بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56)(صدق الله العليّ العظيم).
في هذه الآية الكريمة يحدِّد الله سبحانه وتعالى الهدف من خلق الإنس والجنّ، الهدف من خلق الكائنات في هذا الكون، ألا وهو عبادة الله سبحانه وتعالى، الذي خلق الإنسان، وأنعم عليه بنعمة الوجود، وهي أعظم نعمةٍ يعرفها، وتستحقّ منه حمداً وشكراً لذي النعمة والفضل والإحسان؛ إذ تَرْكُ شكر النعمة قبيحٌ، لا يليق بعاقلٍ أن يرتكبه.
ومن هنا كانت دعوتُه عزَّ وجلَّ إلى التفكُّر في سائر المخلوقات؛ ليعرف الإنسان عظمةَ ما أنعم الله به عليه، ويحيط علماً بما يستطيع الوصول إليه من أسرارها؛ فإنَّ ذلك هو الذي يدفع إلى الشكر الخالص، إلى الشكر الحقيقيّ والتامّ.
إنّه القرآن الكريم، كتاب الله المنزَل على نبيِّه الأكرم محمّد(ص)، وهو المهيمِن على ما سبقه من كتبٍ سماوية مقدَّسة، كصُحُف إبراهيم، وزَبور داوود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ (المائدة: 48).
وقد نزل هذا الكتاب بلسانٍ عربيٍّ مبين، يفهمه أهلُ العربيّة أجمعون. وهكذا كان رسول الله محمد(ص) يقرأه على قومه، فيفهمونه، ويحفظونه، ويعملون به، وربما احتاج البعض القليل من آياته إلى شرحٍ وتفسير، فيتصدّى له النبيُّ(ص)، ومن بعده أئمّةُ أهل البيت(ع)، الذين هم عِدْلُ القرآن، ومن بعدهم علماء الدين، الذين بذلوا حياتهم في تحصيل العلم والمعرفة.
(بتاريخ: الجمعة 22 ـ 11 ـ 2013م، في مسجد الإمام الحسن(ع)، في تعمير حارة صيدا)
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه وبليغ خطابه: ﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ (الشورى: 23).
في قصص عددٍ من أنبياء الله(عم)، كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب، يذكر لنا القرآن الكريم أنّهم وقفوا أمام أقوامهم ليقولوا: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الشعراء: 109، 127، 145، 164، 180).
بينما نجد في الآية التي تلوناها أنّ أمراً إلهيّاً قد صدر لرسول الله الأكرم محمد(ص) بأن يسأل قومَه أجراً على مهمّته، أجراً على أداء الرسالة إليهم من ربّه، ألا وهو (المودّة في القربى).
مرّة جديدة تستهدف يد الإرهاب والإجرام، من أيّ جهةٍ صدر، المواطنين اللبنانيّين، وبعضَ العاملين في السفارة الإيرانيّة في بيروت، على تخوم الضاحية الجنوبيّة.
ولا يسعني هنا سوى التوجُّه بالتعازي الحارّة لأهالي الضحايا، سائلاً الله للجرحى الشفاءَ التامّ، والرحمةَ للشهداء، واستتبابَ الأمن في هذا البلد المكلوم (لبنان).
وفي قراءةٍ متأنّية لما حصل يتساءل المتابع للأحداث الإقليمية والدوليّة:
1ـ هل هذه رسالةٌ من المملكة العربيّة السعوديّة إلى الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ـ التي بدأت تستعدّ للاحتفال بالنصر ـ بأنّها لن تسمح للتسوية المرتقبة بين إيران والولايات المتّحدة الأمريكيّة أن تبصر النور؟
ما مدى صحّة هذا القول:«إن الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وصلوا إلى مرتبة بحيث إنّ جبرائيل قال للنبيّ صلّى الله عليه وآلهوسلّم:إنّ الله تعالى بنفسه يقبض أرواحهم. فما هذا المقام الذي بلغ أنّ الله يقبض أرواحهم، وليس عزرائيل،والنبيّ صلّى الله عليه وآلهوسلّم يحفر لهم ويدفنهم؟!».
ما يُنقَل على أنّه روايةٌ ليس له عينٌ أو أثرٌ في كتب الحديث والأخبار. وبالتالي فهو من مخترَعات قائليه، وبناتِ أوهامهم، كائناً مَنْ كانوا. فلا يغرَّنَّك مَنْ قال، بل انظُرْ إلى ما قيل، هل هو صادرٌ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو أهل بيته عليهم السلام؟ ولمعرفة ذلك طرقه المعروفة للعلماء المحقِّقين، والباحثين الجادّين. ولا يكفي أن نجده في كتابٍ هنا أو هناك، بل لا بدّ أن يكون مؤلِّف هذا الكتاب معروفاً أنّه من العلماء، بل من الثقات، وينقل الخبر مُسْنَداً، أي بذكر جميع الرواة له عن المعصوم عليه السلام. فحتّى لو وجدنا خبراً في كتابٍ للشيخ الطوسي، أو الشيخ المفيد، أو غيرهما من علمائنا الكبار، ولكنّه قد نسبه مباشرةً إلى المعصوم عليه السلام، فلا يمكن الاعتماد على هذا الخبر؛ إذ لا بدّ من إثبات الاتّصال بين مؤلِّف الكتاب والمعصوم من خلال مجموعةٍ من الرواة، ينقل الواحد عمَّنْ قبله ممَّنْ شاهده والتقاه وسمع منه أو نقل من كتابه. فكيف إذا لم يكن للخبر وجودٌ أصلاً في كتابٍ من الكتب المختصّة بنقل روايات المعصومين عليهم السلام؟!
ولو ثبت وجود الحديث في كتابٍ معتَبَر، وكان الاتّصال بالمعصوم متحقِّقاً، من خلال رواةٍ ثقات، فلا بدّ من النظر في مضمون الرواية، ومدى صحّة مضمونها وموافقته للقرآن الكريم والسنّة القطعيّة الثابتة عن المعصومين عليهم السلام؛ إذ هما المرجع في الحُكم على صحّة الروايات الغريبة. وهذا ما أمرنا به أهلُ البيت عليهم السلام حيث نريد التمييز بين الصحيح وغيره عند اختلاف الروايات في موضوعٍ واحد؛ وذلك أنّ أهل البيت عليهم السلام تعرَّضوا للأذى عبر طريقَيْن:
هو باحث إسلامي من لبنان،
وأستاذ في الحوزة العلمية،
ومن خطباء المنبر الحسيني.
حائز على:
1ـ ماجستير في علوم القرآن والحديث.
2ـ دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي.
يشغل حالياً منصب:
1ـ رئيس تحرير (مجلة نصوص معاصرة).
2ـ رئيس تحرير (مجلة الاجتهاد والتجديد).
3ـ المساعد الخاص لرئيس القسم الشيعي الإمامي في مؤسسة خدمة علوم القرآن والسنة الشريفة في القاهرة، والمكلفة كتابة موسوعة الحديث النبوي الصحيح عند المسلمين.
4ـ أستاذ مواد (علوم القرآن)، (تفسير القرآن)، (الأخلاق)، (العقائد)، (المنطق)، (أصول الفقه)، (أصول الحديث)، (أصول الفقه المقارن)، (الرجال والدراية)، (الفقه على المذاهب الخمسة)، (اللمعة الدمشقية)، (الفقه الاستدلالي)، (القواعد الفقهية)، في مرحلتي (الإجازة) و(الدراسات العليا)، في الحوزة العلمية في لبنان وإيران (المعهد الشرعي الإسلامي وجامعة المصطفى(ص) العالمية).
له عشرات المقالات والمقابلات التلفزيونية المتنوعة.
وقد حلَّ ضيفاً في أكثر من برنامج ديني تلفزيوني، على أكثر من قناة فضائية.
هدف الموقع وضوابطه
أخي الكريم، أختي الكريمة،
أيها القراء المتصفحون لما ينشر في هذا الموقع.
أهلاً وسهلاً بكم،
ونأمل أن ينال ما ينشره هذا الموقع إعجابكم،
وتحصل منه الفائدة المرجوة.
هذا الموقع منبر لنشر الفكر الإسلامي الأصيل،
في خط الوعي والتعقل،
بعيداً عن الخرافات والأساطير،
ومظاهر الغلو والانحراف والتخلف.
والهدف من ذلك كله رضا الله عز وجل،
والإصلاح في أمة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، والنأي بمحمد وآله عليهم السلام عن كل ما يبغضهم إلى الناس؛ امتثالاً لأمرهم: كونوا زيناً لنا، ولا تكونوا شيناً علينا. فمن قبلنا بقبول الحقّ فالله أوْلى بالحقّ، ومن لم يقبلنا فالله يحكم بيننا، وهو خير الحاكمين.
وإننا في هذا الموقع الثقافي نرحب بأية مشاركة،
أو تعليق أو نقد علمي لأي موضوع ينشر فيه.
ولكننا في الوقت عينه نعتذر عن نشر أي رد أو تعليق يتضمن إساءةً أو تهديداً أو ما شابه ذلك.
سؤال: هل صحيحٌ أن عمر بن الخطّاب هو الذي عصر السيّدة فاطمة(ع)، وأسقط جنينها، وماتَتْ بعد ذلك بأيّامٍ؟ إذ نلاحظ أن أغلب الشيعة يقولون ذلك؛ وهناك مَنْ ينفي صحّة ذلك. فكيف نستطيع أن نعرف ما هو الصحيح؟ وما هي الكتب والأحاديث التي يمكن الرجوع إليها؛ للتأكُّد من الواقعة الحقيقيّة التي جَرَتْ؟
الجواب: هذه الحادثة قضيّةٌ تاريخيّة، وإنْ كان يمكن أن يُستفاد منها في بعض المباحث العقائديّة، ولكنْ لا بُدَّ في مقام إثباتها من الاعتماد على المنهج الذي تُقارَب به الحوادث التاريخيّة، نَفْياً أو إثباتاً.
وهذه الحادثة (حرق الباب وكسر الضلع وإسقاط الجنين “محسن”) اختلف العلماء فيها بين مَنْ يعتقد حصولها ومَنْ يتوقَّف في إثباتها ـ كالسيّد فضل الله ـ، فلا يرى أدلّة الإثبات كافيةً، وأيضاً لا يجد دليلاً تامّاً للنفي…
وفي مثل هذه الأمور لا يوجد كتابٌ يمكن من خلاله وحده الوصول إلى الحقيقة، بل لا بُدَّ من تجميع القرائن والشواهد، وضربها ببعضها، تحقيقاً وتأويلاً؛ للوصول إلى قناعةٍ معيَّنة…
وأنا أنفي هذه الحادثة؛ استناداً إلى القرائن والشواهد التاريخيّة والعقليّة والعُرْفيّة…
فالصحيحُ عندي أنهم جاؤوا بالحَطَب؛ ليحرقوا الدار، ولو كانت فيها فاطمة(ع)…
فلمّا عرف أمير المؤمنين(ع) قَصْدَهم خرج إليهم، وذهب معهم إلى المسجد، ماشياً على قدمَيْه، لا مسحوباً بنجائد سيفه، وبايع أبا بكر، لا عن إرادةٍ تامّة، ورضا قلبيّ، وإنما بايعه كُرْهاً واضطراراً؛ دَرْءاً للفتنة، وحَفِظ دارَه وعيالَه، وهدأت الأمور نسبيّاً. وهذا هو تصرُّف العاقل الحكيم في مثل هذه المواقف.
وعليه، لم يحترق الباب، ولا الدار، ولم تُعْصَر الزهراء(ع)، ولم ينكسر ضلعُها، ولم يسقُطْ لها جنينٌ…
نعم، كانت المقدّمات مهيّأةً لكلّ ذلك…
وأسقط ذلك كلَّه وَعْيُ الإمام(ع) وحكمتُه…
وماتَتْ(ع) بعد ذلك بشهرين ونصف (75 يوماً)؛ حُزْناً وكَمَداً على أبيها، وعلى مظلوميّة زوجها (غَصْب الخلافة)، وعلى مظلوميّتها (غَصْب فَدَك)، وكانت أوّل اللاحقين بأبيها النبيّ الأكرم(ص)…
وتلك ظلاماتٌ لا نظير لها في التاريخ… وليس هناك داعٍ لزيادةٍ في الأحداث لإثبات المظلوميّة ووقوع العدوان...