22 مارس 2013
التصنيف : سلسلة (سؤال وجواب)
لا تعليقات
4٬240 مشاهدة

حكم المجاهرة بلعن أعداء أهل البيت عليهم السلام

اتقوا الله في عباده وبلاده

كثر في الآونة الاخيرة أن نسمع ونشاهد على بعض القنوات الفضائيّة بعض الخطباء والعلماء يجاهرون بلعن أعداء أهل البيت عليهم السلام، وكذا نشهد تزايداً ملحوظاً لذلك في بعض صفحات التواصل الاجتماعي، فهل يجوز ذلك؟

ورد في الأثر: تخلَّقوا بأخلاق الله (بحار الأنوار 58: 129). ومن أخلاق الله التي ظهرت في القرآن الكريم أن لا يلعن قوماً بأسمائهم، وإنّما يلعن فئةً بما فعلوا، فيقول مثلاً: (أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ). فمَنْ كان ظالماً شملَتْه هذه اللعنة وعَرَفَت طريقها إليه، دون أن تستفزّ أحداً، أو تستدعي ردّة فعلٍ غير مرضيّة.

وقد نهى سبحانه وتعالى صراحةً المؤمنين عن أن يسبُّوا الأصنام، وهي معبودات أهل الجاهليّة، لئلا تكون ردّةُ فعلهم سبَّ الذات الإلهيّة المقدَّسة، فقال عزّ وجل: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ).

كما أنّ أهل البيت عليهم السلام نهَوْا شيعتهم عن التعرُّض بالشتم والسبّ واللعن لأعدائهم جهاراً؛ خوفاً من ردّة الفعل العنيفة من الطرف الآخر، التي ستتمظهر بسبّ وشتم ولعن أهل البيت عليهم السلام. وقد قيل لمولانا الصادق عليه السلام: يا بن رسول الله، إنّا نرى في المسجد رجلاً يعلن بسبِّ أعدائكم ويسمِّيهم؟ فقال: ما له ـ لعنه الله ـ يعرِّض بنا (الصدوق، الاعتقادات في دين الإماميّة: 107).

ومن هنا ذهب علماؤنا إلى وجوب ممارسة التقيّة في هذه الأمور، فقد قال الشيخ الصدوق رحمه الله (المصدر نفسه): اعتقادنا في التقيّة أنّها واجبةٌ، مَنْ تركها كان بمنزلة مَنْ ترك الصلاة… وقال الله تعالى : (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)، وقال الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية : لا تسبّوهم فإنّهم يسبُّون عليَّكم، وقال عليه السلام: مَنْ سبَّ وليَّ الله فقد سبَّ الله، وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليٍّ: مَنْ سبَّك يا عليّ فقد سبَّني، ومَنْ سبَّني فقد سبَّ الله تعالى. والتقيّةُ واجبةٌ لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم عليه السلام، فمَنْ تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله ودين الإماميّة، وخالف الله ورسوله والأئمّة. وسُئل الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) قال: أعملُكم بالتقيّة.

ومن هنا يظهر أنّ ما يحصل على بعض القنوات الفضائيّة، التابعة لشيعة أهل البيت عليهم السلام، أو في بعض صفحات التواصل الاجتماعي، من تَجاهُرٍ باللعن والسبِّ لأعداء أهل البيت عليهم السلام، أمرٌ مذموم، لا ينبغي للشيعيّ الموالي لأهل البيت عليهم السلام، المطيع لأوامرهم، المقتدي بنهجهم وسلوكهم، أن يقوم به.

هدانا الله جميعاً لما فيه الخير والصلاح، ووفّقنا الله وإيّاكم لطاعته ومراضيه، إنّه سميعٌ مجيب.



أكتب تعليقك