15 سبتمبر 2018
التصنيف : تعليقات لتصحيح الاعتقادات
لا تعليقات
2٬356 مشاهدة

المضائف الحسينية (في سبيل الله)

(السبت 15 / 9 / 2018)

لا شكَّ عندي في سلامة وصفاء نيّة خدّام الحسين(ع) في المضافات الحسينية العاشورائية التي باتت منتشرةً بكثرة في المناطق، وعلى كافّة الطرقات الرئيسيّة، بل الفرعية، في أغلب بل كلّ القرى والبلدات الشيعية.

 ولكنّ بعض هؤلاء يخطئون من حيث يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ويقعون في بعض المحاذير الشرعية. ولذا رأيتُ من واجبي الشرعي التنبيه إلى ذلك؛ حفاظاً على قيمة هذه المضائف، وبهاء حضورها؛ وحرصاً على سمعة أهلها الطيّبين الأوفياء المخلصين.

1ـ التوسُّع العدواني

يعمد معظم القيِّمين على هذه المضائف إلى بسطها، والتجاوز بها حدود الرصيف المخصَّص لها. وهذا ما يتسبَّب بإزعاجٍ كبير للمارّة، وتعطيلٍ لحركة مرور السيارات بسهولةٍ ويُسْر، وهو حقٌّ للمواطن، ولا يحقّ لأحدٍ أن يسلبه منه تحت أيّ اعتبارٍ.

2ـ الأصوات المنكَرة

طلباً للفت نظر المارّة إلى وجود هذه المضائف (رغم وضوحها بما عليها من رايات وأعلام ولافتات سوداء) يرفع كثيرٌ من المتولّين للخدمة في هذه المضافات صوت المكبِّرات بحيث يحصل إقلاقٌ لراحة جيران المضيف، ويعطِّل حياتهم، فلا الطالب يمكنه أن يدرس بهدوءٍ، ولا العامل يمكنه أن يرتاح وينام قليلاً؛ استعداداً لحضور المجالس في الليل، ولا الأطفال الصغار ينعمون براحةٍ وسكينةٍ. وهذا، أيُّها الأحبّة، عدوانٌ (ولو عن غير قصدٍ) على حقوق الناس، وهو ممّا لا يرتضيه الله تبارك وتعالى، ولا يقبله مولانا الحسين(ع)، والقاعدة الشرعية واضحةٌ: «لا يُطاع الله من حيث يُعصى».

3ـ التبذير والإسراف في الطعام

تنوُّع الطعام وتعداد أصنافه ممّا يهتمّ له خدّام الحسين(ع) في هذه المضائف. وهو دليلٌ على كرم نفوسهم، وسخاء أيديهم، وحبّهم للبذل في سبيل الله، وعن روح أبي عبد الله الحسين(ع)، وهم يتمنّون فداءه بالنفوس الغالية.

ولكنّ الملاحَظ أنّه يغيب عن بالهم أن كثيراً من هذه الأطعمة لا يمثِّل وجبةً أساسية من الطعام، فهي أشبه ما يكون بالفاكهة أو الحلوى، وهي ممّا لا يُعَدّ طعاماً أساسياً، وإنّما يأخذها الناس ـ غنيُّهم قبل فقيرهم ـ للتفكُّه والتحلية وطلباً للبركة، ويتذوّقونها ثمّ يرمون بقيّتها. وفي هذا إسرافٌ وتبذيرٌ وتضييع للنِّعَم الإلهيّة، وهو حرامٌ بنصّ القرآن الكريم: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف: 31)، ﴿وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ (الإسراء: 26 ـ 27).

دعوةٌ أخوية صادقة

ولذلك ندعو الإخوة الأعزّاء في هذه المضافات للالتفات إلى هذه النقاط، وربما يجدون غيرها أيضاً، فإن في تهذيب وتنظيم وتصحيح العمل في هذه المضائف الهدف الأساس لثورة الحسين(ع)، ألا وهو الإصلاح ما استطاع إليه سبيلاً.

نريدها مضائف عامرة بذكر الله تعالى وذكر أهل بيت رسول الله(ص)، ولكنْ من دون أن تؤذي أحداً أو تعتدي على حقّ أحدٍ.

نريدها مضائف وهيئات لإطعام الفقير والمسكين والمحتاج، ولو بإيصال الطعام إلى بيوتهم (مطبوخاً أو غير مطبوخ)، وهكذا يتحقَّق الإطعام المندوب، بأبهى صوره، وأرفع مصاديقه.

نريدها مضائف تذكِّر الناس بعظمة أهل البيت(عم) ومظلوميّتهم، لا أن يرَوْا فيها نوعاً من الظلم والعدوان على حقوقهم، فينفروا من خطّ أهل البيت(عم)، ويبتعدوا عن تعاليمهم.

نسأل الله أن يكتبنا وجميع العاملين في خدمة الحسين(ع) من المقبولين عنده، والمرضيّين لديه، إنّه سميعٌ مجيب.



أكتب تعليقك