25 أكتوبر 2016
التصنيف : مقالات فكرية
لا تعليقات
1٬422 مشاهدة

لباس رجال الدين، سنّةٌ نبويّة أم عادةٌ اجتماعيّة؟

nb-117036-635523599663487018-copy

 (بتاريخ: السبت 21 / 5 / 2016م)

هي عاداتٌ شائعة عند بعض الفئات الاجتماعيّة؛ لعوامل مختلفة، لكنَّهم ينسبونها إلى الدِّين والنبيّ(ص) وآله(عم)؛ لإضفاء هالةٍ من القداسة عليها، وتسري هذه القداسة إلى ذواتهم، فيكون لهم نصيبٌ كبير من الجاه والتميُّز في الدنيا.

اعتجار([1]) العمامة

هي عادةٌ عُرفَتْ بين علماء الدِّين، وهم يتمسَّكون بها، ويُصِرُّون عليها، ويعتبرونها من السنّة النبويّة الشريفة، ألا وهي اعتمار([2]) العمامة، سوداء كانت أو بيضاء، ولكلٍّ دلالتها.

يدخل الطالب إلى الحوزة (المعاهد الدينيّة الشيعيّة)، وما أن يمضي 5 أو 6 سنوات من دراسته حتّى يبادر من تلقاء نفسه، أو تعلو أصوات المحيطين به تحثُّه على لبس العمامة، السوداء إنْ كان نسبه ينتهي إلى أئمّة أهل البيت(عم) (الحسني أو الحسيني أو الموسوي)، ويُطلقون على صاحبها لقب (السيِّد)، والبيضاء إنْ لم يكن كذلك، ويطلقون على صاحبها لقب (الشيخ).

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء لا يَرَوْن (السيادة) من نصيب مَنْ ينتسب إلى النبيّ(ص) حَصْراً، بل إنّهم تجاوزوا ذلك إلى اعتبار كلّ مَنْ ينتسب إلى «هاشم»([3])، وهو الجدّ الأكبر للنبيّ الأكرم(ص)([4])، سيِّداً، وعليه فبنو هاشم([5]) وبنو عبد المطَّلب([6]) كلُّهم من السادة الأشراف، كأولاد أبي طالب([7])، والعبّاس، والحارث، وأبي لهب. دون أولاد عبد مناف، وهم إخوة هاشم، وأولادهم، بني المطَّلب، وبني نوفل، وبني عبد شمس، ومنهم: أُمَيَّة بن عبد شمس رأس البيت الأُمَويّ.

وفي مَحْفِل ارتداء الزِّيّ الخاصّ بطلبة العلوم الدينيّة، وأثناء تهنئتهم لمَنْ اعتمر العمامة، يقولون للمعمَّم الجديد: «مباركٌ لك لباس العِلْم والتَّقْوى». وكأنَّه أصبح بمجرَّد اعتماره للعمامة، ولبسه للصَّاية أو الجُبَّة والكِساء، أكثر عِلْماً وتَقْوى.

وهكذا يَخالُ نفسه متمايزاً عن الآخرين، وكأنَّ الآخرين أقلُّ منه عِلْماً أو تَقْوى، عِلْماً أنّ معيار التفاضل في القرآن الكريم لم يكن بلباسٍ أو شكل أو نَسَب، وإنَّما هو العِلْم والعَمَل، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (فاطر: 28)، وقال أيضاً: ﴿فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء: 95)، وقال أيضاً: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: 13).

إنّه لمن الخطأ الفادح أن يُعتَبَر هذا اللباس داعياً إضافيّاً للعِلْم والتَّقْوى، أو علامةً خاصّة على علمٍ زائد أو عدالةٍ راسخة. ولكنَّ هذا ما يتوهَّمه بعضُ رجال الدِّين، ويقع فيه بعض الكبار منهم، ومن هنا يرَوْن أنّ العالم ينصرف إلى العالم بالدِّين، دون غيره، ولو كانوا من العلماء ذوي الاختصاص في ما يحتاج إليه الناس في أمور معاشهم، ولا يستغنون عنه، كالطبّ والهندسة و…([8]).

ومن هنا أيضاً فإنّ بعض المراجع لا يُعْطون العلماء غير المعمَّمين أيَّ هديّةٍ شهريّة، ويقتصرون على هديّةٍ سنويّة، بينما يعطون هديّةً شهريّة للمعمَّم، ولو لم يصدق عليه بعدُ أنّه من العلماء، الذين أفنَوْا عمرهم في الدراسة والتدريس.

ومن هنا أيضاً يفرِّق الكثير من المراجع بين المعمَّم وغيره في الراتب الشهريّ المخصَّص لطلاّب العلوم الدينيّة، فحتّى لو كانا في مرحلةٍ دراسيّة واحدة، وحتّى لو كان غير المعمَّم أكفأ علميّاً ووظيفيّاً (تبليغيّاً) من المعمَّم، فإنّ العمامة جابرةٌ لكلِّ نقصٍ، وتُعطى لصاحبها الرواتب كاملةً غير منقوصةٍ.

ومن هنا أيضاً تفرِّق بعض الجهات الحزبيّة بين العلماء المعمَّمين وغيرهم، حيث تحظر على العلماء غير المعمَّمين أن يكونوا أئمّةً في المساجد، يقومون بوظيفتهم في إمامة الصلاة، وتبليغ الناس أحكام الشريعة الغرّاء، ويحصرون تلك الأعمال بالمعمَّمين، ولو لم يكونوا على قَدْرٍ كافٍ من العِلْم والحِلْم، والمثابرة والمواظبة.

اللباس بين الوظيفيّة والطَّبَقيّة

اعتاد أهلُ كلّ اختصاصٍ عِلْميّ أن يكون لهم زِيٌّ خاصّ يخدم مهنتهم ووظيفتهم، فالطبيب/ة والممرِّض/ة يلبس ثوبه الأبيض النظيف والمُعَقَّم ـ كما هو المفروض ـ في عيادته أو المستشفى؛ حَذَراً من أن تكون ثيابه الشخصيّة حاملةً لبعض الجراثيم، فتنتقل إلى المريض، وتؤثِّر سَلْباً على صَحَّته، وتوجب الضَّرَر له.

وهكذا يلبس المهندس/ة قُبَّعة بلاستيكية على رأسه تحميه من الشَّمس، ومن المُتساقِطات في وَرَشات البناء (كالحجارة والأخشاب و…).

وهكذا سائر أصحاب المِهَن والوظائف والاختصاصات العلميّة.

إذن إنّ لهذه الألبسة وظيفةٌ عمليّة، ولذا يبادر هؤلاء العلماء إلى خلعها فور انتهاء وظيفتهم، ويتماهَوْن مع أفراد المجتمع من حولهم، فلا تكاد تميِّز الواحد منهم إلاّ بمعرفةٍ سابقة، أو صعوبةٍ بالغة.

وأمّا علماء الدِّين فإنّهم يتمايزون بلباسٍ مخصوص، مكوَّنٍ من: العمامة؛ والقميص والبنطال، أو القميص الطويل (الدشداشة)، والصَّدْريّة، والصاية، أو الجبّة؛ وفوق ذلك كلِّه يكون الكِساء (رداء الأكتاف)، دون أن يكون لهذا اللباس أيُّ وظيفةٍ عمليّة في حياتهم، سوى الدَّلالة عليهم، وتشخيصهم بين الناس.

%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a8%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b3%d8%a7%d8%a1

وقد يكون هذا، أي التشخيص، كافياً لتسويغ ارتداء هذا اللِّباس ـ مع الإشارة إلى أنّ بعض رجال الدِّين يكتفون ببعضها، وفي بعض الأعراف أنّه لا بُدَّ من لبسها جميعاً ـ، ولكنَّ ذلك صحيحٌ إذا لم يكن غيرُه يقوم مقامه، ممّا هو أَخَفُّ مَؤْنةً وأقلُّ تمييزاً (كياقةٍ أو إشارةٍ خاصّة، أو لونٍ خاصّ)، ولا يلتفت إليها إلاّ مَنْ يبحث عنها، فتتحقَّق الفائدة، وهي تشخيص العلماء بالدِّين؛ للرجوع إليهم في مسائل العقيدة وأحكام الشريعة، دون أن يكون لهذا التمايُز أيُّ تأثيرٍ سلبيّ على الناس، كالذي نشاهده اليوم، حيث يتقدَّم رجال الدِّين على غيرهم في أماكن جلوسهم، وفي معاملاتهم، و…

العمامة سُنَّةٌ نبويّة!

لن أخوض في تعداد السَّلْبيّات الخاصّة لهذا اللباس (لباس رجال الدِّين)، وأَدَع ذلك إلى مجالٍ آخر. وإنّما أقول: يعتقد البعض أنّ لبس العمامة من السُّنَّة النبويّة، وأنّ هذا هو فعل النبيّ(ص) الذي ينبغي أن نقتدي به فيه، ولا أقلّ من أن يقتدي به علماء الدِّين، الذين هم وَرَثة الأنبياء([9])، وأمناء الرُّسُل([10]).

وقد تقدَّم الكلام في أنّ السُّنَّة النبويّة الفعليّة هي كلُّ عملٍ يأتي به النبيّ(ص) كشريعةٍ دينيّة إلهيّة، ويقصد بإتيانه هذا أن يقتدي به المسلمون كافّةً، وفي مدى الزَّمَن. وليس كلُّ ما يقوم به النبيّ(ص) هو سنّةٌ نبويّة شريفة، وينبغي الحفاظ عليه كما هو، دون أيّ تغيير.

وممّا يدلّ على أنّ العمامة ليست من السُّنَّة النبويّة في شيءٍ:

1ـ اختلاف أشكال العمائم من عصرٍ لآخر

فحتّى العمائم العربيّة اختلفَتْ وتنوَّعَتْ، وفي ما يُقال: إنّها عمامة النبيّ(ص) شاهدٌ ودليل على أنّ العمامة التي كان يعتمرها(ص) ليست هي نفسها العمامة التي يعتمرها رجال الدين الشيعة.

%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a8%d9%8a

كما أنّ الاختلاف واضحٌ بين عمائم بعض رجال الدين الشيعة أنفسهم.

%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%85%d8%af%d8%a7%d9%86%d9%8a

ويتجلّى هذا الاختلاف بوضوحٍ أكثر في عمائم رجال الدين السُّنَّة.

%d8%b9%d9%85%d8%a7%d8%a6%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d8%a9

كلُّ هذا يدعونا إلى عدم اعتبارها سُنَّةً، ولا سيَّما أنّ النبيّ كان يلبس المُلَوَّن من العمائم، السوداء والحمراء والبيضاء والصفراء([11]).

وحتّى اليوم لا زال بعض رجال الدِّين يعتمرون الكوفية (الشماغ/الغترة)، ويَرَوْن أنّها مصداقٌ للعمامة النبويّة، ويتَّخذونها بيضاء وحمراء؛ للتأسّي به(ص).

%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d9%8a%d9%81%d9%8a-%d9%88%d8%a3%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d8%a8%d9%87

وقد حدَّثني أحد زملائي من أهل المدينة المنوَّرة أنّهم لا زالوا يُطلقون على الكوفيّة (الشماغ/الغترة) اسم العمامة، ولعلَّ ذلك متوارَثٌ بينهم، ويعود إلى عصر النبيّ(ص).

وعلى أيّ حالٍ فإنّ في ما ذكرناه شاهدٌ ودليل على أنّ العمامة المعروفة اليوم بين رجال الدين، الشيعة والسُّنّة على السّواء، ليست من السُّنَّة النبويّة في شيءٍ.

2ـ لباس النبيّ(ص) لباس قومه

فالنبيّ(ص) قد لبس لباس قومه، ولم يختلف عنهم في ذلك، حتّى كان الداخلُ إلى المجلس يدخل، فينظر، فلا يعرف النبيّ(ص)، فيضطر للسؤال: أيُّكم محمد؟([12]).

لقد كانوا قوماً ـ ولا يزالون ـ يعيشون في الصحراء، وتحت أشعّة الشمس الملتهبة، وغطاء الرأس يناسبهم، ويحميهم، وهو ضروريٌّ لصحّتهم، ولهذا فإنّ كلَّ الناس عندما تذهب إلى الحَجّ أو العمرة، إلى تلك البقاع المقدَّسة، فإنّها تعتمر القُبَّعات البيض على أنواعها، ولكنْ عندما يعودون إلى بلدانهم، حيث الطقس المعتدل والهواء العليل، فإنّهم يخلعون ذلك كلَّه. فما بال علماء الدِّين يُصِرُّون على لبس كلِّ ذلك اللباس التقليدي والتراثي في كلِّ مكانٍ، حتّى في البلاد الغائمة والباردة جدّاً؟!

3ـ خير لباس الزمان لباس أهله

وليس من السُّنَّة أن يتمايز الإنسان عن قومه وأقرانه، وأهل بلده وزمانه، فقد جاء في الحديث: «خيرُ لباس كلّ زمانٍ لباس أهله»([13])، وها هو النبيُّ(ص) يلبس لباس قومه، حتَّى أنّه لم يتمايز عنهم، وذلك هو واقع السُّنَّة النبويّة الشريفة، وإلاّ فإنّ من السُّنَّة أن نركب على الجِمال والحمير؛ لأنّ النبيّ(ص) فعل ذلك، فهل يقبل هذا أحدٌ من علماء الدِّين الأفاضل؟!

وقفةٌ نقديّة مع حديث «العمائم تيجان العَرَب»

وأمّا أنّ «العمائم تيجان العَرَب»([14]) فلو صحَّت روايةً فإنّ لها ظروفها الخاصّة في حَمْأة الصراع بين الفُرْس والرُّوم من جهةٍ والعَرَب من جهةٍ أخرى، فكأنّه(ص) يريد القول لهم: لا تتنازلوا عن تراثكم وتقاليدكم في مقابل لباس الآخرين وتقاليدهم، فلا تستبدلوا العمامة بقُبَّعةٍ أو ما شابه من ألبسة الفُرْس والرُّوم، ولكنْ إذا قرَّرْتُم أن لا حاجة إلى العمامة؛ لما لها من مساوئ:

1ـ مساوئ صحِّية

حيث تسبِّب أو تساعد على تساقط شعر الرأس.

كما أنّها تسبِّب آلاماً وخللاً في عظام الرَّقَبة.

وهي مستقرٌّ للجراثيم بسبب امتصاصها للعَرَق، واختزانها للرطوبة فترةً طويلة، وهذا أمرٌ مشهودٌ لا ينبغي أن يختلف فيه اثنان. وتكفي نظرةٌ واحدة إلى عمامةٍ بيضاء مقلوبة، لتُرى الصُّفْرة ـ بنسبٍ متفاوتة ـ في داخلها، وهي من آثار العَرَق، وأمّا العمامة السوداء فلا يظهر ذلك عليها، ولكنّه موجودٌ. ومن المعروف أنّ أصحاب العمائم السوداء لا يهتمّون بغسل عمائمهم كأصحاب العمائم البيضاء، وربما أبقاها (السيِّد) حتَّى تَهْتَرِئ، فيستبدلها بأخرى جديدةٍ، ولا سيَّما أنّ كثيراً من المعمَّمين لا يعرفون أصلاً ـ وبعضهم لا يجيد ـ لفَّ العمامة، فيتولاّها عنه أحد أصدقائه، راضياً محبوراً، أو مزاحَماً مجبوراً.

2ـ مساوئ اقتصاديّة

حيث تبلغ قيمة هذه الأثواب الكثيرة (والحدّ الأقلّ منها: القميص؛ والصَّاية أو الجُبَّة؛ والكِساء) أكثر من قيمة الألبسة المتعارَفة لسائر الناس (قميصٌ وبنطال).

كما أنّ هذا اللباس ذا الطبقات المتعدِّدة في أجواء الصيف الحارّة يتطلَّب استعمال المبرِّدات، في المنزل وفي السيّارة وفي مكان العَمَل، وهكذا لا يكتفي رجل الدِّين بسيّارةٍ عاديّة، بل يركب أفخم السيّارات وأحدثها؛ طَلَباً لمثل هذه الأمور.

وهذا كلُّه يعني نَفَقاتٍ شهريّة وسنويّة زائدة، يستحلُّها من الأموال الشرعيّة، كالخُمْس والزَّكاة، والكَفَّارات، والصَّدَقات).

3ـ مساوئ اجتماعيّة

أـ حيث تؤسِّس لتمايزٍ اجتماعيّ طبقيّ بغيض.

فلرجل الدِّين المعمَّم صَدْرُ المجالس والموائد.

ولا يُتقَدَّم عليه في إنجاز معاملةٍ أو طريق.

كما لا يُعْتَرَض عليه في حديثٍ.

ولا يُطالَب بالدليل والبُرْهان على قولٍ أو فعل.

ب ـ مضافاً إلى أنّ المعمَّم حين يتواجد بين الناس فإنّهم يهابونه، ويستحْيُون منه، ويراعون مشاعره، فلا يرتكبون المُنْكَرات، ولا يقدمون على مخالفاتٍ، فيظنّ أنّ المجتمع مثاليٌّ، وخالٍ من العيوب، وبعيدٌ عن أجواء الفساد والمُنْكَر، فيعيش حالةً من الطمأنينة الوَهْميّة، ونوعاً من الاسترخاء في غير محلِّه. ولو أنّ العالم بالدِّين خرج إلى الناس بلباسٍ يشبه لباسهم، واختلط بهم فلم يميِّزوه، لأمكنه أن يتعرَّف بصدقٍ وحقٍّ على ما يشيع في المجتمع من آفاتٍ ومفاسد، وعمل بعد ذلك جاهداً على معالجتها، ودَرْء مخاطرها.

إذن كأنّي بالنبيّ الأكرم(ص) قد عنى بقوله: «العمائم تيجان العَرَب» ـ على فرض صدوره ـ: لا تتنازلوا عن تراثكم وتقاليدكم في مقابل لباس الآخرين وتقاليدهم، فلا تستبدلوا العمامة بقُبَّعةٍ أو ما شابه من ألبسة الفُرْس والرُّوم، ولكنْ إذا قرَّرْتُم أن لا حاجة إلى العمامة؛ لما تقدَّم من مساوئها، فلا ضرورة لها. هذا هو مفاد الحديث النبويّ، على فرض صدوره منه(ص).

وما أجمل ما قيل في هذا المعنى: «ويقال: العمائم تيجان العَرَب، يعني أن العمائم للعَرَب بمنزلة التِّيجان للملوك؛ لأنهم أكثر ما يكونون في البوادي مكشوفي الرأس أو بالقلانس، والعمائم فيهم قليلةٌ»([15])!. فهو إذن حديثٌ يحكي ظرفاً اجتماعيّاً، وعُرْفاً خاصّاً بتلك الأزمنة، حيث كانَتْ العمامة رمزاً للسِّيادة والشَّرَف والرِّياسة. وهذه الأعرافُ قد تتغيَّر.

وقال الشريف الرضيّ: «ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «الاحتباء حيطان العرب، والعمائم تيجان العرب». وهاتان استعارتان عجيبتان…، وأما قوله عليه الصلاة والسلام: «والعمائم تيجان العرب» فإنما أراد أن بهاء العَرَب يكون بعمائمها، كما يكون بهاء ملوك العَجَم بتيجانها، فإنّ العمائم تخصّ الهامة، وتتمِّم القامة، وتفخِّم الجلسة، وتوقِّر الجلمة، حتّى أن العرب لتقول على المتعارف بينها: ما سفه معتمٌّ قطّ»([16]).

**********

الهوامش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) قال الخليل في كتاب العين 1: 222: الاعتجار: لفّ العمامة على الرأس، من غير إدارة تحت الحَنَك. وقال الجوهري في الصِّحاح 2: 737: الاعتجار لفُّ العمامة على الرأس. وقال ابن منظور في لسان العرب 4: 544: وفي بعض العبارات: الاعتجار لفّ العمامة، دون التلحّي. ورُوي عن النبيّ(ص) أنّه دخل مكّة يوم الفتح معتجراً بعمامةٍ سوداء، المعنى أنه لفّها على رأسه، ولم يَتَلَحَّ بها.

([2]) قال الجوهري في الصِّحاح 2: 757: واعتمر أي تعمَّم بالعمامة.

([3]) واسمه عمرو، وإنما سمي هاشماً لهشمه الثَّريد مع اللحم لقومه في سِنِيّ المَحْل.

ولهاشم إخوةٌ ثلاثة مشاهير وهم: عبد شمس، والمطَّلب (من أمٍّ واحدة)، ونوفل (من أمٍّ أخرى). وله أخٌ خامس ليس بمشهور، وهو أبو عمرو، واسمه عبد، وأصل اسمه عبد قصيّ. فقال الناس عبد بن قصي درج ولا عقب له.

وحكى ابنُ جرير أنّ هاشماً كان توأم أخيه عبد شمس، وأنّه خرج ورجله ملتصقةٌ برأس عبد شمس، فما تخلَّصَتْ حتّى سال بينهما دمٌ فقال الناس: بذلك يكون بين أولادهما حروبٌ، فكانت وقعة بني العبّاس مع بني أميّة بن عبد شمس سنة 133هـ.

([4]) فإنّ النبيّ(ص) هو محمد بن عبد الله بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف….

([5]) ولهاشم أولادٌ عدّة، غير عبد المطَّلب، وهم: أسدٌ، وفضلة، وأبو صيفي.

([6]) ولعبد المطَّلب ـ واسمه شَيْبة ـ أولادٌ عدّة، وهم: الحارث، والزُّبَيْر، وحمزة، وضرار، وأبو طالب ـ واسمه عبد مناف ـ، وأبو لهب ـ واسمه عبد العزّى ـ، والمقوم ـ واسمه عبد الكعبة ـ، وقيل: هما ـ أي المقوم وعبد الكعبة ـ اثنان، وحجل ـ واسمه المغيرة ـ والغيداق ـ وهو كبير الجود، واسمه نوفل ـ، ويقال: إنه حجل، والعبّاس، وعبد الله ـ وهو أبو النبيّ الأكرم محمد(ص) ـ.

([7]) ومن أولاد أبي طالب: عليّ، وجعفر، وعقيل.

([8]) راجع: اليزدي، العروة الوثقى 6: 332: مسألة 18: لو وقف على العلماء انصرف إلى علماء الشريعة، فلا يشمل مَنْ يكون من غيرهم، كعلماء الطبّ أو الحكمة أو الرياضي أو الجَفْر أو الرمل أو غير ذلك. ولو وقف على الطلاب انصرف إلى مَنْ كان مشتغلاً بعلم الفقه أو مقدّماته.

الخميني، تحرير الوسيلة 2: 73 ـ 74: مسألة 53: لو وقف على العلماء انصرف إلى علماء الشريعة، فلا يشمل غيرهم، كعلماء الطبّ والنجوم والحكمة.

الخوئي، منهاج الصالحين 2: 243: مسألة 1165: إذا وقف على العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة، فلا يشمل علماء الطبّ والنجوم والهندسة والجغرافيا ونحوهم. وكذا محمد الروحاني، منهاج الصالحين 2: 274، مسألة 1120؛ ومحمد صادق الروحاني، منهاج الصالحين 2: 265، مسألة 1165؛ والفيّاض، منهاج الصالحين 2: 458، مسألة 1380؛ ووحيد الخراساني، منهاج الصالحين 2: 276، مسألة 1165.

الكلبايكاني، هداية العباد 2: 150: مسألة 504: إذا وقف على العلماء انصرف إلى علماء الشريعة، فلا يشمل غيرهم، كعلماء الطبّ والنجوم والحكمة، إنْ لم يكونوا عالمين بعلم الشريعة.

السيستاني، منهاج الصالحين 2: 409: مسألة 1543: إذا وقف على العلماء فالظاهر منه ـ بحَسَب الغالب ـ علماء الشريعة، فلا يشمل علماء الطبّ والنجوم والهندسة والجغرافيا ونحوهم.

الصافي الكلبايكاني، هداية العباد 2: 193: مسألة 53: لو وقف على العلماء انصرف إلى علماء الشريعة، فلا يشمل غيرهم، كعلماء الطبّ والنجوم والحكمة.

([9]) رى الكليني في الكافي 1: 34، عن محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القدّاح؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن القدّاح، [جميعاً]، عن أبي عبد الله%، مرفوعاً: «مَنْ سلك طريقاً يطلب فيه عِلْماً سلك الله به طريقاً إلى الجنّة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به، وإنّه يستغفر لطالب العلم مَنْ في السماء ومَنْ في الأرض، حتّى الحوت في البحر. وفَضْلُ العالِم على العابِد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر. وإنّ العلماء وَرَثة الأنبياء. إنّ الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكنْ ورَّثوا العلم، فمَنْ أخذ منه أخذ بحظٍّ وافر».

ورواه محمّد بن يزيد القزويني في سنن ابن ماجة 1: 81، عن نصر بن عليّ الجهضمي، عن عبد الله بن داوود، عن عاصم بن رجاء ابن حياة، عن داوود بن جميل، عن كثير بن قيس، قال: كنتُ جالساً عند أبي الدرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجلٌ، فقال: يا أبا الدرداء، أتيتك من المدينة، مدينة رسول الله$، لحديثٍ بلغني أنّك تحدِّث به عن النبيّ$، قال: فما جاء بك تجارةٌ؟ قال: لا، قال: ولا جاء بك غيره؟ قال: لا، قال: فإنّي سمعتُ رسول الله$ يقول: «مَنْ سلك طريقاً يلتمس فيه عِلْماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنّة. وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم. وإنّ طالب العلم يستغفر له مَنْ في السماء والأرض، حتّى الحيتان في الماء. وإنّ فضل العالِم على العابِد كفضل القمر على سائر الكواكب. إنّ العلماء ورثة الأنبياء. إنّ الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورَّثوا العلم، فمَنْ أخذه أخذ بحظٍّ وافر».

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1: 126: وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله$: «العلماء خلفاء الأنبياء» ـ قلتُ: له في السنن: «العلماء ورثة الأنبياء» ـ. رواه البزّار، ورجاله مُوَثَّقون.

([10]) روى الكليني في الكافي 1: 46، عن عليّ، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله%، مرفوعاً: «الفقهاء أمناء الرُّسُل ما لم يدخلوا في الدنيا»، قيل: يا رسول الله، وما دخولُهم في الدنيا؟ قال: «اتِّباعُ السُّلْطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم».

وروى ابن الجوزي في الموضوعات 1: 262 ـ 263، عن زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي، عن أبي عبد الله محمّد بن عبد الله الحاكم، عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن الحجّاج بن عيسى، عن إبراهيم بن رستم، عن عمر أبي حفص العبدي، عن إسماعيل بن سميع، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله$: «العلماء أمناء الرُّسُل على العباد ما لم يخالطوا السلطان ويدخلوا في الدنيا، فإذا دخلوا في الدنيا وخالطوا السلطان فقد خانوا الرُّسُل واعتزلوهم». وقد رواه محمّد بن معاوية النيسابوري، عن محمّد بن يزيد، عن إسماعيل بن سميع. هذا حديثٌ لا يصحّ عن رسول الله$؛ فأما عمر العبدي فقال أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه؛ وقال يحيى: ليس بشيءٍ؛ وقال النسائي: متروك. وأما إبراهيم بن رستم فقال ابن عدي: ليس بمعروف. وأما محمّد بن معاوية فقال أحمد: هو كذّابٌ.

([11]) روى مسلم في الصحيح 4: 111 ـ 112: حدَّثنا يحيى بن يحيى التميمي وقتيبة بن سعيد الثقفي: قال يحيى: أخبرنا؛ وقال قتيبة: حدَّثنا: معاوية بن عمّار الدهني، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أنّ رسول الله(ص) دخل مكّة ـ وقال قتيبة: دخل يوم فتح مكّة ـ وعليه عمامةٌ سوداء بغير إحرامٍ. وفى رواية قتيبة قال: حدَّثنا أبو الزبير، عن جابر.

وروى مسلم أيضاً في الصحيح 4: 112: حدَّثنا عليّ بن حكيم الأودي: أخبرنا شريك، عن عمّار الدهني، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن النبيّ(ص) دخل يوم فتح مكّة وعليه عمامةٌ سوداء.

وروى الطبرسي في مكارم الأخلاق: 119، معلَّقاً عن معاوية بن عمّار قال: سمعتُ أبا عبد الله(ع) وهو يقول: دخل رسول الله(ص) الحَرَم يوم دخل مكّة وعليه عمامةٌ سوداء، وعليه السلاح…، الحديث.

وروى المجلسي بحار الأنوار 16: 73: فلمّا كان تلك الليلة [ليلة زواجه من خديجة(عا)] أقبل النبيّ(ص) بين أعمامه، وعليه ثيابٌ من قباطي مصر، وعمامة حمراء…، الحديث.

وروى الكليني في الكافي 1: 488 ـ 489، عن عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم والريّان بن الصلت جميعاً قال: لمّا انقضى أمر المخلوع، واستوى الأمر للمأمون، كتب إلى الرضا(ع) يستقدمه إلى خراسان…. قال: فحدَّثني ياسر قال: فلمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا(ع) يسأله أن يركب، ويحضر العيد، ويصلّي ويخطب…، فقال: يا أمير المؤمنين، إنْ أعفيتني من ذلك فهو أحبُّ إليَّ؛ وإنْ لم تعفني خرجْتُ كما خرج رسول الله(ص) وأمير المؤمنين(ع)، فقال المأمون: اخْرُجْ كيف شئْتَ…، فلمّا طلعت الشمس قام(ع) فاغتسل، وتعمَّم بعمامةٍ بيضاء من قطن، ألقى طَرَفاً منها على صدره، وطَرَفاً بين كتفَيْه…، الحديث.

وروى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 18: 354: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى بن الحسن قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة: أنبأنا أبو طاهر المخلص: أخبرنا أحمد بن سليمان: أخبرنا الزبير بن بكّار: حدَّثني عليّ بن صالح، عن عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير، عن هشام بن عروة، عن عبّاد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، أنه بلغه أن الملائكة نزلت يوم بدرٍ وهو [والصحيح: وهم] طيرٌ بيض، عليهم عمائم صُفْر، وكانت على الزبير يومئذٍ عمامةٌ صفراء من بين الناس، فقال النبيّ(ص): نزلت الملائكة اليوم على سيماء أبي عبد الله، وجاء النبيّ(ص) وعليه عمامةٌ صفراء.

وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين 4: 189: حدّثنا عليّ بن حمشاد العَدْل: حدَّثنا موسى بن هارون: حدَّثنا مصعب بن عبد الله بن مصعب: حدَّثني أبي، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيتُ رسول الله(ص) وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران: رداءٌ؛ وعمامة. ثمّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخَيْن، ولم يخرِّجاه.

([12]) روى المجلسي في بحار الأنوار 41: 230؛ 91: 5، نقلاً عن قصص الأنبياء: الصدوق، عن الحسن بن محمد بن سعيد، عن فرات بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن نصر بن مزاحم، عن قطرب بن عليف (وفي نسخةٍ: عطيف)، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: كنتُ ذات يوم عند النبيّ(ص) إذ أقبل أعرابيٌّ على ناقةٍ له، فسلَّم، ثمّ قال: أيُّكم محمد؟ فأُومئ إلى رسول الله(ص)، فقال: يا محمد، أخبرني عما في بطن ناقتي حتّى أعلم أن الذي جئْتَ به حقٌّ، وأؤمن بإلهك وأتبعك…، الحديث.

وروى ابن حمزة الطوسي في الثاقب في المناقب: 316، معلَّقاً عن الباقر(ع)، عن آبائه(عم)، عن حذيفة قال: بينا رسول الله(ص) على جبل أُحُدٍ في جماعةٍ من المهاجرين والأنصار…، فما قطع صلوات الله عليه وآله كلامه حتّى أقبل إلينا أعرابيّ يجرّ هراوةً له، فلمّا نظر إليه(ص) قال: قد جاءكم رجلٌ يكلِّمكم بكلامٍ غليظ تقشعرّ منه جلودكم، وإنّه يسألكم عن أمور، ألا إنّ لكلامه جفوة. فجاء الأعرابي فلم يُسَلِّم، فقال: أيُّكم محمد؟ قلنا: ما تريد؟ فقال(ص): مهلاً، فقال: يا محمد، قد كنْتُ أبغضك ولم أَرَك…، الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 43: 333 ـ 334، نقلاً عن العدد: حدَّث أبو يعقوب يوسف بن الجرّاح، عن رجاله، عن حذيفة بن اليمان قال: بينا رسول الله(ص) في جبلٍ، أظنّه حرى أو غيره، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ(ع) وجماعةٌ من المهاجرين والأنصار…، الحديث.

وروى أحمد بن حنبل في المسند 3: 168: حدَّثنا حجّاج: حدَّثنا ليث: حدَّثني سعيد بن أبي سعيد، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك يقول: بينما نحن مع رسول الله(ص) جلوساً في المسجد دخل رجلٌ على جملٍ، فأناخه في المسجد، فعقله، ثمّ قال: أيُّكم محمد؟ ورسول الله(ص) متكئ بين ظهرانيهم، قال: فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتَّكئ، فقال الرجل: يا بن عبد المطَّلب، فقال له رسول الله(ص): قد أجبتُك…، الحديث.

ورواه البخاري في الصحيح 1: 23: حدَّثنا عبد الله بن يوسف: حدَّثنا الليث، عن سعيد هو المقبري، عن شريك بن عبد الله أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك يقول:…، الحديث.

وروى أحمد بن حنبل أيضاً في المسند 5: 63 ـ 64: حدَّثنا عفان [بن مسلم]: حدَّثنا حمّاد بن سلمة: حدَّثنا يونس [بن عبيدة]: حدَّثنا عبيدة الهجيمي، عن أبي تميمة الهجيمي قال: أتيتُ رسول الله(ص) وهو مُحْتَبٍ بشملة له، وقد وقع هدبها على قدمَيْه، فقلتُ: أيُّكم محمد أو رسول الله؟ فأومأ بيده إلى نفسه…، الحديث.

وروى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 3: 387: حدَّثني ابن إبراهيم النسفي بلفظه: حدَّثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن موسى القافلاني بتكريت: نبّأنا محمد بن الفرخان بن روزبه الدوري: حدَّثنا زيد بن محمد الطحّان الكوفي: حدَّثنا زيد بن أخرم الطائي: حدَّثنا زيد بن الحباب العكلي: حدَّثنا العكلي: حدَّثنا زيد بن محمد بن ثوبان: حدَّثنا زيد بن ثور بن يزيد ـ وفي حديث هناد: حدَّثنا زيد بن الحباب العكلي: حدَّثنا زيد بن ثور بن يزيد: حدَّثني زيد بن محمد بن ثوبان ـ: حدَّثنا زيد بن أسامة بن زيد، عن جدِّه زيد بن حارثة، عن زيد بن أرقم قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم أعرابيٌّ وهو شادٌّ عليه ردنه ـ أو قال: عباءه ـ، فقال: أيُّكم محمد؟ فقالوا: صاحب الوجه الأزهر…، الحديث.

وروى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 3: 517: أخبرنا أبو محمد بن طاووس: أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، قالا: أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله السمسار: أنبأنا حمزة بن محمد الدهقان: أخبرنا محمد بن عيسى بن حِبّان المدائني: أخبرنا محمد بن الصباح: أنبأنا عليّ بن الحسين الكوفي، عن إبراهيم بن اليسع، عن أبي العبّاس الضرير، عن الخليل بن مرّة، عن يحيى، عن زاذان، عن سلمان قال: حضرتُ النبيَّ(ص) ذات يومٍ، فإذا أعرابيٌّ جاء في راحل بدوي قد وقف علينا، فسلَّم، فرَدَدْنا عليه، فقال: يا قوم، أيُّكم محمد رسول الله(ص)؟ فقال النبيُّ(ص): أنا محمد رسول الله…، الحديث.

وراجِع: ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 15: 342؛ 36: 143.

وروى أبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني في السنن 2: 412: حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدَّثنا جرير ، عن أبي فروة الهمداني، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي ذرّ وأبي هريرة قالا: كان رسول الله(ص)يجلس بين ظهري أصحابه، فيجيء الغريب، فلا يدري أيّهم هو، حتّى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله(ص) أن نجعل له مجلساً؛ يعرفه الغريب إذا أتاه، قال: فبنينا له دُكّاناً من طينٍ، فجلس عليه، وكنّا نجلس بجنبتَيْه…، الحديث.

ورواه إسحاق بن راهويه في المسند 1: 209: أخبرنا جرير: حدَّثنا أبو فروة الهمداني، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة وأبي ذرّ قالا: كان رسول الله(ص) يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب، فلا يعرفه، ولا يدري أين هو، حتّى يسأل، فقلنا: يا رسول الله، لو جعلنا لك مجلساً، فتجلس فيه؛ حتّى يعرفك الغريب، فبنينا له دُكّاناً من طينٍ، فكنّا نجلس بجانبَيْه…، الحديث.

ورواه النسائي في السنن 8: 101؛ وفي السنن الكبرى 6: 528 ـ 529: أخبرنا محمد بن قدامة، عن جرير، عن أبي فروة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة وأبي ذرّ قالا: كان رسول الله(ص) يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب، فلا يدري أيُّهم هو، حتّى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله(ص) أن نجعل له مجلساً، يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دُكّاناً من طينٍ كان يجلس عليه…، الحديث.

ورواه النسائي في السنن الكبرى 3: 442: أنبأ إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأ جرير، عن أبي فروة، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة وأبي ذرّ قالا: كان رسول الله(ص) يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب، فلا يدري أيّهم هو، حتّى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله(ص) أن يجعل له مجلساً؛ فيعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دُكّاناً من طينٍ، فكان يجلس عليه، وكنّا نجلس بجانبه سماطين.

ورواه الطبرسي في مكارم الأخلاق: 16، معلَّقاً عن أبي ذرّ قال: كان رسول الله(ص) يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب، فلا يدري أيّهم هو، حتّى يسأل، فطلبنا إلى النبيّ أن يجعل مجلساً؛ يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دُكّاناً من طينٍ، فكان يجلس عليها، ونجلس بجانبَيْه.

([13]) روى الكليني في الكافي 1: 411، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزّاز، عن حمّاد بن عثمان قال: حضرتُ أبا عبد الله، وقال له رجلٌ: أصلحك الله، ذكرت أن عليَّ بن أبي طالب(ع) كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك، ونرى عليك اللباس الجديد، فقال له: إنّ عليَّ بن أبي طالب(ع) كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [عليه]، ولو لبس مثل ذلك اليوم شُهِر به، فخيرُ لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أن قائمنا أهل البيت(عم) إذا قام لبس ثياب عليٍّ(ع)، وسار بسيرة عليٍّ(ع).

ورواه الكليني أيضاً في الكافي 6: 444، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان…، الحديث.

([14]) روى الكليني في الكافي 6: 461، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(ع) قال: قال رسول الله(ص): العمائم تيجان العرب. وهي ـ مع كونها ضعيفة السَّند ـ خيرُ الروايات في العمامة، والباقي كلُّه دونها في الصحّة السَّنَديّة.

([15]) المازندراني، شرح أصول الكافي 5: 242.

([16])الشريف الرضيّ، المجازات النبويّة: 200.



أكتب تعليقك