22 نوفمبر 2013
التصنيف : برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)
لا تعليقات
2٬868 مشاهدة

الحلقة الأولى من برنامج (آيات) على قناة الإيمان الفضائية: الخطاب القرآني

001-دعاية برنامج آيات

(بتاريخ: الاثنين 22 ـ 10 ـ 2013م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ (النساء: 82) (صدق الله العليّ العظيم).

إنّه القرآن الكريم، كتاب الله المنزَل على نبيِّه الأكرم محمّد(ص)، وهو المهيمِن على ما سبقه من كتبٍ سماوية مقدَّسة، كصُحُف إبراهيم، وزَبور داوود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ (المائدة: 48).

وقد نزل هذا الكتاب بلسانٍ عربيٍّ مبين، يفهمه أهلُ العربيّة أجمعون. وهكذا كان رسول الله محمد(ص) يقرأه على قومه، فيفهمونه، ويحفظونه، ويعملون به، وربما احتاج البعض القليل من آياته إلى شرحٍ وتفسير، فيتصدّى له النبيُّ(ص)، ومن بعده أئمّةُ أهل البيت(ع)، الذين هم عِدْلُ القرآن، ومن بعدهم علماء الدين، الذين بذلوا حياتهم في تحصيل العلم والمعرفة.

أيّها الأحبّة، هل من صعوبةٍ في فهم النصّ القرآني؟

شاهدنا في التقرير اختلافاً في الرأي حول القدرة على فهم النصّ القرآني؛ فمنهم مَنْ يفهم أكثرَه، إلاّ بعض الكلمات؛ ومنهم مَنْ يجد صعوبةً في قراءة بعض سوره، فضلاً عن فهمها؛ ومنهم مَنْ يرى أنّه لا يُفهَم منه إلاّ الظاهر، وأمّا الباطن فلا يمكن فهمه إلاّ بالرجوع إلى التفاسير.

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فمِنْ قائلٍ: إنّ القرآن لا يمكن فهم شيء منه مطلقاً، حتّى مثل قوله : ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، إلاّ بتفسير من أهل العصمة عليهم السلام؛ وآخر يقول: إنّ فهم جميع آياته ميسورٌ لكلّ أحدٍ من الناس.

وكلا القولين مجافٍ للحقيقة والصواب؛ ففي القرآن ناسخٌ ومنسوخ، وفي القرآن محكمٌ ومتشابِه، ولآياته ظاهرٌ وباطن، وبالتالي فلا مناص من الرجوع إلى أهل الذكر والراسخين في العلم؛ لبيان تأويله، وتفسير المشتبِه من آياته.

فلو قرأ إنسانٌ عربيٌّ سويّ قولَه تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ (القيامة: 22 ـ 23) فلن يتردَّد في القول بإمكان رؤية الله سبحانه وتعالى بالعين الباصرة.

وهذا التفسيرُ غيرُ صحيح؛ وذلك بالنظر إلى قوله تعالى في آية أخرى: ﴿لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ (الأنعام: 103).

فالآية الأولى من المتشابِهات التي لا يجوز تفسيرها حسب ظاهرها، بل ينبغي فهمها وفق ما جاء في الآيات المحكَمات، وهُنَّ أُمُّ الكتاب، ووفق ما جاء في الروايات المفسِّرة لهذه الآية ونظائرها. فالصحيح هو التأويل، والنظر إلى الربّ هو النظر إلى رحمته ولطفه، ونيل عفوه ورضوانه.

ولو قرأ قولَه تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ (طه: 5) فلن يساوره شكٌّ في أنّ الله سبحانه وتعالى قد اتَّخذ لنفسه عرشاً كعروش بقيّة الملوك، ثمّ إنّه يجلس عليه، وبالتالي فهو محدودٌ في مكانٍ معيَّن.

وهذا تفسيرٌ خاطئٌ لهذه الآية الكريمة، فالعرش بمعنى القدرة والسلطة، فالله هو القادر المطلق، وهو صاحب السلطة اللامحدودة. إذاً فلا بدّ من التأويل؛ اعتماداً على ما جاء في آيات أخرى، كما في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الشورى: 11)، وكذلك ما جاء في رواياتٍ كثيرة أنّه سبحانه وتعالى لا يحدُّه زمانٌ ولا مكان.

وكذلك الحال في آياتٍ متشابِهات عديدة، لا يَسَعُ المقام لذكرها.

وكذلك هناك آيات منسوخات، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المجادلة: 12). فإنّ ظاهرها وجوب التصدُّق قبل الحديث مع النبيّ(ص). فهل هذا هو الواجب فعلاً على مَنْ يخاطبون النبيّ(ص) اليوم ولو في مرقده الشريف؟

لا، أيّها الأحبّة، فما تقدَّم من وجوب التصدُّق منسوخٌ بآيةٍ أخرى أبطلت هذا الحكم وألغَتْه، ألا وهي قوله تعالى: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المجادلة: 13).

وهنا تتبيَّن لنا أهميّة السياق القرآني، فالآيتان متتاليتان، ولو قرأهما معاً لعرف أنّ الحكم الأوّل قد نُسخ وبَطُل.

وفي هذا المجال نشير إلى خطأ شائعٍ بين المؤمنين، ألا وهو اعتقادهم بأنّ قوله تعالى في سورة الصافّات، الآية 11، تُقرأ بهذا الشكل: (سلامٌ على آل ياسين)، وهم أهل بيت النبيّ المصطفى محمد(ص)، بناءً على أنّ من أسمائه عليه السلام (ياسين). والصحيح أنّ الآية الكريمة هي: ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ (الصافّات: 130)، وهي تخصّ نبيَّ الله إلياس(ع)، وهي في سياق الحديث عن أنبياء الله وجهودهم، وسلامِ الله عليهم، ولا علاقة لها من قريبٍ أو بعيد بأئمّة أهل البيت(ع)، حتّى لو وردت رواياتٌ تؤكِّد علاقتها بهم؛ فهي روايات ضعيفةٌ، ومخالفةٌ للقرآن الكريم، أي مخالفةٌ لما يُفهَم منه بلحاظ سياقه.

إذاً إنّ فهم جميع آيات القرآن الكريم ليس ميسوراً لكلّ أحدٍ من الناس.

ولكنْ أنْ يُقال: إنّه لا يمكن فهم شيءٍ من القرآن، حتّى مثل قوله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، إلاّ بتفسيرٍ وشرح وبيان، فهو أيضاً غيرُ صحيح.

كيف وقد نزل القرآن بياناً للناس؟! وقد قرأه رسول الله(ص) على أصحابه، وشرح لهم آياتِه المتشابِهات وما ثقل عليهم فهمُه، وأوكل إليهم فهم البقيَّة، وهي كثيرٌ، اعتماداً على ذوقهم العربيّ السليم؟!

كيف وقد أمرنا أهل البيت(ع) بعرض ما يُنقل لنا من رواياتهم على كتاب الله، وهو هذا القرآن الكريم الموجود بين أيدينا، فما وافقه من الروايات أخذنا به، وما خالفه علينا أن نضرب به عرض الجدار، ولا نقيم له وزناً أو اعتباراً؟!

إذاً، أيّها الأحبّة، يتميَّز الخطاب القرآني عموماً بسهولة فهم آياته، إلاّ أنّه لا إحاطة بمعاني هذه الآيات، فما يمكن فهمه بشكلٍ مستقلٍّ هو الظاهر، وأمّا الباطن والباطن والباطن، وأمّا الآيات المتشابِهات، والآيات المنسوخات، ونحوهما، فيحتاج إلى مَنْ يبيِّنه ويشرحه، ألا وهو النبيُّ(ص) وأهل بيته الكرام، عليهم جميعاً ألف صلاةٍ وسلام.

والخطاب القرآني هو خطاب العقل. فالقرآن يدعو إلى التفكُّر والتدبُّر في هذا الخلق، وفي هذا الكون، وفي الربِّ الذي نعبد، وفي النبيِّ الذي نتَّبع، وفي الدينِ الذي نعتقد ونلتزم، انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ﴾ (سبأ: 24)، وصولاً إلى الاقتناع بعقيدةٍ أو عملٍ معيَّن، و﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (البقرة: 256)، ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ (الكهف: 29)، ولكنْ بعد التفكُّر والبحث والتدقيق؛ للوصول إلى الحقّ والحقيقة.

والخطاب القرآني هو خطاب الوحدة والإلفة والمحبّة والرحمة، فنراه يخاطب أهل الكتاب، وهم كفّارٌ بنظره، حيث يقول: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (المائدة: 73)، ومع ذلك يخاطبهم فيقول: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران: 64). فنحن مسلمون لله، ولن نغيِّر عقيدتنا، ولن نبدِّل شريعتنا، ولكنّنا لن نقاتلكم ولن نحاربكم، فلنا دينُنا ولكم دينُكم.

وما أحوجنا إلى هذا الخطاب الوحدويّ اليوم، وقد أصبح المسلم يكفِّر أخاه المسلم، ويقاتله، ويسفك دمه؛ لمجرَّد اختلافٍ معه في بعض تفاصيل العقيدة، أو بعض تفاصيل الشريعة.

أيّها الإخوة والأخوات، بما أنّ القرآن الكريم هو كتاب الله المنزَل على نبيِّه المرسَل محمدٍ(ص)، وهو معجزتُه التي يثبت بها صدقه وصحّة دعوته، فقد تحدَّى الإنس والجانّ أن يأتوا بمثلِه من مثلِه، فقال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (الإسراء: 88)، وقال: ﴿وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَاْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ (البقرة: 23 ـ 24).

فهو التحدّي إذاً للعالَمين جميعاً أن يأتوا بمثل هذا القرآن في فصاحته وبلاغته؛ ونظمه؛ والعلوم التي فيه؛ والأخبار الغَيْبيّة المشار إليها فيه؛ وعدم الاختلاف بين آياته؛ وغيرِ ذلك من وجوه إعجازه، وكلُّ ذلك من شخصٍ كرسول الله الأكرم محمّد(ص) لا يقرأ ولا يكتب، كما وصفه ربُّه، فقال: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (العنكبوت: 48).

فأين هو الإعجاز في القرآن الكريم؟

أيّها الأحبّة، وكما شاهدنا في هذا التقرير، يتجلَّى الإعجاز القرآني في مجالات عدّة:

1ـ فالقرآن الكريم معجِزٌ بفصاحته وبلاغته. فمع أنّ العرب كانوا يتميَّزون بالفصاحة والبلاغة، وعرفوا أسواقاً للتباري في الشعر والأدب، كسوق عُكاظ وغيره، إلاّ أنهم وقفوا عاجزين حائرين أمام فصاحة القرآن الكريم وبلاغته، حتَّى وصفوه بالسِّحْر؛ لأنّه فاق قدرتهم وإمكانيّاتهم.

ولا يزال التحدّي قائماً إلى يومنا هذا، وليس مَنْ يقبل هذا التحدّي.

وقد حاول بعض الناس قديماً أن يأتوا بمثل هذا القرآن فعجزوا وافتُضِحوا، وجاؤوا بالمضحِكات من القول.

2ـ ومن وجوه الإعجاز في القرآن الكريم هذا التناسق والانسجام بين آياته. فمع أنّه نزل في مدّة ثلاث وعشرين سنةً، حافلةً بالأحداث الكثيرة والمختلفة، ومع أنّه تطرَّق إلى موضوعاتٍ عديدة ومتشعِّبة، ومع أنّه كرَّر بعض القصص؛ لمزيد استفادةٍ، مع ذلك كلِّه نرى فيه انسجاماً تامّاً، وتوافقاً كاملاً، فلا يناقض بعضُه بعضاً، ولا ينافي بعضه بعضاً، ولا يضادّ بعضه بعضاً.

وهذا خير دليلٍ على أنّه قولٌ صِدْقٌ من عالمٍ خبير.

3ـ ومن وجوه الإعجاز القرآني ما تضمَّنه من هدىً وعلوم. فالله سبحانه وتعالى خلق هذه الأرض، بما فيها من بحارٍ وأنهار وسهول وجبال، وجعل فيها خليفته آدم عليه السلام، ثمّ تكفَّل له بالعلم والهدى، ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ (البقرة: 31)، وقال عزَّ من قائلٍ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ (الليل: 12)، و﴿عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ (العلق: 5). وهكذا تضمَّن القرآن الكريم الكثير من الحقائق العلميّة التي لم يكن للناس آنذاك أدنى اطّلاعٍ عليها أو معرفةٍ بها، كما في قوله تعالى: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ﴾ (المعارج: 40)، وفيه إشارةٌ إلى كرويّة الأرض وحركتها، وأنّها ليست ثابتةً، ولا مسطَّحةً، فإنّ طلوع الشمس على أيِّ جزءٍ من أجزاء الكرة الأرضيّة يلازم غروبها عن جزءٍ آخر، فيكون تعدُّد المشارق والمغارب واضحاً، لا تكلُّف فيه ولا تعسُّف.

وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ (المؤمنون: 12 ـ 14). وفيه إشارةٌ إلى مراحل نموّ الجنين في رحم أمّه، وهو ممّا لم يعرفه الناس إلاّ في العصر المتأخِّر، حيث أتاحت التقنيّات الحديثة معرفة ما يحصل في رحم الأمّ.

4ـ ومن إعجاز القرآن الكريم أيضاً إخبارُه عن الغَيْب، وهو ما غاب عن علم الناس آنذاك من حوادث مستقبليّة، وقد تحقَّقت بالفعل، وكانت من الشواهد على أنّ القرآن من عند الله، وأنّ النبيَّ الأكرم محمد(ص) صادقٌ في دعوته، كما في إخبار القرآن الكريم عن نصرٍ قريب للروم على الفرس، فقال: ﴿غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ (الروم: 2 ـ 4).

مشاهدينا الأعزّاء، إنّه القرآن الكريم كتابُ الله المقدَّس الذي ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصّلت: 42)، وحيُ الله إلينا، وأمانتُه لدينا، فهل نحفظ الأمانة؟

اللهمّ اجعَلْ القرآنَ العظيم ربيعَ قلوبنا، وشفاءَ صدورنا، ونورَ أبصارنا، وارزُقْنا تلاوتَه، والعملَ به، آناء الليل وأطراف النهار، بمحمّد وآله الأطهار.

والسلام عليكم أيّها الأحبّة ورحمة الله وبركاته.



أكتب تعليقك