10 يوليو 2015
التصنيف : برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)
لا تعليقات
2٬726 مشاهدة

أمثال/ح13:الموحِّد والمُشرِك / المُرائي والمُخْلِص… ﴿رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ﴾

للدعاية لنشر الحلقة 13

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، والسلام عليكم ـ أيُّها الأحبَّة ـ ورحمة الله وبركاته.

﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾(الزمر: 27 ـ 29).

هو مَثَلٌ يضربه الله للموحِّد والمُشْرِك، ليعرف كلٌّ منهم حقيقةَ ما هو عليه.

في نظام العبوديّة القديم، الذي خلَّص الإسلامُ العظيم البشريَّة كلَّها منه، وإلى الأبد بإذن الله، كان بعضُ الناس؛ ولأسبابٍ عديدة، لا مجال لذكرها في هذه العجالة، يصبحون في عداد العبيد لدى أناسٍ آخرين.

هذا العَبْد قد يكون مملوكاً لشخصٍ واحد، يتصرَّف فيه كيف يشاء، ويأمره بما يشاء، ويستعمله في ما يشاء؛ وقد يكون مِلْكاً لأشخاصٍ متعدِّدين. وهذا هو مصدرُ المشكلة.

فماذا لو أمره أحدُ أسياده بشيءٍ وأمره الآخر بخلافه؟! سيقع النزاع والخلاف، ورُبَما وصل الأمر إلى الاقتتال المستَتْبع لإراقة الدماء، وإتلاف الأموال، وانتهاك الحُرُمات. فأيُّ مصيبةٍ هذه؟! وأيُّ واقعٍ سيِّئ هو هذا الواقع.

بينما العَبْد المملوك من شخصٍ واحد لا يعاني من ذلك كلِّه، بل يعيش كمالَ الانسجام والاستقرار والهدوء والطمأنينة.

وهكذا يشبِّه الله حال الموحِّد والمُشْرِك؛ فالموحِّد لا يرى لغير الله ولايةً عليه، ولا يرى نفسَه مُلْزَماً بطاعة غير الله، وهكذا يعيش الطمأنينة والاستقرار النفسي والعملي، فلا يتوجَّه إليه تكليفان متضادّان.

وأمّا المُشْرِك، الذي يؤمن بالآلهة المتعدِّدة، ويرى لكلٍّ منها الولاية عليه، فهو ـ عاجِلاً أو آجِلاً ـ سوف يقع فريسة التضادّ والاختلاف في الحُكْم، فبعضهم يريد شيئاً، ويريد الآخرون شيئاً آخر، فماذا يصنع ذاك المسكين الحائر؟!

وتشبه هذه الآية إلى حدٍّ بعيد قولَه تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (الأنبياء: 22).

كما يمكن أن يُقال: إنّ هذه الآية مَثَلٌ للمُرائي في عمله والمُخْلِص فيه.

فالمُخْلِص يتوجَّه بعمله إلى الله وحده لا شريك له، ولا يهمُّه سوى رضاه، وهكذا يحصل على كامل المنفعة والأثر الطيِّب لذلك العمل العباديّ أو الاجتماعيّ أو…

أمّا المُرائي فإنّه يتوجَّه بعمله إلى الله وغيره، فتراه في حَيْرةٍ من أمره، كيف يُرْضي هذا وذاك من الناس؟! وكيف يتَّقي غضب فلانٍ وفلان؟! وإذا به في كثيرٍ من الأحيان يخسر كلَّ شيء، ولا يكون لعمله أيُّ أثرٍ إيجابيّ في حياته أو حياة الآخرين.

اللهُمَّ، إنّا نسألك العَوْنَ على توحيدك، كما أنتَ أهلٌ لذلك. والحمد لله ربِّ العالمين.



أكتب تعليقك