أحرّ التعازي للأنبياء والأولياء، وعباد الله الصالحين، وجميع المؤمنات والمؤمنين
بوفاة الصديقة الطاهرة، سيّدة نساء العالمين
فاطمة الزهراء عليها السلام
حوارٌ مع سماحة الشيخ محمد عباس دهيني
ضمن برنامج (محطّات)، على قناة الإيمان الفضائية
بتاريخ: الخميس 7 ـ 3 ـ 2013م
للمشاهدة على الرابط التالي
1ـ هي فاطمة بنت محمد، أمّ أبيها، بضعة من رسول الله(ص)، وروحه التي بين جنبيه، ماذا يعني ذلك في هويّة فاطمة؟
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: ما تمنّى غيرها نسلاً، ومَنْ يلد الزهراءَ يزهد في سواها.
إنّها بضعة المصطفى(ص)، قطعةٌ من جسده، وروحه، وقلبه، وعقله، وفكره.
إنها أمّ أبيها في ما تحمله كلمة (الأمّ) من معنى الحياة، فبها وبذرّيتها الأطهار كانت حياة الرسالة. بها استمرّت مسيرة الإسلام في أمنٍ وسلام.
هي (فاطمة) اسمٌ على مسمّى، فمع كون هذا الاسم شائعاً معروفاً في العصر الجاهليّ، حيث سُمِّيت به الكثيرُ من النساء، اختار لها رسولُ الله(ص) هذا الاسمَ دون غيره، لما أَمِلَه فيها، وكانت محقِّقةَ آماله، فكانت السيدة الطاهرة الجليلة المعصومة، وكانت ـ بحقٍّ ـ الفاطمةَ لنفسها من اتّباع الشهوات، والانغماس في الدنس والخطيئات. أكمل قراءة بقية الموضوع ←
كثر في الآونة الاخيرة أن نسمع ونشاهد على بعض القنوات الفضائيّة بعض الخطباء والعلماء يجاهرون بلعن أعداء أهل البيت عليهم السلام، وكذا نشهد تزايداً ملحوظاً لذلك في بعض صفحات التواصل الاجتماعي، فهل يجوز ذلك؟
ورد في الأثر: تخلَّقوا بأخلاق الله (بحار الأنوار 58: 129). ومن أخلاق الله التي ظهرت في القرآن الكريم أن لا يلعن قوماً بأسمائهم، وإنّما يلعن فئةً بما فعلوا، فيقول مثلاً: (أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ). فمَنْ كان ظالماً شملَتْه هذه اللعنة وعَرَفَت طريقها إليه، دون أن تستفزّ أحداً، أو تستدعي ردّة فعلٍ غير مرضيّة.
وقد نهى سبحانه وتعالى صراحةً المؤمنين عن أن يسبُّوا الأصنام، وهي معبودات أهل الجاهليّة، لئلا تكون ردّةُ فعلهم سبَّ الذات الإلهيّة المقدَّسة، فقال عزّ وجل: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ). أكمل قراءة بقية الموضوع ←
في اليوم التالي لنشري مقالي الذي يحمل عنوان «توقيع صاحب الزمان(ع) للشيخ المفيد، دراسةٌ تحقيقيّة»، والذي حقَّقتُ فيه في سَنَد توقيعَيْن منسوبَيْن إلى الإمام المهديّ(ع) يُدَّعى أنّه أرسلهما إلى الشيخ المفيد(ر)، كما طرحتُ بعض الأسئلة المشروعة حول متنهما ومضمونهما، وخلصتُ ـ وفاقاً للسيد الخوئي(ر) ـ إلى أنّه لا يمكننا الوثوق بصدور هذين التوقيعين من المولى الحجّة(ع). في اليوم التالي لنشري هذا المقال فوجئتُ على صفحتي في الفايسبوك برسالةٍ من قبل شخصٍ يُدعى (Adel Hazime)، وهي عبارةٌ عن ردٍّ بعثه إليّ ـ على ما يزعم مرسِل الرسالة ـ الإمامُ المهديُّ شخصيّاً، عبر نائبه ـ وهو نفسُ المرسِل للرسالة ـ. إذاً هو رسالةٌ بإملاء الإمام المهديّ(ع)، وخطّ ثقته، حسب ما جاء في ذيل تلك الرسالة.
هي رسالةٌ مضحكةٌ جدّاً، وفيها ما فيها ممّا يكشف عن عدم صدورها من سيدي ومولاي صاحب الزمان(ع).
فلا النائب المزعوم يُحسن الكتابة؛ إذ هي مليئة بالأخطاء اللغوية والإملائية. وقد أقرَّ في رسالةٍ ثانية ـ تُراجَع في التعليقات على مقالي في موقعي ـ بأنّه ليس معصوماً عن الخطأ في الكتابة، ولكنّه معصومٌ عن الخطأ في النقل لمضمون الرسالة. إنّه لأمرٌ مضحِكٌ حقّاً!!!
مضافاً إلى أنّ عباراتِها ركيكةٌ، ما يؤكِّد لي عدم صدورها من سيّدي ومولاي الحجّة المنتظر(ع)!!!
وما أكثر السَّجْع فيها. وهو بيِّنُ الاصطناع، حتّى لقد ذكَّرني بما ادَّعت سجاح المتنبِّية أنه وحيٌ أُنزل إليها، فقالت: والزارعات زرعاً…، ثمّ أكمله لها بعضهم بما نُجِلّ أنفسنا عن ذكره في هذا المقال، ولكن يمكن مراجعته في مظانّه. بل إنّ هذا السَّجْع يكون على حساب النحو في كثير من الحالات، فينصب المجرور مثلاً، وحاشا سيدي ومولاي المهديّ(ع) أن يُملي هكذا كلام!!!
مضافاً إلى أنّ هذا النائب المزعوم حاول الاتّصال بي من خلال إيميلي الخاصّ، لكنّه لم يجده في موقعي، ولم يكلِّف نفسه عناء سؤال (مهديّه المزعوم)، الذي ينبغي ـ حسب رأيه ـ أن يكون على اطِّلاع على ذلك كلِّه. فأيُّ إساءةٍ يوجِّهها للمولى(ع) بهذا الكلام؟!!!
هي رسالةٌ مضحكةٌ، بكلّ ما للكلمة من معنى. وعلى أيِّ حال، ومن باب الطُّرفة والظرافة لا غير، أقول: ما جاء في هذا الردّ (الرسالة) يُغريني أن أتراجع عمّا قلتُه في مقالتي تلك ـ علماً أنَّني لم أنفِ صدور التوقيعَيْن من الإمام المهديّ(ع)، وإنّما قلتُ: لا يمكن الوثوق بصدورهما منه(ع) ـ؛ وذلك طمعاً في أن أنال ما أفاض به علينا (مهديُّه المزعوم) من صفاتٍ وألقاب يعشقها ويتمنَّاها كلُّ مؤمن، من قبيل: أيُّها الوليّ الأمين، أيُّها العبد اللطيف، وأخي.
وأضع بين أيديكم إخوتي وأخواتي القرّاء الكرام نصَّ ما وردني، دون أيّ تعديل؛ ليتّضح لكم ما فيه الأخطاء: أكمل قراءة بقية الموضوع ←
سلام الله عليكم سماحة الشيخ… أسألكم وأرجوكم ردّاً…، ولكم منه تعالى عظيم الأجر. هل رسالة صاحب العصر(عج) للشيخ المفيد صحيحةُ السند؟ وإذا كانت كذلك هل هي دقيقةٌ بكلّ حيثيّاتها وتعابيرها؟
نصُّ التوقيع الأوّل
قال الشيخ أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي(548هـ) في (الاحتجاج 2: 318 ـ 325): «ذكرُ كتاب ورد من الناحية المقدَّسة حرسها الله ورعاها، في أيّامٍ بقيت من صفر، سنة عشرة وأربعمائة، على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدّس الله روحه، ونوَّر ضريحه، ذَكَر موصلُه أنَّه يحمله من ناحية متَّصلة بالحجاز؛ نسخته:
للأخ السديد والوليّ الرشيد، الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ـ أدام الله إعزازه ـ من مستودع العهد المأخوذ على العباد. بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد؛ سلامٌ عليك أيّها الوليّ المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين، فإنّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو، ونسأله الصلاة على سيّدنا ومولانا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين، ونُعلمُك ـ أدام الله توفيقك لنصرة الحقّ، وأجزل مثوبتك على نطقك عنّا بالصدق ـ أنّه قد أُذِن لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تؤدِّيه عنّا إلى موالينا قِبَلك، أعزَّهم الله بطاعته، وكفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته. فقِفْ ـ أيَّدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه ـ على ما أذكره، واعمَلْ في تأديته إلى مَنْ تسكن إليه بما نرسمه إنْ شاء الله: أكمل قراءة بقية الموضوع ←
تواصل معنا
الشيخ محمد دهيني في سطور
هو باحث إسلامي من لبنان،
وأستاذ في الحوزة العلمية،
ومن خطباء المنبر الحسيني.
حائز على:
1ـ ماجستير في علوم القرآن والحديث.
2ـ دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي.
يشغل حالياً منصب:
1ـ رئيس تحرير (مجلة نصوص معاصرة).
2ـ رئيس تحرير (مجلة الاجتهاد والتجديد).
3ـ المساعد الخاص لرئيس القسم الشيعي الإمامي في مؤسسة خدمة علوم القرآن والسنة الشريفة في القاهرة، والمكلفة كتابة موسوعة الحديث النبوي الصحيح عند المسلمين.
4ـ أستاذ مواد (علوم القرآن)، (تفسير القرآن)، (الأخلاق)، (العقائد)، (المنطق)، (أصول الفقه)، (أصول الحديث)، (أصول الفقه المقارن)، (الرجال والدراية)، (الفقه على المذاهب الخمسة)، (اللمعة الدمشقية)، (الفقه الاستدلالي)، (القواعد الفقهية)، في مرحلتي (الإجازة) و(الدراسات العليا)، في الحوزة العلمية في لبنان وإيران (المعهد الشرعي الإسلامي وجامعة المصطفى(ص) العالمية).
له عشرات المقالات والمقابلات التلفزيونية المتنوعة.
وقد حلَّ ضيفاً في أكثر من برنامج ديني تلفزيوني، على أكثر من قناة فضائية.
هدف الموقع وضوابطه
أخي الكريم، أختي الكريمة،
أيها القراء المتصفحون لما ينشر في هذا الموقع.
أهلاً وسهلاً بكم،
ونأمل أن ينال ما ينشره هذا الموقع إعجابكم،
وتحصل منه الفائدة المرجوة.
هذا الموقع منبر لنشر الفكر الإسلامي الأصيل،
في خط الوعي والتعقل،
بعيداً عن الخرافات والأساطير،
ومظاهر الغلو والانحراف والتخلف.
والهدف من ذلك كله رضا الله عز وجل،
والإصلاح في أمة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، والنأي بمحمد وآله عليهم السلام عن كل ما يبغضهم إلى الناس؛ امتثالاً لأمرهم: كونوا زيناً لنا، ولا تكونوا شيناً علينا. فمن قبلنا بقبول الحقّ فالله أوْلى بالحقّ، ومن لم يقبلنا فالله يحكم بيننا، وهو خير الحاكمين.
وإننا في هذا الموقع الثقافي نرحب بأية مشاركة،
أو تعليق أو نقد علمي لأي موضوع ينشر فيه.
ولكننا في الوقت عينه نعتذر عن نشر أي رد أو تعليق يتضمن إساءةً أو تهديداً أو ما شابه ذلك.
استفتاءات
الموضوع: حكم تربية الكلاب
سؤال: الكلاب ليست نجسةً؛ لما يلي:
١. الحلال ما أحلَّه الله، والحرام ما حرَّمه الله، والله طاهرٌ، فكلّ خلق الله في الأصل طاهرٌ.
٢. سيدنا آدم ربّى كلباً؛ لأنه أوّل حيوان استأنس.
٣. سيدنا نوح ربنا أمره باتخاذ الكلب حارساً للسفينة.
٤. معظم الأنبياء كانوا رعاة غنمٍ، فمن المؤكَّد اتخاذهم كلاباً للرعاية والحراسة.
٥. أهل الكهف ربنا ذكرهم بأنهم فتيةٌ مؤمنون، وكان معهم كلبهم.
٦. توجد روايةٌ عن سيِّدنا أبي بكر مضمونها أنه في زمن الرسول(ص) كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد، ولم يأمر بقتلها أو إبعادها، وإنما أمر فقط بأن يصبّوا الماء لرفع نجاسة البول والبراز.
٧. إحدى زوجات النبيّ(ص) ”أمّ المؤمنين ميمونة” كانت تربي كلباً، وكان يسمّى (مسمار).
٨. في سورة الكهف ربنا كرّم الكلب بذكره ٣ مرّات تباعاً والمرة الرابعة في قوله: (باسط ذراعيه بالوصيد).
٩. ليس هناك آيةٌ صريحةٌ تدلّ على نجاسة جسد الكلب أو نجاسة لعابه، بل على العكس ربنا حلَّل لعابه حتّى أننا نقدر أن نأكل مكان صيده إذا علَّمناه الصيد.
١٠. الإمام مالك أفتى بطهارة الكلب، جسداً ولعاباً.
١١. الإمام أحمد بن حنبل أجاز دخول الكلب المسجد.
١٢. الإمام الأعمشي أحد أكبر المفسِّرين والحافظين لكتاب الله كان يربّي كلباً.
١٣. في الكلب صفات الزاهدين، والمحسنين، والراضين، والأوفياء المخلصين.
١٤. الكلب يصون عرضك، ويحمي حرمتك.
ومع ذلك كلِّه، الناس يستبيحون قتل الكلاب، ويرونها نجسةً…
والسؤال بالتحديد: ما رأيكم بتربية الكلاب في البيت أو خارجه؟ وهل هي عملٌ جائزٌ؟ أعتقد أننا بحاجة لجوابٍ وافٍ من فضيلتكم؛ لما نجده من إقبالٍ وانتشارٍ واسع في مجتمعنا على تربية الكلاب.
الجواب: معلوماتٌ لطيفة؛ ولكنّ بعضَها غيرُ صحيحٍ؛ مضافاً إلى أنها لا توصل إلى ما تريدونه من طهارة الكلب.
فأن تربّي كلباً للحراسة أو للصيد هذا حلالٌ، ولكنْ ما علاقة ذلك بالطهارة؟!
فكأننا نقول: لأنه يجوز أن نستخرج الدم من الجسم، ونحفظه في البرّادات؛ لتزويد المرضى المحتاجين به في حينه، يجب أن يكون الدم طاهراً!
وكذلك البول، لأنه يجوز أن نحفظه في وعاءٍ؛ لأجل إجراء الفحص في المختبر، يجب أن يكون طاهراً!
هذا ربطٌ غريبٌ عجيبٌ؛ فلا علاقة للأوّل بالثاني.
يجوز اقتناء كلب الماشية (الراعي)؛ وكلب الحائط (البستان)، وكلاهما للحماية؛ وكلب الصيد، هذه الأنواع الثلاثة يجوز اقتناؤها، ويصحّ بيعها وشراؤها؛ لأنها ذاتُ منفعةٍ محلَّلةٍ.
وأما غيرها من الكلاب، ولم يبقَ سوى الكلب الهراش، أي الشارد المؤذي، فلا يجوز اقتناؤه، ولا بيعه، ولا شراؤه، بل رُبَما يُقال بلزوم قتله؛ دفعاً لأذاه وضرره… هذا في حكم الاقتناء والبيع والشراء.
وأما حكم الطهارة والنجاسة، فالكلاب جميعها نجسةٌ، حتّى كلاب الحراسة والصيد.
وليس في الآية: (فكلوا مما أمسَكْنَ عليكم) ما يدلّ على جواز الأكل من الطريدة التي يمسكها كلب الصيد دون غسلها، وإنما الآية في مقام بيان أن الكلب آلةٌ يتحقَّق من خلال قتله للحيوان ذكاةُ ذلك الحيوان، فيصير حلالاً، ولكنْ يؤكل بعد استيفائه سائر الشروط، ومنها: الطهارة، فيُطهَّر موضع العضّة أوّلاً ثمّ يؤكل، وإلاّ هل يتصوَّر أحدٌ أنه لو اصطَدْنا حيواناً بالسهم، فصار مذكّى وحلالاً، فإنه يجوز أن نأكله دون تطهير الموضع الذي نزف منه الدم؟!
وعليه، لا ترابط بين جواز اقتناء الكلاب المفيدة (ذات المنافع المحلَّلة) لأي سببٍ من الأسباب وبين طهارة هذه الكلاب… فكلُّ ما ذُكر من اقتناء بعض الأنبياء وغيرهم للكلاب – على فرض صحّته – لا دلالة فيه على الطهارة.
وأما ما رُوي من أن النبيّ(ص) لم يأمر بقتل الكلاب أو إبعادها فهو – على فرض صحّته – معارَضٌ بالروايات المصرِّحة بأنه(ص) أمر بقتلها، فقد رُوي عن أمير المؤمنين عليٍّ(ع) أنه قال: بعثني رسول الله(ص) إلى المدينة، فقال: لا تدَعْ صورةً إلاّ محوتها، ولا قبراً إلاّ سوَّيته، ولا كلباً إلاّ قتلته. (الكليني، الكافي ٦: ٥٢٨، ح١٤: عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث). وعليه من المستبعد جدّاً أن يُسمح لها بدخول المسجد والتجوُّل فيه، بل رُبَما كان قيام بعض الكلاب الشاردة (كلاب الهراش) بذلك سبباً في أمره(ص) بقتلها والقضاء عليها.
وعليه، مهما كان في الكلب من خصال وصفات ومناقب فإن الحكم الإلهيّ بحقِّه هو الفيصل والميزان في التعاطي معه، فإنْ لم توجد آيةٌ صريحة في الحكم بنجاسته فإنّ النجاسة هي الظاهر من رواياتٍ كثيرة في المقام، ولا شكّ في صلاحية الروايات الموثوق بصدورها عن المعصوم(ع) لاستنباط الحكم الشرعي؛ بداهة عدم ذكر جميع الأحكام في القرآن الكريم؛ اعتماداً على ما سيبيِّنه النبيّ(ص)، الذي لا ينطق عن الهوى، إنْ هو إلاّ وَحْيٌ يُوحى، ولذلك أُمرنا باتّباعه: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، ثمّ ورَّث النبي(ص) أهلَ بيته(عم) علمَه، فكانوا الامتداد الآمن والمصون للتشريع الإلهيّ لقرنين ونصف من الزمن.
إذن كلّ ما ذُكر من معلوماتٍ لا يفيد في الحكم بطهارة الكلب، وإنْ كان مفيداً في الحكم بجواز اقتنائه…
نعم، هناك بعض البحوث الفقهية التي تعرَّضت لهذه المسألة، وتوصَّل أصحابها إلى طهارة الكلب، ولكن الحكم بالنجاسة هو المشهور المعروف عند الفقهاء المتصدِّين.
وعلى أيّ حالٍ لا ننصح المؤمنين الملتزمين باقتناء الكلاب في بيوتهم؛ فإن نجاستَها – في حال ثبوتها -؛ وما تنقله من أمراضٍ مع عدم الاعتناء التامّ بصحّتها ولقاحاتها؛ وما ذكرَتْه بعض الروايات من آثار وجود الكلاب في البيت (عدم دخول الملائكة إليه، نقصان العمل…)، كلُّ ذلك من شأنه أن يمثِّل دافعاً أساسياً للإعراض عن تربية الكلاب في البيت، بل وخارجه أيضاً؛ فإنه لا يؤمن من نجاسته وأضراره.