في عيد الحبّ: نحتفل بالحبّ كلّه، ولا نقول أو نفعل ما يغضب الله
(لا يجوز إذا استلزم الوقوع في الحرام أو الترويج لثقافة معادية للإسلام) أو (لا مانع إذا لم يكن فيه ترويج للفساد أو الضلال).
أحكامٌ يطلقونها بشأن الاحتفال بعيد (الحبّ)، علماً أنه ليس بهذه البساطة تطلق الأحكام.
رواياتٌ متعدِّدة
إذ ليس هناك حكايةٌ حقيقية ثابتة عن صاحب هذا اليوم (فالنتين)، فحكايته تختلف من منطقة إلى أُخرى:
١ـ ومنها:
إن فالنتين كان كاهناً مسيحياً،
وكان يزوِّج العشّاق المسيحيين فيما بينهم؛ حيث كان سر الزواج في المسيحية موجوداً في ذلك الوقت،
وبسبب أن المسيحية كانت ممنوعة في الإمبراطورية الرومانية فقد كان يعاقب على كلّ من يمارس أحد أسرار الكنيسة،
وبسبب ذلك اعتقلته السلطات الرومانية، وحكمت عليه بالإعدام،
فاشتهر منذ ذلك الوقت بأنه شهيد الحبّ والعشاق؛ لأنه ضحّى بحياته لأجل سرّ الزواج (العقد الديني عند المسيحيين).
٢ـ ومنها:
تمّ اضطهاد القديس فالنتين بسبب إيمانه بالمسيحية، وقام الإمبراطور الروماني كلوديس الثاني باستجوابه بنفسه.
ونال القديس فالنتين إعجاب كلوديس، الذي دخل معه في مناقشة، حاول فيها أن يقنعه بالتحول إلى الوثنية، التي كان يؤمن بها الرومان؛ لينجو بحياته، ولكنّ القديس فالنتين رفض، وحاول ـ بدلاً من ذلك ـ أن يقنع كلوديس باعتناق المسيحية، ولهذا السبب تمّ تنفيذ حكم الإعدام فيه.
٣ـ ومنها:
إن فالنتين كاهنٌ مسيحي من روما، انتصر للحب والمحبين، فدفع حياته ثمناً، حيث قام بتزويج الجنود سراً؛ إيماناً منه برسالة الكنيسة والإنسانية التي لا تمنع اقتران المحبين، ضارباً عرض الحائط بقرار الإمبراطور «كلوديوس»، حاكم الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي، الذي منع الجنود من الزواج؛ حتى لا يشغلهم عن مهامهم الحربية، وذلك بعد ان تعرضت الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت لانتشار «الطاعون»، ما أسفر عن وفاة آلاف شخص يومياً، ومن بينهم الكثير من الجنود.
وعقب تزايد عدد الموتى زادت الحاجة إلى الجنود للقتال، وكان الاعتقاد السائد أن أفضل المقاتلين هم العزّاب، فحظر الإمبراطور كلوديوس الثاني الزواج على الجنود.
وعقاباً له اعتُقل القديس فالنتين، وأُرسل بأمر من الإمبراطور إلى حاكم روما، الذي حاول معه بوعود كثيرة أن يحوِّله إلى ترك المسيحية وعبادة الأصنام، ولكنه فشل، فأمر بضربه ضرباً مبرحاً (بالهراوات والحجارة)، ثم قطع رأسه.
٤ـ ومنها:
إن سبب قتل هذا (القسّ) كان بسبب مساعدته للمسيحيين على الهرب من السجون الرومانيّة، حيث يتعرضون للتعذيب والقتل.
٥ـ ومنها:
إن (القسّ) نفسه كان مسجوناً، وكان أول من يرسل رسالة حبّ. والرسالة كانت إلى ابنة سجّانه العمياء، التي وقع في حبّها أثناء رؤيته لها في السجن، وكانت بدورها تعمد إلى زيارته دائماً. وقد استطاع بفضل إيمانه القوي بالله أن يقوم بمعجزةٍ، ويعيد إليها النظر.
التداخل المقبول
وقد تتداخل هذه القصص فيما بينها لتشكِّل مشهداً متكاملاً، فيه:
١ـ الانتصار للعقيدة الدينية التي هي حقٌّ لكل إنسان، وبكامل الحرية والاختيار.
٢ـ الإصرار على تطبيق الشرائع؛ فالحلال ما أحلّه الله والحرام ما حرّمه الله، وليس ما يحلّه أو يحرّمه ملك أو أمير أو إمبراطور، ولو بمعونة بعض علماء البلاط ووعاظ السلاطين.
٣ـ إعانة المظلومين ولو كان في ذلك بعض الأذى والضرر.
٤ـ التأكيد على أن الحبّ لا يحدّه مكانٌ، ولا يقيّده زمانٌ، بل هو إحساسٌ إنساني راقٍ، وشعورٌ نبيل، وسلوكٌ أخلاقيّ لازم وضروريّ، فكيف إذا تضمّن عطفاً ورحمةً وعوناً لذي عاهةٍ مثلاً؟!
دعوى بلا دليلٍ
وأما الدعوى بأن الكنيسة قرَّرت أن تحدِّد يوم الحبّ في منتصف فبراير في محاولةٍ للاحتفال بمهرجان الخصوبة المعروف باسم «لوبركاليا»، الذي كانت تتمّ التضحية فيه بقربان، والذي يكون عنزةً، يتمّ استخدام جلدها لضرب أجساد النساء، الأمر الذي يعزِّز قابلية حملهنّ في العام المقبل، كما يتضمن الطقس الأسطوري كتابة النساء لأسمائهن، ومن ثم وضعها في جرة كبيرة، بحيث تجرى عمليّة قرعة، يقوم فيها العزّاب في المدينة باختيار الأسماء التي تحدِّد مَنْ الذي سوف يقترن بهنّ في العام المقبل…
هذه الدعوى أشبه بدعوى أن احتفال الإيرانيين اليوم بعيد النيروز هو محاولة للاحتفال بالطقس الوثني الذي كان معروفاً عند أصحاب الرسّ…
راجِعْ مقالنا بعنوان: ربطة العنق (الكرافات)، منشأ ديني أو عرف اجتماعي؟، على الرابط التالي: https://dohaini.com/?p=2135.
وعلى أي حالٍ يبقى
حبّ الله والأنبياء والأولياء والصالحين،
والوالدين والأقربين والأرحام والأطفال،
بل الناس جميعاً
هو الهدف من كلّ عيدٍ….
وللمزيد راجِعْ مقالنا بعنوان: عيد الحبّ في محضر القرب الإلهي، على الرابط التالي: https://dohaini.com/?p=1796.