29 ديسمبر 2017
التصنيف : مقالات قرآنية، منبر الجمعة
لا تعليقات
6٬391 مشاهدة

تفسير القرآن الكريم: تعريفه، وشروطه، وشروط المفسِّر

(الجمعة 29 / 12 / 2017م)

 

تعريف التفسير، لغةً واصطلاحاً

«التفسير» من «فَسَرَ»، والفَسْر هو البيان والإيضاح([1])، والتفسيرُ هو البيان([2])، وهو كشف المراد عن اللفظ المشكِل([3])، وتفسيرُ القرآن الكريم هو الكشف عن المعاني القرآنيّة، وبيانها، وإيضاحها([4]).

وقد تعدَّدَت كلمات العلماء في معنى التفسير([5])، وأدقُّها ما ذكره الزركشيّ، حيث قال: «التفسير علمٌ يُفهَم به كتاب الله المنزَّل على نبيِّه محمدٍ (ص) وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحِكَمِه، واستمداد ذلك من علم اللغة، والنحو، والتصريف، وعلم البيان، وأصول الفقه، والقراءات، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ»([6]).

نشأة علم التفسير

لقد أُنزِل القرآن الكريم عربيّاً، على رسول عربيّ، بلسان عربيّ مُبين، فكان النبيّ(ص) يَفهَم القرآن جملة وتفصيلاً، وقد تكفَّل الله تبارك وتعالى بتبيان القرآن وتحفيظه لرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأمره أن يبيِّنه لأصحابه، كما جاء في القرآن الكريم: ﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (النحل: 44)، وكان الصحابة يفهمون القرآن؛ لأنّه نزل بلغتهم، وإنْ كان بعضهم لا يفهم بعض دقائقه.

وعليه فعلم التفسير هو أوّل علوم القرآن نشأةً؛ إذ ظهر منذ عصر النبيّ(ص)؛ ففهم الصحابه القرآن الكريم بسليقتهم العربية الأصيلة، إلاّ ما أشكل عليهم أحياناً، فيسألون عنه رسول الله(ص) فيجيبهم.

وقد لقَّن الصحابةُ تفسير القرآن الكريم لمَنْ بعدهم، كما لقَّن التابعون مَنْ دونهم تفسيره، مشافهةً وكتابةً.

ويمكن أن يُقال: إنّ هذا هو منشأ التفسير التجزيئي، فكيف كانت نشاة التفسير الموضوعي؟

نشأة التفسير الموضوعي

لم يظهر هذا المصطلح عَلَمَاً على علمٍ معيّن إلاّ في القرن الرابع عشر الهجري، إلاّ أن لَبِنَات هذا الأسلوب من التفسير كانت موجودةً منذ عهد النبيّ الأكرم(ص)، حيث يُروى عن عبد الله بن مسعود أنّه قال: لمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ الله(ص)، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟! فَقَالَ رَسُولُ الله(ص): «إِنَّهُ لَيْسَ بِذاكَ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾»([7]).

«فهذه إشارةٌ نبويّة واضحة بأنّ اللفظ الواحد قد تكون له معانٍ متعدِّدة في القرآن الكريم، وأن جمع الآيات يفيدنا في تحديد المعنى المراد في كلّ مقام»([8]).

تعريف التأويل، لغةً واصطلاحاً

بعد أن عرفنا معنى التفسير لا بُدَّ من التعرُّف على معنى التأويل؛ إذ يحصل خلطٌ بينهما عند الكثيرين.

التأويل مأخوذٌ من الأَوْل، وهو الرجوع إلى الأصل، يُقال: آلَ إليه أَوْلاً، ومآلاً أي مرجِعاً، ويُقال: أوَّلَ الكلام تأويلاً، وتأوَّله، أي دبَّره وقدَّره وفسَّره.

إذن التأويل من الأَوْل، وهو الرجوع وكشف العاقبة؛ أو من المآل، وهو العاقبة والمصير؛ أو من الإيالة، وهي السياسة في استعمال الكلام.

وعليه فتأويل الشيء هو إرجاعه إلى أصله وحقيقته. فكأن تأويل المتشابِه توجيهُ ظاهره إلى حيث مستقرّ واقعه الأصيل.

والتشابُه قد يكون في كلامٍ إذا أوجب ظاهرُ تعبيره شبهةً في نفس السامع، أو كان مثاراً للشبهة؛ وقد يكون التشابه في عملٍ كان ظاهره مريباً، كما في أعمال قام بها صاحب النبيّ موسى(ع)، بحيث لم يستطع النبيّ موسى(ع) الصبر عليها دون استجوابه، والسؤال عن تصرُّفاته المريبة.

وللتأويل في الاصطلاح معنيان:

1ـ تأويل الكلام بمعنى ما أراده المتكلِّم في الواقع، والكلام إنّما يرجع ويعود إلى حقيقته التي هي عين المقصود، أي هو تطبيق الكلام على حقيقته. وهو بهذا المعنى يفترق عن التفسير.

2ـ تأويل الكلام أي تفسيره وبيان معناه. ومن هذا يتَّضح أن التفسير والتأويل لفظان مترادفان في أشهر المعاني اللغويّة، كما في دعوة النبيّ(ص) لابن عباس بقوله: «اللهُمَّ، فقِّهْه في الدين، وعلِّمْه التأويل».

الفرق بين التأويل والتفسير

قيل: إنّ التفسير والتأويل بمعنىً واحد، وقيل: إنّهما يختلفان، وهو الأرجح. ومن الفروق ما يلي:

أوّلاً: إنّ التأويل هو نفس المراد بالكلام، فتأويل الخبر هو نفس الشيء المُخْبَر به. وعلى هذا يكون الفرق كبيراً بين التفسير والتأويل؛ لأنّ التفسير شرح وإيضاح للكلام؛ أمّا التأويل فهو نفس الأمور الموجودة في الخارج. وهذا هو الغالب في لغة القرآن الكريم. قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ (يونس: 38 ـ 39). فالمراد بالتأويل هنا وقوع المُخْبَر به.

ثانياً: قيل: إنّ التفسير هو ما وقع مبيَّناً في كتاب الله تعالى، أو معيَّناً في صحيح السُنَّة؛ لأنّ معناه قد ظهر واتَّضح؛ والتأويل هو ما استنبطه العلماء. ولذا قال بعضهم: التفسير هو ما يتعلَّق بالرواية؛ والتأويل هو ما يتعلَّق بالدراية. وهذا ما قاله السيوطي في كتاب «الإتقان».

ثالثاً: قيل: إنّ التفسير هو ما كثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها؛ والتأويل هو ما كثر استعماله في المعاني والجمل.

رابعاً: إنّ التفسير هو البحث عن سبب نزول الآية، والخوض في بيان موضع الكلمة، من حيث اللغة؛ والتأويل هو التفحُّص عن أسرار الآيات والكلمات، وتعيين أحد احتمالات الآية. وهذا إنّما يكون في الآيات المحتملة لوجوه مختلفة، نحو قوله تعالى: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ (الفجر: 3)، وكقوله: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ (البروج: 3)، فإنّ هذه الآيات ونظائرها تحتمل معاني مختلفة، فإذا تعيَّن عند المؤوِّل أحدها، وترجَّح، فيقال حينئذٍ: إنّه أوَّل الآية.

إذن التفسير يحتمل معنىً واحداً، والتأويل له أوجهٌ ومعانٍ.

خامساً: التفسير أعمّ من التأويل.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ التأويل في استعمال السَّلَف كان مترادفاً مع التفسير، وقد دأب عليه أبو جعفر الطبري في «جامع البيان». لكنّه في مصطلح المتأخِّرين جاء متغايراً مع التفسير:

فالتفسير هو رفع الإبهام عن اللفظ المشكل، فمورده إبهام المعنى؛ بسبب تعقيدٍ حاصل في اللفظ.

وأمّا التأويل فهو دفع الشُّبْهة عن المتشابِه من الأقوال والأفعال، فمورده حصول شبهةٍ ـ في قولٍ أو عمل ـ أوجبت خفاء الحقيقة (الهدف الأقصى أو المعنى المراد)، فالتأويل إزاحةُ هذا الخفاء.

فالتأويل هو بيان المراد الحقيقي للآية التي لا تُفْهَم من خلال الألفاظ، والتي تكون بعيدةً عن القرائن اللفظية الظاهرة؛ والتفسير يكون برفع الخفاء بالاعتماد على الظاهر من اللفظ والقرائن، بينما التأويل يكون بيان المعنى الحقيقي والواقعي من دون ذلك الاعتماد.

مثلاً: ما رآه النبيّ يوسف(ع) في الرؤيا يعود إلى سجود أبيه وأمّه وإخوته. وهذا التأويل والرجوع من قبيل: رجوع المثال إلى الممثَّل والواقع الخارجي.

وبعبارةٍ أخرى: التفسير هو علاقة اللفظ بالمعنى؛ والتأويل هو علاقة المعنى بالواقع الخارجي.

شروط المفسِّر

يُشتَرَط في مَنْ يريد التصدّي لتفسير القرآن الكريم أن يكون حائزاً على جملةٍ من الشروط والمؤهِّلات والمهارات، التي يمكن تقسيمها إلى قسمين:

1ـ في الجانب العلمي والمعرفي

أـ أن يكون عالماً باللغة العربيّة وفروعها؛ لأنّ القرآن نزل بلغة العرب، ولا بُدَّ للمفسِّر من معرفة مفردات الألفاظ عند الشرح حتّى لا يقول في كلام الله تعالى ما لا يجوز ولا يليق. وقد قيل في هذا: «لا يحلّ لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلَّم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب».

ب ـ أن يكون عالماً بالعلوم المتَّصلة بالقرآن وعلم التوحيد؛ حتّى لا يؤوِّل آيات الكتاب العزيز التي في حقّ الله تعالى وصفاته تأويلاً يتجاوز به الحقَّ والصواب. كما يجب عليه أن يكون عالماً بعلم الأصول، وأصول التفسير خاصّة، والناسخ والمنسوخ، ونحو ذلك من العلوم التي تتعلَّق بالقرآن الكريم.

إذن يحتاج المفسِّر إلى أنواعٍ من العلوم والمعارف الآليّة الّتي تعينه على القيام بمهمّة التفسير. وقد ذكرها العلماء في كتبهم تحت أبواب وعناوين متعدِّدة، وأوصلها بعضُهم إلى خمسة عشر علماً، وأوجزها الراغب الأصفهاني بعشرة. وخلاصةُ هذه العلوم والمعارف باختصارٍ:

1ـ معرفة اللغة العربيّة وعلومها، من قبيل:

أـ علم النَّحو.

ب ـ علم الصَّرْف والاشتقاق.

ج ـ معاني المفردات.

د ـ علوم البلاغة، وهي: البيان؛ والمعاني؛ والبديع.

أمثلةٌ

1ـ قولُه تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (الأنعام: 74) ظاهرٌ في أنّ المخاطَب هو والد إبراهيم(ع). وأشكل بعض العلماء على هذا التفسير؛ استناداً إلى أنّ آباء الأنبياء(عم) موحِّدون، وقالوا: إنّ المراد بـ «أبيه» عمُّه، وليس والده. واستبعد المرجع فضل الله(ر) هذا التفسير؛ «إذ لم يعهد إطلاق الأب ـ المفرد ـ على العمّ، إلاّ بعنايةٍ مجازية»([9]). نعم، قد يُطلق لفظ (آباء)، ويشمل الأب والجدّ والعمّ؛ وذلك من باب التغليب في الذِّكْر، لا على نحو إطلاق اللفظ على معناه، كما في قوله تعالى: في قصّة يعقوب: ﴿أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة: 133)، وإسماعيل لم يكن من آبائهم، وإنَّما كان عمَّهم([10]).

2ـ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (الأحزاب: 33) ظاهرٌ في شموله ولو لرجلٍ واحد مع النساء؛ لمحلّ الضمير المذكَّر (كُمْ).

3ـ قولُه تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (عبس: 1 ـ 3) ظاهرٌ في أنّ الحديث عن النبيّ(ص)، حيث إنّ ضمير الهاء في ﴿جَاءَهُ يعود على العابس والمتولِّي، والأعمى إنّما جاء محمداً(ص)، ولم يجِئْ قاصداً غيره.

4ـ قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (المائدة: 6) ظاهرٌ في أنّ المقدار الذي يجب مسحه من الرأس هو بعضُه وليس كلّه؛ لمكان الباء، التي تفيد الجزئيّة.

2ـ معرفة بعض ما يختصّ بعلوم القرآن، من قبيل:

أـ القراءات: كما في قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (البقرة: 222). وقد وقع الخلاف في قراءة «حَتَّى يَطْهُرْنَ» أو «حَتَّى يَطَّهَرْنَ». فبناءً على القراءة الثانية المعنى واضحٌ تماماً، وأمّا على القراءة الأولى، وهي المعروفة، فالمعنى قد يلتبس على بعض الناس، فهل يجوز مقاربة الزوجة الحائض بعد طهرها، وقبل اغتسالها؟ قد لا يجوز ذلك؛ لأنّ قوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ… بمثابة الشرط لجواز الوَطْء، ويكون انقطاع الدم غايةً لتكاليف أخرى، من قبيل: الكفّارة المستحبّة.

ب ـ أسباب النزول: كما في قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾ (المائدة: 3)، حيث نزلتْ في حجّة الوداع بعد إعلان ولاية الإمام عليّ بن أبي طالب(ع)، فتكون الولاية لآل محمد(عم) من مُكْمِلات الدين ومتمِّمات النِّعْمة.

ج ـ تمييز المكّي عن المدني.

د ـ دلالة السياق القرآني.

كما في تفسير قوله تعالى: ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ (الصافّات: 130)، حيث يخطئ بعض المؤمنين، فيعتقدون أنّه يُقرأ بهذا الشكل: (سلامٌ على آل ياسين)، وهم أهل بيت النبيّ المصطفى محمد(ص)، بناءً على أنّ من أسمائه(ص) (ياسين). والصحيح أنّ الآية الكريمة هي: ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ (الصافّات: 130)، وهي تخصّ نبيَّ الله إلياس(ع)؛ إذ (إلياسين) لغةٌ في (إلياس)، كسينا وسينين([11])؛ وقد جاء في القرآن الكريم: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ﴾ (المؤمنون: 20)، وهو يعني شجرة الزيتون، وفي آيةٍ أخرى: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ﴾ (التين: 1 ـ 2).

والآيةُ الكريمة ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ في سياق الحديث عن أنبياء الله وجهودهم، وسلامِ الله عليهم: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ المُجِيبُونَ *...سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ *...وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ *…سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ *...وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ *...سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ *وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ المُرْسَلِينَ *…سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ *…وَإِنَّ لُوطاً لَمِنْ المُرْسَلِينَ *…وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ المُرْسَلِينَ﴾ (الصافّات: 75 ـ 148).

ولا علاقة لها من قريبٍ أو بعيد بأئمّة أهل البيت(عم)، حتّى لو وردَتْ رواياتٌ تؤكِّد علاقتها بهم؛ فهي روايات ضعيفةٌ، ومخالفةٌ للقرآن الكريم، أي مخالِفةٌ لما يُفهَم منه بلحاظ سياقه([12]).

ومن التفسير الذي يُخالِف السياق القرآنيّ، ونردُّه لذلك، ما ذكره المفيد، حيث قال: واتَّفقَتْ الإماميّة على أنّ آباء رسول الله(ص)، من لدُنْ آدم إلى عبد الله بن عبد المطّلب، مؤمنون بالله عزَّ وجلَّ، موحِّدون له. واحتجّوا في ذلك بالقرآن والأخبار، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ (الشعراء: 218 ـ 219)([13]). وقال أيضاً: قال الله تعالى: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ يريد به تنقُّلَه في أصلاب الموحِّدين([14]).

ولكنّ الصحيحَ؛ بلحاظ السياق القرآني، وهو قولُه تعالى: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ أي في الصلاة؛ وبلحاظ الروايات التي تشير إلى طهارة آبائه وأمّهاته(ص) من السِّفاح والزنى، الصحيح هو ما ذكره المازندراني، حيث قال: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ أي تردُّدك وحركاتك فيما بين المصلّين بالقيام والقعود والركوع والسجود([15]).

هـ ـ معرفة العامّ والخاصّ، والمطلق والمقيِّد.

و ـ معرفة الناسخ والمنسوخ، والمُحْكَم والمتشابِه.

مثالٌ على الآيات المتشابهات: قولُه تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾(طه: 5)، حيث يستظهر منها أنّ الله سبحانه وتعالى قد اتَّخذ لنفسه عَرْشاً كعروش بقيّة الملوك، ثمّ إنّه يجلس عليه، وبالتالي فهو محدودٌ في مكانٍ معيَّن.

وهذا تفسيرٌ خاطئٌ لهذه الآية الكريمة، فالعَرْش بمعنى القُدْرة والسلطة، فالله هو القادر المطلق، وهو صاحب السلطة اللامحدودة. إذن فلا بُدَّ من التأويل؛ اعتماداً على ما جاء في آياتٍ أخرى، كما في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الشورى: 11)، وكذلك ما جاء في رواياتٍ كثيرة أنّه سبحانه وتعالى لا يحدُّه زمانٌ، ولا مكان.

مثالٌ آخر: قولُه تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ (القيامة: 22 ـ 23) فإنّ الظاهر منه إمكان رؤية الله سبحانه وتعالى بالعين الباصرة.

وهذا التفسيرُ غيرُ صحيح؛ وذلك بالنظر إلى قوله تعالى في آيةٍ أخرى: ﴿لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ (الأنعام: 103).

فالآية الأولى من المُتشابِهات التي لا يجوز تفسيرها حَسْب ظاهرها، بل ينبغي فهمها وِفْق ما جاء في الآيات المُحْكَمات، وهُنَّ أُمُّ الكتاب، ووِفْق ما جاء في الروايات المفسِّرة لهذه الآية ونظائرها. فالصحيحُ هو التأويل، والنظر إلى الربّ هو النظر إلى رحمته ولطفه، ونيل عفوه ورضوانه.

مثال الآيات المنسوخة: قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المجادلة: 12)؛ فإنّ ظاهرها وجوب التصدُّق قبل الحديث مع النبيّ(ص). فهل هذا هو الواجب فِعْلاً على مَنْ يخاطبون النبيّ(ص) اليوم، ولو في مرقده الشريف؟

لا، أيُّها الأحبَّة، فما تقدَّم من وجوب التصدُّق منسوخٌ بآيةٍ أخرى أبطلت هذا الحكم وألغَتْه، ألا وهي قوله تعالى: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المجادلة: 13).

وهنا تتبيَّن لنا أهمّيّة السياق القرآنيّ، فالآيتان متتاليتان، ولو قرأهما معاً لعرف أنّ الحكم الأوَّل قد نُسِخ وبَطُل.

3ـ علم الكلام.

4ـ علم أصول الفقه.

5ـ معرفة تاريخ العرب قبل الإسلام وبعده.

فقولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة: 28) لا يدلّ على نجاسة المشركين مادّياً؛ بقرينة الاطّلاع على أنّ المعروف آنذاك كان دخولهم إلى مكّة للتجارة، فمنعهم الله من دخول مكّة كلَّها، وليس المسجد الحرام فقط، ثمّ وعد المؤمنين بالرزق من عنده.

وقولُه تعالى: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا (النساء: 3) لا دلالة فيه على الاستحباب والترغيب بالتعدُّد، وإنَّما هو لقصر الرجال على أربعٍ من النساء، بعد أن كانوا يتزوَّجون ما شاؤوا عدداً. ولهذا فقد فرح بهذه الآية النساء، واعترض عليها الرجال.

إذن هو تسريحُ الكثير من النساء، وليس تزويج الكثير للرجال. فقد رُوي أن غيلان [بن سلمة الثقفي] أسلم، وعنده عشر نسوة ، فقال(ص) : «أمسك أربعاً، وفارق سائرهنَّ»، وأسلم نوفل بن معاوية [الديلي]، وتحته خمسٌ، فأمره النبيّ(ص) أن يفارق واحدةً منهنَّ([16]).

وقال البيهقي: «وروينا في حديث الحارث بن قيس أو قيس بن الحارث، وعروة بن مسعود الثقفي، وصفوان بن أمية، معنى حديث غيلان بن سلمة»([17]).

وبعبارةٍ جامعة: إنّ جملة العلوم التي هي كالآلة للمفسِّر، ولا تتمّ صناعةٌ إلاّ بها، هي هذه العشرة: علم اللغة، والاشتقاق، والنَّحْو، والقراءات، والسِّيَر، والحديث، وأصول الفقه، وعلم الأحكام، وعلم الكلام، وعلم المَوْهبة. فمَنْ تكاملت فيه هذه العشرة، واستعملها، خرج عن كونه مفسِّراً للقرآن برأيه.

2ـ في الجانب الشخصي والنفسي

أـ أن يكون صحيح العقيدة؛ لأنّ صحة العقيدة لها أثرٌ كبير في نفس صاحبها، وما يتأثَّر به الإنسان يظهر في كلامه، منطوقاً ومكتوباً. فلا بُدَّ للمفسر من أن يملك معتقداً سليماً صحيحاً، لا سيّما الاعتقاد بولاية أهل البيت عليهم السلام ودورهم ومرجعيّتهم الفكريّة والدينيّة.

ب ـ الإخلاص وصحّة المقصد والغاية في ما يقول؛ ليلقى التسديد والهداية إلى المراد.

ج ـ التجرُّد عن الهَوى؛ فالأهواء تدفع أصحابها إلى نصرة مذاهبهم، ولو كانت على غير حقٍّ. فلا بُدَّ من الموضوعيّة والتجرُّد، أي أن يقرأ الآيات بتجرُّدٍ، فيسير إلى حيث تأخذه الآيات، ولا يأخذ الآيات إلى حيث أفكاره ومعتقداته المسْبَقة ويُلزِم القرآن بها. والموضوعيّة هنا مقابل التحيُّز.

د ـ أن يتمتَّع بدقَّة الفهم ـ أو المَوْهبة ـ، كما قال السيوطي في كتاب «الإتقان»، وهي التي بها يتمكَّن المفسِّر من ترجيح معنىً على معنى آخر. وهذا علمٌ يورِّثه الله تعالى لمَنْ عَمِل بما عَلِم. كما ورد في الحديث الشريف: «مَنْ عَمِل بما عَلِم ورَّثه الله تعالى عِلْمَ ما لم يعلم».

هـ ـ الشموليّة في فهم القرآن الكريم؛ فالقرآن لا يمكن أخذه وتفسيره كآياتٍ متناثرة؛ لأنّه هناك وحدة موضوعيّة بين الآيات، وعلى المفسِّر أن يراعيها، ويربط بينها، وإلاّ فإنّه لا يستطيع تفسير القرآن وفهمه فهماً صحيحاً.

و ـ امتلاك عقلٍ متدبِّر واعٍ يمكِّنه من الاستنتاج والإتيان بالجديد؛ كي لا يراوح مكانه، لا عقلاً غافلاً وقارئاً؛ إذ هناك نوعان من المفسِّرين:

1ـ مَنْ يقرأ الآية، ويقرأ ما يتعلَّق بها من رواياتٍ، ويقرأ آراء المفسِّرين، ويجمعها، ثمّ يكتب على ضوء ما رآه، وهذا ما يُسمَّى بـ «الكاتب القارئ».

2ـ مَنْ يقرأ الآية والروايات وآراء المفسِّرين، ويتدبَّر ويفكِّر ويستنتج، فيأتي بمعنىً جديد.

ز ـ النظر إلى القرآن باعتباره كتاب هدايةٍ وحياة.

ح ـ الحضور والإحساس والانسجام القلبي والعقلي مع القرآن.

شروط التفسير

يخلط البعض من العلماء بين شروط التفسير والمفسِّر، والصحيح أنّ ما كان راجعاً إلى شخصيّة المفسِّر ومؤهِّلاته العلميّة والمعرفيّة فهي شروطٌ للمفسِّر، وما كان راجعاً إلى المنهَج المتَّبَع من قبل المفسِّر فهي شروطٌ للتفسير.

ولا محيص من الاعتماد في التفسير على ما ثبت اعتباره، وعُلمَتْ حُجِّيته من طريق الشرع، أو من حكم العقل. إذن لا بُدَّ للمفسِّر؛ لاستكشاف مراد الله تبارك وتعالى، من ملاحظة الأمور التالية في عملية التفسير:

أوّلاً: اتّباع ظواهر الكتاب، التي يفهمها العارف بالعربيّة الفصيحة؛ فإنّ ظواهر الكتاب حجّةٌ.

ثانياً: الاستناد إلى ما ثبت عن المعصوم، من نبيٍّ أو إمام، في بيان مراد الله تبارك وتعالى.

ثالثاً: اتِّباع ما حكم به العقل الفطري الصحيح، الذي هو المرجع لإثبات أساس التوحيد، واتِّصاف الكتاب بالإعجاز المثبت للرسالة، فإنّه لا رَيْبَ في حجِّيته.

أـ أن يطلب أوَّلاً تفسير القرآن بالقرآن؛ فإنّ القرآن يفسِّر بعضُه بعضاً، فما جاء منه مُجمَلاً في موضعٍ قد فصَّله في موضعٍ آخر، وما اختُصر منه في مكانٍ قد بَسَطَه في مكانٍ آخر، وهكذا. وها هو القرآن الكريم يصف نفسه بأنّه تبيانٌ لكلِّ شيءٍ، فهل يصحّ أن يكون مبيِّناً لكلّ شيءٍ ولا يكون تبياناً لنفسه؟!

ب ـ أن يطلب تفسير القرآن بالسُّنَّة النبويّة؛ لأنّ السُنّة شارحة للقرآن وموضِّحة له، وقد ذكر القرآن الكريم أنّ أحكام الرسول(ص) التي كان يحكم بها هي نوعٌ من الوحي، وقد بيَّن ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ (النساء: 105)، ولهذا قال الرسول(ص): «ألا إنّي أوتيتُ القرآنَ ومثلَه معه»، أي السُّنَّة.

كما تجدر الإشارة إلى ضرورة الالتفات إلى ما قام عليه إجماع المسلمين، فلا يصحّ بوجهٍ إغفال المجمَع عليه ـ إذا تحقَّق إجماعٌ تامّ ـ، واختيار ما يخالفه، فإنّ ذلك من التفسير بالرأي والهَوَى.

ج ـ أن يستعين بأقوال الصحابة الخُلَّص؛ لأنّهم أدرى بذلك؛ لمشاهدتهم العديد من القرائن والأحوال والحوادث عند نزول القرآن الكريم؛ ولِما لهم من خصوصيّة الفهم الواسع، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، مع الإخلاص الكامل لله ولرسوله.

د ـ أن يستعين بأقوال التابعين. فإذا لم يجِدْ التفسير في القرآن، ولا في السُّنَّة، ولا في أقوال الصحابة، فإنّه يرجع إلى أقوال التابعين. وقد رجع كثيرٌ من الأئمّة إلى أقوال التابعين، كمجاهد، وسعيد بن جُبَيْر، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، والحسن البصري وغيرهم. ومن التابعين مَنْ تلقَّى التفسير عن الصحابة.

هـ ـ الاطّلاع على آراء المفسِّرين، والاستعانة بها في الكشف عن المعنى المراد.

و ـ الاجتناب عن التفسير بالرأي: وقد حذَّر النبيّ(ص) كافّة المسلمين من التفسير بالرأي، أو التفسير بغير علمٍ، فقال: «مَنْ قال في القرآن بغير علمٍ فليتبوَّأ مقعده من النار»، وقال: «مَنْ تكلَّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ».

**********

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) ابن فارس، المقاييس في اللغة: 847، دار الفكر، بيروت، ط3، 2003م ـ 1424هـ.

([2]) ابن منظور، لسان العرب 11: 180، دار صادر، بيروت، ط1، 2000م.

([3]) لسان العرب 11: 180.

([4]) عبد الرحمن بركة، ابن جزي ومنهجه في التفسير من خلال كتابه «التسهيل لعلوم التنزيل»: 12، منشورات كلِّيّة الآداب والتربية بجامعة سبها، ط1، 1994م.

([5]) راجع: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن 2: 346 (النوع السابع والسبعون)، دار الكتب العلميّة، بيروت، 2003م.

([6]) نقلاً عن: الإتقان في علوم القرآن 2: 348 (النوع السابع والسبعون).

([7]) صحيح البخاري 6: 20، عن قتيبة بن سعيد، عن جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله [بن مسعود]، مرفوعاً.

([8]) المدخل إلى التفسير الموضوعي: 2.

([9]) فضل الله، تفسير من وحي القرآن 9: 171.

([10]) راجِعْ: تفسير من وحي القرآن 9: 171.

([11]) البيضاوي، أنوار التنزيل 5: 26.

([12]) روى الصدوق في الأمالي: 558 ـ 559، وفي معاني الأخبار: 122، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق(رض)، عن أبي أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، عن محمد بن سهل، عن الخضر بن أبي فاطمة البلخي، عن وهيب بن نافع، عن كادح، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ(عم)، في قوله عزَّ وجلَّ: ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ، قال: ياسين محمد(ص)، ونحن آل ياسين.

وروى أيضاً، في المصدرَيْن المتقدِّمين، عن محمد بن إبراهيم، عن عبد العزيز بن يحيى، عن الحسين بن معاذ، عن سليمان بن داوود، عن الحكم بن ظهير، عن السدّي، عن أبي مالك، في قوله عزَّ وجلَّ: ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ، قال: ياسين محمد(ص). وفي معاني الأخبار زيادة: ونحن آل ياسين.

وروى أيضاً، في المصدرَيْن المتقدِّمين، عن أبيه)، عن عبد الله بن الحسن المؤدّب، عن أحمد بن عليّ الأصبهاني، عن محمد بن أبي عمر النهدي، عن أبيه، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزَّ وجلَّ: ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ، قال: على آل محمد(ص).

وروى الصدوق في الأمالي: 615 ـ 623، عن عليّ بن الحسين بن شاذويه المؤدّب وجعفر بن محمد بن مسرور(رضما)، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت، عن مولانا الرضا(ع)، أنّه قال في مجلس المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعةٌ من علماء أهل العراق وخراسان…: (سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ)، يعني آل محمد(ص).

وروى الصدوق في معاني الأخبار: 122، عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهّاب، عن أبي محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي، عن أبيه، عن عليّ بن الحسن بن عبد الغني المغاني، عن عبد الرزّاق، عن مندل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزَّ وجلَّ: (سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ) قال: السلام من ربّ العالمين على محمد وآله صلى الله عليه وعليهم، والسلامة لمَنْ تولّاهم في القيامة.

وروى الصدوق في معاني الأخبار: 123، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني(رض)، عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي، عن محمد بن سهل، عن إبراهيم بن معمر، عن عبد الله بن داهر الأحمري، عن أبيه، عن الأعمش، عن يحيى بن وثّاب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، أنّ عمر بن الخطاب كان يقرأ: (سلام على آل ياسين). قال أبو عبد الرحمن السلمي: آل ياسين آل محمد(عم).

وقال المجلسي في بحار الأنوار 23: 168: روى الشيخ شرف الدين النجفي) في كتاب تأويل الآيات الباهرة، [نقلاً] من تفسير الشيخ محمد بن العبّاس، عن الشيخ محمد بن القاسم، عن حسين بن حكم، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سُلَيْم بن قَيْس، عن عليّ(ع) قال: إنّ رسول الله(ص) اسمه ياسين، ونحن الذين قال الله: (سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ).

[وكذلك نقلاً من تفسير الشيخ محمد بن العبّاس]، عن محمد بن الحسين الخثعمي، عن عبّاد بن يعقوب، عن موسى بن عثمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، في قوله عزَّ وجلَّ: (سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ قال: نحن هم آل محمد.

[وكذلك نقلاً من تفسير الشيخ محمد بن العبّاس]، عن عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن زريق بن مرزوق البجلي، عن داوود بن عليّة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله عزَّ وجلَّ: (سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ)، قال: أي على آل محمد.

وروى الطبراني في المعجم الكبير 11: 56، عن عبد الرحمن بن الحسين الصابوني التستري، عن عباد بن يعقوب، عن موسى بن عمير [هذا تصحيفٌ، والصحيح: موسى بن عثمان]، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عبّاس: ﴿سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ: قال: نحن آل محمد(ص).

وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: 356، عن عبيد بن كثير، معنعناً، عن ابن عبّاس(رض)، في قوله تعالى (سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ)، قال: هم آل محمد(ص).

وعن أحمد بن الحسن، عن عليّ بن محمد بن مروان، عن أحمد بن نصر بن الربيع، عن محمد بن مروان، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سُلَيْم بن قَيْس العامري قال: سمعتُ عليّاً يقول: رسولُ الله(ص) ياسين، ونحن آله.

([13]) المفيد، أوائل المقالات: 45.

ولعلّهم اعتمدوا في هذا التفسير على ما جاء في بعض الروايات، كالتي رواها عليّ بن إبراهيم القمّي في التفسير 2: 125، عن محمد بن الوليد، عن محمد بن الفرات، عن أبي جعفر(ع) قال: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ في النبوّة، ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال: في أصلاب النبيّين.

ولا يُعتَمَد على هذا التفسير؛ لعدم صحّة نسبته بتمامه إلى عليّ بن إبراهيم القمّي، مضافاً إلى عدم ثبوت وثاقة محمد بن الوليد ومحمد بن الفرات.

وقال الكشّي في رجاله ـ على ما جاء في اختصاره من قِبَل الطوسي في اختيار معرفة الرجال 2: 488 ـ: وجدتُ في كتاب محمد بن الحسن بن بندار القمّي بخطّه: حدَّثني الحسين بن أحمد المالكي وعليّ بن إبراهيم بن هاشم وعليّ بن الحسين بن موسى، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الوليد، عن محمد بن فرات، عن أبي جعفر(ع)، قال: سألتُه عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ؟ قال: في أصلاب النبيّين، وفي رواية الحسن بن أحمد قال: من صلب نبيٍّ إلى صلب نبيٍّ.

وهذا الإسناد ضعيفٌ؛ لعدم ثبوت وثاقة محمد بن الوليد ومحمد بن فرات.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 86: قوله تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ: عن ابن عبّاس: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال: من صلب نبيٍّ إلى صلب نبيٍّ، حتّى صرْتُ نبيّاً. رواه البزّار والطبراني، ورجالُهما رجال الصحيح، غير شبيب بن بشر، وهو ثقةٌ.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 214: عن ابن عبّاس: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال: من صلب نبيٍّ إلى نبيٍّ، حتَى صرْتُ نبيّاً. رواه البزّار، ورجاله ثقاتٌ.

وعن عليٍّ أنّ النبيّ(ص) قال: خرجْتُ من نكاحٍ، ولم أخرُجْ من سفاحٍ، من لدُنْ آدم إلى أن وَلَدَني أبي وأمّي. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن جعفر بن محمد بن عليّ، صحَّح له الحاكم في المستدرك، وقد تُكُلِّم فيه، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.

وعن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(ص): ما ولدني من سفاح الجاهليّة شيءٌ، وما ولدني إلّا نكاحٌ كنكاح الإسلام. رواه الطبراني، عن المديني، عن أبي الحويرث، ولم أعرف المديني ولا شيخه، وبقيّة رجاله وُثِّقوا.

([14]) المفيد، تصحيح اعتقادات الإماميّة: 139.

([15]) المازندراني، شرح أصول الكافي 4: 75.

([16]) مسند الشافعي: 274.

([17]) البيهقي، معرفة السنن والآثار 5: 317.



أكتب تعليقك