رأس السنة الهجريّة، بين العيد والمأتم
(الجمعة 16 / 10 / 2015م)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
تمهيد
ضَحِكَ المَشِيبُ بِعَارِضَيْكَ فَنُحْ أَسَىً |
أَسَفاً عَلَى عُمُرٍ مَضَى وَتَصَرَّما |
|
وَإِذَا أَطَــلَّ عَـلَـيْــكَ شَـــهْـرُ مُـحَــرَّمٍ |
فَابْـكِ القَتِيلَ بِكَرْبَلاءَ عَلَى ظَمَا |
وكما في كلِّ عامٍ نودِّع سنةً هجريّة / قمريّة، لنستقبل سنةً أخرى. ويختلف المسلمون حَسْب مذاهبهم في كيفيّة استقبالهم لهذه السنة الجديدة.
احتفال أهل السُّنَّة برأس السنة الهجريّة
فالمسلمون من أهل السنّة يعتبرون الأوّل من محرَّم الحرام، وهو أوّل شهور هذه السنة، عيداً، يُسمُّونه عيد رأس السنة الهجريّة، يفرحون فيه ويبتهجون، علماً أن كتب التاريخ تؤكِّد أنّ هجرة النبيّ الأكرم محمد(ص) من مكّة المكرَّمة إلى المدينة المنوَّرة لم تكن في محرّم الحرام، وإنَّما وقعت في ربيع الأوّل([1]). فلماذا اعتُبر الأوّل من محرَّم هو رأس السنة الهجريّة؟
مؤامرة ضدَّ الإسلام!
يدّعي البعض أنّ هذا التبديل في التأريخ للهجرة النبويّة إنّما هو سُنّةٌ سنَّها الخليفة الثاني عمر بن الخطّاب. ويتحمَّس بعضُهم أكثر فينسب إليه أنّه فعل ذلك بنيّة سوءٍ، قاصداً صرف أنظار الناس عن الهجرة النبويّة وما رافقها من أحداثٍ ـ كمبيت أمير المؤمنين عليٍّ(ع) على فراش النبيّ(ص)، و… ـ؛ ليخفي شيئاً من فضائل أهل البيت(عم)، ثمّ عمد الذين جاؤوا بعده من خلفاء بني أمّية إلى تكريس هذا الواقع، واستغلاله لصرف تفكير الناس عن مساءلتهم في جريمتهم النَّكْراء ضدّ الحسين وأصحابه(عم).
لكنّ الصحيح أنّ السنة القمريّة عند العرب تبدأ بشهر محرَّم الحرام، وعندما استشار الخليفةُ الثاني عمرُ بن الخطّاب أميرَ المؤمنين عليَّ بن أبي طالب(ع) في كيفية اعتماد تاريخ خاصٍّ بالمسلمين، وأشار عليه باعتماد الهجرة النبويّة بدايةً لذلك التاريخ([2])، لم يكن(ع) يقصد أن يصير ربيع الأوّل هو الشهر الأوّل في السنة، بل أراد(ع) أن يكون العام الأوّل للتاريخ الإسلامي هو العام الذي وقعت الهجرة النبويّة في الشهر الثالث منه. وهكذا بقي أوّل العام هو شهر محرَّم الحرام، لكنَّ المسلمين هجروا التأريخ بميلاد السيد المسيح(ع)، واعتمدوا تأريخاً خاصّاً بهم يكون العام الأوّل فيه ـ أي السنة الأولى منه ـ العام الذي هاجر النبيّ(ص) في الشهر الثالث منه ـ وهو ربيع الأوّل ـ.
ولهذا نظيرٌ في التاريخ. فالتقويم المعتَمَد في إيران منذ أيّام السلاجقة هو التقويم الشمسيّ الهجريّ، حيث السنة 365 يوماً، وتبدأ مع بداية الاعتدال الربيعي (21 آذار/مارس)، ولكنّ السنة الأولى فيه هي السنة التي وقعت فيها الهجرة النبويّة، ولهذا سُمِّي بالهجريّ. ولو دقَّقنا النظر لوجدنا أنّ الهجرة النبويّة تقع في وسط العام الشمسيّ (21 أيلول/سبتمبر)([3])، فاعتُبر هذا العام الذي يبدأ في 21 آذار هو العام الأوّل، ولم يفكِّر أحدٌ منهم أن يبدِّل ترتيب الشهور ليصبح الشهر السابع من السنة الشمسيّة هو الشهر الأوّل، وتنتظم خلفه بقيّة الشهور إلى اثني عشر شهراً.
وكمثالٍ آخر نقول: لو أنّنا أردنا أن نتَّخذ من الثورة الإسلاميّة المباركة بقيادة الإمام الخميني(ر) بدايةً لتاريخٍ جديد فستكون السنة 1979م هي السنة الأولى لهذا التاريخ، ولكنّ هذا لا يعني أن يصير الشهر الأوّل في سنوات التاريخ الشمسيّ الجديد هو شهر شباط ـ وهو التاريخ الدقيق لانتصار الثورة الإسلامية في إيران ـ، بَدَلاً من كانون الثاني.
إذاً هي دعوى من دون دليلٍ مُحْكَم. وبالعودة إلى اختلاف المسلمين في استقبال السنة الجديدة نقول:
مُحرَّم عند الشيعة موسمٌ للحُزن والبكاء
في مقابل ما يذهب إليه أهل السنّة يعمد الشيعة ـ على اختلاف فِرَقهم: الزيديّة والإسماعيليّة والإماميّة و… ـ، ومنذ الليلة الأولى لشهر محرَّم الحرام، إلى إقامة مجالس اللطم والعزاء والنَّوْح والبكاء على أبي عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب(ع)، ابن فاطمة الزهراء(عا)، وسِبْطُ النبيّ المصطفى محمد(ص)، الذي قتلته عصابةٌ أمويّة خبيثة.
إذن هم يعتبرون هذه الأيّام أيّام حزنٍ ومصيبة، لا أيّام فرحٍ وسرور. ولهم في التعبير عن حزنهم وأسفهم واستنكارهم عاداتٌ وتقاليد. وكلُّها مشروعةٌ ما لم تدخُلْ تحت عنوانٍ قد ثبت تحريمُه بآليّات الاجتهاد المعروفة بين الفقهاء.
أسئلةٌ مشروعة
وهنا نسأل إخوتنا من أهل السُّنَّة، وبكلِّ محبّةٍ واحترام، مهما عَظُم الاختلاف بيننا:
1ـ أليس قد ثبت في كتب التاريخ أنّ الهجرة النبويّة في ربيع الأوّل، وليست في أوّل محرَّم. فالأوّل من محرَّم هو بداية العام الهجريّ الأوّل، ولكنّه ليس هو التاريخ الدقيق للهجرة النبويّة. فلماذا الاحتفال في غير موضعه؟!
2ـ لو سلَّمنا أن الهجرة النبويّة قد حصلت في الأوّل من محرَّم ذاك العام، فما هي دواعي الفَرَح والسرور لهذا الحَدَث؟!
لقد خرج النبيُّ(ص) خائفاً يترقَّب، والعيونُ تترصَّده لتنال منه، ولكنْ حماه الله، وأنزل سكينته عليه، وأيَّده بجنودٍ لم يَرَها غيرُه([4]). ووصل(ص) إلى المدينة المنوَّرة بعد طول عناءٍ، وتعرَّض ابنُ عمِّه أمير المؤمنين عليّ(ع) للخَطَر، وهو يحميه بنفسه، وينام في فراشه ليصرف عنه مَكْر الكافرين. ثمّ لمّا رأَتْ قريش أنّ النبيّ(ص) قد فاتها، ونجا بنفسه، أخذت تعذِّب أصحابه، وتنهب أموالهم، وتهدم دُورهم. فما هو المُفْرِح في ذلك كلِّه؟!
3ـ لو سلَّمنا بحصول الهجرة، وكونها باعثاً على الفرح بنجاته(ص) من كَيْد المشركين، فإنّ أحداثاً عظيمةً قد حصلت في محرَّم الحرام سنة 61 للهجرة النبويّة، حيث قُتل البقيّة الباقية من ذُرِّية رسول الله(ص)، قُتل ريحانةُ المصطفى(ص)، وسيِّدُ شباب أهل الجنّة([5]). فهل من العَدْل والإنصاف، بل هل من المعقول أو المقبول أن يفرح أهلُ الجنّة في ذكرى مقتل سيِّدهم؟!
كلُّنا يريد أن يكون في الجنّة، حيث لا مكان للكهول أو العجائز، فأهلُ الجنّة شبابٌ كلُّهم، وهذا يعني أن الحسن والحسين(عما) هما سيِّدا أهل الجنّة أجمعين. فإذا كنتَ ترغب ـ أيُّها المسلم ـ أن تكون من أهل الجنّة فإنّ سيِّدَيْك وقائدَيْك هما الحسن والحسين ابنا عليٍّ وفاطمة(عما)، وسبطا النبيِّ المختار(ص)، فهل تفرح في ذكرى مقتل سيِّدك وقائدك وحبيبك وحفيد نبيِّك؟!
لماذا ضحَّى الحسين(ع) بنفسه وعياله؟
في بداية محرَّم الحرام عام 61 للهجرة وصل الحسين(ع) إلى كربلاء، بعد جعجعةٍ في الطريق. وحطَّ رَحْله في تلك الأرض الطاهرة المقدَّسة، وهو يعلم أنَّه مقتولٌ؛ لقلّة الناصر، وكثرة العدوّ، وأنّ نساءَه ـ وهنَّ حرائر الرسالة، عِرْضُ رسول الله الأكرم محمد(ص) ـ سيكُنَّ سبايا بأيدي طُغاةٍ فَجَرة لا يتورَّعون عن فَحْشاءٍ أو مُنْكَرٍ، فهلاّ تساءلنا ـ نحن الشيعة وأنتم يا إخوتنا وأحبَّتنا من أهل السُّنَّة ـ: ما الذي دفع بالحسين(ع) ليفعل ذلك بنفسه وعياله؟! ألم يكن قادراً على النَّأْي بنفسه عن مثل هذا القتال؟ ألم يكن بمقدوره أن يصلح علاقته بالسلطة التي قامَتْ آنذاك؟!
بلى واللهِ، بل كان سيفوق في ذلك كلَّ الذين بايعوا يزيد، ونزلوا على حكمه. إنّ أقصى أمنيات يزيد آنذاك أن يبايعه الحسين بن عليّ(ع)، ولو ظاهراً، وعلى أعين الناس، ففي ذلك تثبيتٌ لحكمه، وتنزيهٌ لساحته، وشهادةٌ بأهليَّته. لكنَّه في الوقت عينه كان يعرف أن أبيَّ الضَّيْم الحسينَ بنَ عليٍّ(ع) لن يفعل ذلك مطلقاً، ولهذا استعجل البَيْعة، وطالب بها، ولو بقوَّة السلاح([6]).
شعار الثَّوْرة الواضح والجامع
وما كان يزيدُ يحْسَب أن الحسين(ع) يطلق شعار الثَّوْرة بهذه السرعة. وهنا تتجلّى الحِكْمة الحسينيّة، حيث وقف أمام الملأ ليطلق موقفاً واضحاً وصريحاً، لا غموض فيه ولا التباس، ويلخِّص كلَّ أهداف الثورة الحسينيّة القادمة ـ ونسأل الله أن نوفَّق لبيان هذه الأهداف أو بعضها من خلال هذا النصّ التاريخيّ العظيم: «إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله وبنا ختم الله. ويزيد رجلٌ فاسق، شارب الخَمْر، قاتل النَّفْس المحرَّمة، مُعْلِنٌ بالفِسْق. ومثلي لا يبايع مثله. ولكنْ نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيَّنا أحقُّ بالخلافة والبيعة»([7]).
وخلاصة ما نفهمه من هذا النصّ أنّ الإمام الحسين(ع) يريد أن يقول: إنّ يزيد ـ وهو اليوم على رأس السلطة الحاكمة ـ فاسقٌ، بل مُعْلِنٌ بالفسق. وهذا تجاوزٌ للحدّ في التعامل مع الرعيّة المسلمين، الذين اتَّخذوا الإسلام ديناً يدينون به لربِّ العالمين.
يزيد هذا شاربٌ للخمر، وقد حرَّمها الله لأنها تفقد الإنسان عقله، فينحطّ معها ـ من حيث السلوك ـ إلى مرتبةٍ أدنى من الحيوان، ويعمل بهواه، ويخالف مولاه، وهذا هو أسُّ الفساد في السُّلْطة والحُكْم.
يزيد هذا قاتلٌ للنَّفْس المحترمة، التي حرَّم الله سبحانه وتعالى الاعتداء عليها. فمعه ينعدم الأمن الفرديّ والاجتماعيّ، حيث لا يأمن بعد ذاك اليوم مسلمٌ على نفسه، من أن تطاله يدُ زبانية الحاكم من دون جرمٍ اقترفه. وقد شهد المسلمون جميعاً بعد ذلك صِدْق هذه المقولة من الحسين(ع) ـ وهو الذي لا يحتاج إلى شهادة تصديق، ولكنْ لله الحُجَّة البالغة ـ، حيث أمر جيشه بمهاجمة المدينة، وقتل رجالها، وسَبْي نسائها، وقد وقعَتْ فيهم تلك المَذْبحة العظيمة، التي عُرفَتْ بعد ذلك بـ (وَقْعة الحَرّة).
إنّ شخصاً بهذه الصفات لا يمكن لسليل بيت النبوّة، ووارث النبيِّين، أن يضع يده في يده لبيعةٍ، مهما كان التضحيات في مقابل ذلك.
ولهذا خرج(ع) يدافع عن حريم الإسلام، يدافع عن العقيدة والشريعة والمبادئ والقِيَم والأخلاق. وبَذَل كلَّ ما يملك في سبيل ذلك، حتّى قُتل بأبشع صورةٍ في يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من محرَّم الحرام. فهل يحقّ لمسلمٍ يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن يعتبر ذلك اليوم يوماً مقدَّساً مبارَكاً، ويتَّخذه عيداً، يظهر فيه الفرح والسرور، ويلبس فيه الجديد وثياب الزِّينة، ويقدِّم فيه التهاني؟!
أيُّها الأحبَّة، لا يغرَّنَّكم بالله الغَرور، ولنستمع جميعاً لأمير المؤمنين عليٍّ(ع) وهو يقول: «ظهر الفساد فلا مُنْكِرٌ مغير، ولا زاجِرٌ مُزْدَجِر. أفبهذا تريدون أن تجاوروا اللهَ في دار قُدْسه، وتكونوا أعزَّ أوليائه عنده؟! هيهات، لا يُخْدَع اللهُ عن جنَّته، ولا تنال مرضاته إلاّ بطاعته. لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المُنْكَر العاملين به»([8]). وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.
**********
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) راجع: ابن كثير، السيرة النبويّة 2: 288، 289؛ https://saaid.net/mktarat/mohram/46.htm؛ http://www.alkafeel.net/forums/showthread.php?t=36203
([2]) روى الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين 3: 14، عن أحمد بن محمد بن سلمة، عن عثمان بن سعيد الدارمي، عن نعيم بن حماد، عن عبد العزيز بن محمد، عن عثمان بن عبيد الله أبي رافع، عن سعيد بن المسيب يقول: جمع عمر الناس، فسألهم، من أي يوم يكتب التاريخ؟ فقال عليّ بن أبي طالب: من يوم هاجر رسول الله(ص)، وترك أرض الشِّرْك، ففعله عمر رضي الله عنه. ثمّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وراجِعْ: ابن كثير، البداية والنهاية 7: 85.
([3]) أوّل يوم للتقويم الهجريّ الشمسيّ 1 فروردين (حَمَل) سنة 1 الهجريّة الشمسيّة يوم الجمعة 29 شعبان سنة 1 قبل الهجرة، وافق 19 مارس يولياني الميلادي 22 مارس 622 الغريغوري الميلادي. (السنة الأولى لهذا التقويم هي سنة الهجرة النبويّة من مكّة إلى المدينة المنورة). راجِعْ:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%8A%D9%85_%D9%87%D8%AC%D8%B1%D9%8A_%D8%B4%D9%85%D8%B3%D9%8A.
([4]) يقول تعالى في معرض حديثه عن الهجرة النبوية: ﴿إِنْ لاَ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 40).
([5]) رواه الصدوق في الأمالي: 73 ـ 74، عن محمد بن عليّ(ر)، عن عمِّه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن عليّ الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضَّل، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال النبيّ(ص): …وابناه سيِّدا شباب أهل الجنّة ابناي…، الحديث.
ورواه الصدوق في الأمالي: 111 ـ 112، عن جعفر بن محمد بن مسرور(ر)، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلّى بن محمد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال النبيّ(ص): …والحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنّة ولداي…، الحديث.
ورواه الصدوق في الأمالي: 187، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(ر)، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن أبي إسحاق، عن الحسن بن زياد العطّار، قال : قلتُ لأبي عبد الله(ع): قول رسول الله: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، أسيدة نساء عالمها؟ قال: ذاك مريم، وفاطمة سيّدة نساء أهل الجنة من الأوَّلين والآخرين. فقلتُ: فقول رسول الله(ص): الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة؟ قال: هما والله سيِّدا شباب أهل الجنّة من الأوَّلين والآخرين.
ورواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين 3: 166 ـ 167، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن الحسن بن عليّ بن عفان، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبيّ(ص) أنه قال: الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة، إلاّ ابني الخالة. ثمّ قال الحاكم: هذا حديثٌ قد صحَّ من أوجهٍ كثيرة. وأنا أتعجَّب أنَّهما لم يخرجاه.
وروى الحاكم أيضاً في المستدرك 3: 167، عن أبي سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل، عن السري بن خزيمة، عن عثمان بن سعيد المري، عن عليّ بن صالح، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله(ص): الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما خيرٌ منهما. ثمّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح بهذه الزيادة، ولم يخرجاه.
([6]) قال عليّ بن محمد المالكي، المعروف بابن الصبّاغ، في الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة 2: 776 ـ 777: ثمّ مات معاوية في سنة ستّين، ثمّ لم تكن ليزيد همّة إلاّ أن كتب إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، عاملهم على المدينة، يخبره بموت معاوية، ويأمره أن يأخذ البيعة له من: الحسين بن عليّ؛ وعبد الله بن عمر؛ وعبد الله بن الزبير، أخذاً ليست فيه رخصةٌ، أوّل الناس، قبل ظهور الأمر وإفشائه، ويشدِّد عليهم في ذلك.
وقال ابن طاووس في اللهوف في قتلى الطفوف: 16: كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة، وكان أمير المدينة، يأمره بأخذ البيعة على أهلها عامّة، وخاصّة على الحسين(ع)، ويقول له: إنْ أبى عليكَ فاضرِبْ عنقه، وابعَثْ إليَّ برأسه. وكذا قال ابن نما الحلّي في مثير الأحزان: 13.
([7]) ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: 17.
([8]) نهج البلاغة 2: 12، من خطبةٍ له(ع) في ذكر المكاييل والموازين.