تصحيح الهويّة الجنسيّة
(السبت 15 / 10 / 2016م)
مقابلة في قناة الإيمان الفضائيّة، الحلقة 7 من برنامج (أريد حلاًّ)، مع الإعلاميّة بتول فحص
1ـ بداية مولانا، كيف ينظر الإسلام إلى الذين يعانون من ازدواجية الجنس؟ ولماذا لم يتطرَّق القرآن للحديث عن هذه الشريحة؟
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
الازدواجيّة الجنسيّة قد تُتصوَّر على مستوى الجسد، كما لو كان للشخص الواحد أعضاءُ كلٍّ من المرأة والرجل.
كما قد تُتصوَّر على مستوى المشاعر، كما لو كان مظهره رجلاً أو امرأةً، ولكنّه يميل في مشاعره العاطفيّة إلى جنسه، مع برودةٍ كاملة في المشاعر تجاه الجنس الآخر، وربما وصل الأمر إلى الاشمئزاز منه بشكلٍ كامل، وهذا قد يكشف عن أنّه امرأةٌ في مظهر الرجال أو رجلاً في مظهر النساء.
أمّا الازدواجيّة الجسديّة ـ وهم المعروفون بـ (الخنثى) ـ فلها مصاديق خارجيّة، وإنْ كانت قليلة، بل ربما تكون نادرة. وقد ثبت وجود هؤلاء عبر التاريخ، من خلال كثيرٍ من الروايات التي كانت تتعرَّض لحكم هؤلاء في تحديد هويّتهم، التي تتعلَّق بها جملةٌ من الأحكام الشرعيّة، كالحجاب وغيره، وصولاً إلى الميراث.
وهؤلاء حدَّد لهم الإسلام طرقاً لتحديد هويّتهم، ولئلاّ يكونوا في حيرةٍ من أمرهم على الإطلاق([1]). ولعلّنا نستطيع القول: إنّ هؤلاء بعد أن تتحدَّد هويّتهم عبر الطرق والعلامات الشرعيّة يمكنهم أن يزيلوا الأعضاء الخاصّة بالجنس الآخر، إذا لم يستلزم ذلك ضَرَراً أو حراماً، كالنظر أو اللمس، وتزول حرمة اللوازم ـ أي النظر واللمس ـ إذا كان وجود الأعضاء الزائدة ضَرَريّاً أو يسبِّب الحَرَج غير المحتَمَل.
وعلى أيّ حالٍ لا بُدَّ لهم من التحلِّي بالصبر، والتأنِّي في القرار، ولهم الأجرُ والثواب في ذلك.
وأمّا الازدواجيّة من حيث المشاعر فلا بُدَّ من التحقُّق أوّلاً: هل لهذا الازدواجيّة واقعٌ خارجيّ صحيح، أو هي مجرّد دعوى ناشئة عن مَرَضٍ نفسيّ، وقلقٍ فكريّ، وتربية خاطئة؟ وهذا سؤالٌ ينبغي لعلم النَّفْس أن يجيب عليه. وفي مثل هذه الحالات هل يمكن للطبّ تحديد واكتشاف الهويّة الأصليّ؟
وأمّا لماذا لم يتعرَّض القرآن للحديث عن هؤلاء فإنّ القرآن الكريم لا يتطرَّق لكلِّ شيء تفصيلاً، وإنّما يذكر القواعد العامّة والمبادئ الأساسيّة، ويترك أمر التفصيل للنبيّ(ص) وأهل بيته(عم)، كما في عدد ركعات الصلاة، وأفعالها، و…
2ـ هناك مَنْ يتساءل: لماذا يخلق الله هذه الشريحة التي تعاني من ازدواجيّة الجنس، وهو يعلم بأنها سوف تعاني في حياتها؟
ممّا تقدَّم نعلم أنّه على الأقلّ المبتَلُون بالازدواجيّة الجسديّة موجودون. ولهذا أسبابه الماديّة التكوينيّة، تماماً كما هي الحال في سائر العيوب الخَلْقيّة التي يُبتَلى بها المواليد، فيولد أعرجاً أو مشلولاً أو أعمى أو…
وقد يكون هذا ابتلاءً من الله تبارك وتعالى لبعض خلقه؛ لينظر مدى عبوديّتهم وتسليمهم له. وعلى أيِّ حال فإنّه يُقال في هذا المجال: الوجود خيرٌ من العَدَم. فوجود المرء ولو مع وجود عيبٍ أو نقصٍ أو زيادة خيرٌ من عدمه.
ولكنّ الأغلب والأكثر من هذه الحالات ـ والله العالم ـ إنّما يكون جزاءً لتصرُّفات خاطئة. وهنا قد يُقال: ليس من الصحيح أن يُقال: لماذا خلق اللهُ هؤلاء هكذا؟ وإنّما الصحيح أن يُقال: لماذا فعل الأب أو الأم أو كلاهما ما يجعل الولد بهذه الشكل؟ مثلاً: لو لم تتغذَّ الأمُّ جيِّداً في مرحلة الحَمْل، أو عرَّضت نفسها للجراثيم أو الأمراض أو…، ثمّ خرج الولد مشوَّهاً، فالصحيح أن يُقال: لماذا فعلت الأمّ ما فعلَتْ؟ وليس صحيحاً أبداً أن نسند الأمر إلى الله تبارك وتعالى. إذن هناك شروطٌ لهذه الحياة المادّية، في انطلاقتها واستمراريّتها، وقد بيَّنها اللهُ للناس، فمَنْ التزم بها نال جزاءها، ومَنْ خالفها نال جزاء ذلك أيضاً.
مثلاً: روى ابنُ بسطام في كتاب (طبّ الأئمّة)، عن أبي عبد الله(ع)، أنّه قال لرجلٍ من أوليائه: «لا تجامع أهلك وأنتَ مختضبٌ؛ فإنّك إنْ رُزقتَ ولداً كان مخنَّثاً»([2])، مخنَّثاً جسديّاً أو مخنَّثاً على مستوى المشاعر.
كما أنّ أصحاب الازدواجيّة على مستوى المشاعر لم يُخلَقوا كذلك، وإنّما هو مرضٌ نفسي ناتجٌ عن: سوء تربيةٍ، وطبيعة مجتمعٍ يعيش التفلُّت الجنسي والانحلال الأخلاقي. فاللهُ لم يخلقهم بهذا الشكل، وإنّما جَنَوْا على أنفسهم بابتعادهم عن تعاليم الله ووصاياه.
3ـ كيف ينظر الشرع إلى عمليات تصحيح الجنس؟ هل يؤيِّدها أم لا؟ ولماذا؟
لا تزال كثيرٌ من المجتمعات البشريّة تعتبر عمليّة تغيير الجنس ظاهرةً سلبيّة؛ بسبب القِيَم الدينيّة والثقافيّة الشائعة فيها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه قد يجري في بعض الأحيان تغيُّر طبيعيّ، مع التقدُّم في السنّ، وصولاً إلى سنّ البلوغ. وهذا تغيُّر قهريّ، لا إراديّ، وليس بيد المكلَّف كي يكون ذا حكمٌ شرعيّ خاصّ به.
وأمّا بشأن التغيير والتحوُّل الاختياري فلا بُدَّ من تحديد أنّ هذا التغيير هو حاجةٌ (جسديّة أو نفسيّة) أم هو رغبة شهوانيّة؟
وقد تقدَّم أنّه إذا ثبت أنّ بعض الأعضاء زائدة، وليست متناسقةً مع الهويّة الأصليّة للمكلَّف، بحَسَب العلامات الشرعيّة المحدِّدة لهويّته، فيجوز استئصال هذه الأعضاء ما لم يلزم منه الضَّرَر أو محرَّماً آخر، كالنظر واللمس، ويكون من قبيل: تصحيح التشوُّه في الخِلْقة.
وأمّا إذا لم يمكن تحديد الهويّة الأصليّة، أو كان يريد إجراء عمليّة على خلاف هويّته الأصليّة، كأنْ يستأصل الأعضاء المتناسبة مع هويّته؛ استجابةً لرغبةٍ شهوانيّة، أي إنّه يرفض مظاهر جسده رفضاً غير مبرَّر عقلائياً، وهذا مَرَضٌ نفسيّ ينشأ من: سوء التربية؛ وطبيعة المجتمع؛ و…
وهنا وقع كلامٌ بين الفقهاء في جواز هذا التحوُّل وحرمته، ولا سيَّما أنّه ليس في النصوص الروائيّة ما يشير إلى حكم هذا العمل صراحةً، فيعمل المجتهد حينئذٍ وفق المبادئ والقواعد، وحين تختلف تطبيقاتهم لهذه القواعد يكون الاختلاف في الحكم.
وهنا لا بُدَّ من ذكر مقدّمات:
الأولى: إذا لم يمكن القطع بالهويّة الأصليّة بحَسَب العلامات العُرْفيّة أو الشرعيّة المحدَّدة فهل يمكن للطبّ الحديث أن يحسم الأمر، ولا سيَّما في أصحاب الازدواجيّة من حيث المشاعر؟! بناءً على الجواب سيتغيَّر الحكم.
الثانية: هل عمليّة التحوُّل تغييرٌ حقيقي، أو هي مجرَّد تغيير ظاهريّ في شكل الجسم وأعضائه الظاهريّة (اللحية، الثدي، والعورة) والباطنيّة (المبيض، الرحم)، ولكنَّه ليس تغييراً حقيقيّاً قادراً على التفاعل التامّ، فلا ثمرة له، ولا نتائج تُرجى منه (لا منيّ، لا بويضات، لا حيض، لا حمل ولا ولادة).
الثالثة: ممّا اعتُبر دليلاً قرآنيّاً على التحريم:
أـ قوله تعالى ـ وهو يتحدَّث عن الشيطان ـ: ﴿لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً﴾ (النساء: 118 ـ 119).
فقالوا: إنّ إزالة بعض الأعضاء، وتشكيل أخرى مكانها، هي تغييرٌ لخلق الله، فلا يجوز.
والجواب: إنّ المراد من قوله: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾ تغيير فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي الإسلام، وإلاّ فإنّه قد جرى ذكر التغيير الخَلْقي بتبتيك آذان الأنعام، فلماذا التكرار والإعادة؟!
ويؤيِّد ذلك قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (الروم: 30)، حيث من الواضح أنّه يعني بـ (خَلْقِ اللهِ) الذي لا تبديل له الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي فطرة الإسلام والعبوديّة لله تبارك وتعالى.
ب ـ قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ (النساء: 32).
فقالوا: إذا كان مجرَّد التمنّي لأحكام وحقوق الجنس الآخر ممنوعاً فكيف بالتحوُّل الفعلي إليه، وما يستتبعه من تغيُّر الأحكام والحقوق؟!
والجواب: إنّ هذه الآية في سياق الحديث عن الإرث، والتفاضل بين الرجال والنساء في الإرث، فتختصُّ بموردها، وإلاّ فهل يحرم على المرأة أن تتمرَّن لتمتلك بالفعل القوّة البدنيّة للرجال؟!
الرابعة: ممّا اعتُبر دليلاً روائيّاً على التحريم ما رُوي من «لَعْن رسول الله(ص) المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال»([3]).
وهذا الحديث ضعيف السند في مصادر الشيعة، وصحيح السند عند السنّة.
بعد هذه المقدّمات نستعرض رأي الفقهاء عموماً في حكم أصل التحوُّل الجنسي.
ذهب فقهاء السنّة إلى أنّ عمليّة التحوُّل حرامٌ؛ لقوله تعالى: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾ِ؛ وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾؛ وللحديث الصحيح: «لعن رسول الله(ص) المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال».
وأمّا فقهاء الشيعة فقد ذهب بعضُهم([4]) إلى التحريم. ولعلَّ مستندهم الآية الأولى المتقدِّمة، كما صرَّح بعضهم بذلك.
وذهب البعض([5]) إلى أنّها حلالٌ مطلقاً ـ أي ولو كان التغيير في الشكل فقط ـ؛ لأصالة الحِلّ، ولا دليل تامّاً على التحريم. وطبعاً لا ينبغي الشكّ في أنّه يشترط أن لا تستلزم هذه العمليّة محرَّماً آخر، كالإضرار بالنفس أو النظر أو اللمس.
وفصَّل آخرون([6]) بين عمليّة التغيير الواقعي والحقيقي، بحيث يصير الرجل امرأةً وتصير المرأة رجلاً بكامل مواصفات وخصائص الجنس الجديد، وبين عمليّة التغيير الظاهري، فيكون التغيير في الشكل والمظهر لا غير، فقالوا بجواز الأولى (عمليّة التغيير الحقيقي) ـ ما لم تستلزم محرَّماً ـ، وحرمة الثانية (عمليّة التغيير الظاهري). وقد أكَّد بعضهم أنّ عملية التغيير الكاملة ـ وعليها المعوَّل ـ ليس لها وجودٌ حتّى اليوم.
وقد لفت نظري رأيٌ متميِّزٌ لبعض الفقهاء([7])، يمكن أن يُستفاد منه الكثير، وهو أنّ مَنْ يمتلكون بعض خصائص الأنوثة من الناحية النفسيّة، ولديهم ميولٌ أنثوية كاملة، ولو لم يبادروا الى تغيير جنسهم وقعوا في الفساد, يجوز لهم القيام بعمليّة التحوُّل الجنسي إذا كانت لكشف وإظهار الجنسيّة الواقعية. فكأنّه يعتبر أنّ خصائص الأنوثة النفسيّة كاشفةٌ عن جَنْبة واقعيّة، فيجوز إبرازها وإظهارها بالعمليّة، بشرطين: عدم استلزامها المحرَّم؛ وعدم حصول المفسدة.
وهذا مخالفٌ لما عُرف عند الأقدمين من أنّه لا قيمة في تحديد هويّة الخنثى للشعور باللذَّة الجنسيّة([8]).
4ـ مولانا، هل يلجأ إليكم ناسٌ يعانون من اضطراب في الهوية الجنسية؛ لناحية استفتائكم في بعض الأمور الشرعية؟
لستُ في معرض التصدّي الكامل للمراجعات الشرعيّة. لا، لم تُطرَح عليَّ مسألةٌ من هذا القبيل.
5ـ في حال قيام شخصٍ ما بعملية تصحيح جنس، فما الآثار المترتّبة على ذلك من الناحية الشرعية؟ مثلاً: هل يورث؟
وأمّا حكم مُجري عمليّة التحوُّل بعد التغيير فقد اختلف فيه الفقهاء أيضاً.
فمنهم مَنْ ذهب إلى أنّه ما دامت العمليّة ظاهريّة فحَسْب، وليس لها تأثير على الحقيقة والهويّة الأصليّة، فلا يترتَّب عليها أثرٌ([9]).
وعليه فالمسألة متوقِّفة على إثبات أنّ التحوُّل حقيقي، وليس ظاهريّاً فحَسْب.
فإذا ثبت ذلك يجوز للمتحوِّل إلى رجلٍ أن يتزوَّج النساء.
ويجوز للمتحوِّلة إلى أنثى أن تخلو بالمرأة الأجنبيّة.
كما أنّه يبطل عقد المتحوِّل إلى امرأةٍ، فلو كان متزوِّجاً، ثمّ تحوَّل، بطل عقده على زوجته، وصارت كالأجنبيّة بالنسبة إليه (إليها؛ بلحاظ أنّه صار امرأةً).
وكذلك يرث نصيبه من الإرث بحَسَب هويّته الجديدة، لا هويّته القديمة.
وبعبارةٍ أخرى: عندما يكون التحوُّل حقيقيّاً فإنّه ترتَّب عليه جميع الأحكام الخاصّة بذي الهويّة الجديدة، وكأنّ هذه هي هويّته الأصليّة.
6ـ البعض يعتبر أن منع الاختلاط يولِّد الكَبْت، وبالتالي الشذوذ، بمعنى آخر: هناك مَنْ يحمِّل الشرع مسؤولية ارتفاع نسبة هذه الظاهرة؛ كونه يمنع مسألة الاختلاط بين الجنسين. كيف تردّ؟
أوّلاً: الشارع لم يحرِّم الاختلاط بين الجنسين تماماً، وإنّما وضع للعلاقة بينهما حدوداً وضوابط، تقيهما من الوقوع في الحرام والمعصية، تماماً كما وضع حدوداً وضوابط لاختلاط أفراد الجنس الواحد أيضاً، فحرَّم بعض النظر، وبعض اللمس، وبعض الحديث، وبعض الوضعيّات.
ثانياً: لا بُدَّ من التفريق بين (الكَبْت) و(الضَّبْط)؛ فليس كلُّ منعٍ يؤدّي إلى الكَبْت، ولا يوجد قانونٌ في العالَم ليس فيه ممنوعاتٌ ومحظورات، فهل تؤدّي إلى الكَبْت والضَّغْط، يليهما الانفجار والتفلُّت؟!
الإسلام يدعو إلى عدم الاختلاط حيث يكون في الاختلاط مفاسد، ومع ذلك فهو يريد ذلك في مناخٍ اجتماعيّ تربويّ صحّي، يستند إلى وعيٍ كامل للمخاطر المحدِقة.
إذن الإسلام يرفض نوعاً من الاختلاط؛ انطلاقاً من حرصه الشديد على احترام المرأة وخصوصيّتها، كما يحرص على راحة الرجل وخصوصيّته.
وهذا النوع من عدم الاختلاط لا يمكن أن يولِّد الكَبْت، أو يصرف الرجل عن المرأة، بل تبقى هي الريحانة التي يتوق لتزيين حياته بها، وهي السَّكَن والمودَّة والرَّحْمة، التي لا تحلو الحياةُ إلاّ بها. فيبقى الوصال بالمرأة هَدَفاً نبيلاً يسعى إليه.
نعم، هناك منعٌ من الاختلاط ناشئٌ عن مَرَضٍ نفسيّ، وعن فهمٍ خاطئٍ لحقيقة المرأة، ودورها في هذه الحياة. هذا المنع يستند إلى احتقار المرأة، واستقذارها، والنُّفور منها، فهي ـ كما في بعض الديانات المحرَّفة، والتي سبَقَتْ الإسلام ـ نجسةٌ في أيّامٍ خاصّة، وهي أيّام عادتها الشهريّة([10])؛ ولا حقَّ لها في الحديث والسؤال عن أحكام دينها في المحافل الدينيّة العامّة (في الكنائس)([11])؛ وهي ناقصة العقل والحَظّ والدِّين، حيث يُروى عن النبيّ(ص) أنّه قال: «ما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودين أغلب لذي لُبٍّ منكنَّ»([12])، ويُروى عن أمير المؤمنين(ع) أنّه قال: «إنّ النساء نواقص الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول»([13]).
ونحن لا نستبعد أن يكون ما رُوي عن النبيّ(ص)، أو عن أمير المؤمنين(ع)، هو من وضع بعض الفاسدين الذين أرادوا الإساءة للإسلام([14]).
إنّ مثل هذا المنع، وهذه النظرة الخاطئة للمرأة، سيشكِّل عائقاً أمام الرجل في إشباع حاجاته الغريزيّة والطبيعيّة جدّاً، ما سيدفع به للبحث عن موضعٍ آخر لتلبية هذه الحاجات، وقد يدفع به إلى الشذوذ والانحراف.
7ـ أيضاً ألا ترى أن غياب الثقافة الجنسية الصحيحة وتوعية الأجيال الصاعدة يلعب دوراً في ازدياد ظاهرة الشذوذ؟ وبالتالي كيف ينظر الإسلام إلى فكرة تدريس مادة الثقافة الجنسية في المدارس؟
الله الله في الثقافة، أيّاً كان موضوعها. الثقافة يعني العلم، يعني الفكر، يعني الوعي، وهذا ما يميِّز الإنسان عن غيره من الكائنات.
الجنس غريزةٌ طبيعيّة وضروريّة في الإنسان، كما في الحيوانات عامّةً. ومن الأفضل أن نُطلع الناشئة على تفاصيل هذا الموضوع بطريقةٍ صحيحة، ومع بيان الضوابط والحدود الشرعيّة لإشباع هذه الغريزة، قبل أن يسبقنا إليهم مَنْ لا يخاف الله فيهم.
ومن هنا فنحن نشجِّع، بل قد يجب ذلك؛ أمام هذه الهجمة الثقافيّة للانحراف والفساد، نشجِّع على تدريس مادّة الثقافة الجنسيّة من قِبَل أصحاب الاختصاص العلمي والديني، بحيث نزاوج ونصادق بين العلم والدِّين، ليشكِّلا سدّاً منيعاً أمام أيِّ انحرافٍ أو شذوذ.
وعندما نقول: الثقافة الجنسيّة فنحن لا نعني اختصاص هذه المادّة ببيان وظائف الجسد الجنسيّة للرجل أو المرأة، والكيفيّة الصحيحة للاستفادة منها، وإنّما نعني ما هو أوسع من ذلك، ليشمل بيان ماهيّة وطبيعة العلاقة الاجتماعيّة بين الرجل والمرأة، وكيف ينبغي أن تكون قائمةً على الاحترام المتبادل، والإيمان بالخصائص الذاتيّة لكلٍّ منهما، وحقوق وواجبات كلٍّ منهما، على المستوى الفردي والاجتماعي، بحيث يصل هذا المثقَّف إلى الإيمان بأنّ الرجل والمرأة شريكان في هذه الحياة الإنسانيّة، لا يمكن لأحدهما أن يستغني عن الآخر. وأمّا إذا بقي في النفوس ـ ولو في اللاوعي المتشكِّل من مسموعاتٍ متكرِّرة ـ إيمانٌ واعتقاد بأن المرأة تابعةٌ للرجل، وأنّها أحطُّ شأناً منه، وأنّها نجسةٌ، و…، فهذا يعني أنّ أبواب الشذوذ والانحراف لم تُغلَق تماماً، ويبقى الخطر محتَمَلاً من هذه الجهة.
8ـ كيف ينظر الشرع إلى الذين يمارسون الشذوذ الجنسي، أو مسألة زواج مثليّي الجنس؟ وهل صحيح بأن هناك حديثاً يأمر بقتلهم؟ ولماذا؟
بعد أن ثبت أنّ أغلب حالات الميل العاطفي للجنس نفسه ناشئة من مرضٍ نفسيّ مستندٍ إلى سوء التربية، وطبيعة المجتمع، و…
وبعد أن فُتح الباب، ولو قليلاً، لإمكانيّة التحوُّل الجنسي لهؤلاء، وتترتَّب عليه سائر الأحكام الخاصّة بذي الهويّة الجديدة.
بعد ذلك كلِّه لا مبرِّر عُرفيّاً أو شرعيّاً لرجلٍ أن يقيم علاقةً جنسيّة مع رجلٍ، أو لامرأةٍ أن تقيم علاقةً جنسيّة مع امرأة. وإنّما عليه أن يبادر لتحديد هويّته الأصليّة (ولو بواسطة التأكيد العلمي لمَيْله العاطفي نحو الجنس نفسه)، ثمّ يجري عمليّة تحوُّلٍ، فيصير من الجنس الآخر، وتصير علاقتُه حينئذٍ وفق الضوابط العرفيّة والشرعيّة المقرَّرة.
من هنا فإنّ الشارع المقدَّس رفض رفضاً تامّاً انتشار أيّ علاقة جنسيّة خارج مؤسّسة الزواج المعروف، وهو العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبيّان (من غير المحارم).
وهو في ذلك يهدف للحفاظ على خصائص كلٍّ من الرجل والمرأة. وأيضاً يهدف لحماية كلٍّ منهما من الضرر والأذى الجسديّ، وربما النفسي والمعنوي. كما يهدف إلى المحافظة على النَّسْل والذُّرِّية، والأجيال البشريّة المتعاقبة؛ إذ إنّ استغناء الرجال بالرجال، واكتفاء النساء بالنساء، على مستوى واسعٍ ومنتشر، يؤدّي إلى خللٍ اجتماعي فظيع، وهو انقطاع النَّسْل([15]).
وبناءً على ما تقدَّم فقد غلَّظ الشارع الحكيم في عقوبة مرتكب هذه الفاحشة، وممارسي هذا الشذوذ، من الرجال والنساء معاً؛ فكان حدُّ اللِّواط ـ لكلا الطرفين ـ الجَلْد مئة جلدة أو القتل ـ على تفصيلٍ ـ، سواءٌ كانا محصَنَيْن بالزواج أم لا([16]). وكذلك كان حدُّ السَّحْق ـ لكلا الطرفين ـ الجَلْد مئة جلدةٍ في المرّة الأولى، فإذا عادتا لما نهيتا عنه كان جزاؤهما القتل، سواءٌ كانت محصنتين بالزواج أم لا([17]).
وبعد الذي تقدَّم من فساد هذا العمل، وهذه العلاقة لا تعود هذه الأحكام الشديدة غريبة أو مستهجَنة، وإنّما هي جزاءٌ عادل لمَنْ ارتكب مثل هذا الفساد والانحراف.
وهناك جملةٌ من الروايات المنسوبة إلى النبيّ(ص) أو الصحابة أو الأئمّة من أهل البيت(عم) تؤكِّد مثل هذه العقوبات، للرجال([18]) والنساء([19]).
**********
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) إنْ كان هناك علامةٌ، من لحيةٍ أو طول شعرٍ أو حيضٍ أو احتلامٍ أو…، فبها؛ وإلاّ فالمدار على المبال، فإنْ بال من أحد العضوين فهو الأصل والثاني زائد؛ وإنْ بال منهما معاً فيُعرَف بالذي يسبق منه البول؛ فإن سبق منهما معاً فيُعرَف بالذي يتأخّر انقطاعه، وقيل: بالذي يسبق انقطاعه؛ فإنْ تساويا سبقاً وقطعاً فهذا هو الخنثى المشكل شرعاً، والمدار حينئذٍ على القرعة ـ ورفض البعض ذلك، وقال: هذا لا حلَّ له، فيبقى مشكلاً ـ. نعم، قال بعضهم بأنّه يُعرَف بعدد أضلاعه، فإنْ كانت ثمانية عشر فهو أنثى، وإنْ كانت سبعة عشر ـ من الجانب الأيمن تسعة، ومن الجانب الأيسر ثمانية ـ فهو ذكرٌ. وقال بعضهم (السيد المرتضى في الانتصار: 594؛ الرسائل 1: 263) بأنّه إنْ بال منهما معاً يُعرَف بالأغلب والأكثر منهما، أي بالذي يبول منه مرّاتٍ أكثر، فإنْ تساويا في ذلك فالعبرة بعدد الأضلاع. وقال بعضهم: إن تساويا في قلّة البول وكثرته يُعرَف بميل طبعه، وكأنّ المعيار هاهنا ميله الجنسي، فإنْ مال إلى النساء كان رجلاً، وإنْ مال إلى الرجال فهي امرأة.
([2]) ابن بسطام، طبّ الأئمّة: 132، عن محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان الزاهري، عن يونس بن ظبيان، عن إسماعيل بن أبي زينب، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث.
([3]) رواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن 1: 113، عن عليّ بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن محمد، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله(ع) قال: لعن رسول الله(ص) المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال. قال: وهم المخنَّثون، واللاتي ينكح بعضهنّ بعضاً، وإنما أهلك الله قوم لوطٍ حين عمل النساء مثل ما عمل الرجال، يأتي بعضهم بعضاً.
ورواه البخاري في الصحيح 7: 55، عن محمد بن بشّار، عن غندر، عن شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، مرفوعاً.
([4]) السيد الخوئي: في غاية الإشكال، حتّى لو كانت لغرض عقلائيّ، كالإنجاب.
الشيخ التبريزي: حرامٌ؛ لأنها تغييرٌ لخلق الله، حتّى لو كانت لغرضٍ عقلائيّ، كالإنجاب.
السيد محمد الشيرازي: حرامٌ.
السيد صادق الشيرازي: حرامٌ، ولو كانت ميوله النفسيّة للآخر.
([5]) السيد الخميني: غير حرام.
([6]) السيد السيستاني: يجوز في حدّ ذاته إن فرض تحققه خارجاً، وما نجده الآن إنّما هو تغيير مظاهر الجسد، دون أن تتبدّل الحقيقة. والعملية المذكورة إنّما تجوز إذا لم تستلزم محرَّماً آخر، كالنظر واللمس المحرَّمين.
السيد محمد سعيد الحكيم: التغيير الكامل جائزٌ، ويبدِّل الأحكام؛ والتغيير الظاهري فقط حرامٌ، ولا يبدِّل الأحكام.
السيد فضل الله: ليس هناك مانعٌ شرعي من أن تجري عملية تحوُّل المرأة إلى رجل، والرجل إلى امرأة.
السيد الحيدري: لا مانع من تغيير الجنس إلى جنس آخر بحيث يكون بعد التغيير جنساًً مخالفاًً، هذا فيما لو أحرز عدم حرمة المقدّمات، وكذا عدم انتهاك كرامته بهذا التغيير، كما هو حاصلٌ في البلاد المسلمة.
([7]) السيد الخامنئي: يجوز كشف الجنسيّة الواقعية الثابتة بالخصائص النفسيّة. سُئل السيد الخامنئي: هناك أشخاصٌ ظاهرهم الذكورية، إلاّ أنّهم يمتلكون بعض خصائص الأنوثة من الناحية النفسيّة، ولديهم ميولٌ أنثويّة كاملة، فلو لم يبادروا إلى تغيير جنسهم وقعوا في الفساد, هل يجوز معالجتهم من خلال إجراء عمليّة جراحية؟ فأجاب: لا بأس في العملية الجراحية المذكورة فيما إذا كانت لكشف وإظهار الجنسيّة الواقعية، شريطة أن لا تستلزم فعل محرَّم، ولا تسبِّب ترتُّب مفسدة.
([8]) يقول الطوسي في المبسوط 4: 266 (مبحث تحديد هويّة الخنثى): ومَنْ قال: يعتبر بميل طبعه، وقال: أنا أميل إلى النساء، ويقوم عليَّ، فهو رجلٌ؛ وإنْ كانت تميل إلى الرجال، وتحبّ أن تؤتى، فهو امرأةٌ. وليس يُنظر إلى ما يتلذَّذ به، فربما كان مخنّثاً يحبّ الرجال، وتكون المرأة مذكّرةً فتحبّ النساء، بل يرجع إلى طبعه في أصل الخلقة وعمل به.
([9]) السيستاني: العمليّة الظاهريّة لا تنفع لترتيب آثار التحوُّل.
السيد فضل الله: يمكن إذا أصبحت المرأة رجلاً أن تتزوَّج، وزواجها شرعيّ. والعكس أيضاً صحيحٌ في هذا المقام.
السيد محمد سعيد الحكيم: التغيير الكامل جائزٌ، ويبدِّل الأحكام؛ والتغيير الظاهري فقط حرامٌ، ولا يبدِّل الأحكام.
([10]) حيث يُنقل عن اليهود أنَّهم إذا حاضَتْ المرأة منهم أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها ـ أي يجتمعوا معها ـ في البيت.
([11]) يقول الكتاب المقدَّس في رسالة كورنثوس الأولى 14: 33 ـ 35: «لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُوناً لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضاً. وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئاً فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ؛ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ».
([12]) رواه أحمد بن حنبل في المسند 2: 66 ـ 67، عن هارون بن معروف، عن ابن وهب وقال مرّة: حياة، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أنّ رسول الله(ص) قال: «يا معشر النساء تصدَّقْنَ وأكثِرْنَ؛ فإنّي رأيتُكُنَّ أكثر أهل النار؛ لكثرة اللعن وكفر العشير، ما رأيت من ناقصات عقلٍ ودين أغلب لذي لُبٍّ منكُنَّ»، قالت: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: «أمّا نقصان العقل والدين فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل؛ وتمكث الليالي لا تصلّي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين».
ورواه مسلم في الصحيح 1: 61، عن محمد بن رمح بن المهاجر المصري، عن الليث، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله(ص)…الحديث.
ورواه البخاري في الصحيح 1: 78، عن سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر، عن زيد هو ابن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله(ص) في أضحى أو فطرٍ إلى المصلّى، فمرَّ على النساء، فقال: «يا معشر النساء، تصدَّقْنَ فإنّي أريتكن أكثر أهل النار»، فقُلْنَ: وبِمَ يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودين أذهب لِلُبِّ الرجل الحازم من إحداكُنَّ»، قلنَ: وما نقصان ديننا وعقلنا، يا رسول الله؟ قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟» قلنَ: بلى، قال: «فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تصُمْ؟» قلنَ: بلى، قال: «فذلك من نقصان دينها».
ورواه الكليني في الكافي 5: 322، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عمَّنْ ذكره، عن أبي عبد الله(ع) قال: قال رسول الله(ص): «ما رأيتُ من ضعيفات الدِّين، وناقصات العقول، أسلب لذي لُبٍّ منكُنَّ».
([13]) جاء في نهج البلاغة 1: 129، بعنوان (خطبة لأمير المؤمنين(ع) بعد حرب الجمل في ذمّ النساء): «معاشر الناس، إنّ النساء نواقص الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول. فأما نقصان إيمانهنَّ فقعودهنَّ عن الصلاة والصيام في أيام حيضهنَّ؛ وأما نقصان حظوظهنَّ فمواريثهنَّ على الأنصاف من مواريث الرجال؛ وأما نقصان عقولهنَّ فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد. فاتَّقوا شِرار النساء، وكونوا من خِيارهنَّ على حَذَرٍ، ولا تطيعوهنَّ في المعروف حتّى لا يطمعْنَ في المُنْكر».
([14]) وإلاّ فما معنى نقصان الدين؟! وهل تترك المرأة الصلاة والصوم في أيّام حيضها أو نفاسها ـ وهما من أسرار الخِلْقة الإلهيّة، ولا تفقدهما إلاّ مريضةٌُ ذاتُ عاهةٍ ـ إلاّ امتثالاً لأمر الله، وتقرُّباً إليه؛ حيث يحرم عليها أن تأتي بالصلاة ولو رغبَتْ فيها، تماماً كما يحرم على الجُنُب وغير المتوضِّئ، سواءٌ كان رجلاً أم امرأةً، أن يدخل في الصلاة قبل تحصيل الطهارة؟! وهل يستطيع الرجل المسافر أن يصوم قربةً إلى الله تعالى؟! إنَّه لا يصحّ منه، بل يحرم عليه، ويأثم لفعله؛ لأنَّه أُمر بالإفطار، وما عليه سوى الامتثال، فكذلك المرأةُ أُمرَتْ بالإفطار؛ تخفيفاً عليها في حالات معيَّنة، فعليها الالتزام، وهذا من تمام التديُّن وكمال الإيمان.
وإذا كان الحيضُ نقصاً في دين المرأة فهل أنّ تأخُّر سنّ اليأس عند العلويّة ـ وهو يتأخَّر إلى 60 سنة، كما يراه بعض الفقهاء ـ يوجب طول فترة نقصان دينها؟! وهل في هذا تكريمٌ ومدحٌ لبنات رسول الله(ص) أو إهانةٌ وذمٌّ لهُنَّ؟! وهل يكون غيرُهُنَّ أفضلَ منهُنَّ في هذا المجال. مع الإشارة إلى أنَّنا نرفض هذا التمايز بين النساء، كما الرجال. ولا فضل إلاّ بالتقوى، كما هو صريح القرآن الكريم: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: 13).
ولو تأوَّلنا نقصان الدين بأنّ كثيراً من النساء لا يلتفتْنَ إلى ما يجب عليهنَّ من قضاء صلوات قد فاتَتْهُنَّ قبل أن يطرقهنَّ الحيض، كما لو أنّها حاضت بعد مضيّ وقتٍ يتَّسع لصلاة الظهر مثلاً، فإنّه يجب عليها أن تقضي هذه الصلاة (صلاة الظهر) بعد طهرها، فمَنْ تفعل ذلك؟!؛ أو أنّهنَّ لا يستطِعْنَ تحديد نهاية الحيض بدقّةٍ، فتفوتهنَّ بعض الصلوات، ولا يقضينَها؛ ظنّاً أنّهنَّ كنَّ معذورات؛ بسبب الحيض؛ أو ينسَيْنَ عدد أيّام حيضهنَّ فيقضينَ أيّاماً غير مضبوطةٍ، ويفوتهنَّ قضاءُ الأيّام الأُخَر، أو يؤخِّرْنَ القضاء إلى أن يأتي شهر رمضان، وهذا معصيةٌ وذنبٌ، ويترتَّب عليه الإثْم والوِزْر؛ وهكذا…، فما معنى نقصان العقل؟! وهل أنّ الرجل ناقص العقل حيث لم يُقبل منه في الشهادة على الزِّنا إلاّ بأربعةٍ، وليس باثنين؟! وكيف تُقبَل شهادة المرأة ناقصة العقل منفردةً في مواضع، كالعُذْرة، وعيوب النساء، والولادة، والاستهلال (خروج الولد من رحم أمِّه حيّاً صائحاً)، والرِّضاع؟!
وما معنى نقصان الحَظّ؟! وهل يبقى لرجلٍ من المال الذي يصل إليه ـ بعد أنْ كانت نفقة البيت الزوجيّ عليه ـ بمقدار ما يبقى للزوجة التي لم تُكلَّف شيئاً من النَّفقات؟!
للأسف إنّها أحاديث غير صحيحةٍ، بل لا يساورنا الشكُّ في أنَّها موضوعةٌ مكذوبة، ومع ذلك يتمسَّك بها بعض الناس؛ للترويج لبعض الأفكار الخاطئة عن الدِّين، ونظرته إلى المرأة في المجتمع الإسلاميّ، ولكنَّ الدِّين من ذلك كلِّه براءٌ.
([15]) روى الصدوق في علل الشرائع 2: 547، عن عليّ بن أحمد(ر)، عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن عليّ بن العبّاس، عن القاسم بن الربيع الصحّاف، عن محمد بن سنان، أن أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا(ع) كتب إليه، في ما كتب من جواب مسائله: علّة تحريم الذكران للذكران، والإناث للإناث؛ لما ركب في الإناث، وما طبع عليه الذكران؛ ولما في إتيان الذكران الذكران والإناث الإناث من انقطاع النَّسْل، وفساد التدبير، وخراب الدنيا.
([16]) قال الشريف المرتضى في الانتصار: 510 ـ 511: وممّا انفردت به الإمامية القول بأن حدَّ اللوطي إذا أوقع الفعل في ما دون الدبر بين الفخذين مائة جلدة، للفاعل والمفعول به، إذا كانا معاً عاقلين بالغين، لا يراعى في جلدهما وجود الإحصان، كما رُوعي في الزِّنا. فأما الإيلاج في الدبر فيجب فيه القتل، من غير مراعاةٍ أيضاً للإحصان فيه. والإمام مخيَّر في القتل بين السيف وضرب عنقه به، وبين أن يلقي عليه جداراً يتلف نفسه بإلقائه، أو بأن يلقيه من جدارٍ أو جبل على وجه تتلف معه نفسه بإلقائه، أو يرميه بالأحجار حتّى يموت. وقد انفردت الإمامية انفراداً صحيحاً، ولا موافق لها في هذا؛ فإنه وإنْ رُوي عن مالك والليث بن سعد في المتلوطين أنهما يرجمان، أحصنا أو لم يحصنا، فهذه لعمري موافقة للإمامية من بعض الوجوه، ولم يفصِّلا هذا التفصيل الذي شرحناه، وما أظنّهما يوجبان على مَنْ لم يكن فعله في نفس الدبر جَلْداً ولا غيره. وقال أبو حنيفة في اللوطي: إنه يعزّر، ولا يحدّ. وقال البتّي وأبو يوسف ومحمد وابن حيّ والشافعي: إن اللواط بمنزلة الزنا، وراعوا فيه الإحصان الذي يراعونه في الزنا….
وممّا يُذكر على سبيل المعارضة للمخالف أنهم كلّهم يروون عن عكرمة، عن ابن عبّاس، أن النبيّ(ص) قال: مَنْ وجدتموه على عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول.
وقال المحقِّق الحلّي في شرائع الإسلام 4: 942: وكيفيّة إقامة هذا الحدّ: القتل، إنْ كان اللواط إيقاباً. وفي روايةٍ: إنْ كان محصناً رجم، وإنْ كان غير محصن جلد. والأوّل أشهر. ثمّ الإمام مخيَّر في قتله، بين ضربه بالسيف، أو تحريقه، أو رجمه، أو إلقائه من شاهقٍ، أو إلقاء جدار عليه. ويجوز أن يجمعبين أحد هذه وبين تحريقه. وإنْ لم يكن إيقاباً، كالتفخيذ أو بين الإليتين، فحدُّه مائة جلدة. وقال في النهاية: يرجم إنْ كان محصناً، ويجلد إنْ لم يكن. والأوّل أشبه.
([17]) قال الشريف المرتضى في الانتصار: 513: وممّا انفردت به الإمامية القول بأن البيِّنة إذا قامت على امرأتين بالسحق جلدت كلّ واحدةٍ منهما مائة جلدة، مع فقد الإحصان ووجوده. فإنْ قامت البيِّنة عليهما بتكرير هذا الفعل منهما، وإصرارهما عليه، كان للإمام قتلهما، كما يفعل باللوطي. وخالف باقي الفقهاء في ذلك، ولم يوجبوا شيئاً ممّا أوجبناه.
([18]) روى أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن 1: 112 ـ 113)، عن جعفر بن محمد، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله(ع)، [أنّه] كتب خالد إلى أبي بكر: سلام عليك، أما بعد، فإنّي أتيتُ برجلٍ قامت عليه البينة أنه يؤتى في دبره، كما تؤتى المرأة. فاستشار فيه أبو بكر، فقالوا: اقتلوه، فاستشار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)، فقال: أحرقه بالنار؛ فإنّ العرب لا ترى القتل شيئاً، قال لعثمان: ما تقول؟ قال: أقول ما قال عليٌّ، تحرقه بالنار، قال أبو بكر: وأنا مع قولكما. وكتب إلى خالد أن أحْرِقْه بالنار، فأحرقه. وقد وصفها السيد الخوئي بـ (الصحيحة) في (مباني تكملة المنهاج 1: 235).
وروى الكليني في (الكافي 7: 199)، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن يوسف بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه عبد الرحمن، عن أبي عبد الله، عن أبيه(عما) قال: أُتي عمر برجلٍ وقد نكح في دبره، فهمَّ أن يجلده، فقال للشهود: رأيتموه يدخله كما يدخل الميل في المكحلة؟ فقالوا: نعم، فقال لعليٍّ(ع): ما ترى في هذا؟ فطلب الفحل الذي نكحه فلم يجده، فقال عليٌّ(ع): أرى فيه أن تضرب عنقه، قال: فأمر به فضُربت عنقه، ثمّ قال: خذوه فقد بقيَتْ له عقوبةٌ أخرى، قالوا: وما هي؟ قال: ادعوا بطنٍّ من حطب، فدعا بطنٍّ من حطب، فلفّ فيه، ثم أخرجه فأحرقه بالنار، قال: ثمّ قال: إن لله عباداً لهم في أصلابهم أرحامٌ كأرحام النساء، قال: فما لهم لا يحملون فيها؟ قال: لأنها منكوسة، في أدبارهم غدّة كغدّة البعير، فإذا هاجت هاجوا، وإذا سكنت سكنوا.
وروى الكليني أيضاً في (الكافي 7: 199 ـ 200)، عن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن العبّاس بن عامر، عن سيف بن عميرة، عن عبد الرحمن العرزمي قال: سمعتُ أبا عبد الله(ع) يقول: وُجد رجلٌ مع رجلٍ في إمارة عمر، فهرب أحدهما، وأخذ الآخر، فجيء به إلى عمر، فقال للناس: ما ترَوْن؟ قال: فقال هذا: اصنَعْ كذا، وقال هذا: اصنَعْ كذا، قال: فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ قال: اضربْ عنقه، فضرب عنقه قال: ثمّ أراد أن يحمله، فقال: مَهْ، إنه قد بقي من حدوده شيءٌ، قال: أيُّ شيءٍ بقي؟ قال: ادْعُ بحطبٍ، قال: فدعا عمر بحطبٍ، فأمر به أمير المؤمنين(ع) فأُحرق به. وقد وصفها السيد الخوئي بـ (الصحيحة) في (مباني تكملة المنهاج 1: 236).
وروى الكليني أيضاً في (الكافي 7: 201 ـ 202)، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبد الله(ع) قال: بينا أمير المؤمنين(ع) في ملأ من أصحابه إذ أتاه رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين، إني قد أوقبت على غلامٍ فطهِّرني، فقال له: يا هذا، امْضِ إلى منزلك لعلَّ مراراً هاج بك، فلما كان من غدٍ عاد إليه، فقال له: يا أمير المؤمنين، إني أوقبت على غلامٍ فطهِّرني، فقال له: يا هذا، امضِ إلى منزلك لعلَّ مراراً هاج بك، حتّى فعل ذلك ثلاثاً بعد مرّته الأولى، فلما كان في الرابعة قال له: يا هذا، إن رسول الله(ص) حكم في مثلك بثلاثة أحكام، فاختر أيَّهُنَّ شئتَ، قال: وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أو إهداء من جبلٍ مشدود اليدين والرجلين، أو إحراق بالنار…، الحديث. وقد وصفها السيد الخوئي بـ (الصحيحة) في (مباني تكملة المنهاج 1: 236).
وروى البيهقي في (السنن الكبرى 8: 232)، عن أبي عبد الله الحافظ، عن أبي العبّاس محمد بن يعقوب، عن العبّاس بن محمد، عن يحيى بن معين، عن غسّان بن مضر، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، [أنّه] سُئل ابنُ عبّاس: ما حدّ اللوطي؟ قال: ينظرا على بناءٍ في القرية، فيُرمى به منكساً، ثمّ يتبع الحجارة.
وروى البيهقي أيضاً في (السنن الكبرى 8: 232 ـ 233)، عن أبي نصر بن قتادة وأبي بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، عن أبي عمرو بن مطر، عن إبراهيم بن عليّ، عن يحيى بن يحيى، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن داوود بن بكر، عن محمد بن المنكدر، عن صفوان بن سليم، أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما في خلافته يذكر له أنه وجد رجلاً في بعض نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، وأن أبا بكر رضي الله عنه جمع الناس من أصحاب رسول الله(ص)، فسألهم عن ذلك، فكان من أشدِّهم يومئذٍ قولاً عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: إن هذا ذنب لم تَعْصِ به أمّةٌ من الأمم إلاّ أمة واحدة، صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقه بالنار، فاجتمع رأي أصحاب رسول الله(ص) على أن يحرقه بالنار، فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد ابن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار. ثمّ قال البيهقي: هذا مرسلٌ. وروي من وجهٍ آخر عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليٍّ رضي الله عنه، في غير هذه القصّة، قال: يرجم ويحرق بالنار.
([19]) روى أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن 1: 113 ـ 114، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن إسحاق بن جرير قال: سألتني امرأة أن أستاذن لها على أبي عبد الله(ع)، فأذن لها، فقالت: أخبرني عن اللواتي مع اللواتي ما حدُّهنَّ فيه؟ قال: حدّ الزِّنا…. أيّتها المرأة، إنّ أوّل مَنْ عمل هذا قوم لوط، فاستغنى الرجال بالرجال، فبقي النساء بغير رجالٍ، ففعلْنَ كما فعل رجالهنَّ.
ورواه الكليني في الكافي 5: 551 ـ 552، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن إسحاق بن جرير…، الحديث.
وروى أيضاً في المحاسن 1: 114، عن عليّ بن عبد الله، عن ابن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن بعض الصادقين، قال: ليس لامرأتين أن تبيتا في لحافٍ واحد، إلاّ أن يكون بينهما حاجزٌ، فإنْ فعلتا نهيتا عن ذلك، فإنْ وجدتا مع النهي جلدَتْ كلّ واحدةٍ منهما حدّاً حدّاً، فإنْ وجدتا أيضاً في لحافٍ جُلدتا، فإنْ وجدتا الثالثة قتلتا.
ورواه الكليني في الكافي 7: 202، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث.
وروى أيضاً في المحاسن 1: 114، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع)، قال: دخلَتْ عليه نسوةٌ، فسألته امرأةٌ عن السَّحْق؟ فقال: حدُّها حدّ الزاني، فقالت المرأة: ما ذكر الله ذلك في القرآن؟ قال: بلى، قالت: وأين هو؟ قال: هم أصحاب الرسّ.
وروى الكليني في الكافي 7: 202، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة وهشام وحفص، عن أبي عبد الله(ع) أنه دخل عليه نسوةٌ، فسألته امرأةٌ منهنّ عن السَّحْق؟ فقال: حدُّها حدّ الزاني، فقالت المرأة: ما ذكر الله عزَّ وجلَّ ذلك في القرآن؟ فقال: بلى، قالت: وأين هو؟ قال: هنَّ أصحاب الرَّسّ.
وروى أيضاً في الكافي 7: 202، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألتُه عن المرأتين توجدان في لحافٍ واحد قال: تجلد كلّ واحد منهما مائة جلدةٍ.
وروى أيضاً في الكافي 7: 202، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر(ع) قال: السحّاقة تُجلد.
وروى أيضاً في الكافي 7: 202 ـ 203، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عمرو بن عثمان؛ وعن أبيه، جميعاً، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال: سمعتُ أبا جعفر وأبا عبد الله(عما) يقولان: بينا الحسن بن عليّ(عما) في مجلس أمير المؤمنين(ع) إذ أقبل قومٌ، فقالوا: يا أبا محمد، أردنا أمير المؤمنين(ع)، قال: وما حاجتكم؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألةٍ، قال: وما هي تخبرونا بها؟ فقالوا: امرأةٌ جامعها زوجها، فلمّا قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جاريةٍ بِكْرٍ فساحقتها، فألقَتْ النطفة فيها، فحملت، فما تقول في هذا؟ فقال الحسن(ع): معضلةٌ وأبو الحسن لها، وأقول، فإنْ أصبْتُ فمن الله، ثم من أمير المؤمنين(ع)، وإنْ أخطأتُ فمن نفسي، فأرجو أن لا أخطئ إنْ شاء الله: يعمد إلى المرأة فيؤخَذ منها مهر الجارية البِكْر في أوّل وهلة؛ لأن الولد لا يخرج منها حتّى تشقّ فتذهب عذرتها، ثمّ ترجم المرأة؛ لأنّها محصنة، ثمّ ينتظر بالجارية حتّى تضع ما في بطنها، ويردّ الولد إلى أبيه صاحب النطفة، ثمّ تجلد الجارية الحدّ. قال: فانصرف القوم من عند الحسن(ع)، فلقوا أمير المؤمنين(ع)، فقال: ما قلتم لأبي محمد؟ وما قال لكم؟ فأخبروه، فقال: لو أنّني المسؤول ما كان عندي فيها أكثر ممّا قال ابني.
وروى أيضاً في الكافي 7: 203، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عليّ بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(ع) قال: دعانا زياد، فقال: إن أمير المؤمنين كتب إليَّ أن أسألك عن هذه المسألة، فقلتُ: وما هي؟ فقال: رجلٌ أتى امرأةً، فاحتملت ماءه، فساحقَتْ به جاريةً، فحملت، فقلت له: فسَلْ عنها أهل المدينة، قال: فألقى إليَّ كتاباً، فإذا فيه سَلْ عنها جعفر بن محمد، فإنْ أجابك وإلاّ فاحمله إليَّ، قال: فقلتُ له: ترجم المرأة، وتجلد الجارية، ويلحق الولد بأبيه، قال: ولا أعلمه إلاّ قال: وهو الذي ابتلى بها.
وروى أيضاً في الكافي 7: 203، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(ع)، في امرأةٍ افتضَّتْ جاريةً بيدها؟ قال: عليها مهرها، وتجلد ثمانين.
وروى الطوسي في تهذيب الأحكام 10: 59، بإسناده إلى محمد بن عليّ بن محبوب [وهو: الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار، عن أبيه محمد بن يحيى، عن محمد بن عليّ بن محبوب]، عن أحمد بن محمد، عن العبّاس بن موسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن عمّار، عن المعلّى بن خنيس قال: سألتُ أبا عبد الله(ع) عن رجلٍ وطأ امرأته، فنقلت ماءه إلى جاريةٍ بكر، فحبلت؟ فقال: الولد للرجل، وعلى المرأة الرَّجْم، وعلى الجارية الحدّ.