من أصحاب الحسين(ع): بُرَيْر بن خُضَيْر الهمداني
في حلقةٍ من سلسلة أصحاب الحسين(ع)
عنوان الحلقة: بُرَيْر بن خُضَيْر الهمداني
تقديم: سماحة الشيخ محمد عباس دهيني
إعداد: الإعلامية فاطمة خشّاب درويش
https://www.facebook.com/Bayynat.fadlallah/videos/1351233815002622/?hc_ref=ARSyxc-d-tZPwSPNloNMUu3IUoO46tkPyORTwU0ap0ITCIt7WEIz9aRutvxtH9eI1o8
بُرَيْر بن خُضَيْر الهمداني
من التابعين. من أصحاب أمير المؤمنين عليّ(ع) وشيعته.
وكان شيخاً ناسكاً، قارئاً للقرآن، بل من شيوخ القرّاء في جامع الكوفة، بل قيل: كان برير أقرأ أهل زمانه.
وله في الهمدانيين شَرَفٌ وقَدْر.
ورد ذكره في الزيارة الرجبيّة بصيغة: «السلام على بُرَيْر بن خُضَيْر».
أبلى بلاءً حَسَناً في نصرة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(ع)، وقاتل بين يدَيْه صابراً محتسباً، وقَتَل مَنْ قتل من الأعداء، إلى أن قُتِل، قتله بُحَيْر بن أَوْس الضَّبّي.
كان محلّ ثقة الحسين(ع)، حيث لمّا اشتدّ بهم العطش أذن(ع) له بأن يخرج إلى القوم فيكلِّمهم، فقال: «يا معشر الناس، إن الله عزَّ وجلَّ بعث محمداً بالحقّ بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها، وقد حيل بينه وبين ابنه [أي ابن رسول الله(ص)]».
ولكنّهم لم يلتفتوا لموعظته، وتابعوا حصارهم.
وفي حادثةٍ أخرى طلب إليه الحسين(ع) أن يكلِّم القوم؛ لما كان يراه فيه من الفصاحة والبلاغة، وقوّة الحجّة والبرهان، والثبات على الحقّ، فقال: «يا قوم، اتّقوا الله، فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذرّيته وعترته وبناته وحَرَمه، فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم؟» فقالوا: نريد أن نمكِّن منهم الأمير ابن زياد، فيرى رأيه فيهم، فقال لهم برير: «أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه؟ ويلكم، يا أهل الكوفة، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها، وأشهدتم الله عليها، يا ويلكم، أدعوتم أهل بيت نبيكم، وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد، وحلأتموهم عن ماء الفرات، بئس ما خلفتم نبيكم في ذرّيته، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة، فبئس القوم أنتم». فقال له نفرٌ منهم: يا هذا ما ندري ما تقول؟ فقال برير: «الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرةً، اللهم إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم، اللهم أَلْقِ بأسهم بينهم، حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان»، فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع برير إلى ورائه.
مواقف مشرِّفة مع الحسين(ع) ومع أعداء الحسين
غيرةٌ على أهل البيت(عم)، وشجاعةٌ وطمأنينة
1ـ مرَّت خيلٌ لابن سعد بالحسين(ع) وهو يقرأ: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ﴾ [آل عمران: 178 ـ 179]، فسمعها رجلٌ من الأعداء، فقال: نحن وربّ الكعبة الطيبون، وأنتم الخبيثون! وقد ميَّزنا منكم، فقطع برير الصلاة، فناداه: «يا فاسق يا فاجر يا عدوّ الله! أمثلك يكون من الطيِّبين؟ ما أنت إلاّ بهيمة لا تعقل، فأبشر بالنار يوم القيامة والعذاب الأليم»، فصاح به شمر بن ذي الجوشن ـ لعنه الله ـ، وقال: أيها المتكلم! إن الله تبارك وتعالى قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب، فقال له برير: «يا عدوّ الله، أبالموت تخوِّفني؟! والله إن الموت أحبّ إلينا من الحياة معكم! والله لا ينال شفاعة محمد(ص) قومٌ أراقوا دماء ذريته وأهل بيته». وأقبل رجلٌ من أصحاب الحسين إلى برير بن خضير، فقال له: رحمك الله يا برير، إن أبا عبد الله يقول لك: «ارجع إلى موضعك، ولا تخاطب القوم، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، فلقد نصحت وأبلغت في النصح».
2ـ لمّا خطب الحسين(ع) خطبته التي قال فيها: «إنه قد نزل من الأمر ما قد ترَوْن، وإن الدنيا تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها، ولم يبْقَ منها إلاّ صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترَوْن إلى الحقّ لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربّه حقّاً حقّاً، فإني لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً»، قام برير بن خضير فقال: واللهِ، يا بن رسول الله، لقد منََّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، تقطع فيه أعضاؤنا، ثم يكون جدُّك شفيعَنا يوم القيامة بين أيدينا، لا أفلح قومٌ ضيَّعوا ابن بنت نبيهم، أفٍّ لهم غداً ماذا يلاقون؟ ينادون بالويل والثبور في نار جهنم.
بِشْرٌ، وثقةٌ بالموقف والمصير
3ـ ووقف برير بن خضير الهمداني وعبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري على باب فسطاط الحسين(ع)، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن، فقال له عبد الرحمن: يا برير أتضحك؟ ما هذه ساعة باطلٍ، فقال برير: «لقد علم قومي أنني ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً، وإنما أفعل ذلك استبشاراً بما نصير إليه، فوالله ما هو إلاّ أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم ساعةً ثم نعانق الحور العين».
4ـ ولقد حاول ثني عمر بن سعد عن مساندة بني أميّة، وحثَّه على نصرة أهل بيت النبوّة، ولكنّ ملك الريّ كان قد أعمى بصيرته، وسلبه لبَّه، فاختار ملك الريّ ولو بقتل الحسين(ع)، فخسر الدنيا والآخرة.
المصادر
1ـ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب 3: 250.
2ـ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان: 39.
3ـ الأحمدي الميانجي، مواقف الشيعة 2: 193 ـ 194.
4ـ الصدوق، الأمالي: 222 ـ 224.
5ـ علي النمازي الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار 1: 323.
6ـ المجلسي، بحار الأنوار 44: 381 ـ 383؛ 45: 1، 5، 15 ـ 16.
7ـ محمد مهدي شمس الدين، أنصار الحسين (ع): 76 ـ 77.
8ـ المفيد، الإرشاد 2: 95.