15 يونيو 2012
التصنيف : كتيّبات: مفاهيم إسلامية
التعليقات : 1
4٬967 مشاهدة

المعجزة والنظريّات التعليليّة لها

(بتاريخ: 26 ـ 12 ـ 2005م)

(اختصاراً لما كتبه الشهيد الشيخ مرتضى مطهَّري في هذا الموضوع / نشر مركز الإمام الخمينيّ الثقافيّ)

الأسئلة التمهيديّة:

1ـ ما هي المعجزة؟

2ـ هل ورد لفظ «المعجزة» صراحةً في القرآن الكريم؟

3ـ هل هناك وجودٌ للمعجزة أصلاً؟

4ـ هل يمكن أن توجد المعجزة؟

5ـ هل يتوافق العلم والمعجزة أم بينهما تنافرٌ وتضادّ؟

6ـ ما هي النظريّات التعليليّة في تفسير المعجزة؟

7ـ ما هي أبرز الإشكالات المثارة حول المعجزة؟

***************

تمهيد

النبوّة في القرآن قرينة المعجزة، فليس من نبيّ دعا الناس إلى قبول دعوته والإيمان بها إلاّ وتواءمت دعوته مع آيةٍ أو بيِّنةٍ، بحَسَب تعبير القرآن، وسيأتي بيان الفرق بين الآية والبيِّنة من جهةٍ ومصطلح المعجزة من جهةٍ أخرى.

وحديثُنا حول المعجزة يتركَّز في أمورٍ عدّةٍ، وهي:

1ـ ما هي المعجزة؟

2ـ هل ورد لفظ «المعجزة» في القرآن صراحةً أم لا؟

3ـ ما هي النظرات التعليليّة التي ذكرت في تفسير المعجزة بشكلٍ عامٍّ؟

4ـ الإشكالات المثارة حول المعجزة.

ما هي المعجزة؟

يُعرِّف البعض المعجزة بصيغةٍ يجعلُها أمراً غير ممكنٍ[1]، ولكنَّ هذا تعريفٌ خاطِئٌ، فما هو التعريف الصحيح للمعجزة؟

لم يرِدْ ذكر المعجزة في القرآن، وإنّما هي مصطلح استخدمه المتكلّمون، وأرادوا به ما ذكره القرآن بكلمة «آية»، وهي العلامة التي تكون دليلاً على صدق دعوى النبيّ.

فالنبيّ يدّعي علاقةً واتّصالاً بالعالم الآخر ـ عالم الغيب ـ، والمعجزةُ هي الدليل على صدقه في دعواه تلك، وقد عبّروا عن الآية بالمعجزة لأنّ من لوازم كون الشيء آيةً أن يعجز بقيّة الناس عن الإتيان بمثله، وقد تحدّى الأنبياء أممهم أن يأتوا بمثل ما يأتون به فلم يستطيعوا ذلك، فتكون المعجزة أو الآية قد أبرزت عجزهم عن الإتيان بمثلها.

إشكالٌ وجوابٌ

قد يقول قائل: إنّ في كلّ مجالٍ من المجالات الأدبيّة، أو الصناعيّة، أو العلميّة، مَنْ يبلغ مرتبةً لا يبلغها غيرُه، ويأتي بما لا يأتي به غيره، وأمثلةُ ذلك كثيرةٌ، فهل هذا معجزةٌ عند المتكلِّمين؟

الجواب: لا؛ فإنّ من شروط كون الشيء معجزةً أن يكون عملاً غير بشرِيٍّ، فالمعجِز هو خارجٌ عن سنخ العمل البشريّ، وفوق حدود القدرة الإنسانيّة، وهذا ما نراه واضحاً في معجزات الأنبياء السابقين على نبيّ الإسلام محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وسنتعرَّض لمعجزته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بشكلٍ مستقِلٍّ فانتظِرْ، فمن طبيعة الماء أن ينصبّ، فإيقاف الماء كالجدار حتّى يمرّ موسى ومَنْ معه ليس عملاً بشريّاً من الدرجة الأولى، بل هو عمل خارجٌ عن قدرة وطاقة البشر، وهكذا سائر المعجزات.

من هنا نقول: المعجزة هي فعلٌ وأثرٌ يأتي به النبيّ للتحدّي، أي لإثبات مدّعاه؛ ليكون علامةً على وجود قدرةٍ ما وراء بشريّة في إيجاده، تفوق حدود الطاقة الإنسانيّة بشكلٍ عامٍّ.

سؤالٌ وجوابٌ

وهنا نتساءل: هل الإيمان بمعجزات الأنبياء من ضروريّات الدين الإسلامِيّ أم لا؟

الجواب: نعم، وهذا أمر لا يقبل الشكّ والتردّد، فما ذكرته الآيات القرآنية في موضوع معجزات الأنبياء هو ممّا لا يمكن تأويله بأيّ وجه من الوجوه.

نعم قد يحصل نقاشٌ في بعض التفاصيل التي لم يذكرها القرآن، وإنْ ذُكرت في الروايات، أو النقول التاريخيّة، إلاّ أنَّ هذا لا يضرّ بالإيمان بأصل المعجزة، وأنَّها أمرٌ غيرُ عادِيٍّ، وفوق مستوى البشر[2].

نظريّات حول المعجزة

هناك أربعُ نظريّاتٍ حول المعجزة، وهي:

النظريّة الأولى: نظريّة المنكرين للمعجزة أساساً، وهم ينكرون النبوّة بالضرورة فهي ـ أي المعجزة ـ عندهم إمّا كذب محضٌ؛ أو شيءٌ من قبيل الممارسات السحريّة، التي يتصوّرها الناس شيئاً وهي ليست بشيءٍ.

النظريّة الثانية: نظريّة التأويل.

وقد قَبِل أصحابُ هذه النظريّة[3] المعجزة، إلاّ أنّهم تأوّلوها، وفسّروا جميع ما ذكره القرآن من معجزاتٍ بشكلٍ طبيعِيٍّ وعاديٍّ.

إلاّ أنّ ذلك كلّه لم يعْدُ كونه تأويلاتٍ وتفسيراتٍ بعيدةً جدّاً، اعتَمَدَتْ على نَمَط خاصٍّ من الفكر لا يتسنّى لمَنْ يتبنّى نَمَطاً آخر أن يتقبّلها.

وقد استَنَد هؤلاء في مذهبهم إلى دليلَيْن من القرآن نفسه، وهما:

الدليل الأوّل: الآيات التي يردّ فيها الأنبياء صراحةً بالرفض على مَنْ يطالبهم بخارِقٍ للعادة، حيث يذكرون أنّهم بشرٌ مثل الآخرين.

الدليل الثاني: الآيات التي تطلق على نظام الخلقة والتكوين عنوان السنن الإلهيّة، وتذكر بصراحة أنّ السنن الإلهيّة لا تتغيّر، وهي آياتٌ كثيرةٌ[4]، والمعجزة بمعنى خرق العادة هي تبديل للسنّة الإلهِيّة، وهذا لا يكون أبداً بنصّ القرآن.

الإيراد على النظريّة الثانية

بَيْد أنّ هذه النظرِيّة مساوِقةٌ لإنكار ما ذكره القرآن الكريم حول المعجِزات.

ويرِدُ على الدليل الأوّل لأصحابها أنّ المفسِّرين فسَّروا هذه الآيات بحيث لا تكون متنافِيةً مع المعجزات، وذلك في ثلاث نقاط:

النقطة الأولى: المعجزة تكون للشاكّين في صدق النبوّة، فيُباح للنبيّ أن يظهر المعجزة، وليس النبيّ ملزَماً من قِبَل الله، وبمنطِق العقل أيضاً، أن يستجيب لمشتهيات كُلّ إنسانٍ، وما يقترحه.

النقطة الثانية: ما جاء في طَلَبات القوم لا يدخل في عِداد المعجزة؛ لأنّ بعضه مَحالٌ أساساً، كإحضار الله والملائكة؛ وبعضُه لا معنى له، كرقِيّ النبيّ في السماء؛ وبعضه يدخل في نطاق المصلحة والمقايضة، كطلبهم تفجير ينبوعٍ من الأرض، والدليل على منطقهم النفعِيّ قولهم: «لن نؤمن لك»، ولم يقولوا: mلن نؤمن بكn، وشتّان بين التعبيرَيْن.

النقطة الثالثة: المعجزة آيةُ الخالِق، والأنبياء لا يأتون بفعلٍ يُخالف السنّة الإلهِيّة ـ والمقصودُ السنّة الإلهِيّة المألوفة، وإلاّ فسيأتي أنّ المعجزة ليست مخالِفةً للقوانين الطبيعِيّة ـ إلاّ إذا كانت هناك ضرورةٌ تستوجِب ذلك، بحيث إذا لم يفعلوا ضَلَّ الناس.

وأورَدَ الأستاذ شريعتي على الدليل الثاني لأصحاب هذه النظريّة بأنّ السنن في القرآن تختصّ بالمسائل التي ترتبط بتكليف العباد، فسنّة الله في إنزال العقوبة بالمسيء وإثابة المحسِن لن تتغيَّر أبداً، ويؤكِّد هذا الأمر السياق القرآنِيّ للآيات التي تحدَّثت عن عدم تغيّر السنن الإلهِيّة، وبعبارةٍ موجَزةٍ: قانون الثواب والعقاب هو الذي لا يتغيّر بحَسَب منطق القرآن، وأمّا قانون الخلقة ونظام التكوين فلا دليل في القرآن على أنّه لا يتغيَّر.

النظريّة الثالثة: نظريّة الأشاعرة.

وتعود جذورها إلى علماء الأشاعرة، ويؤمن بها أيضاً بعض فضلائنا وأجلاّئنا[5].

ومفاد هذه النظريّة أنّ المعجزة آية من قبل الله تظهر على يد النبيّ صاحب المعجزة، فما يقوم به النبيّ ليس فعله، بل هو فعل الله، وهو لا يختلف عن كلّ ما في الوجود؛ إذ هو من فعل الله أيضاً، وعليه فكلّ ما في الوجود هو معجزةٌ وآيةٌ لله، بيد أنّ ما يأتي به النبيّ هو لإثبات صدقه، وما لا يأتي به النبيّ هو للإشارة إلى قدرة الخالِق وحكمته.

وبما أنَّ المعجزة من فعل الله فلا يصحّ لنا أن نتساءل: هل هذا الأمر محالٌ أم غيرُ محال؟ لأنّ كون الأمر محالاً أو غيرَ محالٍ مرتبطٌ بمخالفته للقوانين التي وضعها الله (عزّ وجلّ)، وهذا القانون اكتسب صبغته القانونِيّة المُلزِمة بمشيئته وإرادته (عزّ وجلّ)، ونحن محكومون لقانون الله، وعليه فالأمر مخالِفٌ لقانون العالم بالنسبة لنا نحن البشر، أمّا بالنسبة لله فلا شيء عنده يُخالِف القانون؛ إذ بيده تغيير القانون متى شاء، وكيف شاء.

ومن هنا ذهب أصحاب هذه النظريّة إلى أنّه لا ينبغي البحث في المعجزة، ولا يصحّ الحديث عن سرّ المعجزة؛ إذ ليس هناك سرٌّ في المعجزة أصلاً، بل هي إرادة الله.

فإنْ قيل: وماذا نفعل بالعلم، والعلوم تشير إلى وجود سنّةٍ في العالم تفيد أنّ كلّ حادثةٍ تقع عقب حادثةٍ أخرى بحَسَب نظامٍ معيَّنٍ؟

قيل في جوابِه: العلوم لا تشير إلى أكثر من توالي القضايا، وبعبارةٍ أخرى هي تشير إلى وجود القوانين بالكيفِيّة التي هي عليها، ولا تكشف عن ضرورة هذه القوانين، وذلك بخِلاف القوانين العقلِيّة الرياضِيّة[6]، أو الفلسفِيّة[7].

ومعجزاتُ الأنبياء هي على خِلاف القوانين الطبيعيّة، التي كشف الإنسان عن وجودها، والتي قد لا تكون ضروريّةً، وليست بخِلاف القوانين العقلِيّة الضرورِيّة.

وبعبارةٍ أخرى: القوانين الرياضيّة، أو المنطقيّة، أو الفلسفيّة، تختلف عن القوانين العلميّة والطبيعيّة في أنّ الأولى قوانين يكشف الذهن عن ضرورتها وحتميّتها، بينما لا يكشف ذهننا عن ضرورة وحتميّة القوانين العلميّة والطبيعيّة.

وعليه فإذا آمنّا بوجود الله القادر، المتعال، الفعّال لما يشاء، فحينها نقول: سيرافق مدّعي النبوّة والوحي فعلٌ هو على خِلاف السنّة المألوفة في العالم، وقد فعل الله هذا خِلافاً للسنّة المألوفة لكي يكون هذا الفعل علامةً، فهو سبحانه وتعالى يقوم فجأةً بتغيير تلك السنّة وذلك القانون، ويخرجه عن نطاقه المألوف، ليرينا علامةً على أنّ مدّعي النبوّة مبعوثٌ من عنده.

ولو قلنا بأنّ من المحال وقوع ما يخالف قانوناً معيَّناً فمعناه أنّ الله مجبَرٌ، وبالتالي نصير إلى القول بغلّ يد الله، وهو منطق اليهود، لا منطق الإسلام والمسلمين.

إذاً القوانين الطبيعيّة قوانين موضوعةٌ وتعاقدِيّةٌ بشكلٍ كاملٍ، ونحن مجبَرون على اتّباعها، وأمّا الله تعالى فهو الذي وضعها، وهو الذي ينقضها.

وعليه فلا معنى للسؤال: كيف تظهر المعجزة؟ بل هي مشيئة الله.

الإيراد على النظريّة الثالثة

ويرِدُ على هذه النظريّة: إنّ القول بأنّ القوانين الطبيعيّة هي قوانين تعاقديّة أمرٌ غيرُ صحيحٍ؛ وذلك أنّنا نسأل: لماذا أوجد الله هذا الوضع الطبيعِيّ؟

وسيُجيب أصحاب هذه النظريّة بأنّ المصلحة تستوجب ذلك، وإلاّ للزم الهرج والمرج، ولاختلّ كلّ شيءٍ، ومتى ما استوجبت المصلحة خِلاف ذلك في موضعٍ استثنائيٍّ فإنّ الوضع يتغيّر مباشرةً.

وهُنا نقول: إنّ القبول بهذا المنطق سيفقد هذه المصلحةَ ذاتَها مفهومَها، وكذلك ستفقد مسألة عدم لزوم الهرج والمرج مفهومها؛ وذلك لأنّ معنى وجود مصلحةٍ وراء فعلٍ ما هو أنّ هناك علاقةً ورابطةً ذاتيّةً بين الفعل والنتيجة المؤدّي إليها، وإلا فلا معنى للمصلحة في العالم، بل سيصير بالإمكان جعل كلّ نتيجةٍ مصلحةً ما دام الأمر تعاقدِيّاً، وهكذا لن يلزم الهرج والمرج ما دام الله يوجد أيَّ نتيجةٍ يبتغيها من أيِّ وسيلةٍ شاء.

إشكالٌ وجوابٌ

ويقول أصحابُ هذه النظريّة: إنّ الإذعان بأنّ لهذا العالم قانوناً قطعِيّاً يعني التسليم بمحدوديّة قدرة الله وإرادته.

ويُجاب عن ذلك نقضاً وحلاًّ.

أمّا النقض فهو: يسلّم أصحاب هذه النظريّة، وينبغي لهم التسليم، بأنّ من المحال على الله أن يذهب بالمطيع إلى جهنّم، وبالعاصي إلى الجنّة، فهل هذا تحديدٌ لقدرته ومشيئته؟!

وأمّا الحلّ فهو: إنّ قطعيّة القوانين لا تعني محدوديّة قدرة الله وإرادته أبداً، ولتقريب الفكرة نقول: الإنسان الذي أدرك الخطر والمفسدة الناجمَيْن عن الاحتراق بالنار لا يضع يده في النار أبداً، وكذلك الله تعالى المحيط بنتائج ومفاسد تغيُّر القوانين ـ بعد أن وضعها على أفضل حالٍ من النظم والتناسق ـ لا يغيّرها، بمحض إرادته وكمال قدرته.

هذا الكلامُ كُلُّه وفق مرتَكَزات أصحاب هذه النظرِيّة.

وأمّا مَنْ يؤمنون بقانون العلّيّة العامّ، وقانون ضرورة العِلّة والمعلول ـ كالعلاّمة الطباطبائيّ مثلاً، الذي ذكر بأنّ القرآن قد آمن بقانون العلّيّة العامّ، وعليه فلكلّ شيءٍ في الطبيعة قانونٌ لا يتخلَّف عنه؛ ودليلُه قولُه تعالى﴿﴾: ﴿قد جعل الله لكُلّ شيءٍ قَدْراً﴾ (الطلاق: 3)، إلاّ أنّ هناك فرقاً بين العِلّة التي نألفها عن طريق العادة، والعِلّة الواقعيّة؛ إذ قد لا تكون العلّة التي عدّها العلم البشريّ علّةً هي العلّة الواقعيّة، بل هي غطاءٌ فوق العلّة الواقعيّة، فقد ذكروا أنّه ليست هناك معجزةٌ خارجةٌ عن نطاق القانون الطبيعِيّ الواقعيّ، لا القانون الذي يعرفه البشر، فالقانون الذي يعرفه الإنسان قد يكون هو نفسُه قانون الطبيعة، وقد لا يكون.

نعم التوسُّل بالقانون الواقعيّ، أي كشفه، والهيمنة عليه، والاستفادة منه، يكون بنوعٍ من القدرة الغيبِيّة ما وراء الطبيعة.

وبعبارةٍ أخرى: ليست المعجزةُ نقضَ قانونٍ ما، بل المعجزةُ هي هيمنةُ قانونٍ على قانونٍ آخر، مع كون كِلاهما طبيعيّاً، إلاّ أنّ المهيمِن هو القانون الواقعِيّ، والمهيمَن عليه هو القانون المألوف.

ولهذا نظيرٌ في القوانين الاجتماعِيّة، والاعتبارِيّة، وحتّى الطبيعِيّة، فمثلاً الدواء في القوانين الطبّيّة العاديّة لا بدّ وأن يترك تأثيراً صحّيّاً على البدن، ولكنْ إذا ما اعترى الإنسان حالةُ يأسٍ روحِيٍّ فإنّها ستفضي إلى بطء حالة الجسد، وبالتالي ستمنع الدواء من التأثير، وبهذا يكون قانون تأثير الحالة الروحيّة مهيمِناً على قانون تأثير الدواء، مع أنّ كِلَيْهما طبيعيٌّ، إلاّ أنّ قانون تأثير الدواء هو المألوف والشائع والمعتاد.

النظرِيّة الرابعة: أصحابُ هذه النظريّة[8] بعكس أصحاب نظريّة التأويل؛ حيث يسعَوْن للبحث عن سرّ المعجزات، في حين لا يؤمِن أولئك بوقوع المعجزة أساساً، فلا يسعَوْن وراءَ الكشف عن سرّها.

وهم يختلفون مع أصحاب نظريّة الأشاعرة؛ فإنّ أولئك لا يؤمنون بوجود سرٍّ للمعجزة أساساً.

وملخَّصُ هذه النظريّة أنّ هناك سنناً واقعيّةً غيرَ قابلةٍ للتغيير، وأنّ للمعجزة سرّاً، فالمعجزة أمرٌ غيرُ عادِيٍّ، خارجٌ عن حدود الطاقة البشرِيّة، ولكنّ هذا لا يتنافى مع كون القوانين التي تحكم في العالم هي سلسلةٌ من القوانين القطعيّة والضروريّة.

وبعبارةٍ أخرى: إنّ السرّ الكامِن وراء المعجزة لا يتعارض مع جزمِيّة القوانين الطبيعِيّة.

والذي تريد أن تثبته هذه النظرِيّة أنّ المعجزة أمرٌ ما فوق بشريّ وبشريّ في آنٍ معاً؛ وذلك أنّ ما حصل عليه الأنبياء من قدرات ليس يوجد عند الآخرين، ولكنّ هذه القدرات هي من سنخ القدرة الموجودة عند كلّ الناس، إلاّ أنّها عند الناس بدرجةٍ ضعيفةٍ جدّاً، وعند الأنبياء بدرجةٍ عاليةٍ.

نظريّتان في آليّة المعجزة

وهنا تجدر الإشارة إلى وجود نظريّتَيْن في آلِيّة المعجزة:

1ـ فقد ذهب البعض إلى أنّ المعجزة هي فعل الله بِيَدِ النبيّ، بمعنى أنّ النبيّ ليس أكثر من وسيلةٍ، وآلةٍ ظاهرةٍ، لا دخل لها في تحقُّق المعجزة، فموسى (عليه السلام) دورُه إلقاء العصا فقط، وأمّا تحويلُها إلى ثعبانٍ فهو فعل الله وإرادتُه، وعيسى (عليه السلام) دورُه صنع الطير، وأمّا كونُه طيراً حقيقةً فهو فعلُ الله وإرادتُه.

2ـ وذهب آخرون إلى أنّ المعجزة هي فعل النبيّ بإذن الله، فالله منح النبيّ قدرةً خارقةً للعادة يستطيع أن ينجز بها ما يريد.

واستدلّ أصحاب النظرِيّة الثانية لنظريّتهم بالآيات القرآنيّة، من قبيل: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (الرعد: 38)، حيث نسب الإتيان بالمعجزة للنبيّ، فهو إذاً الفاعل والمريد، ولكنّه يستعين بالقدرة التي منحها الله له.

ومثلُها: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (آل عمران: 49).

هذا وقد ذَكَر أصحاب النظريّة الأولى أنّ هذه الآية الثانية تدلّ على نظريّتهم؛ وذلك باعتبار «بإذن الله» متعلِّقةً بـ «فيكون طيراً»، فخلقُ هيئة الطير والنفخُ فيها من صنع عيسى (عليه السلام)، وأمّا صيرورة الهيئة الطينِيّة طيراً فهو فعلُ الله؛ لأنّ عيسى (عليه السلام) قال: فيكون طيراً بإذن الله.

ويُجابُ عن ذلك بأمرَيْن:

1ـ إنّ كلمة «بإذن الله» تشير بنفسها إلى أنّ الفعل من النبيّ، وإلاّ فمن الخطأ أن تذكر بعد فعلٍ هو من فعل الله.

2ـ إنّ كلمة «بإذن الله» تشمل جميع الموارِد، من الخَلْق، والنفخ، والكون طيراً.

ويؤيِّد النظرِيّة الثانية ـ وهي أنّ المعجزة من فعل النبيّ ـ ما جاء بعد هذه الآية مباشرةً وهو قولُه: ﴿وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (آل عمران: 49).

إذاً الصحيحُ هو أنّ في المعجزة مدخلاً لقدرة الإنسان وإرادته.

فإذا استندنا إلى المبنى الذي لا يرى للإنسان أساساً أيّ دخلٍ في المعجزة فلن تحتاج المعجزة لأيّ تفسيرٍ وتعليلٍ، بل لن نستطيع الإتيان بتفسيرٍ لها، ولا مناص من القول بأنّه لا وجود لنُظُم في هذا العالم على شكل واقعيّةٍ حقيقيّةٍ.

وهنا يتعيَّن علينا أن نرى ما إذا كانت نُظُمُ العالم، ومعادلاتُه، وحساباتُه، قابلةً للإنكار أو لا؟

فإنْ أذعنّا بأنّها قابلةٌ للإنكار فليس هناك فرقٌ بين المعجزة وغير المعجزة.

وأمّا إذا آمنّا بوجود نظامٍ للعالم فلا مفرّ من الإيمان بقدرة الأنبياء وإرادتهم في مضمار المعجزة.

نظريّة العلاّمة الطباطبائيّ

ويؤمن العلاّمة الطباطبائيّ (رحمه الله) بأنّ في مقدور الإنسان، بعد أن يحصل على العلم والإيمان، أن يفعل ما يريد انطلاقاً من ذلك العلم والإيمان.

وقد جاء في الخَبَر: «ذكر عند النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ عيسى ابن مريم كان يمشي على الماء، فقال: لو زاد يقينه لمشى في الهواء»[9].

وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما ضعف بدنٌ عنّا قويت عليه النيّة»[10].

وفي حديث عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: «إنّما الأعمال بالنيّات»[11].

وقد استفاد العلاّمة الطباطبائيّ منه أنّ عمل الإنسان يرتبط واقعاً بالنيّة من كلّ جهةٍ، فأيُّ فعلٍ ينوي الإنسان فعله حقيقةً فهو قادرٌ على فعله[12].

وما يريد تأكيده العلاّمة الطباطبائيّ هو وجود قوّة باطنيّة في الإنسان تخوّله، إذا ما التفت إليها، واستثارها، واستثمرها، أن يفعل بعض الأمور الخارقة للعادة والمألوف.

وهذا أمرٌ تؤكّده الكثير من النظريّات التي أكّدها العلم، ومارسها العلماء، من قبيل: العلاج النفسيّ، والتنويم الاصطناعيّ (المغناطيسيّ)، وتحضير الأرواح، ويشهد لهذه النظريّات الكثير من القصص في هذا المجال.

وفي القرآن شاهدٌ على ذلك أيضاً، وهي قصّة عرش بلقيس، بحيث أمكن لشخصٍ عنده علمٌ من الكتاب المحفوظ، ومن اللوح المحفوظ، أن يُحضر هذا العرش من سبأ إلى فلسطين بطرفة عينٍ، وهذه القصةُ دليلٌ على أنّ القوّة الخارقة للعادة توجد في الإنسان بموجب علمٍ لديه.

وكلّ هذا دليلٌ على أنّ القول بأنّه لا دور للإنسان البتّة في المعجزة، وإنّما هي من فعل الله، غيرُ صحيحٍ؛ وأنّ الصحيحَ هو أنّ للأنبياء دورٌ في المعجزة، ولا عجب في ذلك بعد كلّ ما قدّمناه من الحديث عن وجود قوّةٍ باطنيّةٍ لدى الإنسان يمكنه من خلالها الإتيان بالخارق للعادة، بيد أنّ معجزة الأنبياء تختلف عمّا يأتي به غيرهم من حيث الشدّة والقوّة، فإنّها تتّسم بالحدّ الأعلى من الاستثنائيّة.

كما أنّ معجزة الأنبياء تنشأ عن إيمانٍ لديهم بقدرتهم المعتمِدة على قدرة الله، بينما أفعال الإنسان قد تنشأ عن إيمانٍ بقدرةٍ معتمدةٍ على قدرة الله؛ وقد تنشأ عن إيمانٍ بقدرةٍ مستقلّةٍ عن قدرة الله، الأمر الذي سيجعل من هذه الإلقاءات والإلهامات والأعمال أموراً شيطانِيّةً، ومن هنا أمكن خطؤها، في حين ليس هناك خطأ في ما يدركه ويفهمه النبيّ والوليّ.

خلاصةُ القول: إنّ المعجزة ترتكز على ثلاث قواعد:

1ـ القوى الروحيّة الموجودة في الإنسان.

2ـ الإذعان بأنّ العالم الموجود لا يُحدّ في نطاق هذا العالم المادّيّ والطبيعيّ فحسب، بل هناك أيضاً عالم القدرة وعالم المَلَكوت، وهو عالمٌ غير مادّيٍّ، وليس بمقدورنا أن ننفي جَزْماً وجود مثل هذا العالم.

ومن هنا نقول: يستطيع الإنسان أن يكسب بقواه الروحيّة علماً من العالم الآخر، كما يستطيع أن يكتسب من ذلك العالم قدرةً أيضاً، فالعلم المكتسب هو الوحي، والقدرة المكتسبة هي الإعجاز.

3ـ التقوى، والعبادة، والمعنويّات، وهذه أمورٌ لا ينبغي إنكارُها في عالم المعجزة والإعجاز، فالقرآن ينسب العلم والقدرة إلى التقوى، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾ (الأنفال: 29)، بمعنى أنّ الله يهب مثل هذا الإنسان رؤيةً وبصيرةً يستطيع أن يميّز من خلالها الأمور، ولا يحصل على هذه الرؤية والبصيرة من دون التقوى، ولهذه الرؤية والبصيرة درجاتٌ تختلف باختلاف درجة التقوى عند الإنسان.

ومن الطبيعيّ أنّه مهما فعلنا لن نبلغ الدرجة التي بلغها الأنبياء (عليهم السلام)، ولكن بمقدور الإنسان أن يطوي مراحل في هذا الطريق، وذلك من خلال نمطٍ خاصٍّ من العَمَل، ومن خلال الرياضة، وتعويد النفس.

خلاصة الدرس

لم يرِدْ ذكر المعجزة في القرآن، وإنّما هي مصطلحٌ استخدمه المتكلّمون، وأرادوا به ما ذكره القرآن بكلمة «آية»، وهي العلامة التي تكون دليلاً على صدق دعوى النبيّ.

وقد عبّروا عن الآية بالمعجزة لأنّ من لوازم كون الشيء آيةً أن يعجز بقيّة الناس عن الإتيان بمثله.

ويُعرِّف البعض المعجزة بصيغةٍ يجعلُها أمراً غير ممكنٍ، والتعريفُ الصحيح لها هو أنّها فعلٌ وأثرٌ يأتي به النبيّ للتحدّي، أي لإثبات مدّعاه؛ ليكون علامةً على وجود قدرةٍ ما وراء بشريّة في إيجاده، تفوق حدود الطاقة الإنسانيّة بشكلٍ عامٍّ.

وعليه فلا يمكن اعتبار ما يأتي به بعضُ البارعين في مجالات الحياة المختلِفة نوعاً من المعجزة؛ لأنّ ما يأتون به مهما عظُم شأنُه لا يعدو كونه عملاً بشريّاً.

والإيمان بأصل المعجزة، وأنَّها أمرٌ غيرُ عادِيٍّ، وفوق مستوى البشر من ضروريّات الدين الإسلامِيّ.

وهناك أربعُ نظريّاتٍ حول المعجزة:

النظريّة الأولى: نظريّة المنكرين للمعجزة أساساً، والمعجزة عندهم إمّا كذب محضٌ؛ أو شيءٌ من قبيل الممارسات السحريّة، التي يتصوّرها الناس شيئاً وهي ليست بشيءٍ.

النظريّة الثانية: نظريّة التأويل؛ وقد قبل أصحابها المعجزة ولكنْ فسَّروها بشكلٍ طبيعِيٍّ وعاديٍّ.

واستدلوّا لمذهبهم بآيات السنن الإلهيّة التي لا تتغيّر وآيات رفض الأنبياء الإتيان بالخارق للعادة إذ هم بشرٌ مثل بقيّة الناس.

ورُدَّ الأوّل بأنّ السنن في القرآن تختصّ بالمسائل التي ترتبط بتكليف العباد، فقانون الثواب والعقاب هو الذي لا يتغيّر بحَسَب منطق القرآن، وأمّا قانون الخلقة ونظام التكوين فلا دليل في القرآن على أنّه لا يتغيَّر.

ورُدَّ الثاني بأنّ هذا الرفض لأسبابٍ موضوعيّةٍ لا لأنّ معجزة الأنبياء لا تخالِف القوانين المألوفة والمعتادة.

النظريّة الثالثة: نظريّة الأشاعرة؛ ومفاد هذه النظريّة أنّ المعجزة آية من قبل الله تظهر على يد النبيّ صاحب المعجزة، فما يقوم به النبيّ ليس فعله، بل هو فعل الله.

وبما أنَّ المعجزة من فعل الله فلا يصحّ لنا أن نتساءل: هل هذا الأمر محالٌ أم غيرُ محال؟ لأنّ الأمر قد يكون مخالفاً لقانون العالم بالنسبة لنا نحن البشر، أمّا بالنسبة لله فلا شيء عنده يُخالِف القانون؛ إذ بيده تغيير القانون متى شاء، وكيف شاء.

ومن هنا ذهب أصحاب هذه النظريّة إلى أنّه لا يصحّ الحديث عن سرّ المعجزة؛ إذ ليس هناك سرٌّ في المعجزة أصلاً، بل هي إرادة الله، وأنّ معجزاتِ الأنبياء هي على خِلاف القوانين الطبيعيّة، التي كشف الإنسان عن وجودها، والتي قد لا تكون ضروريّةً، وليست بخِلاف القوانين العقلِيّة الضرورِيّة.

ولو قلنا بأنّ من المحال وقوع ما يخالف قانوناً معيَّناً فمعناه أنّ الله مجبَرٌ، وبالتالي نصير إلى القول بغلّ يد الله، وهو منطق اليهود، لا منطق الإسلام والمسلمين.

ويرِدُ على هذه النظريّة بأنّ إرادته تعالى للقوانين الطبيعيّة إنّما هو لمصلحةٍ، وعليه فإنّ القول بأنّ نقضَه لتلك القوانين كان لأجل مصلحةٍ أخرى سيُفقِد المصلحة مفهومها، وستصير كُلُّ نتيجةٍ مصلحةً، وهذا أمرٌ غيرُ مقبولٍ.

هذا الكلامُ كُلُّه وفق مرتَكَزات أصحاب هذه النظرِيّة.

وأمّا مَنْ يؤمنون بقانون العلّيّة العامّ، وقانون ضرورة العِلّة والمعلول ـ كالعلاّمة الطباطبائيّ ـ فقد ذكروا أنّه ليست هناك معجزةٌ خارجةٌ عن نطاق القانون الطبيعِيّ الواقعيّ؛ إذ ليست المعجزةُ نقضَ قانونٍ ما، بل المعجزةُ هي هيمنةُ قانونٍ على قانونٍ آخر، مع كون كِلاهما طبيعيّاً، إلاّ أنّ المهيمِن هو القانون الواقعِيّ، والمهيمَن عليه هو القانون المألوف.

النظرِيّة الرابعة: وملخَّصُ هذه النظريّة أنّ المعجزة أمرٌ غيرُ عادِيٍّ، خارجٌ عن حدود الطاقة البشرِيّة، دون تنافٍ مع كون القوانين التي تحكم في العالم هي سلسلةٌ من القوانين القطعيّة والضروريّة، بل تكون المعجزة من قبيل حكومة قانونٍ على قانونٍ.

والذي تريد أن تثبته هذه النظرِيّة أنّ المعجزة أمرٌ ما فوق بشريٍّ وبشريٌّّ في آنٍ معاً، فقدراتُ الأنبياء هي من سنخ القدرة الموجودة عند كلّ الناس، إلاّ أنّها عند الناس بدرجةٍ ضعيفةٍ جدّاً، وعند الأنبياء بدرجةٍ عاليةٍ.

ويؤمن العلاّمة الطباطبائيّ (رحمه الله) بأنّ في مقدور الإنسان، بعد أن يحصل على العلم والإيمان، أن يفعل ما يريد انطلاقاً من ذلك العلم والإيمان.

وخلاصةُ قوله: إنّ المعجزة ترتكز على ثلاث قواعد:

1ـ القوى الروحيّة الموجودة في الإنسان.

2ـ الإذعان بأنّ العالم الموجود لا يُحدّ في نطاق هذا العالم المادّيّ والطبيعيّ فحسب، بل هناك أيضاً عالم القدرة وعالم المَلَكوت، وهو عالمٌ غير مادّيٍّ.

3ـ التقوى، والعبادة، والمعنويّات، وهذه أمورٌ لا ينبغي إنكارُها في عالم المعجزة والإعجاز.

الهوامش


[1] هذا هو السائد عادةً في كتب المادّيّين، فقد استخدم بعضُهم المعجزة بمعنى يُرادِف الصدفة، التي تعني وقوع حادثةٍ في العالم من دون محدِثٍ، ومن دون عِلّةٍ، بالأساس.

وهذا أمرٌ محالٌ، ويرفضه الإلهيون؛ لأنَّ إذعانهم له يمثّل نقضاً لأحد الطُرُق التي استخدموها منذ القديم في الاستدلال على وجود الله، كما أنَّه لا يصلح لأن يكون آيةً لإثبات نبوّة أيِّ نبي؛ إذ ما علاقة حادثة وُجدت بذاتها بأنَّ هذا نبيّ أو لا؟

[2] مثلاً: ناقةُ صالح (عليه السلام) آيةٌ من الآيات، وهذا ممّا لا يقبل الشكّ والترديد، وإنْ كانت بعضُ التفاصيل ـ كخروجها من الجبل والصخور ـ غيرَ مذكورةٍ في القرآن الكريم.

[3] من أركان هذه النظريّة السيّد أحمد خان الهندِيّ.

[4] منها: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: 62).

ومنها: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾ (فاطر: 43).

[5] أمثال الأستاذ محمّد تقي شريعتي، حيث تناول هذه النظريّة باختصارٍ في مقدِّمة كتابه «التفسير الجديد»، وبالتفصيل في المجلّد الثاني من كتابه «محمّد خاتم الأنبياء» في مقالةٍ تحت عنوان «الوحي والنبوّة»، وأصرّ في كتابه الثاني إصراراً كبيراً على هذه الفكرة، مؤكِّداً أنَّ الأساس في المعجزة هو هذه النظرِيّة، لا غيرُها.

[6] ومثاله: الشيئان المساويان لشيءٍ ثالثٍ متساويان، هذا قانونٌ رياضِيٌّ يفترضه الذهن، ويدرك ضرورته.

[7] ومثاله: الكلّ أكبر من الجزء، هذا قانونٌ عقلِيٌّ فلسفِيٌّ يُدرك العقل ضرورته.

[8] وهم حكماء الإسلام، مثل: ابن سينا.

[9] محمّد باقر المجلسيّ (1111هـ)، بحار الأنوار 67: 179، مؤسّسة الوفاء ـ بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ ـ 1983م.

[10] الصدوق (381هـ)، الأمالي: 408، المجلس 53، الحديث 6، مؤسّسة البعثة، الطبعة الأولى، 1417هـ.

[11] الحرّ العامليّ (1104هـ): تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 1: 48 ـ 49، باب 5 من أبواب مقدّمة العبادات، ح 7، 10، مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، بيروت، الطبعة الأولى، 1413هـ ـ 1993م.

[12]  الطباطبائيّ (1402هـ)، الميزان في تفسير القرآن 6: 178 ـ 194، (في ذيل الآية 105 من سورة المائدة، تحت عنوان «بحث علميّ»)، مؤسَّسة النشر الإسلامِيّ.


عدد التعليقات : 1 | أكتب تعليقك

  • ابو ايمن الكرخي
    الجمعة 1 سبتمبر 2023 | الساعة 15:08
    1

    بسم الله الرحمن الرحيم
    بحث غير ناجح والباحث يريد قسر فكرته بدخالة فعل المعصوم (عليه السلام) في إحداث المعجزة. وادلته غير ناهضة. انظروا مثلا الى استشهاده برواية (ذكر عند النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ عيسى ابن مريم كان يمشي على الماء، فقال: لو زاد يقينه لمشى في الهواء) وهي مروية في بحار الانوار وحده نقلا عن مصباح الشريعة وهو من كتب الصوفية ومنسوب زوراً الى الامام الصادق (عليه السلام).


أكتب تعليقك