21 أكتوبر 2016
التصنيف : منبر الجمعة
لا تعليقات
3٬698 مشاهدة

عمل المرأة، بين النصّ والواقع

2016-10-21-%d9%85%d9%86%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d8%b9%d8%a9%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d8%b9%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a3%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%86

(الجمعة 21 / 10 / 2016م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

هي عاداتٌ شائعة في المجتمعات الإسلاميّة، يقلِّدون بها الغَرْب، دون أن يلحظوا ما لها من آثارٍ سيّئة على واقع حال المجتمع والأُسَر. والمؤلِم الأكبر أنّهم ينسبونها إلى الدِّين والنبيّ(ص) وآله(عم)؛ لإضفاء الشرعيّة عليها، وهي أبعد ما يكون عن الشَّرْع وأهله؛ وفق استيحاء روح الشريعة وذوق الشارع.

عمل المرأة في القرآن والسنّة

تخلو النصوص الدينيّة ـ الكتاب والسنّة ـ من الحديث الصريح الواضح عن حكم عمل المرأة خارج بيتها. مع الإشارة إلى أنّ بعض النصوص، التي تتضمَّن وصايا لبعض النساء ذوات المِهَن (كالخافضات، والماشطات، والمغنِّيات)([1])، لها دلالةٌ واضحة في جواز وإباحة هذه الأعمال، بل رُبَما يُفهَم بضميمة نصوصٍ أخرى، كالتي تدلّ على كفاية شهادة القابلة منفردةً في الولادة([2])، وجوب استبداد النساء بالنساء عند الولادة، إلاّ عند الضرورة.

وعلى أيّ حالٍ فقد تمسَّك الفقهاء هنا بأصالة الحِلّ للحكم بإباحة عمل المرأة خارج بيتها.

الآثار السلبيّة لعمل المرأة

ولستُ هنا في معرض بيان الحكم الشرعيّ الخاصّ بهذا العمل، وإنّما أريد تسليط الضوء على واقعٍ معاش، وهو مليءٌ بالمفاسد الاقتصاديّة والاجتماعيّة:

حيث تقلّ فرص عمل الرجل، ويتعاظم عدد الرجال العاطلين عن العمل يوماً بعد آخر، وهكذا يتأخَّر سنّ الزواج لدى الرجال، وتتفاقم أعداد النساء العوانس.

كما تعيش الأُسَر والعوائل تفكُّكاً عاطفيّاً، وضياعاً تربويّاً، انتهاءً إلى التفكُّك التامّ والخراب المطلق. فالزوج الذي تعود زوجته إليه في آخر النهار وقد أنهكها العمل المضني، فلا تستطيع تلبية حاجاته العاطفيّة، سوف يبحث عن أخرى بديلة، وهكذا يدمِّر علاقته الأولى؛ بسبب العمل. والأولاد الذين تحضنهم الخادمات، وتصقل شخصيّتهم وفق ثقافتها الخاصّة، سوف يكبرون بشخصيّةٍ هي أبعد ما يكون عمّا نعرفه من أحكام الدين الحنيف، والأدب الرفيع، والتربية السليمة.

ويساعد على هذا التشظّي المؤذي في البناء العائلي بعض الفتاوى التي لا تلزم الزوجة بالعمل المنزلي، من طهيٍ وغَسْلٍ وكنسٍ، مروراً بتربية الأولاد وتعليمهم، وصولاً إلى عدم إلزامها بالحَمْل والرضاعة([3]).

مع العلم أنّ هذه الأمور ربما تصل إلى مستوى الشروط الضمنيّة في العقد، أي ما تسالم العُرْف العامّ على أنّه من لوازم العقد ومستتبعاته، والعُرْف ببابكم فاستنطقوه، فلا معنى بعد ذلك لتحلُّل الزوجة منها بفتوىً من هنا وهناك.

كيف وقد قضى النبيّ(ص) بين عليٍّ وفاطمة في أعمال المنزل أن يكون لعليٍّ(ع) من الأعمال ما هو خارج عتبة الدار، وأن يكون لفاطمة(عا) ما هو داخل البيت([4]).

ولقد كانت سيِّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء(عا) تطحن حتّى مجلَتْ يداها، فعلَّمها النبيّ(ص) تسبيحاً خاصّاً، يخفِّف عنها آلامها، وقد عُرف فيما بعد باسم «تسبيح الزهراء(عا)»([5]).

ولئن وُجد في بعض النصوص ما ينهى الزوج عن إجبار المرأة على الخدمة في بيتها فإنّما يكون ذلك لنفي الظُّلْم عنها في عصرٍ انتُهكَتْ فيه حقوقُها إلى أبعد الحدود، حتّى جُعلَتْ ميراثاً لأولاد الزوج؛ وكانت تُضرَب إذا ما امتنعَتْ عن الخدمة في البيت. فيكون النَّهْيُ ـ على فرض صدوره ـ لإعادة توازن العلاقة بين الزوجَيْن في إطار الحياة الزوجيّة([6]).

ولا تزال هذه العقليّة حاكمةً في بعض المجتمعات إلى يومنا هذا، فلقد شاهدتُ بأمّ العَيْن بعض الأعراب يمشون أمام زوجاتهم فارغي الأيدي، أو يطقطقون بـ (المسبحة)، بينما تحمل زوجاتُهم أحمالاً ثِقالاً على رؤوسها عند انتقالهم من مكانٍ إلى آخر في الأسفار.

المرأة في الإسلام وسائر الديانات السماويّة

كلُّ الديانات السماويّة ـ التي هي في الحقيقة دينٌ واحد، حيث يقول تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (آل عمران: 19) ـ تحترم المرأة، وتُجلُّها، وتلزمها بواجباتٍ، وتفرض لها حقوقاً، ولا تسمح لأحدٍ ـ مهما كان قريباً، كالأب أو الأخ أو الزوج أو… ـ أن يعتدي على حقوقها.

فكما أنّ للرجل حقوقاً، وعليه واجباتٌ، كذلك للمرأة حقوقٌ كاملة، وعليها واجباتٌ. وهذا النظام الديني قائمٌ على العَدْل والإنصاف، وليس المساواة، التي قد تكون ظُلْماً.

المرأة في العصر الحديث

وفي العصر الحديث يحاولون إغراء المرأة بحقّ المساواة مع الرجل. مع أنّ في المساواة ظلماً لها؛ لأنّها لا تطيق ما يطيقه، وتكوينها الجسديّ والنفسي يختلف عنه، فكيف يمكن أن يكون التعامل معهما بمستوىً واحد، وأسلوبٍ واحد؟!

ولنا بعد ذلك كلِّه أن نسأل:

ـ أيَّتها النساء، أترضَيْنَ بالمساواة مع الرجال، أو تُرِدْنَ العدالة؟

ـ أيَّتها النساء، ما الذي ينقصكنَّ في ظلّ التعاليم الدينيّة الإسلاميّة؟

مَهَمّات المرأة في الأديان

أـ الولادة: فبها يكون استمرار الحياة البشريّة في هذه الأرض، وبها تتجلّى صفة الخالق بأبهى صورها.

ب ـ الإرضاع: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ (البقرة: 233).

ج ـ التربية:

الأمُّ مدرسةٌ أذا أعدَدْتَها

أعدَدْتَ شعباً طيِّبَ الأعراقِ

(حافظ إبراهيم)

والأَمُّ هو القَصْد. يقولون: أمَّ البيتَ أي قصده. والأُمُّ هي المقصد والمرجع والمآب.

د ـ التعليم: ولهذا ينبغي أن تكون المرأة متعلِّمةً، وليس من الضروريّ أن تتعلَّم لتعمل؛ فإنّ العلم قيمةٌ قائمةٌ بذاته، وإنَّما تتعلَّم لتكون قادرةً على اكتساب العلوم والمعارف الإلهيّة، وتعليم أولادها، وتعليم الأجيال حيث تقتضي الحاجة، ولنا عودةٌ مفصَّلةٌ إلى ذلك في (الموقف من عمل المرأة).

إذن المرأة المؤمنة هي المرأة المثقَّفة، المتعلِّمة، المربِّية الفاضلة. فما هو موقف الإسلام من أن تكون العاملة والكادحة؟

الموقف من عمل المرأة

لا يُمانع الدين (الإسلام وغيره) من حيث المبدأ في أن تكون المرأة عاملةً، ضمن ضوابط وحدود ذاتيّة وشرعيّة، بعيداً عن أجواء الانحراف والفساد.

وقد يشكِّل العمل ضرورةً في بعض الحالات، كما لو فُقد المُعيل، سواءٌ كان هو الأب أو الزوج أو الولد، فتضطرّ المرأة (البنت، أو الزوجة ـ الأرملة ـ، أو الثَّكْلى) للعمل لتأمين قوتها، ونفقات حياتها.

ولكنّ هذا الدين الحنيف جاء ليستنقذ المرأة ممّا كانت تعيشه من إرهاقٍ في العمل، فوضع عنها كثيراً من المسؤوليّات خارج البيت، بل أشار إلى ضرورة وأهمِّيّة واستحباب مساعدتها في بعض أعمال المنزل أيضاً. ولكثرة ما خفَّف عنها توهَّم الفقهاء أنّ العمل الإلزاميّ الوحيد لها هو تلبية الحاجة الجنسيّة للزوج، وذلك بعد أن أسقطوا عنها وجوب العمل في بيت أبيها، أو بيت زوجها، أو في خدمة زوجها أو أولادها، وإنَّما تجب نفقتُها على أبيها، وعلى زوجها، ولا يجب عليها أن تبذل شيئاً مقابل ذلك، سوى ما تقدِّمه لزوجها من المِتْعة والشَّهْوة. فهي إذن أداةٌ للاستمتاع فحَسْب. فلا يجوز لها الخروج من المنزل إذا كان منافياً لحقّ الزوج، وليس هو إلاّ الاستمتاع([7]). ولا يجب عليها أن تقوم بأيّ عملٍ على نحو الإلزام، بدءاً من الرضاعة وصولاً إلى تربية أولادها ورعاية زوجها، إلاّ أن تستجيب لحاجات زوجها الجنسيّة. ولستُ أدري أترضى النساء المؤمنات بهذه الإهانة؟!

فواعجباً لها ترضى بإرهاقها في العمل الخارجي. بل هي التي تطالب به، وتسعى إليه، وتفتعل المشاكل من أجله!!

نعم للعمل، ولكنْ في بعض المجالات الضروريّة، كـ:

أـ الولادة: حيث يجب أن تستأثر النساء بالنساء، ولا يجوز أن يكون ذلك بواسطة الرجال ما أمكن ذلك.

ب ـ التعليم: حيث تحتاج العمليّة التعليميّة التربويّة إلى صبر المرأة وجَلَدها ورحمتها وشفقتها، فهي الأقدر في التربية.

كما أنّه يحسن في مراحل محدَّدةٍ اجتناب الاختلاط بين النساء والرجال ما أمكن، فيتعيَّن أن تكون الهيئة التعليميّة في مدارس البنات من النساء، وفي مدارس البنين من الرجال.

ج ـ الطبابة: حيث لرحمتها وعواطفها الأثر الكبير في اكتمال العلاج. كما أنّ بعض المحظورات الشرعيّة، كملامسة الرجل للمرأة، تقتضي أن يكون في السلك الطبّي مجموعةٌ كبيرة من النساء، الطبيبات والممرِّضات.

ومع ذلك فإنّ هذا العمل لا ينبغي أن يتعارض مع كونها ربَّةَ أسرةٍ ناجحةً، وقائمةً بكامل مسؤوليّاتها الإنسانيّة. ومن هنا ينبغي ان يكون دوام العمل قصيراً، ولو اقتضى ذلك أن يكون الأجر قليلاً (والحديث في أجور النساء طويلٌ ومتشعِّبٌ، حيث يتمّ استغلال رغبتهنَّ في العمل، ورضاهنَّ بالقليل، فلا يُعطَيْنَ أجور الرجال، وتضيع فرص العمل من الرجال، وهكذا يقلّ الدَّخْل الفردي، لحساب أرباب العمل وحيتان المال).

خلاصة البحث

قد لا يكون بين أيدينا دليلٌ لفظيّ يمنع من عمل المرأة خارج البيت، أو يلزمها بالعمل داخل البيت، ولكنّ الذي تقتضيه طبيعة المرأة والرجل، وتوجبه الأعراف القائمة التي أضحَتْ شروطاً ضمنيّة، هو أنّ على المرأة أن تهتمّ بأسرتها، وتعمل على راحة أهل بيتها، بدءاً من الزوج، ووصولاً إلى الأولاد في اختلاف مراحلهم العُمْريّة.

كما أنّ عمل المرأة خارج البيت قد يكون مطلوباً في بعض المجالات، ولكنْ ينبغي أن لا يتعارض بحالٍ مع وظيفتها الأولى كربَّةِ أسرةٍ ناجحةٍ، وقائمةٍ بكامل مسؤوليّاتها الإنسانيّة.

مضافاً إلى أنّ بعض الموانع الخارجيّة قد تسقط جواز عمل المرأة، وذلك وفق نظرةٍ اجتماعيّة اقتصاديّة شاملةٍ، بعيداً عن الأفق الشخصيّ الضيِّق. فحين لا تتوفَّر فرص العمل للرجال، الذين كلِّفهم الله عزَّ وجلَّ بالإنفاق على الأسرة (الزوجة والأولاد) إلزاماً، ويحتاج هؤلاء إلى الزواج ولو في عمرٍ متأخِّر، فإنّ عمل النساء حينذاك حائلٌ دون بناء أُسَر جديدة، ويؤدّي إلى مفاسد اجتماعيّة عديدة، ولا بُدَّ من منعه؛ حفاظاً على المصلحة العامّة للمجتمع والأفراد. وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.

**********

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) راجِعْ: ما رواه الكليني في الكافي 5: 118 ـ 119، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله(ع) قال: لمّا هاجرت النساء إلى رسول الله(ص) هاجرت فيهن امرأةٌ يُقال لها: أم حبيب، وكانت خافضةً تخفض الجواري، فلمّا رآها رسول الله(ص) قال لها: يا أمّ حبيب، العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ قالت: نعم يا رسول الله، إلاّ أن يكون حراماً فتنهاني عنه، فقال: لا بل حلالٌ، فادني منّي حتّى أعلِّمك، قالت: فدنوتُ منه، فقال: يا أمّ حبيب، إذا أنت فعلت فلا تنهكي ـ أي لا تستأصلي ـ، وأشمّي؛ فإنه أشرق للوجه، وأحظى عند الزوج. قال: وكان لأمّ حبيب أختٌ يُقال لها: أمّ عطية، وكانت مقينة ـ يعني ماشطة ـ، فلمّا انصرفت أمّ حبيب إلى أختها أخبرتها بما قال لها رسول الله(ص)، فأقبلت أمّ عطيّة إلى النبيّ(ص) فأخبرته بما قالت لها أختها، فقال لها رسول الله(ص): ادني منّي يا أمّ عطية، إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة؛ فإن الخرقة تشرب ماء الوجه.

وروى الكليني أيضاً، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن ابن أبي عمير، عن رجلٍ، عن أبي عبد الله(ع) قال: دخلت ماشطةٌ على رسول الله(ص)، فقال لها: هل تركتِ عملك أو أقمتِ عليه؟ فقالت: يا رسول الله أنا أعمله، إلاّ أن تنهاني عنه فأنتهي عنه، فقال لها: افعلي، فإذا مشطت فلا تجلي الوجه بالخرق؛ فإنها تذهب بماء الوجه، ولا تصلي الشعر بالشعر.

وروى الكليني أيضاً، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن خلف بن حمّاد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد الله(ع) قال: كانت امرأةٌ، يقال لها: أمّ طيبة، تخفض الجواري، فدعاها النبيّ(ص)، فقال لها: يا أمّ طيبة، إذا خفضت الجواري فأشمّي، ولا تجحفي؛ فإنه أصفى للون الوجه، وأحظى عند البعل.

وروى الكليني في الكافي 5: 119 ـ 120، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألتُ أبا جعفر(ع) عن كسب المغنِّيات؟ فقال: التي يدخل عليها الرجال حرامٌ، والتي تُدعى إلى الأعراس ليس به بأس، وهو قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ [لقمان: 6].

وروى الكليني أيضاً، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حكم الحنّاط، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(ع) قال: المغنِّية التي تزفّ العرائس لا بأس بكسبها.

وروى الكليني أيضاً، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله(ع): أجر المغنِّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس، ليست بالتي يدخل عليها الرجال.

وروى أبو داوود السجستاني في السنن 2: 533: حدَّثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي وعبد الوهّاب بن عبد الرحيم الأشجعي، قالا: حدَّثنا مروان: حدَّثنا محمد بن حسّان، قال عبد الوهاب: الكوفي، عن عبد الملك بن عمير، عن أمّ عطيّة الأنصاريّة، أنّ امرأةً كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبيّ(ص): لا تنهكي؛ فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحبّ إلى البعل. قال أبو داوود: روي عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بمعناه وإسناده. قال أبو داوود: ليس هو بالقويّ، وقد روي مرسلاً. قال أبو داوود: ومحمد بن حسّان مجهولٌ. وهذا الحديث ضعيفٌ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 5: 172: عن أنس بن مالك أنّ النبيّ(ص) قال لأمّ عطيّة، ختّانة كانت بالمدينة: إذا خفضت فأشمّي، ولا تنهكي؛ فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج. رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حَسَنٌ.

([2]) راجِعْ: ما رواه الكليني في الكافي 7: 390، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(ع)، أنه سُئل عن شهادة النساء في النكاح؟ فقال: تجوز إذا كان معهنَّ رجلٌ، وكان عليٌّ(ع) يقول: لا أجيزها في الطلاق، قلتُ: تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدَّيْن؟ قال: نعم. وسألتُه عن شهادة القابلة في الولادة؟ قال: تجوز شهادة الواحدة. وقال: تجوز شهادة النساء [في الدَّيْن و]في المنفوس، والعذرة…، الحديث.

([3]) راجِعْ: المفيد، أحكام النساء: 42: وليس على المرأة خدمة زوجها في ثيابه، والخبز، والطبخ، وأمثال ذلك، فإنْ تبرَّعَتْ به فقد أحسنَتْ، فإنْ لم تفعله لم يكن للزوج إلزامها عليه.

النووي، المجموع 16: 427: وقال أحمد: قال أصحابنا وغيرهم: ليس على المرأة خدمة زوجها في عجنٍ وخبز وطحن وطبخ ونحوه. وقال السفاريني في شرح ثلاثيات المسند: لكنّ الأولى لها فعل ما جرَتْ العادة بقيامها به. وأوجب ابن تيمية المعروف من مثلها لمثله. وأمّا خدمة نفسها في ذلك فعليها، إلاّ أن يكون مثلها لا تخدم نفسها. وقال أبو ثور: على الزوجة أن تخدم الزوج في كلّ شيء، وقال ابن حبيب في (الواضحة): إنّ النبيّ حكم على فاطمة(عا) بخدمة البيت كلّها. قال السفاريني: وفي الفروع ليس عليها عجن وخبز وطبخ ونحوه، نصّ عليه، خلافاً للجوزجاني من أئمّة علمائنا(اهـ)‍.

ابن قدامة، المغني 8: 130: وليس على المرأة خدمة زوجها من العجن والخبز والطبخ وأشباهه، نصَّ عليه أحمد. وقال أبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني: عليها ذلك، واحتجّا بقصّة عليٍّ وفاطمة؛ فإنّ النبيّ(ص) قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وعلى عليٍّ ما كان خارجاً من البيت من عملٍ، رواه الجوزجاني من طرقٍ.

ابن حزم، المحلّى 10: 73 ـ 74: ولا يلزم المرأة أن تخدم زوجها في شيءٍ أصلاً، لا في عجن، ولا طبخ، ولا فرش، ولا كنس، ولا غزل، ولا نسج. ولا غير ذلك أصلاً. ولو أنها فعلَتْ لكان أفضل لها. وعلى الزوج يأتيها بكسوتها مخيطة تامّة وبالطعام مطبوخاً تامّاً. وإنّما عليها أن تحسن عشرته، ولا تصوم تطوُّعاً وهو حاضرٌ إلاّ بإذنه، ولا تدخل بيته مَنْ يكره، وأن لا تمنعه نفسها متى أراد، وأن تحفظ ما جعل عندها من ماله. وقال أبو ثور: على المرأة أن تخدم زوجها في كلّ شيءٍ، ويمكن أن يحتجّ لذلك بالأثر الثابت عن عليٍّ بن أبي طالب قال: شكَتْ فاطمة مجل يديها من الطحين، وأنه أعلم بذلك رسول الله(ص)؛ إذ سأله خادماً.

النووي، شرح مسلم 14: 164 ـ 165: هذا كلّه من المعروف والمروءات التي أطبق الناس عليها، وهو أن المرأة تخدم زوجها بهذه الأمور المذكورة ونحوها، من الخبز والطبخ وغسل والثياب وغير ذلك، وكلّه بتبرُّعٍ من المرأة وإحسان منها إلى زوجها وحسن معاشرة وفعل معروف معه، ولا يجب عليها شيءٌ من ذلك، بل لو امتنعت من جميع هذا لم تأثم، ويلزمه هو تحصيل هذه الأمور لها، ولا يحلّ له إلزامها بشيءٍ من هذا، وإنما تفعله المرأة تبرُّعاً، وهي عادةٌ جميلة استمرّ عليها النساء من الزمن الأوّل إلى الآن، وإنّما الواجب على المرأة شيئان: تمكينها زوجها من نفسها؛ وملازمة بيته.

وقد سُئل السيد محمد الشيرازي: هل يجب على المرأة استئذان الزوج في استعمال موانع الحمل؟ فأجاب: لا يجب عليها ذلك.

وفي سؤالٍ آخر: ورد في نشرة أجوبة المسائل الشرعية العدد (5) السؤال (28) حول وجوب استئذان المرأة الزوج في استعمال موانع الحمل، فكان جواب سماحة الإمام: لا يجب عليها ذلك.

نرجو من سماحة السيد المرجع (أطال الله في عمره الشريف) أن يبيِّنوا لنا هل عدم الوجوب في صورة وجود الأولاد للزوجين أو مطلقاً؟

وكان الجواب: لا يجب ـ مطلقاً ـ والله العالم. (http://www.alshirazi.com/rflo/ajowbeh/arshif/alnekah.htm).

وسُئل السيد علي السيستاني: هل يجب على المرأة أن تستأذن زوجها في تناول حبوب منع الحمل، مع العلم بأن الزوج يريد الأولاد؟ فأجاب: لا يجب. (http://www.sistani.org/arabic/qa/0451/page/2/#3732).

الخوئي، صراط النجاة 2: 385: سؤال 1191: هل يجوز للمرأة أن تمتنع عن رضاعة ولدها؟ الخوئي: نعم، يجوز لها ذلك، لكنْ يجب عليها أن ترضعه اللِّباء.

([4]) المتَّقي الهندي، كنز العمّال 16: 341: قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وقضى على عليٍّ بما كان خارجاً من البيت من الخدمة (عن حمزة بن حبيب مرسلاً).

النووي، المجموع 16: 427: وقال ابن حبيب في (الواضحة): إن النبيّ حكم على فاطمة(عا) بخدمة البيت كلّها.

الإمام يحيى بن الحسين، الأحكام 1: 412: يجب على الزوج النظر في ما [هو] خارج المنزل والقيام به والعناية بإصلاحه، ويجب على المرأة القيام بما في داخل المنزل والقيام في جميع أمره والإصلاح لكلّ شأنه، كذلك بلغنا عن رسول الله(ص) أنّه قضى على فاطمة ابنته صلوات الله عليها بخدمة البيت، وقضى على عليٍّ رحمة الله عليه بإصلاح ما كان خارجاً والقيام به.

العيّاشي في التفسير 1: 171، عن سيف، عن نجم، عن أبي جعفر(ع) قال: إن فاطمة(عا) ضمنت لعليٍّ(ع) عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت، وضمن لها عليٌّ(ع) ما كان خلف الباب، من نقل الحطب وأن يجيء بالطعام…، الحديث.

([5]) والروايات في ذلك كثيرة فلم نَرَ حاجةً لذكرها.

([6]) سيد سابق، فقه السنّة 2: 203: وقد جرى عرف المسلمين في بلدانهم في قديم الأمر وحديثه بما ذكرنا. ألا ترى أنّ أزواج النبيّ(ص) وأصحابه كانوا يتكلَّفون الطحين والخبز والطبيخ وفرش الفراش وتقريب الطعام وأشباه ذلك، ولا نعلم امرأةً امتنعت عن ذلك، ولا يسوغ لها الامتناع، بل كانوا يضربون نساءهم إذا قصَّرْنَ في ذلك، ويأخذْنَهُنَّ بالخدمة. فلولا أنّها مستَحَقّةٌ لما طالبوهُنَّ.

([7]) النووي، شرح مسلم 14: 164 ـ 165: وإنما الواجب على المرأة شيئان: تمكينها زوجها من نفسها؛ وملازمة بيته.



أكتب تعليقك