6 فبراير 2024
التصنيف : كلمات تحرير
لا تعليقات
357 مشاهدة

«قرن الحَيْرة» عند الشيعة الإماميّة، المظاهر والمآلات

كلمة التحرير في مجلة نصوص معاصرة، العدد 67 ـ 68

(1 / 12 / 2023)

ثمّة تساؤلاتٌ عديدة حول بعض السلوكيّات والمناهج التي اعتمدها علماءُ الشيعة الإماميّة في القرن الأوّل من مرحلة «الغَيْبة الكبرى»، وكذلك بعض المظاهر التي شاعَتْ في ذلك العصر، من قبيل:

1ـ لماذا تفرَّد الصدوق(ر) ببعض العقائد والأفكار والمواقف والفتاوى، كـ «إنكار نَفْي السَّهْو عن النبيّ(ص)»؟

2ـ لماذا أكثر الطوسيّ(ر)، في مسائل كثيرةٍ، من دعوى الإجماع؟

3ـ لماذا كاد الاجتهاد عند الشيعة يتوقَّف بعد الطوسيّ(ر)؟

4ـ لماذا برزَتْ ألقابُ التفخيم والتعظيم، كـ «الصدوق» و«المفيد» و«المرتضى ـ عَلَم الهدى» و«شيخ الطائفة»…؟

وأعتقد أن الإجابة عن هذه التساؤلات يكمن في قراءةٍ تحليليّةٍ للقرن الأوّل في فترة «الغَيْبة الكبرى»، وما شهده من بروز تيّاراتٍ بعيدةٍ عن روح التشيُّع ومنهجه، وهو ما نتناوله في هذه الورَيْقات:

«قَرْنُ الحَيْرة»، عند أهل السُّنّة

توفِّي النبيّ(ص)، وانقطع الوَحْي، وصار لزاماً على المسلمين أن يتدبَّروا شؤونهم في مُستَحْدَثات المسائل، بل في فَهْم ودراسة الحديث النبويّ الشريف. ولا يخفى ما قد يعترض هذا الأمر من سقطاتٍ وهفواتٍ وأخطاء، إنْ لم نقُلْ: اجتهاداتٍ غيرِ بريئةٍ، تهدف إلى خدمة رأيٍ خاصّ بخليفةٍ أو مذهبٍ، سياسيّاً كان أو فكريّاً أو…

هذه الأزمة تجاوزها أتباع مدرسة أهل البيت(عم)، من خلال التزامهم بسُنَّة الأئمّة الأطهار، طيلة قرنين ونصف من الزمن، فكانوا يتعاملون مع الأئمّة من أهل البيت(عم) كتعاملهم مع رسول الله(ص)، يسمعون لهم، ويطيعون، ويرَوْن في أوامرهم ونواهيهم أمرَ الله ونَهْيَه.

غير أن ذلك لم يستمرّ إلى ما لا نهاية، فقد واجَهَتْهم مع الإمام الثاني عشر أبي القاسم محمد بن الحسن المهديّ المنتظر(عج) فترة «الغَيْبة»، التي احتجب فيها عن الظهور، إلاّ لخاصّةٍ من الناس، وهم «السفراء الأربعة»، وكانت تلك هي «الغَيْبة الصغرى»، التي مهَّدَتْ لفترة «الغَيْبة الكبرى»، التي احتجب فيها عن الناس كافّةً، فهو بينهم، يراهم ويرَوْنه، ولكنّهم لا يعرفون هويَّته.

في هذه الفترة عاد الشيعة إلى ما كان عليه المسلمون في الفترة الأولى بعد رحيل النبيّ(ص)، عادوا إلى الغُرْبة والحَيْرة، ووَطْأة فَقْد النصّ والتشريع الواضح.

أما المسلمون الأوائل فقد عانَوْا جرّاء ذلك كثيراً، إلى أن تبدَّتْ لهم بعضُ الحلول، كالقول بـ «عدالة الصحابة» جميعهم؛ وحجِّية اجتهاداتهم، وبأيِّهم كان الاقتداء فقد تحقَّق الهُدَى. لكنّ اختلاف الصحابة، الكبير والكثير، في موضوعاتٍ شتّى، أدّى إلى مواقف صارمةٍ من قِبَل بعض الخلفاء؛ دَرْءاً للفتنة، وقَطْعاً لدابر الخلاف، فكان النهيُ عن تدوين الحديث، بل عن التحديث نفسه، وبرزَتْ مقولاتٌ حاسمةٌ كـ «حَسْبُنا كتابُ الله»، الذي رُبَما أُريد بها منع التفلُّت الحاصل في الرواية، وما يتبعه من اجتهاداتٍ خاطئة. وأما القرآن فهو مضبوطٌ ما بين الدفَّتَيْن، قطعيُّ الصدور، وأغلبُه واضحُ الدلالة، وقد سمع الكثير من المسلمين تفسيرَه وشرحَه وبيانَه من النبيّ(ص)، وشاع هذا التفسير بينهم.

واستمرَّ هذا المانعُ لقرنٍ من الزمن، إلى أن تبلورَتْ بعضُ الرؤى الخاصّة بالتحديث، وضوابطه، وشروطه، وآليّاته، فسُمح بالتحديث وكتابة الحديث، وقد زال الخَطَر.

واقع الشيعة بعد غَيْبة الإمام(عج)

وأما الشيعةُ الإماميّةُ الاثنا عشريّة فما أن تصرَّمَتْ سنة 329هـ حتّى غاب إمامُهم المعصوم، ومَنْ به ـ بقوله وفعله وتقريره ـ تُقْطَع الخصومات، وتنتظم الاختلافات، وتُحَلّ الخلافات. هنا كان الشيعةُ أمام واقعٍ جديدٍ لم يألفوه من قبلُ، بل لم يتصوَّروه، وبالتالي لم يفكِّروا في حَلٍّ جِدِّيّ وجَذْريّ له، واقعٍ يتمثَّل في فقدان المرجعيّة المعصومة، وفي لزوم وضرورة الاعتماد على النفس، أي على الحركة الاجتهاديّة (عقل وفكر واستنباط) المرتكزة والمستندة إلى النشاط التحديثيّ الروائيّ (نقل وتوثيق)، وهذا يتطلَّب خبرةً عميقةً، وجهداً كبيراً، واحتياطاً معتدلاً (بلا إفراطٍ ولا تفريط).

إذن هو واقعٌ جديدٌ وصعبٌ ومعقَّدٌ، ويحتاج إلى مَهَارةٍ وخِبْرةٍ، ووَرَعٍ واجتهادٍ، وعِفّةٍ وسَدَاد.

هو واقعٌ يحتاج إلى علماء أبرار، لا يخشَوْن إلاّ الله، ولا يخافون فيه وفي الحقّ لومة لائمٍ، يتصدَّوْن لكلّ مَنْ سيستغلّ هذا الواقع القائم؛ لخدمة مآربه، ونشر بنات أفكاره، وما أكثرهم!

فسرعان ما انزلقَتْ أقدامٌ في متاهات البِدَع والخُرافات والأكاذيب والموضوعات (المُخْتَرَعات)؛ وسرعان ما انتشرَتْ أفكارُ الغُلُوّ، وتشكَّلَتْ مذاهبُ الغُلاة والمُفَوِّضة، واقتحمَتْ بكلّ جرأةٍ التراث الدينيّ الروائيّ، وساحة المؤمنين.

الصدوق(ر) يتصدّى للتيّارات المنحرفة

فها هو الشيخ الصدوق(381هـ) يشهد بأن المُفَوِّضة الغُلاة قد زادوا في الأذان، وهو من أجزاء أهمّ فريضةٍ في الإسلام، وأعظم أركان الدين، وهو الصلاة، فقال(ر)، بعد ذكره فصول الأذان المعهودة: «هذا هو الأذان الصحيح، لا يُزاد فيه ولا يُنْقَص منه. والمفوِّضةُ لعنهم الله قد وَضَعوا أخباراً، وزادوا في الأذان «محمدٌ وآلُ محمدٍ خيرُ البَرِيّة» مرّتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمداً رسول الله «أشهد أنّ عليّاً وليُّ الله» مرّتين، ومنهم مَنْ روى بَدَل ذلك «أشهد أن عليّاً أمير المؤمنين حقّاً» مرّتين. ولا شَكَّ في أن عليّاً وليُّ الله، وأنه أميرُ المؤمنين حقّاً، وأن محمداً وآلَه صلوات الله عليهم خيرُ البَرِيّة، ولكنْ ليس ذلك في أصل الأذان، وإنَّما ذكَرْتُ ذلك؛ ليُعْرَف بهذه الزيادة المتَّهَمون بالتفويض، المدلِّسون أنفسهم في جملتنا» (مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 290 ـ 291).

هي شهادةٌ حسِّيةٌ معاصرةٌ لذلك الواقع المستجدّ، شهادةٌ من عالِمٍ مخلصٍ، فوجئ بهذا الواقع المرير، فشهد لله شهادةَ حقٍّ واضحةً، ولو كلَّفَتْه غالياً.

ثمّ ما لبث الصدوق قائماً ثابتاً في خطّ المواجهة مع هذه التيّارات، فتجلَّتْ في طروحاته الأفكار المقابلة؛ لعلّ وعسى تكبح جِماحَ ذلك الانحراف، فكانت ـ على سبيل المثال ـ فكرةُ «أوّل مراتب الغُلُوّ نَفْي السَّهْو عن النبيّ(ص) [والإمام(ع)]»، حيث تبنَّى مقولةَ شيخه ابنِ الوليد(343هـ) ـ وهو من أوائل العلماء في قرن الحَيْرة لدى الإماميّة ـ فقال: «وكان شيخُنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(ر) يقول: أوّل درجةٍ في الغُلُوّ نفي السَّهْو عن النبيّ(ص)، ولو جاز أن تُرَدّ الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن تُرَدّ جميعُ الأخبار، وفي ردِّها إبطالُ الدِّين والشَّريعة. وأنا أحتسب الأَجْرَ في تصنيف كتابٍ منفردٍ في إثبات سَهْو النبيّ(ص) والردّ على مُنْكِرِيه، إنْ شاء الله تعالى» (مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 360).

المفيد والمرتضى(رما) في خطّ المواجهة

غير أن تيّارات الانحراف تَلْقَى قبولاً أكثر من العقلانيّة والبصيرة والوَعْي والتحقيق العلميّ، فإذا بزمن الشيخ المفيد(413هـ) والسيد المرتضى عَلَم الهدى(436هـ) يعاود احتضان تلك التيّارات المنحرفة، فتتوسَّع ساحاتُ حضورها، وتمتدّ سُلطتُها إلى داخل بعض الأروقة العلميّة، وتستطيع أن تثير جَدَلاً، وتولِّد اختلافاً بين العلماء أنفسهم؛ فيردّ «المفيد» على «الصدوق» في أكثر من فكرةٍ، هي وليدةُ تيّارات الانحراف؛ إذ لم تكن قَبْلَها، ولكنّها حضرَتْ في الساحة العلميّة، وأثَّرَتْ حتّى في كبار العلماء. مع الإشارة إلى أننا لا ننكر أن المفيد(ر) قد واجه هذه التيّارات في بعض أفكارها، كفكرة عالَم الذَّرّ؛ حيث يدَّعون أنه عالَمٌ حقيقيّ واقعيّ كان قبل خلق آدم(ع)، وقد نفاه المفيدُ ـ وهو الحقُّ ـ، واعتبر أنه لا يَعْدو عالَم الفطرة والجِبِلّة الأولى التي عليها كلُّ مخلوقٍ، فطرتُه تنادي: بلى، أنتَ ربُّنا وخالقُنا ورازقُنا ومستحقُّ عبادتنا، يعني إلهنا، فإنْ عصَيْناكَ فنحن المُخطئون الآثمون (وَحْيُ كلامه في تصحيح الاعتقادات: 83 ـ 84).

وكذلك كانت المنازلةُ على أشدِّها بين «المرتضى علم الهدى» وهذه التيّارات؛ حيث تبنّى منهجاً عقليّاً في الاستدلال، مخالفاً بذلك أهل الظاهر من الإماميّة؛ ولم يحتجّ في الفقه بخَبَر الواحد، وإنَّما تميَّز عن المُحَدِّثين والأخباريّين باستنباط الأحكام من الأدلّة الأصولية اللفظيّة والعقليّة (الكرجي، تاريخ فقه وفقها: 148 ـ 149).

الطوسيّ(ر) يُحْكِم السيطرة

لقد أبلى «الصدوق» و«المفيد» و«المرتضى» قَدْر استطاعتهم، ولكنّ الحظَّ الأَوْفر كان للشيخ الطوسيّ(460هـ)، الذي قرأ هذه الوقائع جميعاً، وقرَّر أن قَرْناً من الزمن كافٍ لإيقاف هذا الاضطراب في الطائفة، فتوسَّل إلى ذلك آليّاتٍ كثيرةً، منها:

1ـ التركيز على قيمة الإجماع: فمع «الطوسيّ» طَرْحُ فكرةٍ جديدةٍ غيرِ مسبوقةٍ ليس أمراً متاحاً وسَهْلاً كما كان الأمر من قَبْلُ، وإنما استطال بجُهْده سدٌّ منيعٌ يحول دون ذلك، ألا وهو مخالفة الإجماع، فقد مَنَح الطوسيّ الإجماعَ هذه القيمة الكبرى التي لم تكن معهودةً له في الفكر الشيعيّ. ومن هنا كثرَتْ دعاواه الإجماع، وهو ما كان محلَّ تساؤل الكثير من المحقِّقين، الذين تصوَّر بعضُهم أن هذه الدعاوى في مقابل الآخر المذهبيّ فحَسْب، ولكنّ الصحيحَ أنها كانت لإضفاء قيمةٍ عميقةٍ على الإجماع، بحيث لا يمكن لأحدٍ أن يتجاوزه، لا في عقيدةٍ، ولا في شريعةٍ.

2ـ رَمْي المخالفين بالشُّذُوذ: كما فعل بالروايات التي وضعها المُفَوِّضة الغُلاة ـ حَسْب شهادة الشيخ الصدوق ـ، واعتبروها مَدْركاً لفتواهم بوجوب أو استحباب زيادة الشهادة الثالثة في الأذان، فإذا بالطوسيّ يصف هذه الروايات بالشذوذ، ويسقطها من الاعتبار، حيث قال(ر): «فأما قول: أشهد أن عليّاً أميرُ المؤمنين، وآل محمدٍ خيرُ البَرِيّة، على ما ورد في شواذّ الأخبار، فليس بمعمولٍ عليه في الأذان، ولو فعله الإنسانُ لم يأثَمْ به، غير أنه ليس من فضيلة الأذان، ولا كمال فصوله» (المبسوط 1: 99)؛ وقال(ر): «وأما ما رُوي في شواذّ الأخبار من قول: أشهد أن عليّاً وليُّ الله، وآل محمدٍ خيرُ البَرِيّة، فممّا لا يُعْمَل عليه في الأذان والإقامة، فمَنْ عمل بها كان مخطئاً» (النهاية: 69). والظاهرُ أنّ مرادَه من «شواذّ الأخبار» الأخبارُ الضعيفة والكاذبة والموضوعة، وإلاّ لم ينسب العاملَ بها ـ جازماً ـ إلى الخطأ.

3ـ الشخصيّة الاستثنائيّة: التي كانت تتَّسم بالتفوُّق العلميّ والموسوعيّة الفكريّة، والجِدّ والنشاط، جعلَتْ من «الطوسيّ» مرجعيّةً متميِّزةً وفريدةً، حتّى كاد الشيعةُ؛ بتأثيرٍ من هذه الشخصيّة، يُغْلِقون على أنفسهم أهمَّ بابٍ للتجديد العلميّ والفكريّ، ألا وهو باب الاجتهاد؛ حيث بَقُوا على تقليد الطوسيّ لقَرْنٍ كاملٍ من الزمن، حتّى خرج منه حفيدُه ابنُ إدريس الحِلِّي(598هـ).

هذه الشخصيّةُ وتأثيرُها الآسرُ أوقفا شطحاتٍ كثيرةً، ومنعا اجتهاداتٍ عديدةً، لو قُدِّر لها أن تظهر وتحضر لكانت وجهةُ الشيعة قد تغيَّرَتْ تماماً.

ولا يَسَعُنا هاهُنا إلاّ أن نشير إلى أنه مهما كان للطوسيّ من دَوْرٍ فعّالٍ في مواجهة هذا الاضطراب، فإن بعضَ آثاره تظهر في موضوعٍ هنا وهناك.

فعلى سبيل المثال: زيارةُ الأربعين لم يَجْرِ أيُّ حديثٍ عنها قبل الشيخ الطوسيّ، وعمدةُ أدلَّتها:

1ـ ما رواه معلَّقاً عن أبي محمد الحسن بن عليّ العسكريّ(ع) أنّه قال: «علاماتُ المؤمن خمسٌ: صلاة الخمسين، وزيارة الأربعين، والتختُّم في اليمين، وتعفير الجبين، والجَهْر ببسم الله الرحمن الرحيم» (تهذيب الأحكام 6: 52).

2ـ ما رواه عن جماعةٍ، عن أبي محمد هارون بن موسى التَّلْعُكْبَري، عن محمد بن عليّ بن معمر، عن أبي الحسن عليّ بن محمد بن مسعدة والحسن بن عليّ بن فضّال، عن سعدان بن مسلم، عن صفوان بن مهران الجمّال قال: «قال لي مولاي الصادق[(ع)]، في زيارة الأربعين: …، الحديث» (تهذيب الأحكام 6: 113 ـ 114).

وهذا إسنادٌ متهالكٌ ضعيفٌ، ولو حاول بعضٌ تصحيحَه. فمثلُ هذا الإسناد لا يمُرُّ بسهولةٍ على محدِّثٍ ورجاليٍّ كالطوسيّ(ر)، لكنّ العالِمَ يُغْلَب أحياناً بواقعٍ قائمٍ ومفروضٍ، أكبر من طاقته على المواجهة، فيتعامل معه بحِكْمةٍ ورَوِيّةٍ، على أمل أن يستمرّ خَلَفُه في المواجهة بالطُّرُق والآليّات المتاحة.

إذن، كما منع الخلفاء الأوائل التحديث وتدوين الحديث خَوْفاً من التفلُّت والفوضى، فقد سنّ أعلامُ القرن الأوّل بعد الغَيْبة الكُبرى للمهديّ المنتظر(عج) ـ والذي اختَرْنا له تسمية «قَرْن الحَيْرة» ـ، كـ «الصدوق» و«المفيد» و«المرتضى»، ولا سيَّما «الطوسيّ»، آليّاتٍ منعَتْ، في حياته وبعد مماته، كثيراً من الانحرافات والسقطات.

وليس بعيداً من ذلك إسباغُ ألقاب التفخيم والتعظيم على هؤلاء الأعلام، بحيث يهاب كثيرون التورُّط في مخالفتهم، وما يستَتْبعُها من تُهَمٍ وتسقيطٍ.

وفي ختام هذه الكلمة ـ التي قد تكون الأخيرة؛ لأسبابٍ شتّى واعتباراتٍ مختلفة ـ نتقدَّم بالشكر الجزيل للمؤسِّس العلاّمة الدكتور حيدر حبّ الله، وكلِّ مَنْ رافَقَنا في هذه المسيرة ـ التي رَبَتْ على عقدٍ ونصفٍ من الزمن (17 سنة) ـ؛ من الإخوة المؤمنين الداعمين بالمال والترويج؛ والهيئات الاستشاريّة، والإداريّة، والتحريريّة، والفنِّية؛ والكُتّاب؛ والمترجمين؛ والموزِّعين؛ وكذلك القُرّاء الكرام، راجين من الله العليِّ القدير لهم عظيمَ الأَجْر، ودوامَ التوفيق، إنه سميعٌ مجيبٌ.



أكتب تعليقك