16 يناير 2015
التصنيف : بيانات
لا تعليقات
2٬976 مشاهدة

بيانٌ للناس: بالحُرِّيّة والقانون ندافع عن مقدَّساتنا

2015-01-16-بيانٌ للناس، بالحُرِّيّة والقانون ندافع عن مقدَّساتنا - Copy

هي الحُرِّيّة يتاجرون باسمها في كلِّ حين، و ينتهكون بسببها كافَّة المقدَّسات وأسماها.

في خطوةٍ اعتبروها ردّاً على ما حصل من هجومٍ إرهابيّ مسلَّح على صحيفة (شارلي إيبدو) أقدمَتْ هذه الصحيفة ـ كما فعلَتْ من قبل ـ على نشر رسمٍ كاريكاتوريّ ساخر من نبيِّ الإسلام الأكرم محمد(صلّى الله عليه وآله وسلَّم)؛ متذرِّعةً بقانون حُرِّيّة التعبير المعمول به في (فرنسا)، والذي أيَّدته وأقرَّت به وزيرة العدل الفرنسيّة كريستيان توبيرا، حيث قالت: «يمكننا أن نرسم كلّ شيءٍ، حتّى الأنبياء؛ لأننا في فرنسا لدينا الحقّ في السخرية من كلّ الأديان» (راجع: صحيفة الديار، العدد 9275، بتاريخ: 16/1/2015م، الصفحة 13).

إنَّنا إذ نستنكر الهجوم الإرهابيّ المسلَّح الذي استهدف مقرَّ تلك الصحيفة، رغم إساءاتها المتكرِّرة، وانتهاكها الصارخ لحُرْمة مقدَّسات المسلمين، كما المسيحيِّين؛ حيث إنّها لا توفِّر أحداً أو شيئاً، إلاّ ما يمنعها القانون من المساس به، كـ (الهولوكوست) أو (المحرقة اليهوديّة). إنَّنا إذ نستنكر الهجوم الإرهابيّ، الذي يعكس صورةً قبيحة ومشوَّهة عن الإسلام والمسلمين، فإنَّنا في الوقت نفسه نستنكر هذا التمادي الوَقِح في الإساءة إلى رموز الأديان وتعاليمها. ونودّ في هذه الوقفة السريعة بيان ما يلي:

إنَّنا ندعو الحكومة الفرنسيّة إلى إعادة النظر جيِّداً في مثل هذا القانون المغالِط والمخادِع الذي تتبنَّاه، ففَرْقٌ كبير بين الحُرِّيّة والتفلُّت، بين الحُرِّيّة والابتذال والعدوان على الناس. هل تسمحون بالسَّرِقة أو القَتْل أو… باسم الحُرِّيّة؟! إذاً لا تصحُّ المناداة بالحُرِّيّة المطلَقة، بل لا بُدَّ من ضوابط ومبادئ تميِّز هذا السلوك الإنسانيّ (الحُرِّيّة) عن غيره ممّا يدخل تحت عناوين سيِّئة شتّى.

2ـ إنَّنا إذ نُنَوِّه بما صدر عن (البابا) في روما من استنكارٍ لهذه الإساءات المتكرِّرة، ونعتبره خطوةً مهمّة في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة (راجع: صحيفة الديار، العدد 9275، بتاريخ: 16/1/2015م، الصفحة 13)، فإنّنا ندعو (البابا)، كما بقيّة المرجعيّات الدينيّة، الإسلاميّة منها والمسيحيّة، على اختلاف طوائفها ومذاهبها، إلى المسارعة في عقد مؤتمرٍ دينيّ مشترك تحضر فيه كافّة المرجعيّات من الصفّ الأوّل ـ بعيداً عن البروتوكولات، والاعتبارات الذاتيّة الضيِّقة؛ فالأمر لم يعُدْ يحتمل صَبْراً وإهمالاً ـ، وتتَّفق على موقفٍ واحد شاجب ورافض لهذه الأفعال الصِّبيانيّة، تمهيداً لاتِّخاذ إجراءاتٍ رادعة بحقّ المُصِرِّين على الاستمرار في هذا النهج.

3ـ إنَّنا ندعو كافّة المؤمنين في العالم، ولكلٍّ مقدَّساته التي ينبغي له أن يهبّ للدفاع عنها، ولو كلَّفه ذلك بعضاً من الجُهْد، أو الخسارة السياسيّة أو الاقتصاديّة أو الاجتماعيّة، ندعوهم جميعاً إلى:

أـ الضغط على حكومات بلادهم من أجل استدعاء السفير الفرنسي فيها، وإبلاغه شَجْب الحكومة والشَّعْب هذه الاستهانة بالمقدَّسات، والتلويح بتصعيدٍ مفتوح، قد يُطيح بالعلاقة مع (فرنسا) من أساسها.

ب ـ المبادرة فوراً إلى الضغط ـ بكلِّ الوسائل المتاحة ـ على المرجعيّات الدينيّة المتعدِّدة كي تباشر فوراً بتنقية التراث الدينيّ ـ عند المسيحيّين والمسلمين على السواء، وعند السُّنَّة والشيعة معاً ـ ممّا دُسَّ فيه من خرافاتٍ وأساطير، تشكِّل المستند القانونيّ لهؤلاء المُسيئين. لا نريد ـ كمؤمنين ـ أن نُطالع بعد اليوم في أمَّهات كتبنا الحديثيّة روايةً تشير إلى شَبَقٍ جنسيّ، أو حِدَّة مزاجٍ، أو قمعٍ وإرهاب، أو…، عند الأنبياء والأولياء(عليهم السلام)، فيكون ذلك مُستَمْسَكاً بيد هؤلاء الغَوْغائيِّين الرَُِّعاع. نريد تطهير كتبنا الحديثيّة من دَنَس هذه الروايات الموضوعة، وكفى…

ج ـ المقاطعة الشاملة والصادقة لكلِّ منتجات الدول التي تشرِّع مثل هذه الانتهاكات للمقدَّسات الدينيّة. وعلى المؤمن أن يضحّي في سبيل إيمانه ومقدَّساته، وإلاّ عُدَّ ناقصَ الإيمان. لا تنفع مقاطعةٌ شَكْليّة، ومؤقَّتة، لا بُدَّ من مقاطعةٍ جِدِّيّة ودائمة، حتَّى عَوْدة تلك الدُّوَل إلى رُشْدها.

د ـ إذا لم يكن متيسِّراً محاكمة هؤلاء المسيئين في بلادهم؛ لأنَّها تسمح بمثل هذه الانتهاكات، فإنّه يمكن محاكمتهم في غيرها من الدُّوَل، التي لا تسمح بمثل هذه السلوكيّات الهَمَجيّة. فلتبدأ الدعاوى ضدّ هؤلاء؛ بدعمٍ ماليّ من المرجعيّات الدينيّة، التي طالما تغذَّتْ من مال الله وأنبيائه وأوليائه، فلا يَضيرُها أن تنفق اليوم شيئاً يسيراً نصرةً لهم. هذه الدعاوى ستجعل من هؤلاء الصعاليك سجناء بلادهم، وهذا ما يهدِّد علاقاتهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وهو ما قد يدفعهم بقوَّةٍ إلى مراجعة حساباتهم، والتراجُع عن غَيِّهم وضلالهم.

إنَّها دعواتٌ ومقترحات مقدورةٌ، ومنطقيّة، وتتوافق مع روح الحُرِّيّة والقانون، بعيداً عن الدعوة إلى القَتْل والإرهاب، التي أثبتَتْ عدم جدواها، مرّةً بعد أُخْرى.

[أيُّها المؤمنون، ﴿إِنْ لا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ﴾ (التوبة: 40). واللهُ من وراء القَصْد]



أكتب تعليقك