5 يونيو 2015
التصنيف : مقالات عقائدية، منبر الجمعة
لا تعليقات
4٬320 مشاهدة

المهديُّ المنتَظَر(عج)، العدلُ في انتظار الفَرَج

2015-06-05-منبر الجمعة-المهدي المنتظر(عج)، العدل في انتظار الفرج

(الجمعة 5 / 6 / 2015م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

تمهيد: الولادة المباركة لمحقِّق حُلُم الأنبياء

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ﴾ (القصص: 5) (صدق الله العليّ العظيم).

أيُّها الأحبَّة، لقد مرَّتْ بنا في الخامس عشر من شهر شعبان ذكرى ولادة الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت(عم)، وهو صاحب العصر والزمان، محمد بن الحسن المهديّ المنتظر(عج)، الذي نعتقد أنّه قد وُلد في السنة 255هـ، وهو الولدُ الذَّكَر الوحيد للإمام الحسن بن عليّ العسكريّ(ع).

لقد عشنا هذه الذكرى الطيِّبة فرأَيْنا فيها ولادة العَدْل والحقّ والخير، لا لأنّ غيره من أئمّة أهل البيت(عم) لم يكونوا يحبّون العدل والحقّ والخير، ولم يعملوا على نشرها، بل لأنّه(عج) هو الذي سيُقيم دولةَ ذلك كلِّه، وعلى يدَيْه سيتحقَّق حُلُم الأنبياء والأوصياء على مرّ الزَّمَن. وهذا ما أشار إليه النبيُّ الأكرم محمد(ص) في ما رُوي عنه أنّه قال: «المهديُّ من وُلْدي، اسمُه اسمي، وكُنْيتُه كنيتي، أشبهُ الناس بي خَلْقاً وخُلُقاً، تكون له غيبةٌ وحَيْرة، حتَّى تضلَّ الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يُقْبِل كالشِّهاب الثاقب، فيملأها قِسْطاً وعَدْلاً كما مُلئت ظلماً وجَوْراً»([1]).

السلامُ عليكَ يا روحَ الله الخمينيّ

ونستحضر في هذا المقام ذكرى رحيل ذاك العالم الربّانيّ الذي امتلأ قلبُه عشقاً للمهديّ(عج)، وآتاه الله من البصيرة والوعي ما خوَّله أن يكون في عداد الممهِّدين لدولة صاحب العصر والزمان(ع)، عنيتُ به قائد الثورة الإسلاميّة المباركة في إيران، وعلى امتداد العالم الإسلاميّ، السيد روح الله الموسويّ الخميني(ر)، الذي نفتقده في مثل هذه الأيّام العصيبة التي يعيشها العالَمُ كلُّه. فالسلامُ عليه ـ فقيهاً قائداً، ووَرِعاً مجاهداً ـ يوم وُلد، ويوم مات، ويوم يُبعَثُ حيّاً.

العَدْل حاجةٌ للإنسانيّة جمعاء

بالمهديّ من أهل البيت(عم) تتحقَّق مشيئة الله سبحانه وتعالى وإرادته في أن يرث المؤمنون الصالحون الأرض؛ لينشروا العَدْل في كلّ مكانٍ منها، وليُحِلُّوا السَّلامَ والأَمْن في كلّ بقعةٍ من بقاعها، سلامَ العزّة والكرامة، لا سلام الذُّلّ والهَوان.

أيُّها الأحبَّة، العَدْل أو القِسْط مفهومٌ إنسانيّ ودينيّ، فما من مجتمعٍ من المجتمعات البشريّة إلاّ وهو يحبّ العَدْلَ ويطلبه، وما من دينٍ إلاّ وقد أمر به وابتغاه، فهو الهَدَفُ والغاية من إرسال الأنبياء والرسل، وإنزال الكتب السماوية المقدَّسة وما فيها من تشريعاتٍ ومبادئ وضوابط. وإلى هذا المعنى أشارت الآية الكريمة: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: 25).

ولولا العدالةُ تسود بين الناس لتحوَّلت الحياة إلى ما يشبه حياةَ الغاب، لا يسلم فيها ضعيفٌ، ولا يأمَن فيها فقيرٌ أو مسكينٌ…

والمرادُ بالعدالة في المجتمع أن يكون هناك حكومةٌ تأخذ للمظلوم حقَّه من الظالم؛ إذ لا نتصوَّر أن يكون يومٌ تصير فيه طبائع الناس مجبولةً على الخير والمحبَّة والإنصاف والعَدْل، وإنَّما سيبقى هناك مَنْ يحاول الاعتداء، بل وسيعتدي بالفِعْل، وسيظلم مَنْ حوله، غيرَ أنّ قيمة النظام الإسلاميّ الموعود، بظهور صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه، أنّه سيُعيد لكلِّ ذي حقٍّ حقَّه، وبالتالي يتحقَّق العَدْل ولَوْ بعد حينٍ، وهذا معنى أنّه سيملأ الأرض قِسْطاً وعَدْلاً كما مُلِئت ظُلْماً وجَوْراً. أمّا اليوم فإنَّه ليس للمظلوم المسكين إلاّ أن يشكُوَ أمرَه إلى الله، وهو خيرُ مَنْ نشكو إليه، وهو القاهرُ فوق عباده، والقادرُ على أن يستردَّ لنا حقوقَنا، عاجِلاً أو آجِلاً، وهو الذي توعَّد الظالمين بعذابٍ أليم، فقال: ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (إبراهيم: 22).

أيُّها الأحبَّة، إنّ العَدْل عند الله لا يعرف عَصَبيّةً دينيّة أو مذهبيّة، فالعَدْل حَسَنٌ مع كلِّ الناس، والظُّلْم قبيحٌ لكلِّ الناس. فيا أيُّها المسلمون، لا يغرّنَّكم الشيطانُ عن دينكم الذي ارتضاه الله لكم.

وللعَدْل كلُّ المجالات والميادين. فالعَدْل مطلوبٌ مع الأرحام والأقارب والجيران والأصدقاء، وكلِّ مَنْ تتعامل معهم. العَدْلُ مطلوبٌ مع أفراد الأسرة، أباً وأمّاً، وأخاً وأختاً، وزوجاً وزوجةً، وابناً وبنتاً، فلا يظلم أحدُهم الآخر. والعَدْلُ مطلوبٌ مع الطلاّب في مدارسهم وجامعاتهم، ومع العمّال في أعمالهم. فلا يستطيع الأستاذُ أن يحرم طالباً من حقِّه في سؤالٍ أو نقاشٍ أو درجةٍ استحقَّها؛ لمزاجٍ وهوى شخصيّ. كلُّ ذلك ظلمٌ قبيحٌ بحُكْم العَقْل والشَّرْع. وجزاؤه في الدنيا خِزْيٌ وعارٌ، وفي الآخرة عذابٌ ونارٌ.

المهدويّة فكرةٌ دينيّة بامتيازٍ

هكذا نفهم ولادته، بل هكذا أرادنا اللهُ عزَّ وجلَّ أن نفهمها. أمّا الذين يتحدَّثون عن فكرة المهدويّة كفكرةٍ شيعيّة استسلاميّة انهزامية، يُقنِع بها الشيعة أنفسهم بالظلم والعدوان اللذين يلحقان بهم، فهم لا يفقهون من الدِّين شيئاً، ولا يعرفون من الإسلام إلاّ اسمَه.

أيُّها الأحبَّة، «إنّ الله عزَّ وجلَّ فوَّض إلى المؤمن أمورَه كلَّها، ولم يفوِّضْ إليه أن يُذِلَّ نفسَه»([2])، وهو القائل: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (المنافقون: 8). فاللهُ لا يجيز لمسلمٍ، سواءٌ كان سنِّيّاً أو شيعيّاً، أن يصبر على ظُلْمٍ وقَهْر وعُدْوان.

إشكاليّة العمر الطويل

وقد يحاولون تأييد فكرتهم بأنّ فكرة المهدويّة باطلةٌ عقلاً؛ إذ كيف يعقَل أن يعيش شخصٌ ألفاً ومئتين من السنين؟

ومن المستغرب من هؤلاء كيف غاب عن فكرهم أنّ نبيَّ الله نوحاً(ع) قد لبث في قومه يدعوهم إلى الله ألف سنةٍ إلاّ خمسين عاماً، ولا ندري بالتحديد كَمْ عاش قبل ذلك، وكَمْ عاش بعد الطوفان، فالله وحدَه يعلمُ ذلك.

ثمّ إنّ العلم الحديث، الذي يُقِرّ هؤلاء بنتائجه ومقرَّراته أثبت أنّه إذا ما توفَّرت لخلايا الجسم الإنساني ظروفٌ مناخيّة وغذائيّة خاصّة ومناسبة فإنّه قابِلٌ أن يُعمِّر إلى ما شاء الله.

ومن هنا يتَّضح لنا بطلان ادّعاءاتهم في أنّه لم يوجَد، ولم يولَد، ولا يسعنا إلاّ أن نقول: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ (الإسراء: 81).

بين الخوف وأداء الواجب

لقد عاش(عج) منذ طفولته همَّ المسؤوليّة عن الإسلام والمسلمين، وقلق أداء الواجب الرساليّ، ولم يمارِس في ذلك تقيّةً، وهو الذي كانت أعينُ السلطةِ كلِّها تنتظر ظهوره؛ لتنقضّ عليه، كلّ ذلك ليعلِّمنا أن نمارس واجبنا دون خوفٍ من ظالمٍ أو مُستَكبِر. فقد جاء ليصلّي على أبيه، بعد أن نحّى عمَّه جعفر بن عليّ الفاسق الكذّاب، الذي كان آنذاك من أقرب المقرَّبين إلى الخليفة، ومع ذلك قال له: «تأخَّرْ يا عمّ، فأنا أحقُّ بالصلاة على أبي»([3]).

مَنْ هو المرجِعُ في الغَيْبتَيْن؟

وكانت مشيئة الله في غيبته الصُّغرى، التي دامت ما يقرب من 70 سنة، كان له فيها أربعة سفراء، ينقلون إلى الناس تعاليمه، وأجوبته للذين يسألونه، وينقلون إليه الأموال، من خمسٍ أو زكاة. وفي تلك الفترة أرجع(ع) الناس في ما يعترضهم من قضايا ومشاكل وتكاليف إلى رواة أحاديث أهل البيت(عم)، وهم العلماء الفقهاء الذين يمتلكون القدرة على فهم الأحاديث الشريفة، فقال: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجَّتي عليكم، وأنا حجَّةُ الله عليهم»([4]).

وقد رُوي عن رسول الله(ص) أنّه قال: «العلماء وَرَثة الأنبياء»([5])، و«الفقهاء أمناء الرُّسُل»([6])، ولكنْ هل كلُّ العلماء ممَّنْ يُرجَع إليه؟!

لقد حدَّد مولانا الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ(ع) صفات العالِم الذي يجوز للعوامّ أن يقلِّدوه أمور دينهم ودنياهم، فقال ـ في ما رُوي عنه ـ: «فأمّا مَنْ كان من الفقهاء، صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوامّ أن يقلِّدوه»([7]).

وهكذا نفهم ـ أيُّها الأحبَّة ـ أنّه كما وجب على المؤمنين في عصر الغَيْبة الصغرى أن يرجعوا إلى أحد السفراء الأربعة فإنّه يجب على المؤمنين ـ ونرجو الله أن نكون منهم ـ أن يرجعوا اليوم، وهو عصر الغَيْبة الكبرى، إلى العلماء الأتقياء، الذين لا يَقِرُّون ولا يعترفون بظالِمٍ ولا مستَكْبِر، العلماء الحَرَكيِّين الذين يعملون بقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (الأنفال: 60).

انتظار الفَرَج، بين التطبيق الصحيح والخاطئ

وهذا، أيُّها الأحبَّة، هو مصداق الانتظار الصحيح، انتظار الفَرَج، الذي اعتَبَره النبيُّ الأكرم محمدٌ(ص) عبادةً([8])، بل أفضلَ العبادة([9])، بل أفضلَ أعمال أمَّته([10]). كما عدَّه أئمّتُنا(عم) أفضلَ أعمال شيعتهم([11]).

أمّا الذين يحدِّثونك عن الانتظار في المساجد، صائمين عاكفين، وراكعين ساجدين، فإنّهم لم يفهموا الإسلام، ولا التشيُّع، إلاّ بسذاجةٍ ليس فوقها إلاّ سذاجة أولئك الذين يدعون إلى الإفساد والظلم؛ لكي تمتلئ الأرض سريعاً بالظلم والجَوْر؛ لكي يخرج(عج) فيملأها قسطاً وعَدْلاً، وغاب عن بالهم ـ ومنهم مَنْ يدَّعي العلم ـ أنّه(عج) آتٍ لقطع رؤوس الظالمين، واستئصال شأفتهم، وكسر شوكتهم، آتٍ لتخليص الناس من كلِّ مفسِدٍ في الأرض، آتٍ للقضاء على كلّ مَنْ يعمل لتشويه صورة أهل البيت(عم)، آتٍ لإبادة كلّ الطُّغاة والمجرمين المتآمرين على الإسلام والمسلمين، آتٍ لإزالة كلِّ أَثَرٍ أمويّ أو عبّاسيّ، وغيرهما من تلك الآثار التي عانى منها أهل البيت(عم) وأتباعهم ما عانَوْه. ولا نقصد بذلك مَنْ ينتمي إليهم بالنَّسَب، بل مَنْ يشابههم في السَّعْي لمحو آثار الإسلام من حياة المسلمين، وكَمْ هم كُثُرٌ في مجتمعاتنا؟!

يأتونك على أنّهم الدُّعاة إلى الله، وإلى تعاليم الله، فما تشعر ولا ترى إلاّ أبالسةً إنسيِّين، يشوِّهون لكَ فكرَك، ويغيِّرون لكَ معتَقَدَك؛ ليوردوك الجحيم.

أيُّها الأحبَّة، لا عُذْرَ لمعتَذِرٍ؛ فالحقُّ واضحٌ بيِّن لا يحتاج إلى دليلٍ.

أيُّها الأحبَّة، لِنَكونَ من أنصاره وأتباعه لا يكفينا أن نقرأ «دعاء النُّدْبة» أو «دعاء العَهْد» في أيّامٍ معلومات، بل لا بُدَّ أن نكون من الممهِّدين له، الملتزمين بنهجه، وهو نهج الإسلام، نهج القرآن، نهج أهل البيت(عم)، ندافع عن المظلومين والمحرومين والمستضعفين، تماماً كما أنَّه سيخرج ليدافع عنهم، وإنْ قَدُم زمان استضعافهم وظلمهم. فهل هيَّأنا أنفسنا لنكون من أنصاره وأعوانه، والمستشهَدين بين يدَيْه؟! ذلك هو الاستحقاقُ الكبير. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

**********

الهوامش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي في الإمامة والتبصرة: 119 ـ 120، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحِمْيري ومحمد بن يحيى العطّار جميعاً، عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم وأحمد بن أبي عبد الله البرقي ومحمد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعاً، عن أبي عليّ الحسن بن محبوب السرّاد، عن داوود بن الحصين، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه(عم)، مرفوعاً.

ورواه الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: 286، عن جعفر بن محمد بن مسرور(رض)، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي جميلة المفضَّل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، مرفوعاً: «المهديُّ من وُلْدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً، تكون به غيبة وحيرة تضلّ فيها الأمم، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً».

ورواه الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: 287، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطّار النيسابوري، عن عليّ بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن محمد بن إسماعيل بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقر، عن أبيه سيد العابدين عليّ بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن عليّ، عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عم)، مرفوعاً: «المهديُّ من وُلْدي، تكون له غيبةٌ وحَيْرة تضلّ فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء(عم)، فيملأها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً».

([2]) رواه الكليني في الكافي 5: 63، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله(ع): «إنّ الله عزَّ وجلَّ فوَّض إلى المؤمن أمورَه كلَّها، ولم يفوِّضْ إليه أن يُذِلَّ نفسَه. ألم تسمع لقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]. فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلاً، يعزّه الله بالإيمان والإسلام».

ورواه أيضاً في الكافي 5: 64، عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس، عن سماعة، عن أبي عبد الله(ع) قال: «إنّ الله عزَّ وجلَّ فوَّض إلى المؤمن أمورَه كلَّها، ولم يفوِّضْ إليه أن يُذِلَّ نفسَه. ألم يرَ قولَ الله عزَّ وجلَّ هاهنا: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]. والمؤمن ينبغي له أن يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلاً».

([3]) روى الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: 474 ـ 475، عن أبي الحسن عليّ بن محمد حباب (وفي بعض النسخ: قال أبو الحسن محمد بن علي بن حبّاب؛ وفي بعضها: خشّاب)، عن أبي الأديان أنّه قال ـ في حديث وفاة الحسن العسكري(ع)، والصلاة عليه ـ: …فإذا أنا بالواعية في داره، وإذا به على المغتَسَل، وإذا أنا بجعفر بن عليّ أخيه بباب الدار، والشيعة من حوله يعزّونه ويهنّونه، فقلتُ في نفسي: إنْ يكُنْ هذا الإمام فقد بطلت الإمامة؛ لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ، ويقامر في الجوسق، ويلعب بالطنبور، فتقدَّمْتُ فعزَّيت وهنَّيت، فلم يسألني عن شيء، ثم خرج عقيد، فقال: يا سيِّدي، قد كُفِّن أخوك، فقُمْ وصَلِّ عليه، فدخل جعفر بن عليّ والشيعة من حوله، يقدمهم السمان والحسن بن عليّ، قتيل المعتصم، المعروف بـ (سَلَمة)، فلمّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن عليّ صلوات الله عليه على نعشه مكفَّناً، فتقدَّم جعفر بن عليّ؛ ليصلّي على أخيه، فلمّا همَّ بالتكبير خرج صبيٌّ بوجهه سُمْرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجذب برداء جعفر بن عليّ، وقال: «تأخَّرْ يا عمّ، فأنا أحقُّ بالصلاة على أبي»، فتأخَّر جعفر، وقد أربدَّ وجهه واصفرّ.

([4]) رواه الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: 483 ـ 484، عن محمد بن محمد بن عصام الكليني(رض)، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن إسحاق بن يعقوب قال: سألتُ محمد بن عثمان العمري(رض) أن يوصل لي كتاباً قد سألتُ فيه عن مسائل أشكلَتْ عليَّ فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان(ع): «…وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجَّتي عليكم، وأنا حجَّةُ الله عليهم».

([5]) رواه الكليني في الكافي 1: 34، عن محمد بن الحسن وعليّ بن محمد، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القدّاح؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن القدّاح، [جميعاً]، عن أبي عبد الله(ع)، مرفوعاً: «مَنْ سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنّة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به، وإنّه يستغفر لطالب العلم مَنْ في السماء ومَنْ في الأرض، حتّى الحوت في البحر. وفضل العالِم على العابِد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر. وإنّ العلماء وَرَثة الأنبياء. إنّ الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكنْ ورَّثوا العلم، فمَنْ أخذ منه أخذ بحظٍّ وافر».

ورواه رواه محمد بن يزيد القزويني في سنن ابن ماجة 1: 81، عن نصر بن عليّ الجهضمي، عن عبد الله بن داوود، عن عاصم بن رجاء ابن حياة، عن داوود بن جميل، عن كثير بن قيس، قال: كنتُ جالساً عند أبي الدرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجلٌ، فقال: يا أبا الدرداء، أتيتك من المدينة، مدينة رسول الله(ص)، لحديثٍ بلغني أنَّك تحدِّث به عن النبيّ(ص)، قال: فما جاء بك تجارة؟ قال: لا، قال: ولا جاء بك غيره؟ قال: لا، قال: فإنّي سمعتُ رسول الله(ص) يقول: «مَنْ سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنّة. وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم. وإنّ طالب العلم يستغفر له مَنْ في السماء والأرض، حتّى الحيتان في الماء. وإنّ فضل العالِم على العابِد كفضل القمر على سائر الكواكب. إنّ العلماء ورثة الأنبياء. إنّ الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورَّثوا العلم، فمَنْ أخذه أخذ بحظٍّ وافر».

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1: 126: وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله(ص): «العلماء خلفاء الأنبياء» ـ قلتُ: له في السنن: «العلماء ورثة الأنبياء» ـ. رواه البزّار، ورجاله موثَّقون.

([6]) رواه الكليني في الكافي 1: 46، عن عليّ، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(ع)، مرفوعاً: «الفقهاء أمناء الرُّسُل ما لم يدخلوا في الدنيا»، قيل: يا رسول الله، وما دخولُهم في الدنيا؟ قال: «اتِّباعُ السُّلْطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم».

وروى ابن الجوزي في الموضوعات 1: 262 ـ 263، عن زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي، عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحجّاج بن عيسى، عن إبراهيم بن رستم، عن عمر أبي حفص العبدي، عن إسماعيل بن سميع، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله(ص): «العلماء أمناء الرسل على العباد ما لم يخالطوا السلطان ويدخلوا في الدنيا، فإذا دخلوا في الدنيا وخالطوا السلطان فقد خانوا الرسل واعتزلوهم». وقد رواه محمد بن معاوية النيسابوري، عن محمد بن يزيد، عن إسماعيل بن سميع. هذا حديثٌ لا يصحّ عن رسول الله(ص)؛ فأما عمر العبدي فقال أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه؛ وقال يحيى: ليس بشيء؛ وقال النسائي: متروك. وأما إبراهيم بن رستم فقال ابن عدي: ليس بمعروف. وأما محمد بن معاوية فقال أحمد: هو كذّابٌ.

([7]) رواه الطبرسي في الاحتجاج 2: 263 ـ 364، بإسناده عن أبي محمد العسكري(ع) ـ ولم نعرِفْ هذا الإسناد ـ.

([8]) فقد روى قطب الدين الراوندي في سلوة الحزين، المعروف بـ «الدعوات»: 41، معلَّقاً مرفوعاً: «انتظارُ الفَرَج بالصَّبْر عبادةٌ».

([9]) فقد روى الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: 287، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطّار النيسابوري، عن عليّ بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن محمد بن إسماعيل بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقر، عن أبيه سيّد العابدين عليّ بن الحسين، عن أبيه سيِّد الشهداء الحسين بن عليّ، عن أبيه سيِّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عم)، مرفوعاً: «أفضلُ العبادة انتظارُ الفَرَج».

([10]) فقد روى الصدوق في عيون أخبار الرضا(ع): 28 (الإسناد)، 39 (المتن)، عن أبي الحسن محمد بن عليّ بن الشاه الفقيه المروزي، عن أبي بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري، عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، عن أبيه، عن عليّ بن موسى الرضا(ع)؛ وعن أبي منصور بن إبراهيم بن بكر الخوري، عن أبي إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري، عن جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري، عن أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن الرضا عليّ بن موسى(عما)؛ وعن أبي عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العَدْل، عن عليّ بن محمد بن مِهْروَيْه القزويني، عن داوود بن سليمان الفرّاء، عن عليّ بن موسى الرضا(ع)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب(ع)، مرفوعاً: «أفضلُ أعمال أمَّتي انتظارُ فَرَج الله».

وروى الصدوق أيضاً في كمال الدين وتمام النعمة: 644، عن المظفَّر بن جعفر بن المظفَّر العلوي السمرقندي(رض)، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن جعفر بن معروف، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر الواسطي، عن أبي الحسن، عن آبائه(عم)، مرفوعاً: «أفضلُ أعمال أمَّتي انتظارُ الفَرَج من الله عزَّ وجلَّ».

([11]) فقد روى الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: 377، عن عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق(رض)، عن محمد بن هارون الصوفي، عن أبي تراب عبد الله موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله بن عليّ بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عم) [الحسني] قال: دخلتُ على سيدي محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين عليّ بن أبي طالب(عم) وأنا أريد أن أسأله عن القائم، أهو المهديّ أو غيره؟ فابتدأني، فقال لي: يا أبا القاسم، إنّ القائم منّا هو المهديّ الذي يجب أن يُنتَظَر في غَيْبته، ويُطاع في ظهوره، وهو الثالث من وُلْدي. والذي بعث محمداً(ص) بالنبوّة، وخصَّنا بالإمامة، إنَّه لو لم يبْقَ من الدنيا إلاّ يومٌ واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلئت جَوْراً وظلماً. وإنّ الله تبارك وتعالى ليصلح له أمرَه في ليلةٍ، كما أصلح أمر كليمه موسى(ع)؛ إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسولٌ نبيّ، ثمّ قال(ع): «أفضلُ أعمال شيعتنا انتظارُ الفَرَج».

وروايات كثيرةٌ نجدها في كمال الدين وتمام النعمة: 644 ـ 647، باب ما رُوي في ثواب المنتظِر للفَرَج.



أكتب تعليقك