: لقد فتق عليكم إبراهيم بن أبي البلاد فَتْقاً، وهذه مسألته والجواب عنها، فدخل عليه إسماعيل بن حميد، فسأله عنها، فقال: نعم، هو واجبٌ، فلقي إسماعيلُ بن حميد بِشْر بن إسماعيل بن عمّار الصيرفيّ، فأخبره، فدخل، فسأله عنها، فقال: نعم، هو واجبٌ».
([112]) الكلينيّ، الكافي 2: 533 ـ 534، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، ح34.
([113]) وسائل الشيعة، مقدّمة تحقيق الخاتمة (بقلم: السيّد محمّد رضا الجلاليّ) 30: 10 (بتصرُّف)؛ وراجِعْ: الإيروانيّ، دروس تمهيديّة في القواعد الرجاليّة: 307.
([114]) وسائل الشيعة، مقدّمة تحقيق الخاتمة (بقلم: السيّد محمّد رضا الجلاليّ) 30: 11 ـ 12 (بتصرُّف).
([115]) وسائل الشيعة 30: 542، وفيه: «فعليك بكثرة التتبُّع لهذه الأحاديث، والمطالعة لها، ولا تقتصر على الباب الذي تريد، فقد بقيت أحكامٌ منصوصةٌ في غير مظانّها؛ إذ لم يمكن تقطيع الأحاديث كلِّها أو أكثرها، ولا الإشارة إلى مضمون الجميع؛ لعدم الاستحضار، وللاكتفاء بالبعض، وغير ذلك».
([116]) وسائل الشيعة، مقدّمة تحقيق الخاتمة (بقلم: السيّد محمّد رضا الجلاليّ) 30: 11 ـ 12 (بتصرُّفٍ وتلفيق).
([117]) وسائل الشيعة، مقدّمة تحقيق الخاتمة (بقلم: السيّد محمّد رضا الجلاليّ) 30: 11.
([119]) وسائل الشيعة 12: 134 ـ 135.
([120]) الكلينيّ، الكافي 2: 670، كتاب العشرة، باب حسن الصحابة وحقّ الصاحب في السفر، ح5.
([121]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 19: 147، الباب 29 من كتاب الإجارة، ح21، والصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: 454 ـ 458، باب ذكر من شاهد القائم(ع) ورآه وكلَّمه، ح21.
([122]) وسائل الشيعة 19: 324. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([123]) وسائل الشيعة 4: 295. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([124]) وسائل الشيعة 3: 225. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([125]) وسائل الشيعة 24: 208. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([126]) الحُرّ العامليّ؛ النوريّ، وسائل الشيعة ومستدرَكها (المقدّمة) 1: 6.
([127]) الحسينيّ؛ البنّاي، إيضاح الدلائل في شرح الوسائل (تقريراً لبحث الشيخ مسلم الداوريّ) 1: 24 ـ 25.
([128]) راجِعْ: وسائل الشيعة 19: 203، الباب 10 من كتاب الوقوف والصدقات، ح4، والصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 4: 249 ـ 251، باب الوقف والصدقة والنحل، ح28.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 4: 295، الباب 1 من أبواب القبلة، ح1، والكلينيّ، الكافي 3: 272، كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة، ح5.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 20: 159، الباب 79 من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، ح4، والكلينيّ، الكافي 5: 555، كتاب النكاح، أبواب المتعة، باب نوادر، ح3.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 4: 295، الباب 1 من أبواب القبلة، ح1، والطوسيّ، تهذيب الأحكام 2: 139 ـ 140، كتاب الصلاة، باب تفصيل ما تقدّم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون وما يجوز فيها وما لا يجوز، ح1.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 19: 203، الباب 10 من كتاب الوقوف والصدقات، ح4، والصدوق، عيون أخبار الرضا(ع) 2: 44، باب نسخة وصيّة موسى بن جعفر(عما)، ح2.
وراجِعْ: وسائل الشيعة 20: 158، الباب 79 من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، ح1، والصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 3: 438، أبواب القضايا والأحكام، باب حقّ الزوج على المرأة، ح1.
([129]) الملايريّ، جامع أحاديث الشيعة 1: 9 (من كلامٍ للسيّد البروجرديّ(ر)).
([130]) الإيروانيّ، دروس تمهيديّة في القواعد الرجاليّة: 308 (بتصرُّف).
([131]) وسائل الشيعة 2: 472. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([132]) وسائل الشيعة 16: 125. وغيرُ ذلك من الأمثلة كثيرٌ جدّاً، فراجِعْ.
([134]) الكلينيّ، الكافي 4: 122 ـ 123، كتاب الصيام، باب الرجل يصبح وهو يريد الصيام فيُفطر…، ح7.
([135]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 25: 19، الباب 5 من أبواب الأطعمة المباحة، ح6 و7، والبرقيّ، المحاسن 2: 490، باب السويق، ح570 و571.
([137]) الطوسيّ، تهذيب الأحكام 4: 110، كتاب الزكاة، بابٌ من الزيادات في الزكاة، ح52.
([138]) وراجِعْ: وسائل الشيعة 13: 364، الباب 34 من أبواب الطواف، ح3، والطوسيّ، تهذيب الأحكام 5: 113، كتاب الحجّ، باب الطواف، ح39.