28 أبريل 2017
التصنيف : منبر الجمعة
لا تعليقات
8٬168 مشاهدة

الإسراء والمعراج، كرامةٌ إلهيّة لنبيّ الإسلام / القسم الأوّل

مقابلةٌ تلفزيونية في برنامج (حديث المودّة)، على قناة الثقلين

(الجمعة 28 / 4 / 2017م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين.

1ـ الإسراء والمعراج معجزةٌ لا نظير لها. ما معنى المعراج الذي تمَّ بليلةٍ واحدة؟

يحدِّثنا القرآن الكريم عن هذه الرحلة الأرضيّة ـ السماويّة بجملةٍ مختَصَرة، ولكنّها ذات دلالاتٍ عظيمة.

﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).

والإسراء هو السَّيْر في الليل، إذن هي رحلةٌ ليليّة، لعبد الله (جَسَداً وروحاً؛ إذ هذا هو الظاهر من هذه الكلمة) ـ ومقام العبوديّة أرفع مقامٍ عند الله، ولهذا عبَّر به عن نبيِّه الأكرم محمد(ص) في أكثر من آيةٍ ـ، من المسجد الحرام، وهو مكّة، وليس المراد المسجد حيث الكعبة المشرَّفة؛ فإنّ الإسراء قد بدأ من بيت أمّ هانئ بنت أبي طالب، وكان النبيّ(ص) نائماً عندها، إلى المسجد الأقصى، أي الأبعد عن مكّة، فكأنْ لا مسجد آخر في ما بعد تلك المنطقة آنذاك.

وهذا المسجد هو بيت المقدس، كما في رواياتٍ كثيرة، وليس شيئاً آخر.

ومن ميِّزات هذا المسجد أنّه مهد الأنبياء، ومحيط دعوتهم، وفيه بيت المقدس والهيكل الذي بناه داوود وسليمان(عما) وقدَّسه الله لبني إسرائيل.

وميزة هذا المسجد أنّ الله بارك حوله، وكأنّها إشارةٌ إلى وظيفة المساجد في المجتمع، فليست البركة في أحجارها وأعمدتها، وإنَّما في ما تحدثه من تغيُّراتٍ وتحوُّلات في المجتمع، ينقلب معها مجتمعاً مباركاً كريماً نزيهاً. فالمسجد مصدرٌ للمعرفة والثقافة والانضباط، فما حوله مباركٌ، وليس داخله فقط.

والهدف من هذه الرحلة أن يريه الله بعض آياته في هذا الكون، وليس كلَّ آياته، رغم أنّ ما شاهده كثيرٌ وعظيم.

إذن هي رحلةٌ معرفيّة، رحلةٌ تربويّة.

وهكذا تنتهي رحلة الإسراء، وهي السَّيْر الأفقي في الليل من بلدٍ إلى آخر، لتبدأ رحلة المعراج، وهو سيرٌ عاموديّ في السماوات السبع، بطريقةٍ إعجازيّة خارجةٍ عن المألوف في الحركة، وفي فترةٍ قصيرة جدّاً. ﴿ولَقَدْ رَأَى [في هذه الرحلة بعضاً] مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ (النجم: 18).

وعليه فهي أيضاً رحلةٌ معرفيّة، تتكفَّل الروايات بذكر كثيرٍ من أحداثها، وإنْ كان هناك شكٌّ في بعض تلك الأحداث.

وبما أنّ رحلة المعراج تضمَّنت ـ بحَسَب ما نقلته كتب الحديث ـ بياناً لبعض العقائد والتشريعات فإنَّه يمكننا أن نعتبر هذه الرحلة قضيّةً تاريخيّة وعقائديّة وتشريعيّة.

إذن هما رحلتان: أرضيّة؛ وسماويّة؛ من أجل زيادة معرفة النبيّ(ص) بأسرار هذا الكون الفسيح، ولتبثّ في نفسه المقدَّسة، وقلبه الشريف، الاطمئنان والسكينة.

2ـ لماذا خصَّص الباري جلَّ وعلا الرسول الأكرم محمد(ص) بهذه المعجزة؟

لمّا بلغ النبيّ الأكرم مقام العبوديّة التامّة لله، وأصبح لفظ (عبده) من أسمائه الشريفة، استحقّ تكريماً وتجليلاً من نوعٍ آخر، مختلفٍ عن الإكرام في هذه الدنيا، فكانت هذه الرحلة المعرفيّة في السماوات العلى.

3ـ ما هو الهدف من الإسراء والمعراج؟ وما هي الآيات التي أراد الباري عزَّ وجلَّ أن يطلع عليها رسول الله محمد؟

أشرنا في ما سبق إلى أنّ المسجد الأقصى كان أبعد بيتٍ لله عن مكّة المكرَّمة، فكأنَّه لا مسجد بعده، والمسير الليليّ إليه يحقِّق رؤية أكبر قدرٍ ممكن من آيات الله، وهي الهدف والغاية لهذه الرحلة. تماماً كما أُري إبراهيم الخليل(ع) ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ﴾ (الأنعام: 75).

ولئن لم يبيِّن لنا القرآن الكريم ما هي بالضبط هذه الآيات التي أراد الله أن يريها لنبيِّه فإنّه يمكننا أن نستخلص ذلك من بعض ما جاء في الروايات المفسِّرة:

1ـ حيث رُوي أنه(ص) رأى جبرئيل على صورته الحقيقيّة، وهو من آيات الله.

2ـ ورُوي أيضاً أنّه(ص) رأى الجنّة والنار وما فيها من نعيمٍ مقيم، وعذابٍ أليم. وكلّ ذلك من آيات الله.

3ـ ورُوي أيضاً أنّه(ص) التقى بعددٍ كبير من الملائكة الموكَلين بشؤون الخلائق، وهم آياتُ الله.

4ـ ورُوي أيضاً أنّه(ص) التقى بعددٍ كبير من الأنبياء في بيت المقدس، كما في السماوات التي اخترقها جميعاً، وكلُّهم آياتٌ لله.

ولا ننسى أنّ المسجد الأقصى وما حوله من بلاد الشام ومصر شكَّل مهد أغلب الأنبياء السابقين، ولا سيَّما الذين ذُكروا في القرآن الكريم. ويُقال: إنّه «جُمع للنبيّ(ص) في بيت المقدس مَنْ شاء الله من الأنبياء، وتحدَّث إليهم جميعاً»([1])، وأمَّهم في الصلاة([2])، ولم تبيِّن لنا الآيات أو الروايات طبيعة الحديث الذي دار بينهم، ولكنَّه ـ بناءً على صحّة هذا القول ـ سيكون حديثاً مفيداً. يعني هو أشبه بمؤتمرٍ نبويّ رساليّ كونيّ، يحضره جميع الأنبياء، ولكلٍّ تجربتُه الخاصّة. وهكذا توضع كلُّ هذه التجارب بين يدَيْ النبيّ الخاتم محمد(ص).

5ـ وقد جاء في روايات المعراج أنّه(ص) شاهد في النار أقواماً يُعذَّبون بشتّى أنواع العذاب، وسأل عن حالهم، وعن ذنوبهم التي استحقّوا لأجلها ذلك العقاب، وكان الجواب واضحاً من جبرئيل([3])، الأمر الذي سيشكِّل عند إبلاغه للناس رادعاً لهم عن ارتكاب مثل تلك المعاصي، وحاجزاً بينهم وبين تلك الأعمال التي لا يرضاها الله تبارك وتعالى.

ولقائلٍ أن يقول: إنّها مشاهدُ مرعبة، مشاهد تعذيبٍ وعقاب للمذنبين بأساليب غايةٍ في القسوة، ألا يمكن لهذه المشاهد أن تؤدِّي إلى ردَّة فعلٍ سلبيّة تجاه الله سبحانه وتعالى؟

والجواب: أمّا كون المشاهد ـ مشاهد أهل النار والعذاب ـ مرعبةً، وتنعكس سلباً على العلاقة بالله سبحانه وتعالى، فإنّنا نؤكِّد على مطلوبيّة الخوف، والرَّهْبة، والخَشْية، والتَّقوى، والحَذَر، من الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: 175)، ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ (البقرة: 40)، ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ (الأحزاب: 37)، ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ (الزمر: 16)، ﴿فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (النور: 63)، ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَابِ﴾ (الزمر: 9)، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ (البقرة: 235)، ﴿وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ (آل عمران: 30).

إذن الخوف مطلوبٌ، ولكنْ أيُّ خوفٍ؟ خوف الإصلاح، لا خوف السقوط والانهيار؛ الخوف الذي يقترن بالرجاء والأمل برحمةِ الله وعفوه ومغفرته: ﴿يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾.

ولا ننسى أن بعض المشاهد التي تعرَّضت لها أحاديث المعراج تبعث على الأَمَل، والطَّمَع برحمة الله، كالذي يُروى من «أنّ النبيّ(ص) سمع مَلَكاً يؤذِّن ويقول: حيَّ على الصلاة، فقال تعالى: صدق عبدي، ودعا إلى فريضتي، فمَنْ مشى إليها، راغباً فيها محتسباً، كانت له كفّارةً لما مضى من ذنوبه، فقال: حيَّ على الفلاح، فقال الله: هي الصلاح والنجاح والفلاح… الخبر»([4]).

ويُروى أيضاً في حديث المعراج بيانُ رفع الآصار، حيث قال الله تعالى: «وإنّ الرجل من أمَّتك ليذنب عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين سنة أو مائة سنة، ثمّ يتوب ويندم طرفة عينٍ، فأغفر له ذلك كلَّه… الخبر»([5]).

مشاهد مرفوضةٌ

ولكنّ هذا لا يعني أنّنا نوافق على جميع ما في أحاديث المعراج الطويلة، فقد لا نوافق على بعض المشاهد التي تنقل في حديثٍ هنا أو هناك؛ لعدم الدليل الصحيح على صدور ذلك من المعصوم(ع)، الذي لا ينطق عن الهَوَى؛ ولعدم انسجام تلك المشاهد مع بعض العقائد أو التشريعات اليقينيّة.

كما في نزول الماء من ساق العرش الأيمن، وتلقّي النبيّ(ص) له باليمين، ومن أجل ذلك صار أوّلُ الوضوء اليمنى([6]). وكما في مقاطع كثيرة من هذه الأحاديث تتحدّث عن كتابةٍ على العرش، أو وصول النبيّ(ص) إلى تحت العرش، أو رؤية النبيّ(ص) للعرش([7])، وهذا يتنافى مع عقيدتنا بأنّ عرش الرحمن هو سلطتُه وقدرتُه، وليس هناك عرشٌ مجسَّم، له ساقٌ أو يمين أو شمال أو تحت، أو يمكن أن يكتب عليه،

وكما في تشريع الصلوات الخَمْسين، ثمّ تخفيفها بطلبٍ من النبيّ(ص)، بعد أن أشار عليه موسى بذلك؛ لأنّ أمّته لن تطيقها، حتَّى وصلَتْ إلى الفرائض الخمس لا غير([8])، ففاتتنا مصالحُ الصلوات الباقية!!! مع العلم أنّ النصّ القرآني تكفَّل تحديد أوقات الفرائض بما لا يدعُ مجالاً للشكّ في أنّها خمس فرائض لا أكثر.

وكما في أنّه عُرض عليه(ص) ثلاثة أوانٍ، فيها خمرٌ وعسل ولبن، فشرب اللبن أولاً ثمّ العسل، ثمّ امتنع عن شرب الخمر معلِّلاً امتناعه بأنّه قد ارتوى، وليس بأنّه لا يشرب الخمر، ويتبيَّن له بعد ذلك أنّه لو شرب الخمر لضلَّ وضلَّت أمّته؛ أو أنّه عرض له مناديان فلم يُجِبْهما اتّفاقاً، فيتبيَّن له بعد ذلك أنّهما داعيا اليهود والنصارى، ولو أجابهما لتهوَّدت أمّته أو لتنصَّرت؛ أو أنّه عرضت له امرأةٌ في غاية الزينة، وطلبت أن تكلِّمه، فلم يكلِّمها مصادفةً، وانكشف بعد ذلك أنّها الدنيا، ولو كلَّمها لآثرت أمّته الدنيا على الآخرة([9]).

وكما في أنّه لمّا سمع صوت حجرٍ استقرّ في النار، أو لمّا رأى النار، اغتمّ وحزن، حتّى أنّه لم يُرَ ضاحكاً إلى أن قبضه الله تعالى([10]).

وهذا مخالفٌ لسيرته المعروفة والشائعة في المدّة التي قضاها في المدينة المنوَّرة إلى أن توفّاه الله.

وكما في بيان أجر صيام شهر رمضان قبل أن يُفرض الصيام([11])، حيث فُرض في السنة الثانية للهجرة، ولم يكُنْ في مكّة صيامٌ.

وأخيراً نقول: قد لا نستطيع تشخيص الحكمة الكاملة والكامنة خلف هذه الرحلة. واللهُ هو العالم.

وللحديث تتمّةٌ إنْ شاء الله تعالى

**********

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه عليّ بن إبراهيم في التفسير 2: 3 ـ 4، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع)، مرفوعاً.

([2]) رواه الكليني في الكافي 3: 302، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة والفضل، عن أبي جعفر(ع) قال: لمّا أسري برسول الله(ص) إلى السماء فبلغ البيت المعمور، وحضرت الصلاة، فأذن جبرئيل وأقام، فتقدَّم رسول الله(ص)، وصفّ الملائكة والنبيّون خلف محمد(ص).

المجلسي، بحار الأنوار 18: 333 ـ 334

ورواه الصدوق في الأمالي: 534 ـ 535، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، عن محمد بن أحمد بن عليّ الهمداني، عن الحسن بن عليّ الشامي، عن أبيه، عن أبي جرير، عن عطاء الخراساني، رفعه، عن عبد الرحمن بن غنم قال: جاء جبرئيل(ع) إلى رسول الله(ص) بدابّةٍ دون البغل وفوق الحمار…، قال: ثمّ أمَّ رسول الله(ص) في مسجد بيت المقدس بسبعين نبيّاً.

([3]) روى عليّ بن إبراهيم في التفسير 2: 3 ـ 7، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع) ـ في حديث المعراج الطويل ـ: قال النبيّ(ص): ثمّ مضيتُ، فإذا أنا بأقوامٍ لهم مشافر كمشافر الإبل، تقرض اللحم من جنوبهم، وتلقى في أفواههم، فقلتُ: مَنْ هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الهمّازون اللمّازون.

ثمّ مضيتُ، فإذا أنا بأقوامٍ تُرضَخ رؤوسُهم بالصخر، فقلتُ: مَنْ هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء.

ثمّ مضيتُ، فإذا أنا بأقوامٍ تُقذَف النار في أفواههم، وتخرج من أدبارهم، فقلتُ: مَنْ هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً﴾[النساء: 10].

ثمّ مضيتُ، فإذا أنا بأقوامٍ يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه، فقلتُ: مَنْ هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ﴾[البقرة: 275]، فإذا هم مثل آل فرعون، يعرضون على النار غدوّاً وعشيّاً، يقولون: ربَّنا متى تقوم الساعة؟

قال: ثمّ مضيتُ، فإذا أنا بنسوانٍ معلَّقات بثديهنَّ، فقلتُ: مَنْ هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء اللواتي يُورِثْنَ أموال أزواجهنَّ أولاد غيرهم.

وروى الصدوق في الأمالي: 534 ـ 535، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، عن محمد بن أحمد بن عليّ الهمداني، عن الحسن بن عليّ الشامي، عن أبيه، عن أبي جرير، عن عطاء الخراساني، رفعه، عن عبد الرحمن بن غنم قال: جاء جبرئيل(ع) إلى رسول الله(ص) بدابّةٍ دون البغل وفوق الحمار…، قال: ثم مضى فمر على قوم معلَّقين بعراقيبهم بكلاليب من نار، فقال: ما هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين أغناهم الله بالحلال فيبتغون الحرام.

قال: ثم مرّ على قومٍ تُخاط جلودهم بمخائط من نار، فقال: ما هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأخذون عذرة النساء بغير حِلٍّ.

ثم مضى فمرّ على رجلٍ يرفع حزمة من حطب كلّما لم يستطع أن يرفعها زاد فيها، فقال: مَنْ هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا صاحب الدَّيْن يريد أن يقضي فإذا لم يستطِعْ زاد عليه.

وروى الصدوق في عيون أخبار الرضا(ع) 1: 13 ـ 14، عن عليّ بن عبد الله الورّاق(رض)، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن محمد بن عليّ الرضا، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول الله(ص) فوجدته يبكي بكاءً شديداً، فقلت: فداك أبي وأمّي يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ فقال: يا عليّ، ليلة أُسري بي إلى السماء رأيت نساءً من أمّتي في عذابٍ شديد، فأنكرْتُ شأنهُنَّ، فبكيت لما رأيتُ من شدّة عذابهنَّ، رأيت امرأةً معلَّقة بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأةً معلَّقة بلسانها والحميم يصبّ في حلقها، ورأيت امرأةً معلَّقة بثدييها، ورأيت امرأةً تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأةً قد شُدّ رجلاها إلى يديها وقد سلّط عليها الحيّات والعقارب، ورأيت امرأةً صمّاء عمياء خرساء في تابوتٍ من نار، يخرج دماغ رأسها من منخرها، وبدنها متقطِّع من الجذام والبرص، ورأيت امرأةً معلَّقة برجليها في تنّورٍ من نار، ورأيت امرأةً تقطّع لحم جسدها من مقدّمها ومؤخّرها بمقاريض من نار، ورأيت امرأةً تحرق وجهها ويداها، وهي تأكل أمعاءها، ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير، وبدنها بدن الحمار، وعليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأةً على صورة الكلب، والنار تدخل في دبرها، وتخرج من فيها، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار. فقالت فاطمة: حبيبي وقرّة عيني، أخبرني ما كان عملهن وسيرتهن حتّى وضع الله عليهنَّ هذا العذاب، فقال: يا بنتي، أما المعلَّقة بشعرها فإنها كانت لا تغطّي شعرها من الرجال، وأما المعلَّقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأما المعلَّقة بثدييها فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها، وأما المعلَّقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، وأما التي كانت تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزيِّن بدنها للناس، وأما التي شدّ يداها إلى رجليها وسلّط عليها الحيّات والعقارب فإنها كانت قذرة الوضوء، قذرة الثياب، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحَيْض، ولا تتنظَّف، وكانت تستهين بالصلاة، وأما العمياء الصمّاء الخرساء فإنها كانت تلد من الزنا فتعلِّقه في عنق زوجها، وأما التي كان يقرض لحمها بالمقاريض فإنّها كانت تعرض نفسها على الرجال، وأما التي كان يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها فإنها كانت قوّادة، وأما التي كان رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار فإنها كانت نمّامة كذّابة، وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فإنّها كانت قينة نوّاحة حاسدة.

([4]) رواه عليّ بن إبراهيم في التفسير 2: 3 ـ 12، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع)، مرفوعاً.

([5]) رواه الطبرسي في الاحتجاج 1: 314 ـ 330، معلَّقاً عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه(عم)، عن الحسين بن عليّ(عما)، عن أمير المؤمنين عليّ(ع)، مرفوعاً.

([6]) رواه الصدوق في علل الشرائع 2: 312 ـ 315، عن أبيه ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي عمير ومحمد بن سنان، عن الصباح السدي وسدير الصيرفي ومحمد بن النعمان مؤمن الطاق وعمر بن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام؛ وعن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ويعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى، عن عبد الله بن جبلة، عن الصباح المزني وسدير الصيرفي ومحمد بن النعمان الأحول وعمر بن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام، مرفوعاً.

([7]) روى الكراجكي في كنز الفوائد: 259 ـ 260، عن الشيخ الفقيه أبي الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمّي، عن أبي القاسم جعفر بن مسرور اللجام، عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن علوية المعروف بابن الأسود الكاتب الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن صالح، عن جرير بن عبد الحميد، عن مجاهد، عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول الله(ص) يقول: لمّا أسري بي إلى السماء…، فلمّا صرتُ تحت العرش نظرتُ فإذا أنا بعليّ بن أبي طالب واقفاً تحت عرش ربّي، فقلتُ: يا عليّ، سبقتني؟…، الحديث.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 304: ومن كتاب المعراج للشيخ الصالح أبي محمد الحسن [بن سليمان](رض) بإسناده عن الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفّار، عن البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن ابن شمر، عن جابر الجعفي، عن جابر الأنصاري قال: قال رسول الله(ص): لمّا عرج بي إلى السماء السابعة وجدتُ على كلّ باب سماء مكتوباً: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين. ولما صرت إلى حجب النور رأيتُ على كلّ حجابٍ مكتوباً: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين. ولما صرت إلى العرش وجدت على كلّ ركنٍ من أركانه مكتوباً: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 312 ـ 314: كتاب المحتضر، للحسن بن سليمان، ممّا رواه من كتاب المعراج، بإسناده عن الصدوق، عن أحمد بن محمد بن الصقر، عن عبد الله بن محمد المهلبي، عن أبي الحسين بن إبراهيم، عن عليّ بن صالح، عن محمد بن سنان، عن أبي حفص العبدي، عن محمد بن مالك الهمداني، عن زاذان، عن سلمان الفارسي(رض) قال: قال رسول الله(ص): لمّا عرج بي إلى السماء الدنيا إذا أنا بقصرٍ من فضة بيضاء…، ثمّ قال: التفت، فالتفتّ عن يمين العرش فوجدت على ساق العرش الأيمن مكتوباً: لا إله إلاّ أنا وحدي لا شريك لي، محمد رسولي، أيَّدته بعليٍّ…، الحديث.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 345 ـ 346: عيون أخبار الرضا(ع)، علل الشرائع: الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن إبراهيم الكوفي، عن محمد بن أحمد بن عليّ الهمداني، عن العبّاس بن عبد الله البخاري، عن محمد بن القاسم بن إبراهيم، عن أبي الصلت الهروي، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين(عم) قال: قال رسول الله(ص):…وإنّه لمّا عرج بي إلى السماء أذَّن جبرئيل مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى، ثمّ قال لي: تقدَّم يا محمد…، فنوديت: يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي، فنظرتُ ـ وأنا بين يدي ربّي جلَّ جلاله ـ إلى ساق العرش، فرأيت اثني عشر نوراً في كلّ نور سطر أخضر عليه اسم وصيٍّ من أوصيائي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم مهديّ أمتي…، الحديث.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 353 ـ 354: عيون أخبار الرضا(ع): محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، عن أحمد بن الفضل، عن بكر بن أحمد القصري، عن أبي محمد العسكري، عن آبائه(عم)، عن الحسين بن عليّ(ع) قال: سمعت جدّي رسول الله(ص) يقول: ليلة أسرى بي ربّي عزَّ وجلَّ رأيت في بطنان العرش ملكاً بيده سيفٌ من نور يلعب به كما يلعب عليّ بن أبي طالب(ع) بذي الفقار، وإنّ الملائكة إذا اشتاقوا إلى عليّ بن أبي طالب نظروا إلى وجه ذلك الملك، فقلت: يا ربّ، هذا أخي عليّ بن أبي طالب وابن عمّي؟ فقال: يا محمد، هذا ملك خلقته على صورة عليّ يعبدني في بطنان عرشي، تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعليّ بن أبي طالب إلى يوم القيامة.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 367: علل الشرائع: ماجيلويه، عن عمِّه، عن محمد بن عليّ الكوفي، عن صباح الحذّاء، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر(ع): كيف صارت الصلاة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟ فقال: إذا سألت عن شيءٍ ففرِّغ قلبك لتفهم: إن أول صلاة صلاها رسول الله(ص) إنّما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قُدّام عرشه جلَّ جلاله، وذلك أنه لمّا أُسري به وصار عند عرشه تبارك وتعالى قال: يا محمد ادْن من صاد، فاغسل مساجدك وطهِّرها، وصلِّ لربِّك، فدنا رسول الله(ص) إلى حيث أمره الله تبارك وتعالى، فتوضّأ فأسبغ وضوءه.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 375 ـ 376: قصص الأنبياء: عن أبي بصير قال: سمعتُ الصادق(ع) يقول: إن جبرئيل(ع) احتمل رسول الله(ص) حتّى انتهى به إلى مكانٍ من السماء، ثم تركه، وقال: ما وطئ نبيٌّ قطّ مكانك…، ثم قال: جاوزنا متصاعدين إلى أعلى عليّين ـ ووصف ذلك إلى أن قال: ـ ثمّ كلَّمني ربّي وكلمته، ورأيت الجنّة والنار، ورأيت العرش وسدرة المنتهى، ثم قال: رجعت إلى مكّة…، الحديث.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 408: تفسير عليّ بن إبراهيم: أبي، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال رسول الله(ص) لفاطمة: إنّه لما أُسري بي إلى السماء وجدت مكتوباً على صخرة بيت المقدس: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، أيّدته بوزيره، ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: ومَنْ وزيري؟ فقال: عليّ بن أبي طالب(ع). فلمّا انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوباً عليها: إني أنا الله لا إله إلاّ أنا وحدي، محمد صفوتي من خلقي، أيّدته بوزيره، ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: ومَنْ وزيري؟ قال: عليّ بن أبي طالب(ع)، فلما جاوزت السدرة انتهيتُ إلى عرش ربّ العالمين وجدت مكتوباً على كلّ قائمة من قوائم العرش: أنا الله لا إله إلاّ أنا، محمد حبيبي، أيّدته بوزيره، ونصرته بوزيره.

([8]) رواه عليّ بن إبراهيم في التفسير 2: 3 ـ 12، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع)، مرفوعاً: فخررتُ ساجداً فناداني ربّي: إنّي قد فرضت على كلّ نبيّ كان قبلك خمسين صلاة، وفرضتها عليك وعلى أمّتك، فقُمْ بها أنت في أمّتك، فقال رسول الله(ص): فانحدرت حتّى مررت على إبراهيم فلم يسألني عن شيء، حتّى انتهيت إلى موسى(ع) فقال: ما صنعت يا محمد؟ فقلت: قال: ربّي: فرضت على كلّ نبيٍّ كان قبلك خمسين صلاة، وفرضتها عليك وعلى أمتك، فقال موسى(ع): يا محمد، إن أمتك آخر الأمم وأضعفها، وإن ربّك لا يزيده شيء، وإن أمتك لا تستطيع أن تقوم بها، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت إلى ربي حتّى انتهيت إلى سدرة المنتهى، فخررت ساجداً، ثم قلت: فرضت عليَّ وعلى أمتي خمسين صلاة ولا أطيق ذلك ولا أمتي، فخفِّفْ عني، فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع لا تطيق، فرجعت إلى ربّي فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع، وفي كلّ رجعة أرجع إليه أخر ساجداً، حتّى رجع إلى عشر صلوات، فرجعت إلى موسى وأخبرته، فقال: لا تطيق، فرجعت إلى ربّي فوضع عنّي خمساً، فرجعت إلى موسى(ع) وأخبرته فقال: لا تطيق، فقلت: قد استحييتُ من ربّي، ولكنْ أصبر عليها، فناداني منادٍ: كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين، كل صلاة بعشر، ومَنْ همََّ من أمتك بحسنةٍ يعملها فعملها كتبت له عشراً، و إنْ لم يعمل كتبت له واحدة، ومَنْ هَمَّ من أمتك بسيّئة فعملها كتبت عليه واحدة، وإن لم يعملها لم أكتب عليه شيئاً. فقال الصادق(ع): جزى الله موسى(ع) عن هذه الأمّة خيراً.

وروى الصدوق في الأمالي: 534 ـ 535، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، عن محمد بن أحمد بن عليّ الهمداني، عن الحسن بن عليّ الشامي، عن أبيه، عن أبي جرير، عن عطاء الخراساني، رفعه، عن عبد الرحمن بن غنم قال: جاء جبرئيل(ع) إلى رسول الله(ص) بدابّةٍ دون البغل وفوق الحمار…، ثمّ مضى حتّى إذا انتهى حيث انتهى فرضت عليه الصلاة خمسون صلاة، قال: فأقبل، فمرّ على موسى(ع) فقال: يا محمد، كم فرض على أمتك؟ قال: خمسون صلاة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفِّف عن أمتك، قال: فرجع، ثم مرّ على موسى(ع) فقال: كم فرض على أمتك؟ قال: كذا وكذا، قال: فإن أمتك أضعف الأمم، ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفِّف عن أمتك، فإني كنت في بني إسرائيل، فلم يكونوا يطيقون إلاّ دون هذا، فلم يزَلْ يرجع إلى ربِّه عزَّ وجلَّ حتّى جعلها خمس صلوات، قال: ثم مرّ على موسى(ع) فقال: كم فرض على أمتك؟ قال: خمس صلوات، قال: ارجع إلى ربّك فاسأله أن يخفِّف عن أمتك، قال: قد استحييت من ربّي مما أرجع إليه…، الحديث.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 348: التوحيد، أمالي الصدوق، علل الشرائع: ابن عصام، عن الكليني، عن عليّ بن محمد، عن محمد بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ(ع) قال: سألت أبي سيد العابدين(ع) فقلت له: يا أبه، أخبرني عن جدِّنا رسول الله لما عرج به إلى السماء وأمره ربّه عزَّ وجلَّ بخمسين صلاة، كيف لم يسأله التخفيف عن أمّته حتّى قال له موسى بن عمران(ع): ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك؟ فقال: يا بنيّ، إن رسول الله(ص) كان لا يقترح على ربِّه عزَّ وجلَّ ولا يراجعه في شيءٍ يأمره به، فلما سأله موسى(ع) ذلك فكان شفيعاً لأمته إليه لم يجُزْ له ردّ شفاعة أخيه موسى(ع)، فرجع إلى ربِّه فسأله التخفيف، إلى أن ردّها إلى خمس صلوات، قال: قلتُ له: يا أبه فلِمَ لا يرجع إلى ربِّه عزَّ وجلَّ ويسأله التخفيف عن خمس صلوات وقد سأله موسى(ع) أن يرجع إلى ربِّه ويسأله التخفيف؟ فقال: يا بنيّ، أراد(ص) أن يحصل لأمته التخفيف مع أجر خمسين صلاة، يقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾، ألا ترى أنه(ص) لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل(ع) فقال: يا محمد، إن ربّك يقرئك السلام ويقول: إنها خمس بخمسين…، الحديث.

([9]) روى عليّ بن إبراهيم في التفسير: 3 ـ 4، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع) قال: جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله(ص)…، فمضينا حتّى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها، فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي، فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى في مَنْ شاء الله من أنبياء الله(عم) قد جمعوا إليَّ، وأقيمت الصلاة، ولا أشكّ إلاّ وجبرئيل سيتقدَّمنا، فلمّا استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدَّمني وأممتهم ولا فخر، ثم أتاني الخازن بثلاثة أوان: إناء فيه لبن، وإناء فيه ماء، وإناء فيه خمر، وسمعت قائلاً يقول: إنْ أخذ الماء غرق وغرقت أمّته، وإنْ أخذ الخمر غوي وغويت أمّته، وإنْ أخذ اللبن هُدي وهديت أمّته، قال: فأخذت اللبن وشربت منه، فقال لي جبرئيل: هُديت وهُديت أمّتك، ثم قال لي: ماذا رأيت في مسيرك؟ فقلت: ناداني منادٍ عن يميني، فقال لي: أَوَأجبته؟ فقلت: لا ولم ألتفت إليه، فقال: ذلك داعي اليهود، لو أجبْتَه لتهوَّدت أمتك من بعدك، ثم قال: ماذا رأيت؟ فقلت: ناداني منادٍ عن يساري، فقال لي: أَوَأجبته؟ فقلت: لا ولم ألتفت إليه، فقال: ذاك داعي النصارى، لو أجبْتَه لتنصَّرت أمتك من بعدك، ثم قال: ماذا استقبلك؟ فقلت: لقيتُ امرأةً كاشفة عن ذراعَيْها، عليها من كلّ زينة الدنيا، فقالت: يا محمد، انظرني حتّى أكلِّمك، فقال لي: أفكلَّمتها؟ فقلت: لا كلّمتها ولم ألتفت إليها، فقال: تلك الدنيا، ولو كلَّمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة.

وروى الصدوق في الأمالي: 534 ـ 535، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، عن محمد بن أحمد بن عليّ الهمداني، عن الحسن بن عليّ الشامي، عن أبيه، عن أبي جرير، عن عطاء الخراساني، رفعه، عن عبد الرحمن بن غنم قال: جاء جبرئيل(ع) إلى رسول الله(ص) بدابّةٍ دون البغل وفوق الحمار…، قال: فجاء رسول الله(ص) فدخل بيت المقدس فجاء جبرئيل(ع) إلى الصخرة فرفعها فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح: قدحاً من لبن، وقدحاً من عسل، وقدحاً من خمر، فناوله قدح اللبن فشرب، ثم ناوله قدح العسل فشرب، ثم ناوله قدح الخمر فقال: قد رُويت يا جبرئيل، قال: أما إنك لو شربته ضلَّت أمتك وتفرَّقت عنك.

([10]) روى عليّ بن إبراهيم في التفسير: 3 ـ 4، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع) قال: جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله(ص)…، ثم سمعتً صوتاً أفزعني، فقال لي جبرئيل: أتسمع يا محمد؟ قلت: نعم، قال: هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاماً، فهذا حين استقرَّت. قالوا: فما ضحك رسول الله(ص) حتّى قُبض.

وقال المجلسي في بحار الأنوار 18: 341: أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسن بن فضّال، عن ابن بُكَيْر، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر(ع) قال: إنّ رسول الله(ص) حيث أسري به لم يمرّ بخلقٍ من خلق الله إلاّ رأى منه ما يحبّ من البشر واللطف والسرور به، حتّى مرّ بخلقٍ من خلق الله فلم يلتفت إليه، ولم يقُلْ له شيئاً، فوجده قاطباً عابساً، فقال: يا جبرئيل، ما مررت بخلقٍ من خلق الله إلاّ رأيت البشر واللطف والسرور منه، إلاّ هذا، فمَنْ هذا؟ قال: هذا مالك خازن النار، وهكذا خلقه ربُّه، قال: فإنّي أحبّ أن تطلب إليه أن يريني النار، فقال له جبرئيل(ع): إنّ هذا محمد رسول الله، وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار، قال: فأخرج له عنقاً منها فرآها، فلما أبصرها لم يكن ضاحكاً حتّى قبضه الله عزَّ وجلَّ.

([11]) رواه الطوسي في الأمالي: 458 ـ 459، عن جماعةٍ، عن أبي المفضَّل، عن إسحاق بن محمد بن مروان الكوفي، عن أبيه، عن يحيى بن سالم الفرّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن جعفر بن محمد، عن آبائه(عم)، عن أمير المؤمنين(ع) قال: قال رسول الله(ص): لمّا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قصراً من ياقوت أحمر يرى باطنه من ظاهره لضيائه ونوره، وفيه قبّتان من درّ وزبرجد، فقلت: يا جبرئيل لمَنْ هذا القصر؟ قال: هو لمَنْ أطاب الكلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وتهجَّد بالليل والناس نيام. قال عليّ(ع): فقلتُ يا رسول الله، وفي أمتك مَنْ يطيق هذا؟ فقال: أتدري ما إطابة الكلام؟ فقلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: مَنْ قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. أتدري ما إدامة الصيام؟ قلتُ: الله و رسوله أعلم، قال: مَنْ صام شهر الصبر ـ شهر رمضان ـ ولم يفطر منه يوماً. أتدري ما إطعام الطعام؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: مَنْ طلب لعياله ما يكفّ به وجوههم عن الناس. أتدري ما التهجُّد بالليل والناس نيام؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: مَنْ لم ينَمْ حتّى يصلّي العشاء الآخرة، والناس من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين ينام بينهما.

رواه الصدوق في معاني الأخبار: 250 ـ 251، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار(رض)، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن عليٍّ(عم)، مرفوعاً.

ورواه عليّ بن إبراهيم في التفسير 1: 21، عن أبيه، عن حمّاد، عن أبي عبد الله(ع)، مرفوعاً.



أكتب تعليقك