3 يوليو 2013
التصنيف : مقالات سياسية
لا تعليقات
2٬653 مشاهدة

الصحابيُّ الجليل حِجْرٌ بنُ عِدِيٍّ الكِنْدِيّ

حجر1_n  حجر2

السلامُ على العبدِ الصالح، والوليِّ الناصح، حِجْرٍ بنِ عِدِيٍّ الكِنْدِيّ،

وَوَلَدِه الشهيد، وأصحابِه الأبرار، ورحمةُ اللهِ وبركاتُه

(الجمعة 3 ـ 5 ـ 2013م)

مرّةً جديدة يفعلها بنو أميّة، بنو الطلقاء، بنو الذين لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم يوماً.

مرّةً جديدة يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم وأيديهم، ويأبى الله إلاّ أنْ يُتِمَّ نورَه ولو كره المشركون، ولو كره المجرمون.

لقد هدموا قبره الشريف، وأخفَوْا رفاته الطاهر، فمَنْ هو حِجْر بن عِدِيّ الكِنْدِيّ؟

أسلم وهو صغير السنّ، ووفد على النبيّ(ص) وهو في المدينة في آخر حياته.

كان شريفاً، أميراً مطاعاً، أمّاراً بالمعروف، مقدِماً على الإنكار.

شهد صفين أميراً، وكان ذا صلاح وتعبُّد، كثير الصلاة والصيام.

هو أحد قادة الجيش الإسلاميّ الذي فتح (عذراء)، وهي المنطقة التي استُشهد فيها فيما بعد.

هو أحد الذين شاركوا في دفن أبي ذرٍّ الغفاري في الربذة، وهم الذين شهد لهم النبيّ(ص) بأنّهم عصابةٌ من المؤمنين.

صحب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)، وكان من أبرز شيعته، وشاركه في حروب الجمل وصفّين والنهروان.

كان من أشدّ المنكرين على ولاة معاوية في الكوفة، فحاولوا إسكاته بالتهديد والوعيد مرّةً، وبالأموال والمناصب أخرى، لكنّهم لم يفلحوا في ذلك.

ضاق والي الكوفة (زياد بن أبيه) به ذرعاً، فكتب إلى معاوية بذلك، فأشار معاوية عليه أن يشدَّه بالحديد، ويحمله إليه. وقامت السلطة باعتقال اثني عشر شخصاً معه، وأرسلتهم إلى الشام.

تردَّد معاوية في قتل حِجْر وأصحابه، خشيةَ تذمُّر المسلمين ونقمتهم عليه، فأرسل إلى زياد يخبره بتردُّده، فأجابه زياد: «إنْ كانت لك حاجة بهذا المصر (أي العراق) فلا تردَّنَّ حِجْراً وأصحابه إليّ». فخيَّرهم معاوية بين القتل أو البراءة من الإمام عليّ(ع)، فقال حِجْر: «إنّ العبرة على حَدِّ السيف لأيسر علينا ممّا تدعونا إليه، ثم القدوم على الله، وعلى نبيّه، وعلى وصيّه، أحبُّ إلينا من دخول النار». فقتلوه مع ستَّةٍ من أصحابه، وذُكر أنّ ابناً له كان استُشهد معه.

قال له السيّاف عندما أراد قتله: مُدَّ عنقك لأقتلَك، قال: «إنّي لا أُعِينُ الظالمين على ظلمهم»، فضربه ضربةً سقط على إثرها شهيداً، سنة 51هـ، ودفن في مرج (عذراء)، وقبره معروفٌ هناك.

وحِجْر هو أوَّل مَنْ قُتِل صبراً في الإسلام. وقد أحدث قتلُه استياءً بين المسلمين. أمّا قبرُه فأصبح مزاراً مشهوداً يقصده المسلمون.

ولما أرادوا قتله صلّى ركعتين، ثم قال: لولا أنْ تظنّوا بي غير الذي بي لأطلتُهما، وقال: «لا تنزِعوا عنّي حديداً، ولا تغسِلوا عنّي دماً، وادفنوني في ثيابي؛ فإنّي لاقٍ معاوية على الجادّة غداً».

أحدَثَتْ جريمةُ قتل حِجْر وأصحابه ضجَّةً واستنكاراً كبيرَيْن في العالم الإسلامي. ومن الشخصيات التي استنكرت ذلك الإمام الحسين(ع).

قال رسول الله(ص): «يا حِجْر، تُقْتَل في محبّة عليٍّ صبراً».

وقال ابنُ الأثير فيه: «كان من فضلاء الصحابة».

وقال الحاكمُ النيسابوري: «هو راهبُ أصحاب محمّد(ص)».

وقال أبو معشر: «ما أَحْدَثَ قطّ إلاّ توضَّأ، ولا توضَّأ إلاّ صلَّى ركعتين».

وروى ابنُ جرير أنّ معاوية جعل يغرغر بالموت، وهو يقول: «إنّ يومي بك يا حجر بن عدي لطويل»، قالها ثلاثاً.

ترفَّــــعْ أيــــــها القــــمرُ المنـيرُ ــــــــــ ترفَّــــعْ هـــل ترى حِجْراً يسيرُ
يسير إلى معــاويــــة بـن حـرب ــــــــــ ليقتــله كــــــما زعـــــم الأميرُ
تجبرت الجبــــابر بــــعــد حِـجْــر ــــــــــ وطــاب لها الخـــورنق والسديرُ
وأصبـحـت البــــــلاد لـــه محولاً ــــــــــ كأنْ لم يُحيـــــها يـــــوماً مطيرُ
ألا يــا حـِـجْــر بـــــنـــي عــديّ ــــــــــ تـلقَّتْكَ الســــلامة والســــرورُ

ماذا أقولُ بحِجْرٍ بـعـد تَضْـحِيـَةٍ ــــــــــ نفسي الفِداءُ لحِجْـرٍ وهُو مَقْـتولُ

حبُّ الإمـامِ علـيٍّ كـان مَنـْهَلَـهُ ــــــــــ قد ذاب في حُبِّهِ والسيْفُ مَسْلـولُ

هـذا الـوَلاءُ وإلاّ كـان مـَهْـزَلـةً ــــــــــ أو ادِّعـاءً لكِـذْبٍ وهُـو مَـعْسـولُ

ما أنتَ يا حِجْرُ إِلاّ رمزُ تضحـيةٍ ــــــــــ في كُـلِّ جِـيلٍ لـه حَمْـدٌ وتَـهليلُ

كنتَ الشهيدَ وفي التاريخ مفخرةٌ ــــــــــ وذِكْرُ خَصْمِك في التاريخِ مَـرذُولُ

سيِّدي حِجْرَ بنَ عِدِيّ الكندي، أيُّها الشهيدُ البطل، أيُّها التابِعُ المخلص، أيُّها الشيعيُّ الصادق…

أسلَمْتَ، عقِلْتَ، وَعَيْتَ، فوالَيْتَ واقتدَيْتَ، فهاجَهُم ولاؤُك لأمير المؤمنين وسيّد الوصيّين، واللهُ وليُّ المؤمنين.

لاحَقُوك، وأَسَرُوك، وعذَّبوك، فصبرتَ على الأذى في جنبِ الله.

وقدَّموكَ للقَتْل فقُلْتَ: اقتُلوا ابني قبلي؛ فإنّي أخاف أن يترك ولايةَ سيِّده ومولاه.

فقتلوه أمام ناظرَيْك، صَبْراً واحتساباً، فهنيئاً لكم جميعاً مقعدَ صِدْقٍ عند مليكٍ مقتدر.

يظنّون أنّهم بهدم قبرك الشريف، وإخفاء رفاتك الطاهر، يظنّون أنّهم بفعلهم الإجرامي هذا يثأرون لأسيادهم من بني أميّة، معاوية وحزبه، حزب الشيطان، كيف لا وهو الذي طغى وتجبَّر، وقَتَل وشرَّد وأَسَر، ثم ها هو ذليلٌ حقيرٌ يئنّ ممّا يعرفه، ويجحده ظلماً وعلوّاً، ويقول: إنّ يومي من حِجْرٍ لطويلٌ.

فلهؤلاء الأحفاد الأوغاد نقول ما قالته سيِّدتُنا ومولاتُنا لسيِّدهم وزعيمهم وقائدهم إلى جهنّم وبئس المصير، يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، شجرةٍ خبيثةٍ اجتُثّت من فوق الأرض ما لها من قرار، نقول لكلِّ فردٍ منهم: «كِدْ كيدَك، وَاسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدَك، فوالله لا تمحو ذكرَنا، ولا تميتُ وحيَنا، ولا يَرْحَضُ عنك عارُها، وهل رأيُك إلاّ فَنَد؟ وأيامُك إلاّ عَدَد، وجمعُك إلاّ بَدَد، يوم ينادى المنادي: ألا لعنةُ اللهِ على الظالمين».



أكتب تعليقك