11 ديسمبر 2022
التصنيف : استفتاءات
لا تعليقات
805 مشاهدة

المرأة كاملة الحظّ والعقل والدين

سؤال: يروى عن النبيّ(ص) أنّه قال: «ما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودين أغلب لذي لُبٍّ منكنَّ»، قيل: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: «أمّا نقصان العقل والدين فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجلٍ، فهذا نقصان العقل؛ وتمكث الليالي لا تصلّي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين»» (مسند أحمد بن حنبل 2: 66 ـ 67؛ صحيح مسلم 1: 61؛ صحيح البخاري 1: 78؛ الكليني، الكافي 5: 322)؛

ويُروى عن أمير المؤمنين(ع) أنّه قال: «إنّ النساء نواقص الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول؛ فأما نقصان إيمانهنَّ فقعودهنَّ عن الصلاة والصيام في أيّام حيضهنَّ؛ وأما نقصان حظوظهنَّ فمواريثهنَّ على الأنصاف من مواريث الرجال؛ وأما نقصان عقولهنَّ فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد» (نهج البلاغة 1: 129).

فهل هذه الأحاديث صحيحة؟ ومع صحّتها، كيف يمكننا فهمها؟

الجواب: نحن لا نستبعد أن يكون ما رُوي عن النبيّ(ص)، أو عن أمير المؤمنين(ع)، هو من وَضْع بعض الفاسدين الذين أرادوا الإساءة للإسلام…

وإلاّ فما معنى نقصان الدين؟! وهل تترك المرأة الصلاة والصوم في أيّام حَيْضها أو نفاسها ـ وهما من أسرار الخِلْقة الإلهيّة، ولا تفقدهما إلاّ مريضةٌُ ذاتُ عاهةٍ ـ إلاّ امتثالاً لأمر الله، وتقرُّباً إليه؛ حيث يحرم عليها أن تأتي بالصلاة ولو رغبَتْ فيها، تماماً كما يحرم على الجُنُب وغير المتوضِّئ، سواءٌ كان رجلاً أم امرأةً، أن يدخل في الصلاة قبل تحصيل الطهارة؟! وهل يستطيع الرجل المسافر أن يصوم قربةً إلى الله تعالى؟! إنَّه لا يصحّ منه، بل يحرم عليه، ويأثم لفعله؛ لأنَّه أُمر بالإفطار، وما عليه سوى الامتثال، فكذلك المرأةُ أُمرَتْ بالإفطار؛ تخفيفاً عليها في حالات معيَّنة، فعليها الالتزام، وهذا من تمام التديُّن وكمال الإيمان.

وإذا كان الحَيْضُ نقصاً في دين المرأة فهل أنّ تأخُّر سنّ اليأس عند العلويّة ـ وهو يتأخَّر إلى 60 سنة، كما يراه بعض الفقهاء ـ يوجب طول فترة نقصان دينها؟! وهل في هذا تكريمٌ ومدحٌ لبنات رسول الله(ص) أو إهانةٌ وذمٌّ لهُنَّ؟! وهل يكون غيرُهُنَّ أفضلَ منهُنَّ في هذا المجال. مع الإشارة إلى أنَّنا نرفض هذا التمايز بين النساء، كما الرجال. ولا فضل إلاّ بالتقوى، كما هو صريح القرآن الكريم: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: 13).

ولو تأوَّلنا نقصان الدين بأنّ كثيراً من النساء لا يلتفتْنَ إلى ما يجب عليهنَّ من قضاء صلوات قد فاتَتْهُنَّ قبل أن يطرقهنَّ الحَيْض، كما لو أنّها حاضَتْ بعد مضيّ وقتٍ يتَّسع لصلاة الظهر مثلاً، فإنّه يجب عليها أن تقضي هذه الصلاة (صلاة الظهر) بعد طهرها، فمَنْ تفعل ذلك؟! أو أنّهنَّ لا يستطِعْنَ تحديد نهاية الحَيْض بدقّةٍ، فتفوتهنَّ بعض الصلوات، ولا يقضينَها؛ ظنّاً أنّهنَّ كنَّ معذورات؛ بسبب الحَيْض؛ أو ينسَيْنَ عدد أيّام حَيْضهنَّ فيقضينَ أيّاماً غير مضبوطةٍ، ويفوتهنَّ قضاءُ الأيّام الأُخَر، أو يؤخِّرْنَ القضاء إلى أن يأتي شهر رمضان، وهذا معصيةٌ وذنبٌ، ويترتَّب عليه الإثْم والوِزْر؛ وهكذا…،

فما معنى نقصان العقل؟! وهل أنّ الرجل ناقص العقل حيث لم يُقبل منه في الشهادة على الزِّنا إلاّ بأربعةٍ، وليس باثنين؟! وكيف تُقبَل شهادة المرأة ناقصة العقل منفردةً في مواضع، كالعُذْرة، وعيوب النساء، والولادة، والاستهلال (خروج الولد من رحم أمِّه حيّاً صائحاً)، والرِّضاع؟!

وما معنى نقصان الحَظّ؟! وهل يبقى لرجلٍ من المال الذي يصل إليه ـ بعد أنْ كانت نفقة البيت الزوجيّ عليه ـ بمقدار ما يبقى للزوجة التي لم تُكلَّف شيئاً من النَّفقات؟!

للأسف إنّها أحاديث غير صحيحةٍ، بل لا يساورنا الشكُّ في أنَّها موضوعةٌ مكذوبة، ومع ذلك يتمسَّك بها بعض الناس؛ للترويج لبعض الأفكار الخاطئة عن الدِّين، ونظرته إلى المرأة في المجتمع الإسلاميّ، ولكنَّ الدِّين من ذلك كلِّه براءٌ.



أكتب تعليقك