فقه القرآن (4): آخر الليل وأوّل النهار، من وحي القرآن الكريم
(الجمعة 25 / 5 / 2018م)
أقوال الفقهاء في منتصف النهار والليل
اتّفق الفقهاء، إنْ لم نقُلْ: أجمعوا، على أنّ وَسَط النهار هو نصف الفترة الممتدّة بين طلوع الشمس وغروبها، و«منه يبدأ وقت صلاة الظهر، وتُسمّى بداية الوقت هذه بـ (الزوال)، أي زوال الشمس عن جهة المشرق إلى جهة المغرب، وهو ما عبَّر عنه في القرآن الكريم بـ (دلوك الشمس)»([1]).
ولعلّهم استندوا في ذلك إلى ما رواه الكليني ـ بإسنادٍ صحيح ـ عن زرارة قال: سألتُ أبا جعفر(ع) عمّا فرض الله عزَّ وجلَّ من الصلاة؟ فقال: خمس صلوات في الليل والنهار، فقلتُ: فهل سمّاهُنّ وبيَّنهُنَّ في كتابه؟ قال: نعم، قال الله تعالى لنبيّه(ص): ﴿أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾، ودلوكها زوالها…، وقال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى﴾، وهي صلاة الظهر، وهي أوّل صلاةٍ صلاّها رسول الله(ص)، وهي وسط النهار…، الحديث([2]).
ولكنّ الفقهاء اختلفوا في تحديد منتصف الليل (وَسَط الليل)، الذي يمثِّل ركناً وقتيّاً أساساً لكثيرٍ من الفرائض الإلهيّة، كما في نهاية وقت صلاة العشاء الاختياري أو الاضطراري؛ ونهاية وقت المبيت الأوّل في مِنى لمَنْ أراد المبيت فيها من الغروب إلى منتصف الليل، ويخرج بعد ذلك (كما يمكنه أن يختار المبيت في النصف الثاني من الليل، فيحتاج إلى معرفة وسطه كبدايةٍ لوقت المبيت الثاني).
وقد انقسم الفقهاء في ذلك إلى فريقين:
1ـ مَنْ يقول بأنّه الوَسَط بين غروب الشمس وطلوع الفجر. وهم الأكثر والأغلب([3]).
2ـ مَنْ يقول بأنّه الوَسَط بين غروب الشمس وطلوعها، ويُنسَب إلى جماعةٍ قليلة([4]).
والتفاوت في تحديد وَسَط الليل بين القولين بمقدار ثلاثة أرباع الساعة تقريباً؛ فإن ما بين الطلوعين ـ على وجه التقريب ـ ساعة ونصف، فيكون نصفه ثلاثة أرباع الساعة.
منتصف الليل بين غروب الشمس وطلوعها، أدلّة السيد الخوئي(ر)
وممَّنْ تبنّى الرأي الثاني ونظَّر واستدلّ له بوافرٍ من الأدلّة السيّدُ الخوئي(ر). ومن أدلّته:
1ـ إن الله سبحانه قد أمرنا بإقامة الصلاة من دلوك الشمس إلى غَسَق الليل.
والغَسَق في اللغة ظلمة أوّل الليل أو شدّة ظلمة الليل.
وقد فُسِّر الغَسَق في الروايات بنصف الليل؛ كما في صحيحة بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله(ع)، أنّه سأله سائلٌ عن وقت المغرب؟ فقال: إن الله يقول في كتابه لإبراهيم(ع): ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي﴾، وهذا أوّل الوقت، وآخر ذلك غيبوبة الشفق، وأوّل وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة، وآخر وقتها إلى غَسَق الليل، يعني نصف الليل([5]).
وكما في صحيحة زرارة قال: سألتُ أبا جعفر(ع) عمّا فرض الله عزَّ وجلَّ من الصلاة؟ فقال: خمس صلوات في الليل والنهار، فقلتُ: فهل سمّاهُنَّ وبيَّنَهُنَّ في كتابه؟ قال: نعم، قال الله تعالى لنبيّه(ص): ﴿أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾، ودلوكها زوالها، ففيما بين دلوك الشمس إلى غَسَق الليل أربع صلوات، سمّاهُنَّ الله وبيَّنهُنَّ ووقَّتهُنَّ، وغَسَق الليل هو انتصافه، ثم قال تبارك وتعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾، فهذه الخامسة، وقال الله تعالى في ذلك: ﴿وَأَقِمْ الصَّلاَةَ طَرَفِي النَّهَارِ﴾، وطرفاه المغرب والغداة، ﴿وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ﴾، وهي صلاة العشاء الآخرة، وقال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى﴾، وهي صلاة الظهر، وهي أوّل صلاةٍ صلاّها رسول الله(ص)، وهي وسط النهار، ووسط الصلاتين بالنهار: صلاة الغداة وصلاة العصر، وفي بعض القراءة: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى صلاة العصر وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾، قال: ونزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله(ص) في سفره، فقنت فيها رسول الله(ص)، وتركها على حالها في السفر والحضر، وأضاف للمقيم ركعتين، وإنما وُضعت الركعتان اللتان أضافهما النبيّ(ص) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام، فمَنْ صلّى يوم الجمعة في غير جماعةٍ فليصلِّها أربع ركعات، كصلاة الظهر في ساير الأيام([6]).
فالمراد بالغَسَق شدّة الظلام، والمرتبة الشديدة من الظلمة إنّما هي فيما إذا وصلت الشمس مقابل دائرة نصف النهار، وهو الذي يُسمّى بمنتصف الليل، فهو إذن عبارة عن منتصف ما بين غروب الشمس وطلوعها.
2ـ إن المتفاهَم العرفيّ من منتصف الليل عند إطلاقه هو ما بين غروب الشمس وطلوعها؛ لأنهم يرَوْن نصف النهار عند الساعة الثانية عشرة منه، ويقابله نصف الليل عند الساعة الثانية عشرة من الليل، وتلك الساعة هي منتصف ما بين غروب الشمس وطلوعها؛ إذ اليوم لدى العرف إنما هو من الطلوع إلى الغروب. ويؤيِّد ذلك روايتان:
الأولى: رواية عمر بن حنظلة أنه سأل أبا عبد الله(ع) فقال له: زوال الشمس نعرفه بالنهار، فكيف لنا بالليل؟ فقال: لليل زوالٌ كزوال الشمس، قال: فبأيّ شيءٍ نعرفه؟ قال: بالنجوم إذا انحدَرَتْ([7]).
وهذا بيانٌ تقريبيّ للانتصاف. ولا بُدَّ من أن يُراد بالنجوم المنحدرة ـ بعد نهاية ارتفاعها ـ النجوم التي تطلع في أوّل الليل وعند الغروب؛ لأنها إذا أخذت بالانحدار بعد صعودها وارتفاعها دلّ ذلك على انتصاف الليل لا محالة. إذن فهذه العلامة علامةٌ تقريبيّة للانتصاف، أعني منتصف ما بين غروب الشمس وطلوعها.
إلاّ أن الرواية ضعيفة السند بعمر بن حنظلة؛ لعدم توثيقه في الرجال.
الثانية: رواية أبي بصير، عن أبي جعفر(ع) قال: دلوك الشمس زوالها، وغَسَق الليل بمنزلة الزوال من النهار([8]).
وهي أيضاً ضعيفة السند بأحمد بن عبد الله القرويّ؛ وجهالة طريق السرائر إلى كتاب محمد بن عليّ بن محبوب، وغير صالحة للاستدلال بها بوجهٍ.
ومن هنا جعل الخوئي(ر) الروايتين مؤيِّدتين للمدّعى.
ثمّ انطلق(ر) يفنِّد أدلّة الرأي الأوّل، وهو كون نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر الصادق، فقال: إن مستنده أحد أمرين:
أحدهما: دعوى أن الليل إنما هو من الغروب إلى طلوع الفجر، وأن النهار من طلوع الفجر إلى الغروب، كما قد نصّ عليه غيرُ واحدٍ من الفقهاء والمفسِّرين واللغويّين في ما حُكي عن بعضهم.
وثانيهما: دعوى أن النهار إنما هو من طلوع الشمس إلى غروبها، كما أن الليل من الغروب إلى طلوع الفجر، وأما الزمان المتخلِّل بين الطلوعين فهو زمانٌ خاصّ مستقلّ، لا من النهار ولا من الليل.
أما الدعوى الثانية فلم يقُمْ عليها دليلٌ، كما أن القائل بها قليلٌ. وبيان ذلك أنهم استدلّوا لها بروايتين:
الأولى: رواية أبي هاشم الخادم قال: قلتُ لأبي الحسن الماضي(ع): لِمَ جُعلت الصلاة الفريضة والسنّة خمسين ركعة لا يزاد فيها ولا ينقص منها؟ قال: لأن ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة فجعل لكلّ ساعة ركعتين، وما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة، وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة فجعل الله لكلّ ساعة ركعتين، وما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق غَسَقٌ، فجعل للغَسَق ركعة([9]).
وقد دلّت على أن ما بين الطلوعين ساعةٌ مستقلّة في مقابل الساعات الليلية والنهارية.
ويردُّه: إن إسناد هذه الرواية ضعيفٌ؛ لضعف طريق الصدوق إلى أبي هاشم، كما أن أبا هاشم الخادم أيضاً ضعيفٌ.
مضافاً إلى أنها تدلّ على أن ما بين المغرب وسقوط الشفق أيضاً ساعةٌ مستقلّة في مقابل الساعات الليلية والنهارية، وهذا ممّا لم يقُلْ به أحدٌ.
الثانية: رواية أبان الثقفي ـ كما في الجواهر ـ، وعمر بن أبان الثقفي ـ كما في المستدرك، ولعلّه الصحيح [والكلام للسيد الخوئي، وسيأتي أنّه ليس صحيحاً، بل الصحيح هو عمر بن عبد الله الثقفي] ـ قال: سأل النصرانيّ الشامي الباقر(ع) عن ساعةٍ ما هي من الليل ولا هي من النهار، أيّ ساعةٍ هي؟ قال أبو جعفر(ع): ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس…، الحديث([10]).
وهي أيضاً ضعيفة السند، وغير صالحة للاستدلال بها على شيء.
وأما الدعوى الأولى ـ وهي أن ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من النهار ـ فقد استدلّ عليها برواية يحيى بن أكثم القاضي أنه سأل أبا الحسن الأوّل عن صلاة الفجر لِمَ يجهر فيها بالقراءة، وهي من صلوات النهار، وإنما يجهر في صلاة الليل؟ فقال: لأن النبيّ(ص) كان يغلس بها، فقرَّبها من الليل([11]).
وهي تدلّ على أن صلاة الفجر من الصلوات النهارية دون الليلية؛ لأنه(ع) قد أمضى ما ذكره السائل من أن صلاة الفجر من الصلوات النهارية، ولم يردَعْه عن معتقده.
ويردُّه: إن الرواية ضعيفة السند في مَنْ لا يحضره الفقيه؛ للتعليق؛ ولأن يحيى بن أكثم بنفسه ضعيفٌ. كما أن الإسناد في علل الشرائع ضعيفٌ أيضاً؛ لجهالة موسى وأخيه.
وعليه لم يثبت أن الإمام(ع) أقرّ السائل على ما اعتقده من أن صلاة الفجر من الصلوات النهارية.
واستدلّ عليها أيضاً بالأخبار الحاثّة على الغَلَس بصلاة الفجر، كما فعل الصادق(ع)، وقال: إن ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر، فأنا أحبّ أن تشهد ملائكة الليل والنهار صلاتي([12]).
وورد في بعضها: إن العبد إذا صلّى صلاة الصبح مع طلوع الفجر شهدتها ملائكة الليل والنهار، وأثبت له صلاته مرتين: تثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار([13]).
وهي تدلّ على أن ما بين الطلوعين من النهار، وأن صلاة الفجر من الصلوات النهارية وإلاّ فكيف تشهدها ملائكة النهار وتثبتها للمصلّي؟!
ويردُّه: إن من البعيد جدّاً بل يمتنع عادةً الإتيان بصلاة الغداة حين طلوع الفجر ومقارناً له؛ لاختصاص العلم به بالمعصومين(عم) وعدم تيسُّره لغيرهم. مضافاً إلى أن الصلاة تتوقّف على مقدمات، وهي تستلزم تأخُّر صلاة الفجر عن الآن الأوّل منه، فكيف تشهدها ملائكة الليل، ولو مع الالتزام بأن ما بين الطلوعين من النهار. فلا مناص معه من أن تتقدّم ملائكة النهار أو أن تتأخّر ملائكة الليل حتّى تشهدها الطائفتان من الملك، وكما يحتمل تأخّر ملائكة الليل يحتمل تقدّم ملائكة النهار.
ومع كون ارتكاب التأويل في الرواية ضروريّاً فلا دلالة لها حينئذٍ على أنها من الصلوات النهارية أو الليلية.
واستدلّ عليها أيضاً بجملة من الآيات المباركة. وليس في شيءٍ منها دلالةٌ على هذا المدّعى.
بل إن قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَقِمْ الصَّلاَةَ طَرَفِي النَّهَارِ…﴾ يدلّنا على أن صلاة الغداة من الصلوات الليلية وأن ما بين الطلوعين من الليل؛ إذ فُسِّر طرفا النهار بالمغرب والغداة ـ كما في صحيحة زرارة المتقدِّمة ـ، ودلّت الآية المباركة على أن الغداة طرف النهار، ولا وجه لهذا التعبير إذا كانت الغداة من النهار؛ لأنها حينئذٍ من النهار، لا أنها طرف النهار.
فإنْ قيل: إن الطرف قد يُطْلَق ويُراد به مبدأ الشيء ومنتهاه من الداخل، دون الخارج، والمقام من هذا القبيل.
قلنا: إن الطرف وإنْ كان قد يطلق على المبدأ والمنتهى والطرف الداخلي والخارجي، غير أن أحد الطرفين ـ في الآية المباركة ـ هو المغرب ـ على ما دلّت عليه صحيحة زرارة ـ، ولا شبهة في أنه طرفٌ خارجي، فبمقتضى المقابلة لا بُدَّ من أن يكون الطرف الآخر ـ الذي هو الغداة ـ أيضاً طرفاً خارجياً عن النهار، فتدلّنا الآية المباركة على أن الغداة كالمغرب خارجة عن النهار.
ويدلّنا على ذلك أيضاً ما دلّ على تسمية الزوال نصف النهار، كصحيحة زرارة المتقدّمة، حيث ورد فيها قوله(ع): «دلوك الشمس زوالها. وقال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى﴾، وهي صلاة الظهر، وهي أوّل صلاة صلاها رسول الله(ص)، وهي وسط النهار».
فالظاهر أن نصف النهار يُحْسَب من طلوع الشمس لا من طلوع الفجر وإلاّ لم يكن الزوال نصف النهار، فتدلّ الصحيحة على أن مبدأ النهار إنما هو طلوع الشمس، وما بين الطلوعين محسوبٌ من الليل.
نعم، ورد في الصحيحة بعد ذلك: «ووسط صلاتين بالنهار: صلاة الغداة؛ وصلاة العصر»، يعني أن صلاة الظهر إنما تقع بين صلاتين نهاريّتين، إحداهما: صلاة الغداة.
وهذا لا يخلو عن اجمالٍ وغموض؛ لأن كون صلاة الغداة صلاةً نهارية يدلّ على أن النهار إنما هو من الفجر، دون طلوع الشمس، وأن ما بين الطلوعين من النهار. وهذا ينافيه التصريح بأن الدلوك هو الزوال، وأن وقت صلاة الظهر وسط النهار؛ لما عرفت من أن كون الزوال وسط النهار ونصفه، أي اتّحادُهما وتقارنُهما يدلّ على أن مبدأ النهار إنما هو طلوع الشمس، دون الفجر، وإلاّ لتقدّم النصف على الزوال.
إذن ففي الصحيحة تناقضٌ ظاهر، فلا بُدَّ من ارتكاب التأويل فيها بوجهٍ، بأن يُقال: إن صلاة الغداة إنما أطلقت عليها صلاة النهار نظراً إلى امتداد وقتها إلى طلوع الشمس وإشرافه عليه، وجواز الإتيان بها قبل الطلوع بزمانٍ قليل، وإنْ لم تكن من الصلوات النهارية حقيقةً.
وممّا دلّ أيضاً على تسمية الزوال نصف النهار ما ورد في الصائم المسافر من أنه يفطر إذا كان خروجه قبل الزوال ونصف النهار، وإذا كان خروجه بعد الزوال فليتمّ يومه، كما في صحيحة الحلبي أو حسنته([14])، وصحيحة محمد بن مسلم([15]).
وقد أطلق فيها نصف النهار على الزوال، وهذا يدلُّنا على أن ابتداء اليوم أوّل طلوع الشمس، دون طلوع الفجر، وأن ما بين الطلوعين من الليل.
على أن المصطلح عليه عند علماء الهيئة والمنجِّمين اطلاق اليوم على ما بين طلوع الشمس وغروبها، وهذا أمرٌ دارج شايع في اصطلاحهم، حيث يطلقون اليوم ويريدون به ما بين طلوع الشمس إلى الغروب. إذن فلا مناص من أن يُراد بمنتصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس وطلوعها.
انتهى ما أفاده السيد الخوئي(ر) ـ بتصرُّفٍ ـ([16]).
موافقة الخوئي(ر) في رفض الدعوى الثانية
ونحن إذ نؤيِّد السيد الخوئي في رفض الدعوى الثانية ـ وهي أن الزمان المتخلِّل بين الطلوعين هو زمانٌ خاصّ مستقلّ، لا من النهار ولا من الليل ـ؛ لمخالفته ظاهر جملةٍ من الآيات الدالّة على القِسْمة الثنائية الحصرية لليوم، وأن الليل والنهار متعاقبان متوالجان، وبلا فصلٍ، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (لقمان: 29)([17]).
وكذلك لقوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (يونس: 24)؛ وقوله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ﴾ (يونس: 50)، دلالةٌ على أنْ لا وقتَ ثالث في البَيْن، فإمّا ليلٌ (بياتٌ) أو نهارٌ، ولا وقتَ خالٍ منهما.
منهجٌ مختلف لإبطال الدعوى الأولى
ونحن إذ نؤيِّد السيد الخوئي في رفض الدعوى الثانية، فإنّنا نلحظ عدم اعتماده(ر) في إثبات الدعوى الأولى على ركنٍ وثيق من الأدلّة، وإنّما هو تضعيفٌ سنديّ لبعض الروايات، وتشكيكٌ في دلالة بعضها الآخر، وهذا كلُّه لا يوصلنا إلى نتيجةٍ نطمئنّ بصحّتها.
ومن هنا ننطلق من منهج تفسير القرآن بالقرآن، وما ورد من أنّ القرآن «ينطق بعضُه ببعضٍ، ويشهد بعضُه على بعضٍ»([18])، للتعرُّف على دلالة آيات القرآن الكريم في تحديد النهار وطرفَيْه، والليل وطرفَيْه.
أوقات الصلاة في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾ (النساء: 103)، أي فَرْضاً محدَّداً بوقتٍ خاصّ، لا ينبغي أن تقع خارجه. فما هي هذه الأوقات، وهل ذُكرت في القرآن الكريم؟
تمّ الحديث في القرآن الكريم عن إقامة الصلاة في جملةٍ من الآيات الكريمة، ومنها:
الآية الأولى
﴿أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾ (الإسراء: 78).
وبما أنّها ظاهرةٌ في تحديد أوقات الصلاة المفروضة؛ إذ ظاهر الأمر (أَقِمْ) الدلالة على الوجوب والفرض، فلا بُدَّ أن تستوعب جميع هذه الصلوات، وهي خمسةٌ: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر.
ومن الواضح أنها صلاتان نهاريتان، وصلاتان ليليتان، وصلاة الفجر (التي نحن في صدد بيان كونها ليلية، فيكون بدء النهار بطلوع الشمس، أو نهارية، فيكون بدء النهار بطلوع الفجر).
ومن هنا ساغ أن يتحدَّث عن أوقاتٍ ثلاثة: نهاريّ يبدأ من دلوك الشمس، وليليّ ينتهي بغَسَق الليل، والفجر. وبما أنّه لا يُتصوَّر امتدادُ وقت الفريضتين النهاريتين إلى الليل لم يحتَجْ إلى بيان نهاية الوقت النهاري، فهو ينتهي بغروب الشمس وبداية الليل. وكذلك لم يحتَجْ إلى بيان بداية الوقت الليلي فهو يبدأ بدخول الليل عند غروب الشمس، وينتهي بغَسَق الليل، كما أوضحت الآية.
ولكن هل دلوك الشمس هو زوالها أو له معنىً آخر؟
معنى (دلوك الشمس)
أمّا لغةً فقد ذُكر لـ (دلوك الشمس) معنيان: 1ـ غروب الشمس؛ 2ـ زوال الشمس عن كبد السماء([19]).
وقد اختلفت كلمات علماء اللغة في أيّهما هو الأرجح والأصحّ؟
والذي نرجِّحه أنّه استُعمل هاهنا بمعنى (زوال الشمس عن كبد السماء، وميلها إلى جهة الغرب)؛ ليبقى للآية دلالتها على الأوقات الثلاثة للصلاة، وإلاّ فإنّها ستكون في مقام بيان وقتين فقط لا غير، وهما: وقت صلاة المغرب والعشاء (من الدلوك [الغروب] إلى غَسَق الليل)، ووقت صلاة الصبح (الفجر)، وهذا غيرُ لائقٍ بمقام الشارع المقدَّس وهو يرشد إلى ما افترضه على العباد، فيدلّهم على وقت بعضه دون وقت البعض الآخر.
ويؤيِّده ما ورد في صحيحة زرارة المتقدِّمة، حيث جاء فيها: «ودلوكها زوالها»([20]).
معنى (غَسَق الليل)
وأما غَسَق الليل فهو إظلامه، بعد غياب الشفق([21])، ومن هنا قيل: أغسق المؤذن، أي أخّر المغرب إلى غَسَق الليل([22]).
وقيل: الغَسَق أوّل ظلمة الليل، وقيل: غَسَق الليل إذا غاب الشفق([23]).
وقيل: غَسَقه شدّة ظلمته، وذلك إنما يكون في النصف منه. ومثله ما صحّ عن الباقر(ع)([24])، وهو إشارةٌ إلى صحيحة زرارة المتقدّمة، وفيها: «وغَسَق الليل هو انتصافه»([25]).
وعلى أيّ حال فإنّ قوله: ﴿إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ هو بيانٌ لنهاية وقت صلاة العشاءين (المغرب والعشاء)، وهو ثلث الليل أو نصفه، على اختلافٍ في ذلك بين الفقهاء.
الآية الثانية
﴿وَأَقِمْ الصَّلاَةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ (هود: 114).
وكذلك هي ظاهرةٌ في تحديد أوقات الصلاة المفروضة؛ إذ ظاهرُ الأمر (أَقِمْ) الدلالة على الوجوب والفَرْض.
معنى (زُلَف)
الزُّلْفة من الليل هي طائفةٌ من أوّله([26])، وجمعها زُلَفٌ. وعليه فالزُّلَف هي طوائف من الليل، وسُمِّيَتْ بذلك لأن كلّ طائفةٍ منها تقرب من الأخرى([27])، و(زلف) الزاء واللام والفاء يدلّ على اندفاعٍ وتقدُّم في قرب إلى شيء([28]).
وقيل: هي الطائفة من الليل، أو من أوّله، قليلةً كانت أو كثيرة([29]).
وفي حديث ابن مسعود ذكر زُلَف الليل، وهي ساعاته([30]).
وأمام هذا الاختلاف في تحديد المعنى الدقيق لكلمة (زُلَف) لا يَسَعُنا إلاّ أن نعتمد على التحقيق والتدقيق، فنقول: الزُّلْفة هي الطائفة من الليل. وبما أنّ أقلّ وحدةٍ عرفيّة شائعة الاستعمال في المحاورات العُرْفيّة هي الساعة، فأقلُّ الطائفة ساعةٌ واحدة. وقد استُعمل في الآية الجمع (زُلَفاً)، وأقلّ الجمع ثلاثة، فهي ثلاث ساعات على أقلّ تقديرٍ. وهذا يتناسب مع كونه ثلث الليل، لا أكثر.
ولكنْ بما أنّه جاء في سبب تسمية (المزدلفة) ـ وهي منطقةٌ بين عَرَفات ومِنَى ـ أنّها سُمِّيَتْ بذلك لمجيء الناس إليها في زُلَفٍ من الليل([31])، فإذا علمنا أنّ المسافة التي يقطعها الحاجّ بين عَرَفات ومزدلفة هي 5 كيلومترات، وهذا أقلّ ما ذُكر للمسافة بينهما، وزادها البعض إلى 10 كيلومترات، وأعتقد أنّ كلَيْهما صحيحٌ، فإن المسافة بين حدَّيْهما هي 5 كيلومترات، وأمّا إذا أراد الحاجّ أن ينتقل من أقصى عَرَفات إلى أقصى مِنَى فإنّه سوف يسير ما يزيد عن 5 كيلومترات، وربما بلغت 10 كيلومترات، ويفعل ذلك كثيرٌ من الحجّاج، حيث لا يجدون متّسعاً في أوّل مزدلفة لنصب خيامهم للمبيت فيها، ورُبَما لم يجدوا هذا المكان إلاّ في آخرها من جهة مِنَى، وهو أمرٌ معروف لمَنْ عاين تلك المشاهد الشريفة. وعلى أيّ حالٍ فإنّ 10 كيلومترات تقرب من ربع المسافة الشرعية للسفر، وهي ما يقرب من 44 كيلومتراً، وقد ورد في تحديد هذه المسافة أيضاً بأنّها مسير يومٍ وليلة، أي نهار وليلة، يعني يوماً كاملاً، وعليه فقطع مسافة 5 ـ 10 كيلومترات، وفي الزحام الشديد، تستغرق على أقلّ تقديرٍ ربع اليوم، وهو نصف الليل، فيكون قوله: «لمجيء الناس إليها في زُلَفٍ من الليل» أي يبدأ وصولهم في نصف الليل.
عودٌ إلى معنى الآية
وعلى أيّ حالٍ كأنّ الله تبارك وتعالى يحدِّد في هذه الآية الأوقات التي هي محلٌّ لوقوع صلاة واجبة ومفروضة، وهي: طرف النهار الأوّل؛ طرف النهار الأخير؛ قسمٌ من الليل، وليس كلَّه.
أمّا القسم من الليل فيفسِّره قوله تعالى: ﴿إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾، وذلك لتحديد الوقت الاختياريّ للعشاءَيْن، وقد تقدَّم أنّه منتصف الليل. وأمّا بداية وقت العشاءين فيحدِّده كونهما صلاتين ليليتين، فيبدأ وقتهما ببداية الليل، وهو غروب الشمس.
ورُبَما يُستفاد ذلك أيضاً من قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ (طه: 130). «والإني والإنى: ساعةٌ من ساعات الليل، والجميع: آناء، وكلّ إني ساعةٌ»([32])، «وآناء الليل: ساعاته»([33])، وعليه فإنّ التسبيح بحمد الله ـ وهو كنايةٌ عن الصلاة ـ مطلوبٌ في ساعاتٍ من الليل، وما لم يحدِّد بدايةً لهذه الفترة فمقتضى العادة العُرْفيّة أن تكون البداية من الأوّل، وهو أوّل الليل، أي عند غروب الشمس.
والكلامُ هو نفسُه في قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ (ق: 39 ـ 40).
وأما طرف النهار الأخير فهو آخر الوقت قبل غروب الشمس، وهو الوقت الأخير للظهرين، بعد أن تحدَّد أوّله بـ (دلوك الشمس)، ويكون الغروب خارجاً كذلك.
وأما طرف النهار الأوّل فهو بُعَيْد طلوع الفجر؛ إذ بُعَيْد طلوع الشمس لا صلاة مفروضة، بإجماع المسلمين. وليس الوقت بعد طلوع الشمس وقتاً لصلاةٍ مفروضة، فلا مناص من كونه بُعَيْد طلوع الفجر، وهكذا يكون طرف النهار الأوّل هو بُعَيْد طلوع الفجر، وتكون بداية النهار بطلوع الفجر، لا بطلوع الشمس. وأما مدى هذا الوقت لصلاة الصبح فيحدِّده قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ (طه: 130)، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ (ق: 39 ـ 40)، فإنّ التسبيح بحمد الله كنايةٌ عن الصلاة، وهي مطلوبةٌ مفروضة قبل طلوع الشمس، وينتهي وقتُ أدائها بطلوعها.
إذن إذا طلع الفجر فقد بدأ النهار، وإذا غربت الشمس دخل الليل، ويستمرّ إلى طلوع الفجر الجديد.
التوفيق بين الآيات والروايات
نعم، يبقى أن بعض الروايات ـ ومنها: صحيحة زرارة المتقدّمة ـ ذكرت أن الزوال هو منتصف النهار، حيث قال الإمام(ع): «ودلوكها زوالها…، وقال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى﴾، وهي صلاة الظهر، وهي أوّل صلاةٍ صلاّها رسول الله(ص)، وهي وسط النهار»([34]).
والزوال هو الوَسَط بين طلوع الشمس وغروبها، فالنهار إذن من طلوع الشمس إلى غروبها، وما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من النهار، بل هو من الليل.
ولكنْ بما أنّ هذه الروايات مخالفةٌ للقرآن الكريم، فلا يُعوَّل عليها، ولو كانت صحيحة السند.
ورُبَما يُقال: إنّها لا تقصد من (وَسَط النهار) هنا التحديد الدقيق، بل هو تحديدٌ تقريبيّ يتماهى مع العُرْف المشهور والاعتقاد السائد بأنّ الظهر هو نصف النهار، ولكنّ للشارع تحديداً آخر نستظهره من مفاد الآيات القرآنيّة بالنحو الذي تقدَّم، ولا سيَّما أنّه ورد في نفس صحيحة زرارة قول الإمام(ع)، في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَأَقِمْ الصَّلاَةَ طَرَفِي النَّهَارِ﴾: «وطرفاه المغرب والغداة»([35]). فما هي الغداة؟
معنى (الغداة)
الغداة والغدوّ والغُدْوة بمعنىً واحد، وهو «البُكْرة، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس»([36]).
وعليه فإنّ مفاد صحيحة زرارة أنّ النهار يبدأ بُعَيْد طلوع الفجر بلحظةٍ، وهو من الغَداة، وينتهي قُبَيْل غروب الشمس، ويُقال له: «المغرب»؛ للمجاورة، فيتسامحون في تسميته باسم ما بعده من الوقت الذي يليه بلحظةٍ.
ويؤيِّده قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ (الأنعام: 52)؛ وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ (الكهف: 28)، حيث عبَّر بالغداة والعشيّ عن أوّل النهار وآخره للدلالة على أنّهم في حالةٍ من الدعاء الدائم والمستمرّ من الصباح إلى المساء، فهم يبدأون نهارهم بالدعاء، ويختمونه بالدعاء أيضاً.
ويؤكِّد هذا المعنى ما جاء في آياتٍ أخرى، منها:
﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ (مريم: 11).
﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ﴾ (غافر: 55).
﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَنْ لا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ﴾ (آل عمران: 41).
﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ﴾ (ص: 18).
حيث حدَّد للتسبيح والعبادة والدعاء وقتين، وهما: العشيّ؛ والإبكار أو الإشراق، فكأنّه يُفسِّر «الغداة» في الآيتين السابقتين بـ «الإبكار» أو «الإشراق».
معنى (الإبكار)
والبُكْرة هي الغداة، كما تقدَّم([37])، والإبكار هو أوّل الدخول في الغداة، أي بعد الفجر بلحظةٍ.
معنى (الإشراق)
وكذلك الإشراق؛ فإنّ «الشروق يُقال لكلّ شيءٍ طلع من قبل المشرق»([38]).
وقال ابن فارس: «الشين والراء والقاف أصلٌ واحد يدلّ على إضاءةٍ وفتح»([39]).
وفي لسان العرب: «وكلُّ ما طلع من المشرق فقد شرق، ويُستعمل في الشمس والقمر والنجوم»([40]).
وعليه فإنّ «الإشراق» يصحّ في التعبير عن طلوع ضوء الفجر من جهة المشرق، وهو المساوي لـ «الإبكار»، و«الغداة».
معنى (العشيّ)
وأما العشيّ فهو يختلف عن العشاء، فالعشيّ هو «آخر النهار»([41])؛ وأما العشاء فهو «أوّل ظلام الليل»([42])، «من غروب الشمس إلى أن يولّي صدر الليل، ويقول بعضٌ: إلى طلوع الفجر»([43])، «وقد قيل: كلّ ما كان بعد الزوال فهو عشيٌّ»([44]).
وفي النهاية، لابن الأثير: «وفي الحديث: «صلّى بنا رسول الله(ص) إحدى صلاتي العشيّ، فسلَّم من اثنتين»، يريد صلاة الظهر أو العصر؛ لأن ما بعد الزوال إلى المغرب عشيّ»([45]).
وعليه فإنّ العشيّ شاملٌ لـ «الأصيل»، إذ (العشيّ) يبدأ من زوال الشمس وينتهي بغروبها، كما قد يُستعمل (العشيّ) بما هو أضيق من هذا الوقت، كما في قوله تعالى: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ (ص: 31 ـ 32)؛ إذ لا يُتصوَّر أن نبيّ الله سليمان(ع) قد أخذ باستعراض الخيول الجياد في حَرِّ الظهيرة، واستمرّ بذلك إلى حين غروب الشمس، وإنّما هو استعراضٌ آخرَ النهار وقريباً من ساعة الغروب.
وكذلك يقول عزَّ وجلَّ: ﴿فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ (الروم: 17 ـ 18)، وهو بيانٌ لأوقات الصلوات، وهي: الصبح، والظهر، والعصر (العشيّ)، والمساء (الشامل للمغرب والعشاء).
معنى (الأصيل)
وأمّا الأصيل فهو «العشيّ»([46]) في معناه الثاني الضيِّق، وهو «الوقت بعد العصر إلى المغرب»([47])، وعليه فالأصيل ما كان من النهار بعد العشيّ([48])، وهو آخر النهار، ويقابله أوّل النهار، أي الغداة، والإبكار، والإشراق.
وهذا ما يتجلّى بوضوحٍ في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾ (الإنسان: 25 ـ 26)، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ (الأحزاب: 41 ـ 42)، وقوله جلَّ جلاله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ (الفتح: 8 ـ 9).
علاقة (الفَجْر) بـ (الصُّبْح)
وممّا لا شكّ فيه أنّ الصُّبْح من النهار، وهو «أوّل النهار»([49])، بل صرَّح بعض اللغويين بأنّ الصُّبْح هو «الفجر»([50])، ولعلّهم يقصدون بدايته؛ إذ حدَّده بعضهم بما «بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس»([51]).
وعلى أيّ حالٍ فقد ذكروا في تعريف الصَّبوح أنّها «ما يُشْرَب بالغداة»([52])، فما دون القائلة([53])، من لبنٍ وغيره. وقال بعضهم: الصَّبوح ما حُلِب من اللبن بالغداة([54]). وذهب الزبيدي إلى أنّ كل ما أُكل أو شُرب غدوةً فهو صَبوحٌ([55]).
و«الصُّبْحة هي النوم أوّل النهار»([56])، وهي «نوم الغداة»([57]).
وقال ابن فارس: «الصاد والباء والحاء أصلٌ واحد مطّرد، وهو لونٌ من الألوان، قالوا: أصله الحُمْرة، قالوا: وسُمِّي الصبح صبحاً لحمرته»([58]).
ونقل ابنُ منظور والزبيدي عن الأزهريّ قوله: «ولون الصبح الصادق يضرب إلى الحمرة قليلاً، كأنّها لونُ الشفق الأوّل في أوّل الليل»([59]).
وهذا كلُّه يؤكِّد أنّ الصبح يبدأ من طلوع الفجر الصادق، وهو أوّل النهار وبدايته.
ويمكننا أن نستفيد هذا المعنى أيضاً ممّا جاء في استعماله في القرآن الكريم، حيث يقول تعالى: ﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ (الأنعام: 96).
فما أن تنقضي ساعات الليل حتّى ينبلج نور الفجر بمشيئة الله وقدرته، وهو فلق الإصباح.
وكذلك قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ * أَنْ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ﴾ (القلم: 17 ـ 22).
فإنّ عادة المزارعين، ولا سيَّما الذين لا يريدون أن يراهم أحدٌ، أن يخرجوا إلى حقولهم مع انبلاج نور الفجر، فيستفيدون ممّا تبقّى من عتمةٍ.
وفي قصّة قوم نبيّ الله لوط(ع)، وكيفيّة إهلاك الله لهم، وموعد ذلك، يقول تعالى، حاكياً خطابه للوط(ع): ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ﴾ (الحجر: 65 ـ 66).
وفي آيةٍ أخرى يقول: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ﴾ (القمر: 37 ـ 38).
وقال في آيةٍ ثالثة: ﴿قَالَ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ (الحجر: 71 ـ 73).
وما اكتفاؤه في الآية الأولى بقوله: «مُصْبِحِينَ» إلاّ لدلالتها على الوقت التالي للفجر، وقد أكَّد هذا المعنى بقوله في الآية الثانية: «صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً»، وهكذا يتَّضح معنى «مُشْرِقِينَ» في الآية الثالثة، وأنّه لا يعني به شروق الشمس، وإنّما طلوع الفجر، وهو أوّل الصباح.
خلاصةُ الكلام
وخلاصةُ الكلام أنّ طرفَيْ النهار هما: الفجر؛ والغروب، أو فقُلْ: يبدأ النهار من اللحظة التالية لطلوع الفجر، وينتهي في اللحظة السابقة لغروب الشمس، ويمتدّ الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وليس إلى طلوع الشمس. وهذا هو مفادُ ما تقدَّم من الآيات القرآنيّة الكريمة، كما بيَّنّا مفصَّلاً.
ويؤيِّده قوله تعالى: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (البقرة: 187). ومن بديهيّات الفقه وواضح الروايات الصحيحة أنّ الصوم هو في النهار، والإفطار في الليل([60])، وقد رخَّص الله في مباشرة النساء والأكل والشرب ـ وهي المفطِّرات ـ إلى وقت تبيُّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ما يعني أنّ الفجر هو طرف النهار الأوّل، الذي يجب أن يكون الصيام بينه وبين طرف النهار الثاني، وهو غروب الشمس.
كما يؤيِّده أيضاً قوله تعالى، واصفاً ليلة القدر المباركة: ﴿سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ (القدر: 5)، وهو دالٌّ على أنّ نهاية الليلة (الليل) بطلوع الفجر، وعنده يبدأ النهار.
**********
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) السيد محمد باقر الصدر، الفتاوى الواضحة 268؛ وراجع: البهائي العاملي، مفتاح الفلاح: 142؛ الخوئي، منهاج الصالحين 1: 132؛ محمد الروحاني، منهاج الصالحين 1: 141؛ فاضل اللنكراني، أحكام الحجّ من تحرير الوسيلة: 82 (الهامش)؛ محمد صادق الروحاني، منهاج الصالحين 1: 141؛ السيستاني، منهاج الصالحين 1: 167؛ محمد سعيد الحكيم، منهاج الصالحين 1: 159؛ وحواريّات فقهية: 112؛ محمد إسحاق الفيّاض، منهاج الصالحين 1: 202 ـ 203.
([2]) الكليني، الكافي 3: 271 ـ 272، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة…، الحديث.
([3]) ومنهم: محمد أمين زين الدين، كلمة التقوى 1: 292؛ محمد باقر الصدر، الفتاوى الواضحة: 274؛ محمد الروحاني، منهاج الصالحين 1: 141؛ محمد رضا الكلبايكاني، إرشاد السائل: 79؛ محمد تقي بهجت، توضيح المسائل: 154؛ محمد صادق الروحاني، فقه الصادق(ع) 8: 270، ومنهاج الصالحين 1: 141؛ السيستاني، الفتاوى الميسّرة: 145، وفقه المغتربين: 95، والمسائل المنتخبة: 101، ومنهاج الصالحين 1: 167؛ محمد سعيد الحكيم، حواريّات فقهية: 112، ومنهاج الصالحين 1: 159؛ محمد إسحاق الفيّاض، منهاج الصالحين 1: 202؛ عليّ الخامنئي، منتخب الأحكام: 75.
([4]) ومنهم: السبزواري، كفاية الأحكام 1: 77 ـ 78؛ الخوئي، منهاج الصالحين 1: 132، والتنقيح في شرح العروة الوثقى (كتاب الصلاة) 1: 267 ـ 277؛ وصراط النجاة 1: 237 ـ 238، ويستثني من ذلك المبيت بمِنى، فإنّ نصف الليل هناك هو نصف ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر؛ محمد رضا الكلبايكاني، مختصر الأحكام: 49.
([5]) رواها الصدوق في مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 219، عن محمد بن الحسن رضي الله عنه، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن معروف وأحمد بن إسحاق بن سعد وإبراهيم بن هاشم، عن بكر بن محمد (الأزدي)، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث.
ورواها الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 30، والاستبصار 1: 264، بسنده إلى أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الصلت، عن بكر بن محمد (الأزدي)، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث.
([6]) رواها الكليني في الكافي 3: 271 ـ 272، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة…، الحديث.
([7]) رواها الصدوق في مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 227، عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داوود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة…، الحديث.
([8]) رواها ابن إدريس الحلّي في مستطرفات السرائر: 602، نقلاً من كتاب محمد بن عليّ بن محبوب، عن الحسن بن عليّ، عن الحسين، عن أحمد القرويّ، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(ع)…، الحديث.
([9]) رواها الصدوق في علل الشرائع 2: 327، عن أبيه(ر)، عن محمد بن يحيى العطّار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن أبي هاشم الخادم قال: قلتُ لأبي الحسن الماضي…، الحديث.
ورواها الصدوق في الخصال: 488، عن أبيه رضي الله عنه، عن محمد بن يحيى العطّار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن الحسن بن ميمون، عن أبي هاشم قال: قلتُ لأبي الحسن الماضي(ع): لِمَ جُعلت الصلاة الفريضة والسنّة خمسين ركعة لا يُزاد فيها ولا يُنْقَص منها؟ قال: إن ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة، وفيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة، وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة، فجعل لكلّ ساعة ركعتين وما بين غروب الشمس إلى سقوط القرص غَسَقٌ.
([10]) رواها عليّ بن إبراهيم القمّي في التفسير 1: 98، عن أبيه، عن إسماعيل بن أبان، عن عمر بن عبد الله الثقفي…، الحديث.
ورواها الكليني في الكافي 8: 122 ـ 123، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمر بن عبد الله الثقفي ـ في حديث لقاء الإمام الباقر(ع) بالنصرانيّ في الشام، وسؤال النصرانيّ له(ع) عن مسائل ـ ثم قال [أي النصرانيّ]: يا عبد الله، أخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا من النهار، أيّ ساعةٍ هي؟ فقال أبو جعفر(ع): ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس…، الحديث.
وهذا الإسناد أقرّه السيد الخوئي في معجم رجال الحديث 4: 14، حيث قال في ترجمة إسماعيل بن أبان: وروى عن عمر بن عبد الله الثقفي، وروى عنه أحمد بن محمد بن خالد. الروضة، الحديث 94.
لكنّ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 56: 4، نقل هذه الرواية عينها من الكافي فقال: الكافي: عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن إسماعيل بن أبان…، الحديث.
وهذا من مساوئ التعليق في الإسناد الذي كان يمارسه الكليني في الكافي بكثرةٍ، حيث قال في أوّل هذا الحديث: «عنه، عن إسماعيل بن أبان…»، وبالرجوع إلى إسناد الحديث السابق وجدناه: «عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب…»، وبالرجوع إلى إسناد الحديث الأسبق وجدناه: «عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب…»، ولا يمكن معرفة الإسناد المراد إلاّ للمختصّين في علم طبقات الرواة.
([11]) رواها الصدوق في مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 309 ـ 310، معلِّقاً عن يحيى بن أكثم؛ إذ لم يذكر طريقه إليه في المشيخة.
ورواها الصدوق في علل الشرائع 2: 323، عن أبيه(ر)، عن عبد الله بن جعفر الحِمْيَري، عن عليّ بن بشّار، عن موسى، عن أخيه، عن عليّ بن محمد(ع) أنه أجاب في مسائل يحيى بن أكثم القاضي: أما صلاة الفجر وما يجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار، وإنما يجهر في صلاة الليل؟ قال: جهر فيها بالقراءة؛ لأن النبيّ(ص) كان يغلس فيها؛ لقربها بالليل.
([12]) رواها الطوسي في الأمالي: 695، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن همّام، عن عبد الله بن جعفر الحِمْيَري، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن أبي العباس زريق بن الزبير الخلقاني قال: كان أبو عبد الله(ع) يصلّي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أوّل ما يبدو، وقبل أن يستعرض، وكان يقول: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾، إن ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر، فأنا أحبّ أن تشهد ملائكة الليل والنهار صلاتي. قال: وكان يصلّي المغرب عند سقوط القرص، قبل أن تظهر النجوم.
([13]) رواها الصدوق في ثواب الأعمال: 36، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عبد الله بن جبلة، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمّار قال: قلتُ لأبي عبد الله(ع): يا أبا عبد الله، أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر؟ قال: مع طلوع الفجر؛ إن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾ ـ يعني صلاة الفجر ـ، تشهدها ملائكة النهار وملائكة الليل، فإذا صلّى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرّتين، تثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار.
([14]) رواها الكليني في الكافي 4: 131، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(ع) أنه سُئل عن الرجل يخرج من بيته يريد السفر وهو صائمٌ؟ قال: فقال: إنْ خرج من قبل أن ينتصف النهار فليفطر، وليقْضِ ذلك اليوم؛ وإنْ خرج بعد الزوال فليتمّ يومه.
ورواها الصدوق في مَنْ لا يحضره الفقيه 2: 142، بإسناده ـ الصحيح ـ عن الحلبي، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث.
والمنصَرَف من الحلبي عند الإطلاق محمد بن عليّ وعبيد الله بن عليّ؛ لأنّهما المشهوران، ويُحَتَمل أنّه عمران بن عليّ أيضاً. ولذا سنذكر طرق الصدوق إلى هؤلاء الثلاثة:
أما طريقه إلى عمران الحلبي فهو: أبوه رضي الله عنه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي الفضل عمران الحلبي. وهذا الطريق صحيحٌ.
وأما طريقه إلى عبيد الله بن عليّ الحلبي فهو طريقان ـ والطريق الأوّل منهما صحيحٌ ـ:
1) أبوه ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما، عن سعد بن عبد الله والحميري جميعاً، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيد الله بن عليّ الحلبي.
2) أبوه ومحمد بن الحسن وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهم، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيد الله بن عليّ الحلبي.
وأما طريقه إلى محمد بن عليّ الحلبي فهو: أبوه ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى بن المتوكّل رضي الله عنه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مُسْكان، عن محمد بن عليّ الحلبي. وهذا الطريق صحيحٌ.
([15]) رواها الكليني في الكافي 4: 131 ـ 132، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم…، الحديث.
ورواها الصدوق في مَنْ لا يحضره الفقيه 2: 142 ـ 143، بإسناده إلى العلاء [بن رزين]، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث.
وطريق الصدوق إلى العلاء بن رزين أربعة طرق ـ وفيها طريقٌ صحيح ـ:
1) أبوه ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما، عن سعد بن عبد الله والحميري جميعاً، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن العلاء بن رزين.
2) أبوه ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما، عن سعد بن عبد الله والحميري جميعاً، عن محمد بن أبي الصهبان، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء.
3) أبوه رضي الله عنه، عن عليّ بن سليمان الزراري الكوفي، عن محمد بن خالد، عن العلاء بن رزين القلاّء.
4) محمد بن الحسن رضي الله عنه، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضال والحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين.
([16]) الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (كتاب الصلاة) 1: 267 ـ 277.
([17]) ويمكن مراجعة آياتٍ أخرى، من قبيل:
﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة: 274).
﴿إِنَّ رَبَّكُمْ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأعراف: 54).
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ (يونس: 67).
﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً﴾ (الإسراء: 12).
﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (النمل: 86).
([18]) نهج البلاغة 2: 17، من خطبةٍ له(ع) في صفة القرآن.
وراجِعْ: نهج البلاغة 1: 55، من كلامٍ له(ع) في ذمّ اختلاف العلماء في الفتيا: «وذكر [أي الله] أن الكتاب يصدِّق بعضه بعضاً، وأنه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾».
وروى الطبرسي في الاحتجاج 1: 386، معلَّقاً عن الأصبغ بن نباتة قال: خطبنا أمير المؤمنين(ع) على منبر الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس، سلوني فإن بين جوانحي علماً جمّاً. فقام إليه ابن الكوّا، فقال:…، قال: يا أمير المؤمنين، وجدتُ كتاب الله ينقض بعضه بعضاً، قال: ثكلتك أمّك يا بن الكوّا، كتاب الله يصدِّق بعضه بعضاً، ولا ينقض بعضه بعضاً، فسَلْ عمّا بدا لك…، الحديث.
وروى أحمد بن حنبل في المسند 2: 181، عن أنس بن عيّاض، عن أبي حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه قال: لقد جلستُ أنا وأخي مجلساً ما أحبّ أن لي به حمر النعم، أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخةٌ من صحابة رسول الله(ص) جلوس عند بابٍ من أبوابه، فكرهنا أن نفرّق بينهم، فجلسنا حجرة إذ ذكروا آيةً من القرآن، فتماروا فيها حتّى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول الله(ص) مغضباً قد احمرّ وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: مهلاً يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعضٍ. إن القرآن لم ينزل يكذّب بعضه بعضاً، بل يصدّق بعضُه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردّوه إلى عالمه.
وروى أحمد بن حنبل أيضاً في المسند 2: 185، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه قال: سمع النبيّ(ص) قوماً يتدارؤون، فقال: إنما هلك مَنْ كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعضٍ، وإنّما نزل كتاب الله يصدِّق بعضه بعضاً، فلا تكذِّبوا بعضه ببعضٍ، فما علمتُم منه فقولوا، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1: 171: وعن عبد الله بن عمرو قال: كان قومٌ على باب رسول الله(ص) يتنازعون في القرآن، فخرج عليهم رسول الله(ص) يوماً، متغيِّراً وجهه، فقال: يا قوم بهذا أهلكت الأمم، وإن القرآن يصدِّق بعضه بعضاً، فلا تكذِّبوا بعضه ببعضٍ. رواه الطبراني في الكبير. وفيه صالح بن أبي الأخضر، وهو ممَّنْ يكتب حديثه على ضعفه.
([19]) راجِعْ: الخليل الفراهيدي، كتاب العين 5: 329؛ الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 4: 1584؛ ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 2: 297؛ ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 2: 130؛ ابن منظور، لسان العرب 10: 427 ـ 428؛ الزبيدي، تاج العروس 13: 560 ـ 561.
([20]) الكليني، الكافي 3: 271 ـ 272.
([21]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 4: 353؛ ابن سلام، غريب الحديث 4: 366.
وراجِعْ: ابن قتيبة، غريب الحديث 1: 262؛ الحربي، غريب الحديث 2: 716؛ الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 4: 1537؛ ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 4: 425؛ ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 3: 366، 367؛ ابن منظور، لسان العرب 10: 288؛ الزبيدي، تاج العروس 13: 377 ـ 378.
([22]) الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 4: 1537.
([23]) ابن منظور، لسان العرب 10: 288 ـ 289.
([24]) الطريحي، مجمع البحرين 3: 311.
([25]) الكليني، الكافي 3: 271 ـ 272.
([26]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 7: 368؛ الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 4: 1370؛ ابن منظور، لسان العرب 9: 138 ـ 139.
([27]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 3: 21.
([28]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 3: 21.
([29]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 2: 310؛ الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3: 149؛ الطريحي، مجمع البحرين 2: 286؛ الزبيدي، تاج العروس 12: 256.
([30]) ابن منظور، لسان العرب 9: 138 ـ 139.
([31]) الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3: 149؛ الطريحي، مجمع البحرين 2: 286.
([32]) الخليل الفراهيدي، العين 8: 400؛ ابن فارس، مقاييس اللغة 1: 142.
([33]) الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 6: 2273.
([34]) الكليني في الكافي 3: 271 ـ 272.
([35]) الكليني في الكافي 3: 271 ـ 272.
([36]) الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4: 368 ـ 369.
وراجِعْ: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 4: 415؛ الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 6: 2444؛ الخليل الفراهيدي، كتاب العين 4: 437؛ ابن منظور، لسان العرب 15: 116؛ الزبيدي، تاج العروس 20: 7.
([37]) وراجِعْ: الخليل الفراهيدي، كتاب العين 5: 365؛ الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 2: 596؛ ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 1: 287؛ ابن منظور، لسان العرب 4: 76؛ الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1: 376؛ الطريحي، مجمع البحرين 1: 231؛ الزبيدي، تاج العروس 6: 108.
([38]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 5: 38.
([39]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 3: 264.
([40]) ابن منظور، لسان العرب 10: 174.
([41]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 2: 188؛ ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 4: 322؛ الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4: 362.
([42]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 4: 322.
([43]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 2: 188.
وراجِعْ: الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4: 362؛ الزبيدي، تاج العروس 19: 677.
([44]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 4: 322.
([45]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 3: 242.
([46]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 7: 156؛ ابن منظور، لسان العرب 11: 16.
([47]) الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 4: 1623؛ الزبيدي، تاج العروس 14: 19.
([48]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 1: 109، 110.
([49]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 3: 126؛ ابن منظور، لسان العرب 2: 502، 503؛ ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 3: 7؛ الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1: 232؛ الطريحي، مجمع البحرين 2: 575، 577؛ الزبيدي، تاج العروس 4: 109، 110 ـ 111.
([50]) الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 1: 379؛ ابن منظور، لسان العرب 2: 502؛ الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1: 232؛ الطريحي، مجمع البحرين 2: 575؛ الزبيدي، تاج العروس 4: 109.
([51]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 3: 126.
([52]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 3: 125؛ ابن السكّيت الأهوازي، ترتيب إصلاح المنطق: 221؛ الجوهري، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) 1: 380؛ ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 3: 328؛ ابن منظور، لسان العرب 2: 503؛ الطريحي، مجمع البحرين 2: 576؛ الزبيدي، تاج العروس 4: 110.
([53]) الخليل الفراهيدي، كتاب العين 3: 125؛ ابن منظور، لسان العرب 2: 503؛ الزبيدي، تاج العروس 4: 110.
([54]) الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1: 232؛ الزبيدي، تاج العروس 4: 110.
([55]) الزبيدي، تاج العروس 4: 110.
([56]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 3: 7؛ الطريحي، مجمع البحرين 2: 577.
([57]) ابن منظور، لسان العرب 2: 503؛ الفيروز آبادي، القاموس المحيط 1: 232؛ الزبيدي، تاج العروس 4: 110 ـ 111.
([58]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 3: 328.
([59]) ابن منظور، لسان العرب 2: 506؛ الزبيدي، تاج العروس 4: 111.
([60]) فقد روى أحمد بن محمد البرقي في المحاسن 1: 286، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي عبد الله(ع) قال:…، أما لو أنّ رجلاً قام ليله، وصام نهاره…، الحديث».
ورواه الكليني في الكافي 2: 18 ـ 19، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعبد الله بن الصلت جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر(ع)…، الحديث.
وروى عبد الله بن جعفر الحِمْيَري في قرب الإسناد: 20، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه، قال: جاء رجلٌ إلى أبي فقال له: هل لك زوجةٌ؟ قال: لا. قال: لا أحبّ أن لي الدنيا وما فيها وأني أبيت ليلةً ليس لي زوجة. قال: ثمّ قال: إن ركعتين يصلّيهما رجلٌ متزوّج أفضل من رجلٍ يقوم ليله ويصوم نهاره أعزب…، الحديث.
ورواه الكليني في الكافي 5: 329، عن عليّ بن محمد بن بندار وغيره، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن ابن فضّال وجعفر بن محمد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله(ع)…، الحديث.
وروى الصدوق في مَنْ لا يحضره الفقيه 2: 97، عن أبيه رضي الله عنه، عن عبد الله بن جعفر الحِمْيَري، عن محمد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعليّ بن إسماعيل بن عيسى كلِّهم، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر(ع)، أن النبيّ(ص) لمّا انصرف من عرفات، وسار إلى مِنَى، دخل المسجد، فاجتمع إليه الناس يسألونه عن ليلة القدر، فقام خطيباً، فقال، بعد الثناء على الله عزَّ وجلَّ: أما بعد، فإنكم سألتموني عن ليلة القدر، ولم أَطْوِها عنكم لأني لم أكُنْ بها عالماً، اعلموا أيُّها الناس إنه مَنْ ورد عليه شهر رمضان، وهو صحيحٌ سويّ، فصام نهاره، وقام ورداً من ليله، وواظب على صلاته، وهجر إلى جمعته، وغدا إلى عيده، فقد أدرك ليلة القدر، وفاز بجائزة الربّ عزَّ وجلَّ.
وجاء في دعاء الإمام زين العابدين(ع) في أوّل يومٍ من شهر رمضان: «وأعِنّا في نهاره على صيامه، وفي ليله على قيامه». رواه الطوسي في مصباح المتهجِّد: 609؛ وهو من أدعية الصحيفة السجّادية: 213.
وجاء كذلك في دعائه في وداع شهر رمضان: «فصمنا بأمرك نهاره، وقمنا بعونك ليله». رواه الطوسي في مصباح المتهجِّد: 644، وهو من أدعية الصحيفة السجّادية: 295.