2 يونيو 2017
التصنيف : منبر الجمعة
لا تعليقات
3٬618 مشاهدة

سلسلة الدِّين ومقتضيات العصر الحديث (2): السنّة النبويّة الشريفة: مفهومها، وبعض المصاديق الزائفة

 (الجمعة 2 / 6 / 2017م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين.

تمهيد

ولا يزال الكلام حول بعض العادات السائدة بين طبقاتٍ مختلفة في المجتمعات كافّةً؛ لعوامل وأسبابٍ شتّى، غير أنّهم ينسبونها إلى الدِّين الحنيف، وهو منها براءٌ، كبراءة الذئب من دم يوسف الصدِّيق(ع).

وهي عاداتٌ كثيرة. وبما أنّ أكثرها تأثيراً في المجتمع ما شاع بين المتديِّنين، بل بين علماء الدِّين أنفسهم، كان لزاماً علينا تسليط الضوء على بعض تلك العادات، التي لا يزال هؤلاء يتمسَّكون بها، ويُصِرُّون عليها، ويعتبرونها من السنّة النبويّة الشريفة، فيُضْفُون من خلالها قداسةً على ذواتهم، ويتميَّزون بها عن غيرهم من المؤمنين، فيشكِّلون ـ ولو من حيث لا يشعرون ـ طبقةً اجتماعيّة خاصّة، لها عاداتُها وأزياؤها وحاجاتها الخاصّة، التي قد تفرض الكثيرَ منها تلك العادات.

كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله(ص)؟!

بعد وفاة النبيّ الأكرم محمد(ص) سارع أمير المؤمنين عليّ(ع)، بوصيّةٍ من النبيّ(ص)، إلى جمع القرآن الكريم، حيث أصبح ذلك ممكناً بعد أن انقطع الوحي بموت الرسول(ص)، فلزم الإمام عليٌّ(ع) بيتَه، لا يخرج إلاّ للصلاة، حيث لم ينقطع عن صلاة الجمعة والجماعة في المسجد بإمامة الخليفة الأوّل أبي بكر، حتّى جمع القرآن عن آخره، وجاء به إلى القوم، فرفضوه، فغيَّبه عنهم، فلم يَرَوْه بعد ذلك أبداً([1]).

قد يكون رفضُهم لما جمعه أمير المؤمنين(ع) ناشئاً عن خلافهم السياسيّ آنذاك؛ وقد يكون لرفضهم منشأٌ آخر، وهو ما تجلّى بعد فترةٍ قصيرة من الزمن، حيث استشعر القوم ضرورة تدوين القرآن الكريم بشكلٍ رسميّ، وأدركوا أنّ إهمال هذا الأمر قد يؤدّي إلى ضياع آياتٍ كثيرة من هذا الكتاب المقدَّس، فأشار عمر بن الخطّاب على أبي بكر بذلك، فرفض الخليفة الأول بادئ ذي بدء؛ محتجّاً بقوله: «وكيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله(ص)». وهكذا احتجّ أيضاً زيد بن ثابت، بعدما طلب منه أبو بكر وعمر أن يجمع القرآن، فقال: «فواللهِ، لو كلَّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان بأثقل عليَّ ممّا أمرني به من جمع القرآن، فقلتُ: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله(ص)»([2]).

ونلحظ في هذه القصّة حالة الخوف والإرباك التي اعتَرَتْ الخليفة؛ لأنّه سيقوم بعملٍ لم يُقْدِم عليه النبيُّ(ص) في حياته، مع أنّه قد يكون للنبيِّ(ص) من الأسباب الموضوعيّة والظَّرْفيّة الخاصّة ما يمنعه من ذلك، فليس كلُّ ما لم يفعله النبيُّ(ص) لا يجوز للمسلمين فعله، وإلاّ فإنّ هذا يعني تعطيل أيِّ حركة تطوُّرٍ وتقدُّم وأخذٍ بالأسباب والوسائل التي تظهر تِباعاً؛ لراحة للبشريّة، وفائدة المجتمع والإنسان، وهي تتغيَّر من عصرٍ لآخر.

مفهوم السنّة النبويّة

السنّة النبويّة الفعليّة هي كلُّ عملٍ يأتي به النبيّ(ص) كشريعةٍ دينيّة إلهيّة، ويقصد بإتيانه هذا أن يقتدي به المسلمون كافّةً، وفي مدى الزَّمَن. وليس كلُّ ما يقوم به النبيّ(ص) هو سنّةٌ نبويّة شريفة، وينبغي الحفاظ عليه كما هو، دون أيّ تغيير.

أـ الطعام والشراب

فالنبيّ(ص) كان يأكل ويشرب من طعام وشراب أهل زمانه. وقد كان للعرب أطعمتها وأشربتها، التي تختلف عن سائر الشعوب والأمم. وأين كلُّ تلك الأطعمة من طعامنا اليوم؟! فهل يجب علينا أن نعود لمثل تلك الأطعمة؛ التزاماً بسنّة رسول الله(ص)؟!!

ولقد كان(ص) يعاف (يكره) بعض الأطعمة، ويتجنَّبها([3])، ولكنْ لم يكن تركُه لها انطلاقاً من كونه مشرِّعاً، وإنّما كان يتجنَّبها لعزوف نفسه عنها كأيِّ إنسانٍ يكره بعض الأطعمة ويحبّ بعضاً آخر منها.

ب ـ وسائل النَّقْل

والنبيُّ(ص) لم يركب سيّارةً، ولا طائرةً، وإنَّما كان يركب الدوابّ المتعارَفة للنقل آنذاك، كالبعير والحصان والحمار([4])، بل إنّه(ص) كان يختار منها ما يكون متناسباً مع التواضع والزُّهْد في هذه الحياة الدنيا([5]). وذلك (التواضع والزُّهْد) هو جوهر وحقيقة سُنَّته.

فهل نلتزم بظاهر ما فعله، ونركب اليوم ـ ونحن في القرن الواحد والعشرين ـ الخيل والبِغال والحمير، ونترك وسائل النَّقْل الحديثة؟!! علماً أنّ الآية الكريمة تقول: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (النحل: 8)، فلماذا يصرّ البعض على التمسُّك بصدر الآية، ويترك ذيلها: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، الذي يشير ـ في إعجازٍ بليغ عبر أخبار الغَيْب ـ إلى ما سيكون في وسائل النقل من قفزاتٍ نوعيّة لم يكن ليحيط بها العرب أو العَجَم آنذاك علماً أو خُبْراً؟! أليس ذلك مصداقاً لقوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (البقرة: 85).

ج ـ الجلوس على الأرض

والنبيُّ(ص) كان يجلس على الأرض، حيث لم تكن الصِّناعة بالحال التي هي عليه اليوم، فلم تكن الكراسي والمقاعد والأرائك شائعةً، كما هي اليوم، وإنَّما كانت من مقتنيات الملوك والأمراء، وعلامةً على الاقتدار وسعة العَيْش والرفاهية، وهو ما كان يتجنَّبه النبيّ(ص)؛ زهداً وتواضعاً منه(ص). أفيحسن اليوم ـ وقد أخذ الناس بكلّ أسباب الرفاه والرَّخاء ـ أن يتجنَّبوا ذلك؛ بحجّة التأسّي بالنبيّ(ص) في فعله، والالتزام بسُنَّته؟!! إنّ سُنَّته هي أنّه كان المتواضع في مشيه وجلوسه، فيجلس جلسة العبد([6])، لا يختال ولا يزهو، فإذا أراد المسلم أن يلتزم بسنّة نبيِّه(ص) اليوم فعليه أن يجلس ـ ولو على الكراسي والأرائك ـ هاشّاً باشّاً بمَنْ حوله، لا ينفخ صدره، ولا يثني عِطْفه، ولا يقطِّب حاجبَيْه، ولا يعرض بوجهه عن الناس. تلك هي روحُ سُنَّة رسول الله(ص) التي ينبغي للمؤمن أن يتعلَّق بها في حَرَكاته وسَكَناته.

د ـ لبس النَّعْل العربيّة

يرفض بعض علماء الدين انتعال الحذاء الشائع المعروف، ويصرُّون على لبس نوعٍ من النِّعال، مغلق من الجهة الأماميّة، ومفتوح من الجهة الخلفيّة، فيسهل عليهم خلعه، وحمله معهم إلى مجالسهم. ويتخيَّر بعضُ المبرَّزين من المشايخ النَّعْل ذا اللَّون الأصفر؛ إيماناً منهم بخصائص له، قد وردَتْ في بعض الأخبار الضعيفة([7]).

وفي معرض التعليل لهذا الفعل يقول بعضُ هؤلاء: إنّ الحذاء لباسٌ أجنبيّ، قد عرفه العرب من الغرب، وينبغي للعربيّ والمسلم أن يحافظ على سنّة النبيّ(ص)، الذي كان يلبس النَّعْل العربيّة (المفتوحة من الأمام ومن الجانبين). مع الإشارة إلى أنّ النَّعْل التي يلبسها بعض المعمَّمين اليوم تختلف عن النَّعْل العربيّة تماماً.

وهذا فهمٌ سطحيٌّ وساذَج للسنّة النبويّة الشريفة. فصحيحٌ أنّ رسول الله(ص) كان يلبس النَّعْل العربيّة، ويصلّي فيهما([8])، لأنّها لا تمنع من تحقيق شروط الصلاة، فإذا كانت طاهرةً (وهي تطهر لو تنجَّسَتْ بالمشي على التراب حتّى تزول القذارة عُرْفاً) جازت الصلاة فيها([9])، لأنّها مشقوقةٌ من الجهة الأماميّة، ويمكن وضع أصابع الرجلين على الأرض أثناء السجود، فأيُّ مانعٍ من الصلاة فيها؟!

ولكنّ هذا لا يعني بحالٍ من الأحوال استحباب الصلاة فيها، خلافاً لما صرَّح به جملةٌ من الفقهاء([10])، كما لا يعني أبداً أنّ سُنَّة رسول الله(ص) التي أراد لكلّ المسلمين أن يقتدوا بها إلى يوم القيامة هي لبس هذا النوع من النِّعال. وإنَّما كانت النَّعْل العربيّة لباساً متعارَفاً آنذاك، وهي متناسبةٌ مع حاجات العربيّ القاطن في شبه الجزيرة، حيث الحرّ الشديد، والرِّمال المتناثرة، فهي تحافظ على صحّة القدمين، لأنّها لا تمنع عنهما الهواء، ولا يتعرَّقان فيها، ولا تجتمع الرِّمال فيها، وإنّما تدخل إليها وتخرج منها بيُسْرٍ وسهولة. وما يشهد لذلك أنّ الحجّاج في يومنا هذا عندما يقصدون تلك المشاهد الشريفة يلبسون تلك النَّعْل، لما يرَوْن لها من فوائد كثيرة.

وأمّا الصلاة فيها ـ وقد فعل ذلك النبيّ(ص) وأئمّة أهل البيت(عم)([11]) ـ فربما يكون اتّقاءً لحرارة الأرض الشديدة([12])، أو تحرُّزاً من نجاسةٍ محتَمَلة فيها([13]).

وممّا يشهد لعدم كون الصلاة في النِّعال العربيّة من السنّة النبويّة الشريفة ما ألمح إليه الإمام الصادق(ع) من أنّه «يُقال: ذلك من السنّة»([14]). وكلمة (يُقال) فيها إشعارٌ بتضعيف هذا القول، وعدم تبنِّيه من قِبَل أئمّة أهل البيت(عم)، وربما كان صادراً منهم على نحو التقيّة أو غيرها.

وخلاصةُ الكلام: لم يثبت كون لبس النَّعْل العربيّة في الصلاة أو غيرها سنَّةً نبويّة شريفة. وما يحتجّ به بعض المشايخ في هذا المقام؛ لتبرير لبسهم نوعاً خاصّاً من النِّعال، غير تامٍّ. وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالَمين.

**********

الهوامش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) قال السيوطي في (الإتقان 1: 161): «قلتُ ورد من طريقٍ آخر أخرجه ابن الضريس في فضائله: حدَّثنا بشر بن موسى: حدَّثنا هوذة بن خليفة: حدَّثنا عون، عن محمد بن سيرين، عن عكرمة، قال: لما كان بعد بيعة أبي بكر قعد عليّ بن أبي طالب في بيته، فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك، فأرسل إليه، فقال: أكرهت بيعتي؟ قال: لا والله، قال: ما أقعدك عنّي؟ قال: رأيتُ كتاب الله يُزاد فيه، فحدَّثْتُ نفسي أن لا ألبس ردائي إلاّ لصلاةٍ، حتّى أجمعه، قال له أبو بكر: فإنّك نِعْمَ ما رأيت…».

وقال الطبرسي في (الاحتجاج 1: 89، 98): «عن أبي المفضَّل محمد بن عبد الله الشيباني بإسناده الصحيح عن رجالٍ ثقة [وذكر حديثاً طويلاً، فيه:] ثمّ آليتُ على نفسي يميناً أن لا أرتدي برداءٍ إلا للصلاة، حتى أجمع القرآن، ففعلت».

وجاء في كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي: 146: «وعن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس: قال سلمان [في حديثٍ]: فلمّا رآى غدرهم، وقلّة وفائهم له، لزم بيته، وأقبل على القرآن يؤلِّفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتّى جمعه، وكان في الصحف والشظاظ والأسيار والرقاع. فلمّا جمعه كلّه، وكتبه بيده، على تنزيله وتأويله، والناسخ منه والمنسوخ، بعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع. فبعث إليه عليٌّ(ع): إني لمشغولٌ، وقد آليتُ نفسي يميناً أن لا أرتدي رداءً إلاّ للصلاة، حتّى أؤلِّف القرآن وأجمعه».

([2]) روى أحمد بن حنبل في (المسند 1: 13)، عن عثمان بن عمر قال: أخبرنا يونس، عن الزهري قال: أخبرني ابن السباق قال: أخبرني زيد بن ثابت، أن أبا بكر رضي الله عنه أرسل إليه مقتل أهل اليمامة فإذا عمر عنده، فقال أبو بكر: إنّ عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرّ بأهل اليمامة من قرّاء القرآن من المسلمين، وأنا أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن، فيذهب قرآنٌ كثير لا يوعى، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلتُ لعمر: وكيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله(ص)، فقال: هو والله خيرٌ، فلم يزَلْ يراجعني في ذلك حتّى شرح الله بذلك صدري، ورأيت فيه الذي رأى عمر. قال زيد: وعمر عنده جالسٌ لا يتكلَّم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إنك شابٌّ عاقل، لا نتَّهمك، وقد كنتَ تكتب الوحي لرسول الله(ص)، فاجمعه، قال زيد: فواللهِ، لو كلَّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان بأثقل عليَّ ممّا أمرني به من جمع القرآن، فقلتُ: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله(ص).

ورواه البخاري في (الصحيح 5: 210)، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن ابن السباق، مثله، وساق الحديث.

ورواه البخاري في (الصحيح 6: 98)، عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب عن عبيد بن السباق، مثله، وساق الحديث.

ورواه الترمذي في (السنن 4: 346 ـ 347)، عن محمد بن بشّار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عبيد بن السباق، مثله، وساق الحديث.

([3]) روى الطوسي في (تهذيب الأحكام 9: 43)، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(ع) قال: «كان رسول الله(ص) عَزوف النَّفْس، وكان يكره الشيء ولا يحرِّمه، فأُتي بالأرنب، فكرهها، ولم يحرِّمها».

وللطوسي إلى الحسين بن سعيد طرق ثلاثة، وهي:

1) المفيد والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلّهم، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد.

2) أبو الحسين بن أبي جيد القمي، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد.

3) أبو الحسين بن أبي جيد القمي، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد.

([4]) قال المزّي في (تهذيب الكمال 1: 231): «وكان يركب الفرس والبعير والبغلة والحمار، ويردف خلفه عبده أو غيره…».

([5]) راجِعْ: نهج البلاغة 2: 59: «ولقد كان(ص) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويُردف خلفه».

([6]) تقدّم كلام أمير المؤمنين(ع) في (نهج البلاغة 2: 59)، واصفاً رسولَ الله(ص): «ولقد كان(ص) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري ويردف خلفه».

([7]) روى الكليني في (الكافي 6: 465)، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عليّ الهمداني عن حنان بن سدير قال: دخلتُ على أبي عبد الله(ع)، وفي رجليَّ نَعْلٌ سوداء، فقال: يا حنان، ما لكَ وللسوداء؟! أما علمتَ أنّ فيها ثلاث خصال: تضعف البَصَر، وترخي الذَّكَر، وتورث الهَمّ، وهي مع ذلك من لباس الجبّارين. قال: فقلتُ: فما ألبس من النِّعال؟ قال: «عليك بالصفراء؛ فإنّ فيها ثلاث خصال: تجلو البَصَر، وتشدّ الذَّكَر، وتدرأ الهَمّ، وهي مع ذلك من لباس النبيّين».

ورواه الصدوق في (ثواب الأعمال: 24 ـ 25)، عن أبيه(ر)، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى ابن عمير، عن عبد الله بن جبلة، عن حنان بن سدير، مثله، وساق الحديث.

ورواه الصدوق أيضاً في (الخصال: 99)، عن أبيه رضي الله عنه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن عبد الله بن جبلة، عن حنان بن سدير، مثله، وساق الحديث.

([8]) روى الصدوق في (علل الشرائع 2: 336)، عن أبيه(ر)، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه(عما)، قال: «وكان رسول الله(ص) إذا أُقيمت الصلاة لبس نعلَيْه، وصلَّى فيهما».

([9]) روى الطوسي في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة قال: إذا صلَّيْتَ فصلِّ في نعلَيْك إذا كانت طاهرةً؛ فإن ذلك من السنَّة.

وللطوسي إلى سعد بن عبد الله الأشعري طريقان، وهما:

1) أبو عبد الله المفيد، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله.

2) أبو عبد الله المفيد، عن أبي جعفر محمد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله.

وروى الطوسي أيضاً في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن محمد بن عليّ بن محبوب، عن العبّاس، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا صلَّيْتَ فصلِّ في نعلَيْك إذا كانت طاهرةً؛ فإنه يُقال: ذلك من السنّة.

وللطوسي طريقٌ واحدٌ إلى محمد بن عليّ بن محبوب، وهو: الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار، عن أبيه محمد بن يحيى، عن محمد بن عليّ بن محبوب.

([10]) راجِعْ: المحقق الحلّي(676هـ)، المختصر النافع: 25، شرائع الإسلام 1: 55؛ الفاضل الآبي(690هـ)، كشف الرموز 1: 139؛ العلامة الحلّي(726هـ)، تذكرة الفقهاء 2: 498؛ الشهيد الأول(786هـ)، الألفية والنفلية: 101، الدروس 1: 148، الذكرى 3: 67؛ ابن فهد الحلّي(841هـ)، الرسائل العشر: 151، المهذّب البارع 1: 326؛ المحقق الكركي(940هـ)، جامع المقاصد 2: 107؛ الشهيد الثاني(966هـ)، شرح اللمعة 1: 529، مسالك الأفهام 1: 165؛ محمد العاملي(1009هـ)، مدارك الأحكام 3: 184؛ المجلسي(1111هـ)، بحار الأنوار 80: 275؛ الفاضل الهندي(1137هـ)، كشف اللثام 3: 255؛ البحراني(1186هـ)، الحدائق الناضرة 7: 114؛ الطباطبائي(1231هـ)، رياض المسائل 3: 200؛ النراقي(1244هـ)، مستند الشيعة 4: 370؛ النجفي(1266هـ)، جواهر الكلام 8: 157؛ الحكيم(1390هـ)، مستمسك العروة 5: 414؛ الخوانساري(1405هـ)، جامع المدارك 1: 280؛ زين الدين(1419هـ)، كلمة التقوى 1: 338.

([11]) روى الطوسي في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل قال: رأيتُه يصلّي في نعلَيْه لم يخلعهما، وأحسبه قال: ركعتَيْ الطواف.

وروى الطوسي أيضاً في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن عمّار قال: رأيتُ أبا عبد الله(ع) يصلّي في نَعْلَيْه غير مرّةٍ، ولم أره ينزعهما قطّ.

وروى الطوسي أيضاً في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن العبّاس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار قال: رأيتُ أبا جعفر(ع) صلّى حين زالت الشمس يوم التروية ستّ ركعات خلف المقام، وعليه نعلاه لم ينزعهما.

([12]) ويشهد لهذا الاحتمال أنّ بعض ما رُوي من صلاة الأئمّة(عم) بنعالهم كان ينقل حَدَثاً قد جرى في زمان ومكان خاصّين، وهما: وقت الزوال؛ والمسجد الحرام (خلف مقام إبراهيم(ع))، وذاك موضعٌ وزمان تشتدّ فيه حرارة الأرض، فلا توطأ إلاّ بالنِّعال.

راجِعْ: ما رواه الطوسي في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل قال: رأيتُه يصلّي في نعلَيْه لم يخلعهما، وأحسبه قال: ركعتَيْ الطواف.

وما رواه الطوسي أيضاً في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن العبّاس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار قال: رأيتُ أبا جعفر(ع) صلّى حين زالت الشمس يوم التروية ستّ ركعات خلف المقام، وعليه نعلاه لم ينزعهما.

([13]) ويشهد لهذه الاحتمالات على العموم ما رواه الكليني في (الكافي 3: 489)، عن عليّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن بعض الطالبيّين يلقَّب برأس المدري، قال: سمعتُ الرضا(ع) يقول: «أفضل موضع القدمَيْن للصلاة النَّعْلان».

([14]) فقد روى الطوسي في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة قال: «إذا صلَّيْتَ فصلِّ في نعلَيْك إذا كانت طاهرةً؛ فإنّ ذلك من السنَّة».

والكلام في هذه الرواية لعبد الله بن المغيرة، ولا نقطع بصدوره من الإمام المعصوم(ع).

إلاّ أنّ الطوسي روى في (تهذيب الأحكام 2: 233)، بإسناده عن محمد بن عليّ بن محبوب، عن العبّاس، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا صلَّيْتَ فصلِّ في نعلَيْك إذا كانت طاهرةً؛ فإنه يُقال: ذلك من السنّة. ولا بُدَّ من التوقُّف مليّاً عند قول الإمام(ع): «فإنّه يُقال: ذلك من السنّة»، فهل هو غير قاطعٍ بذلك؟! وهل أنّه(ع) لا يعرف سُنَّة جدِّه رسول الله(ص)؟!.



أكتب تعليقك