8 فبراير 2016
التصنيف : مقالات سياسية
لا تعليقات
2٬521 مشاهدة

روحٌ ألقاها، فاز مَنْ ارتضاها

FB_IMG_1454077065379 - صغيرة

(الأربعاء 3 / 2 / 2016م)

هو روحُ الله، ابنُ خُمَيْن الأبيّة، والعَصِيَّة على المحتلّ الغاشم، والمتمرِّدة على الإقطاع الفاسد.

هو الحازمُ الصارم، الذي لم يَخَفْ في الله لومةَ لائمٍ، فواجه مؤامرات العدوّ المحتلّ الغاصب، كما تخلُّف ورجعيّة بعض رجال الدين المتحجِّرين والمتظاهرين بالقداسة والحَمْقى، على حدِّ وصفه(رحمه الله).

هو الزاهدُ العابد، الذي عظُم الخالق في نفسه، فصغُر ما دونه في عينه. وقد تخلَّى عن مباهج هذه الحياة الدنيا وزِبْرجها، مذ كان فتىً لا يملك شيئاً، وحين صار قائداً يملك كلَّ شيءٍ.

والقصصُ في ذلك كثيرةٌ تُراجَع في مظانّها.

غير أنّ الثابت أنّه لم يكن لوُلْده وأقربائه من الحضور والتأثير ما يطغى على حضوره وتأثيره، أو حضور الآخرين الذين هم أكفأ منهم، بل لرُبَما حرم أبناءه وأقرباءه من بعض حقوقهم في أن يكون لهم ظهورٌ معيَّن أو منصب مرموق، حيث كان يرفض أن يتبوَّأ أحدُهم منصباً، أو يُسمّى باسمه شارعٌ أو جسرٌ أو مركزٌ أو أيّ مرفقٍ عامّ.

هو الصابر في البأساء والضرّاء؛ الصابر على الفقر والاضطهاد ممَّنْ يُفتَرَض بهم أن يكونوا أصدقاء وأعواناً، فضلاً عن العدوّ والخَصْم و…؛ والصابر على مواجهة قوى الاستكبار العالميّ، وقد تحزَّبَتْ لقتاله، وقد أبلى في الدفاع عن الإسلام والمسلمين بلاءً حَسَناً.

لقد صبر، وعلَّم شَعْبَ إيران وأتباعَه ومحبِّيه الصَّبْر، فنال ونالوا ما تمنَّوْا، نصراً مؤزَّراً، وحضوراً فاعلاً، واكتفاءً ذاتيّاً (استغناءً) عمّا في أيدي الناس في ضروريّات الحياة، وعاشوا بعزَّةٍ وكرامة وعنفوان.

أما إنّه تلك الشخصيّة الفَذَّة التي لن تتكرَّر إلاّ حين يشاء الله، وبعد سنواتٍ طوال. يعترف بذلك محبُّوه ومريدوه، ويرفضون أن يُشَبَّهوا به، مهما نالوا من المَجْد والشُّهْرة، أو أخلصوا لقضايا الإسلام.

فبعد تحرير الجنوب اللبنانيّ من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، على أيدي المجاهدين في المقاومة الإسلاميّة، زار السيد حسن نصر الله إيران؛ للمشاركة في المؤتمر الدولي لدعم الانتفاضة، الذي عُقد في طهران في نيسان 2001م. وقبل المؤتمر التقى بقائد الثورة السيد عليّ الخامنئي، وتبادلا التهاني والقُبَل.

nasrallah_khamenei_big images1

إلاّ أنّه في الجلسة الأولى للمؤتمر، وبعد ان أنهى قائد الثورة كلمته، بادر السيد نصر الله لمصافحته، وتقبيل يده، أمام عشرات الكاميرات، المحلِّية والدوليّة.

image_occurrence10315_8

وفي كلمةٍ له أمام جمعٍ من طَلَبة العلوم الدينيّة في مدينة قم المقدَّسة، في منتدى جبل عامل للطلبة اللبنانيين، أوضح السيِّد نصر الله أنّه قد التقى بقائد الثورة قبل المؤتمر، وقبَّل يده، وتبادلا التهاني، وأنّ الدافع الأساس له إلى تكرار ذلك المشهد أمام كلِّ وسائل الإعلام في المؤتمر، وأمام الوفود المشاركة فيه، هو ما كان قد بدأ يشيع على الألسن من تسميته بـ (خميني لبنان)، و(خميني العرب)، و(رجل العام)، و(أكثر قادة العالم العربي نجاحاً)، فأراد أن يوجِّه رسالةً لكلّ الناس بأنّه (جنديُّ قائد الثورة)، وبأنّ كلَّ ما عند المقاومة في لبنان هو من بركات وبفضل توجيهات هذا السيد الجليل الخامنئي، ثمّ أردف قائلاً: لقد كان في نيَّتي أن أنحني لتقبيل قَدَمه، ولكنّي عَدَلْتُ عن ذلك؛ دَرْءاً للمفاسد المحتَمَلة جرّاء هذا الفعل.

فألفُ سلامٍ وتحيَّة للشعب الإيرانيّ العظيم في يوم نصره المبارك في ثورته الخالدة، وألفُ سلامٍ على روح الله ووليِّه، مفجِّر الثورة، ورمز المواجهة مع الطغاة والمستكبرين، وقائد المستضعفين في كلِّ حينٍ.



أكتب تعليقك