إيران تقنِّن الزواج من الأولاد بالتبنّي، قراءةٌ وتحليل
(بتاريخ: الخميس 10 ـ 10 ـ 2013م)
تمهيد
أثار بعض الناشطين في حقوق الإنسان قضيّة موافقة البرلمان الإيراني (مجلس الشورى) على مشروع قانون يبيح للرجل أن يتزوَّج (ابنته) بالتبنّي إذا ما بلغت 13 سنة، معتبرين ذلك يناقض بشكلٍ واضح ما يُعلَن عن انفتاح رئيس الجمهوريّة الجديد الشيخ حسن روحاني على العالم؛ وصولاً إلى اعتبار أنّ هذا القانون يفتح الباب واسعاً أمام انتشار زنا المحارم؛ وهو إلى ذلك يمثِّل اعتداءً جنسيّاً على الأطفال، وكيف لا يكون كذلك وهو زواجٌ بالقاصرات من الفتيات؛ مؤكِّدين أنّ الزواج بأطفال التبنّي ليس ثقافةً إيرانيّة؟!
هذا ولم يُصدر مجلس صيانة الدستور الإيراني، المكوَّن من رجال الدين والفقهاء، الذي يفحص القوانين البرلمانيّة، حكمه في هذا القانون المثير للجدل حتّى الآن([1]).
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه في إيران تستطيع الفتاة أن تتزوَّج في سنّ الثالثة عشرة، ولكنّها تظلّ بحاجة إلى إذن القاضي. وفي الوقت الحالي يحظِّر القانون الإيراني الزواج من الأطفال بالتبنّي تحت أيِّ ظرف([2]).
وفي «بحث بسيط ـ تكتب الصحافيّة زينب مرعي في جريدة (الأخبار) ـ نكتشف أنّ جمهوريّة تعتمد الشريعة الإسلاميّة أساساً لقوانينها، كالجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، تحتفظ بقانونٍ مدنيّ لمواطنيها في ما خصّ موضوع التبنّي على الأقلّ.
قانون التبنّي المدني الإيراني يعود إلى عام 1974م، أي قبل الثورة الإسلاميّة، ويُعمل به حتّى الآن.
يسمح هذا القانون لمَنْ يهتمّ بتطبيق الشريعة الإسلاميّة في حياته الشخصيّة، كما لمَنْ لا يهتمّ بها، بتبنّي طفلٍ وفقاً لشروط معيَّنة، أبرزها:
1ـ أن يكون الزوجان قد أمضيا معاً على الأقلّ خمس سنوات من دون إنجاب.
2ـ أن يكون أحد الزوجَيْن على الأقلّ قد تخطّى الثلاثين من عمره.
3ـ أن لا يكون أيٌّ من الزوجَيْن قد ارتكب جرماً يحاسب عليه القانون.
4ـ أن يكون أحد الزوجين على الأقلّ قادراً على رعاية الطفل ماليّاً.
ومن جهة الطفل عليه:
1ـ أن يكون ما دون الاثني عشر عاماً من العمر.
2ـ أن لا يكون أحد والدَيْه البيولوجيَّيْن أو جدَّيْه لجهة الوالد على قيد الحياة، أو يطالبان برعايته شخصيّاً.
وللذين يحرصون على تطبيق الشريعة الإسلاميّة هناك حلولٌ شرعيّة عدّة تسمح بالتبنّي، بما يعنيه ذلك من عيش الطفل المتبنّى مع الزوجَيْن المتبنِّيَيْن، حتّى بعد تخطِّيه سنَّ البلوغ»([3]).
وهنا أودُّ التنبيه إلى أنّه لا يجوز ربطُ كلّ ما يحدث في إيران ـ وهي الدولة القويّة، والمتماسكة، وذات القانون والنظام العريق، منذ عهد الإمبراطوريّة الفارسيّة ـ من قوانين وتشريعات وأنظمة بالسياسة؛ فلإدارة الدولة، وتنظيم شؤون الناس، الأولويّة والأهمّيّة الكبرى عند القادة والرؤساء والنوّاب والخبراء في ذلك البلد الإسلاميّ الكبير والعظيم.
ثمّ لا يَغفلنَّ أحدٌ عن أنّ الرئيس الشيخ حسن روحاني هو ابنُ الحوزة العلميّة، وهو عالم دينٍ ينطلق من خلفيّة دينيّة إيمانيّة، ولا يمكنه أن يخالف ثوابت الدين الإسلاميّ الحنيف.
وفي معرض التعليق والقراءة لذلك الحدث لا بدّ من الكلام في عدّة محاور:
1ـ هل يجوز للرجل أو المرأة تبنّي مولودٍ يصبح كالابن الصُّلْبي بالنسبة لهما أم لا؟
2ـ ما هي الحدود الشرعيّة في علاقة الكافل مع المكفول؟
3ـ ما هي الحلول الناجعة لعلاقة طبيعيّة دائمة بين الكافل والمكفول؟
التبنّي في الإسلام بين الحرمة والجواز
تشكِّل الذرّية وبناء الأسرة هدفاً رئيساً للزواج، مقترناً بقضاء الحاجة الغريزيّة الطبيعيّة لكلٍّ من الرجل والمرأة في الجنس الآخر، وهو ما أشارت إليه الآية الكريمة: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ… ﴾ (آل عمران: 14)؛ حيث عطفت (البنين) على (النساء) مباشرةً.
ولكنّ حكمة الله اقتضت أن يكون الناس في الذريّة أصنافاً أربعة:
1ـ مَن لهم إناثٌ فقط.
2ـ مَنْ لهم ذكورٌ فقط.
3ـ مَنْ لهم ذكورٌ وإناثٌ.
4ـ مَنْ يكون عقيماً لا يلِد ذكوراً ولا إناثاً.
وإلى هذا المعنى تشير الآية الكريمة: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ (الشورى: 49 ـ 50).
وفي حالة العقم يعيش الزوجان حالةً من الفراغ العاطفي، والشعور بنقصٍ في الحياة. وهذا أمرٌ يعيشه كلّ الناس، حتّى الأنبياء عليهم السلام، فها هو نبيّ الله زكريّا عليه السلام يتضرَّع إلى الله في طلب الولد والذرّية، فيقول: ﴿رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾ (الأنبياء: 89)، ويقول أيضاً: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ (آل عمران: 38).
وفي محاولة لملء هذا الفراغ العاطفي يقومان بتبنّي مولودٍ حديث، أو طفلٍ ليس له راعٍ، فيتَّخِذانِه ولداً تقرّ به أعينهم، ويربِّيانه، ويرعيانه، ويعيش في كنفهما، كما لو كان ولداً من صُلْبهما. فهل يبيح الإسلام ذلك؟
رفض الإسلام عملية التبنّي التي كانت شائعة في عصر الجاهليّة، وحكم ببطلانها، وأنّها لا قيمة لها، ولا أثر لها على الإطلاق في علاقة الولد المتبنّى بالمتبنّي. بل أَوْلى الإسلام هذه القضيّة اهتماماً كبيراً، حتّى أنّه أقحم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شخصيّاً في عمليّة القضاء على هذه العادة. فقد كان (زيد بن حارثة) عبداً في الجاهليّة، وقد اشتراه النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأعتقه، فصار مولىً له، وربّاه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في بيته، حتّى صار يُعرف بين الناس ـ على ما اعتادوه من التبنّي ـ بـ «زيد بن محمد». ولمّا بلغ رشده، وبلغ مبلغ الرجال، زوَّجه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من (زينب بنت جحش)، ولكنّها ما لبثت أن استَعْلَت عليه وتكبَّرت بنسبها وحسبها، فأراد طلاقها. وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أُوحي إليه أن يتزوَّج (زينب) إذا طلّقها (زيد)، وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم يستعظم هذا الأمر؛ إذ كيف يتزوَّج الرجل من زوجة (ولده)؟! وكان يخاف كلامَ الناس، وتهمتَهم، وفقدَ ثقتهم. إذاً هو الخوف على الرسالة، فهو لا يريد أن يفقد الثقة عند الناس؛ ليبقى لكلامه الرسالي تأثيرٌ عليهم. ومن هنا كان صلّى الله عليه وآله وسلّم يطلب من (زيد) عدم طلاقها، ولكنّ (زيداً) أصرّ على الطلاق في نهاية المطاف، فما كان من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلاّ أن تزوَّجها بأمر الله وحُكْمه، فقد زوَّجه الله إيّاها: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴾ (الأحزاب: 37)؛ لكي يبطل الإسلام تلك العادة الجاهليّة، وبشكلٍ نهائيّ وحاسم، ولا يبقى بعدها عذرٌ لمعتذرٍ. فها هو رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نفسُه تزوَّج من زوجة مَنْ ربّاه؛ ليؤكِّد أنّه مهما بقي الولد في رعاية شخصٍ فلن يصير ابناً حقيقيّاً له.
وبالتالي لا أثر لتلك الرعاية والكفالة في هذا المجال:
فلا إرث، كما يرث الولد الصُّلْبي، وإنّما يكون الإرث ـ إذا أراده الكافل ـ من خلال التمليك في الحياة، أو وصيّةٍ بمقدار ثلث التركة لا أزيد.
ولا حرمة بين الكافل والمكفول بعد بلوغه، فلا يجوز للمكفولة أن تكشف شعرها أو جسمها أمام كافلها، كما لا يجوز له تقبيلها، أو مصافحتها، أو الخلوة بها، وكذا هو حال الكافلة مع المكفول من قبلها، وإنّما هما أجنبيّان عن بعضهما تماماً.
والآية القرآنيّة واضحةٌ تماماً في هذا الحكم، حيث تقول: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (الأحزاب: 4 ـ 5).
إذاً في الإسلام لا يجوز التبنّي، وإنّما هي رعايةٌ وكفالةٌ وتربيةٌ لوجه الله سبحانه وتعالى، ويبقى الولد منتسباً لمَنْ ولدته، أمّاً، ولمَنْ تولَّد من نطفته، أباً.
الحدود الشرعيّة في علاقة الكافل مع المكفول
ما دام الولد صغيراً فلن تعترض علاقتهما أيُّ مشكلةٍ، فيجوز للكافل تقبيل الفتاة المكفولة، ولمسها، ومصافحتها، والنظر إلى جسدها ـ ما عدا العورة ـ، تماماً كما هي حال التعاطي مع ابنته الصُّلْبيّة، وكذلك هو الحكم بالنسبة للكافلة مع الصبيّ الذي تكفله وترعاه وتربّيه في بيتها.
وإنّما تبدأ المشكلة حين يبلغ الصبيّ أو البنت سنَّ البلوغ ـ وهو بالنسبة إلى الصبيان ببلوغ 15 سنة قمريّة، أو الاحتلام، أو نبات الشعر الخشن على العانة؛ وأمّا بالنسبة إلى البنات فهناك اختلافٌ في تحديده بين الفقهاء؛ فالبعض على أنّه ببلوغها 9 سنوات قمريّة؛ والبعض الآخر على أنّه برؤيتها دمَ الحيض للمرّة الأولى، أو ببلوغ 13 سنة قمريّة قبل ذلك ـ؛ فحينها يصبح المكفول أجنبيّاً بالنسبة إلى الكافل، فلا مجال للنظر إلى جسده، أو مصافحته، أو تقبيله، أو الاختلاء به، وما إلى ذلك من الممنوعات بين الرجل والمرأة الأجنبيَّيْن.
وهذا ما قد يخلق صدمةً نفسيّة للولد؛ إذ بين ليلةٍ وضحاها تتحوَّل العلاقة الحميمة المفتوحة إلى علاقةٍ مقنَّنة ومؤطَّرة بأُطُر شرعيّة. فكيف السبيل للخروج من هذه المشكلة؟
الحلول الناجعة لعلاقةٍ طبيعيّة دائمة بين الكافل والمكفول
يمكن تفادي هذه المشكلة بالالتفات إليها منذ بداية التكفُّل، وذلك فيما لو كان الولد رضيعاً، وأمكن إرضاعه رضاعاً شرعيّاً محرِّماً من أخت الرجل، إذا كان المكفول بنتاً، أو من أخت المرأة، إذا كان المكفول صبيّاً، فيتحوَّل الرجل إلى عمٍّ للمكفولة، والمرأة إلى خالةٍ للمكفول، وهكذا تحلّ مشكلتهما.
ولكنْ لو لم تُحَلّ هذه المشكلة مبكِراً؛ لعدم الالتفات؛ أو أنّه لم يمكن إرضاعه؛ لعدم وجود المرضعة؛ أو لكونه كبيراً قد تجاوز السنتين من العمر، و«لا رضاع بعد فطام»، أي لا أثر لرضاعٍ بعد بلوغ السنتين ـ وهي المدّة الشرعيّة للفطام ـ، فما هو الحلّ؟
1ـ هل يرجع الكافلُ الولدَ المكفول إلى عائلته، إنْ كان منهم أحدٌ([4])؟!
وهذا يعني عودة الكافل إلى الفراغ العاطفي, وهو الذي عمل جاهداً للخلاص منه.
فضلاً عن الصدمة الكبرى التي يتلقّاها الولد المكفول بعد أن أصبح جزءاً من العائلة، وهو لا يزال ـ في تلك السنّ (15 سنة للصبيان، و13 سنة للبنات) ـ غيرَ راشد بما فيه الكفاية لاستيعاب ما يحصل.
2ـ هل يرجع الكافلُ الولد المكفول إلى المؤسَّسة التي أخذه منها؛ لإكمال حياته، علماً أنّه في إيران هناك مؤسَّسات رسميّة تابعة للدولة تعنى بكفالة الأيتام، ولا سيّما أبناء الشهداء، ولكن ليس من حضورٍ فاعل لمؤسَّسات رعائيّة خيريّة غير رسميّة، ومهما كان جهد الدولة عظيماً لا يمكن لها وحدها أن تسدّ الحاجة كلَّها، ولا سيّما مع كثرة الشهداء والأيتام، إبّان الثورة الإسلاميّة المباركة، وبعدها في الحرب المفروضة من العراق؟!
وهذا كسابقه تماماً يعني عودة الكافل إلى الفراغ العاطفي, وهو الذي عمل جاهداً للخلاص منه.
فضلاً عن الصدمة الكبرى التي يتلقّاها الولد المكفول بعد أن أصبح جزءاً من العائلة، وهو لا يزال ـ في تلك السنّ (15 سنة للصبيان، و13 سنة للبنات) ـ غيرَ راشد بما فيه الكفاية لاستيعاب ما يحصل.
3ـ هل يبقي الكافلُ الولد المكفول معه في علاقةٍ حميمة مفتوحة، كما كانت قبل البلوغ؟!
هذا يمثِّل مخالفةً شرعيّة للحكم الإلهي في الحجاب والستر والمصافحة والخلوة ونحوها. وهو ما لا ينبغي للمؤمن فعله، ولا يمكن للجمهوريّة الإسلامية الإيرانيّة أن ترتضي هذا الفعل، وتسمح به، ولا تمنعه.
4ـ ولعلّ الحلّ الأنسب هو أن يبقي الكافلُ الولد المكفول معه، مع تغيير نمط العلاقة، وتحديدها بأطرٍ شرعيّة.
ولكنَّ هذا قد يصدم الولد، الذي لا يعرف بعدُ أسباب هذه التغييرات، بل لا يمكنه تفهُّم وتعقُّل هذه الأسباب. وحتّى لو تفهَّمها عَقْلاً فهو لن يتقبَّلها شعوراً وعواطف، فهو لا زال بحاجةٍ إلى حنان الأب وعاطفته، حتّى بمظاهرها المادّيّة الخارجيّة، كالقبلة، والمعانقة، والاحتضان، و…
ومن هنا فنحن بحاجةٍ إلى فترةٍ من الوقت يبلغ فيها الولدُ رشدَه؛ لنظهر له الموضوع، أو أنّنا نحتاج إيصالَه إلى مرحلةٍ يستغني بها عن هذه العلاقة بعلاقةٍ عاطفيّة بديلة، يكون بها إشباع حاجته العاطفيّة، وهي العلاقة بشريك الحياة المستقبليّ. فماذا عن العلاقة في هذه الفترة؟
قد يطرح ها هنا حلٌّ، وهو تزويج البنت المكفولة من أحد الأولاد الذكور، أو الصبيّ المكفول من إحدى البنات.
ولكنّ هذا حلٌّ لحالات الكفالة في حالة وجود جنس آخر من الأولاد، وأمّا إذا فُقد الجنسان ـ أي الأولاد أصلاً ـ فلا مكان لهذا الحلّ.
مضافاً إلى أنّه قد يُناقش فقهيّاً في صحّة هذا الزواج؛ إذ ليس للولد أو البنت المكفولَيْن أيّ مصلحةٍ فيه؛ حيث لا حاجة لهما شخصيّاً في ذلك السنّ في استمتاعٍ أو تحليل.
ولذا فالأجدى في الحلّ هو زواج الرجل الكافل من الفتاة المكفولة، ولكنْ بما لا يضرّها، ولا يؤذيها، ولا يؤثِّر سلباً على مستقبلها الزوجي، فيتزوَّجها الكافلُ بشكلٍ قانونيّ موثَّق، وبشرط عدم معاشرتها، أو ملامستها بشهوة، ويراقَب تطبيق هذا الشرط من قِبَل المحكمة. وهذا أمرٌ ميسورٌ في ظلّ الدولة والقانون.
إذاً نحن ننظر إلى هذا القانون أنّه يريد تأمين حلٍّ قانوني لتلك العلاقة بين الكافل والمكفول، حلٍّ قانونيّ وشرعيّ على السواء، بحيث يمكن بعده مراقبة ومعاقبة مَنْ يتجاوز القانون. وأمّا لو تُرك الأمر كما هو، من دون قانونٍ، فقد لا يُصار إلى زواجٍ مشروط، وقد تُسوِّل للرجل نفسُه أن يعاشر هذه الفتاة، فيقضي على مستقبلها، وذلك هو الخطر الحقيقيّ على الحقوق الإنسانيّة.
وربما كان الهدف من اشتراط أن تكون الفتاة في سنّ الثالثة عشرة فما فوق هو قطع الطريق على بعض الفتاوى التي لا زالت تصرّ على أنّ سنّ بلوغ الفتاة يكون ببلوغها 9 سنوات قمريّة، وعليه يجوز زواجها زواجاً كاملاً في التاسعة من عمرها. فما لم يكن هناك قانونٌ فإنّ أيّ عقدٍ شرعيّ يستند إلى فتوى فقيهٍ هنا وهناك سوف يكون له حماية ذاتيّة دينيّة، وأمّا بعد صدور القانون فإنّ العقد على فتاة بين التاسعة والثالثة عشرة من عمرها يعتبر مخالفاً للقانون، ويعاقَب فاعله، ولو استند إلى عشرات الفتاوى من هنا وهناك.
إذاً هو قانونٌ عصريٌّ حديث؛ لحماية القاصرات شرعاً (مَنْ كُنَّ بين التاسعة والثالثة عشرة من العمر) من زواجٍ يؤذيهنّ، ويضرّ بمستقبلهنّ، وليس هذا القانون تفريطاً في حقوقهنّ، أو اعتداءً عليهنّ.
نعم، الخلاف كلُّه في تحديد السنّ التي يُسمَح فيها للصبيّ أو البنت بالزواج.
فالإسلام يرى أنّ سنّ التكليف الشرعي هو سنّ الرشد والوعي والقدرة على تحمُّل المسؤوليّة الدنيويّة والدينيّة (الأخرويّة)، وهو بالنسبة إلى الصبيان في سنّ الخامسة عشرة، وقد يكون قبل ذلك إذا حصل الاحتلام أو نبات الشعر الخشن على العانة، وبالنسبة إلى الفتيات هناك قولان: الأوّل: ببلوغها تسع سنين قمريّة، والثاني: بطروّ الحيض لأوّل مرّة، إلاّ إذا بلغت 13 سنة قمريّة قبل أن ترى الدمَ للمرّة الأولى.
ومن هنا فقد «أشارت وكالة الأنباء الرسميّة إلى وجود 42 ألف طفلة تتراوح أعمارهنّ ما بين 10 و14 عاماً ممَّنْ تمَّ تزويجهنّ خلال عام 2010م»([5]).
وأمّا في الغرب فيرَوْن أنّ سنّ الرشد والمسؤوليّة القانونيّة ـ وبالتالي الزواج ـ لا تكون إلاّ ببلوغ 18 سنة من العمر.
وهنا نسأل هؤلاء الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان: لماذا تُعتَمَد مقاييس الغرب كمسلَّمات عندكم؟!
إنّه لأمرٌ معيبٌ أن يكون للسياسة دورَها في حماية الناس، وإدارة شؤونهم، وأن تصبح المقاييس الحقوقيّة خاضعةً لقوّة الغلبة السياسيّة والعسكريّة و…
الهوامش
([1]) موقع بيّنات: http://arabic.bayynat.org.lb/KhabarPage.aspx?id=4780#.UlbGIVPpszs، نقلاً عن تقرير في صحيفة (ديلي ميل).
([2]) نقلاً عن: http://arabic.bayynat.org.lb/KhabarPage.aspx?id=4780#.UlbGIVPpszs
([3]) http://www.al-akhbar.com/node/191717
([4]) لاحظ قانون التبنّي الموجود في إيران اليوم، وقد تقدَّم.
([5]) http://www.alwatanalarabi.com/article/37152
اذا كفل المسلم يتيم فإن الكافل يوفر ما حرم منه ك اب او ام من إخراج مشاعر تجاه من قام بكفالته ويعطي لمن تكفل به مشاعر وأحاسيس يشعر بها اليتيم ويتعرض اليتيم لمشاكل نفسيه في المجتمع إذ احس هذا اليتيم بأن من حوله من سنه لديه ما يتبادل معه مشاعر وأحاسيس وعواطف الابوبه والامومه وهو محروم منها فكيف ينمو وما شكله عندما يكبر بدون هذه المشاعر والأحاسيس والعواطف فهذا اشبه بنبته بدون ماء فكيف تصير ثمره يستفاد منها، فقام الإسلام علي معالجه هذا الأمر بكفاله اليتم واوجد الله جزاء لمن يكفل يتيم، فعندما يكبر اليتيم ويعلم الأمور فيشعر ان الإسلام راعي وتدارك هذا الأمر وحث المسلم علي المساهمه في حله وجزاه ثواب تحفيزا له علي ذلك، فإذا أردنا ان نكمل جميل الصنع فلا نضيعه ونحوله أمام اليتيم الي تخويف ونفور وبغض وكره وخاصة إذا كان اليتيم بنت فنطمع فيها جسديا من خلال الزواج بحجه بلوغها مع صغر سنها يجعلها غير موهله لمشاركه رجل الحياه الزوجيه والاسريه والاجتماعيه والتربويه والديني فبلوغ البنت كونها بلغت لا يعلمها كل متطلبات الحياه الزوجيه والاسريه والنفسيه والاجتماعي والسلوكيه والتربويه فهذا اشياء يتعلمها الإنسان مع خبرات الحياه والتقدم عن سن البلوغ والوصول الي سم النضج والعقل والرشد وحسن التصرف ، فإن كفاله اليتيم ثم التحول عن إكمال كامل حقوق الكافل اتجاه المكفول وهي تتعدي الي ما بعد سن البلوغ فهناك مرحلتين يمر بهما الكاقل مع المكفول مرحله قبل سن البلوغ تسعد الكافل حيث يتعامل مع طفل يلعب ويمرح وما الي شابه من مشاعر الأطفال والمرحله الاخري مرحله البلوغ حيث يريد المكفول في هذا السن من الكافل التوجيه والرعايه والتعلم لأنها مرحله خطره فإذا اعتمدنا علي استمتاع الكافل بالمكفول في المرحله الاولي وبعد أن صار المكفول في سن صعب وخطر تتخلي عنه او ننقص من وجبات الكافل نحوه في هذا السن او يتحول الكافل من واجباته وينقض عليها وخاصه اذا كان المكفول بنت ويتزوجها فهذا يجعل البنت اليتيمه يطمع في جسدها بحجه بلوغها