استفتاءات (199 ـ 203)
199ـ هل قتل العراقيّون الإمام الحسين(ع)؟
200ـ أفضل الأوقات لنافلة الليل وقرآن الفجر
201ـ كتب تفسير القرآن الموثوقة
202ـ التكتُّف وقولُ ((آمين)) في الصلاة لا يبطلانها
203ـ رمزية المحجَّبات تفرض عليهنّ التزاماً صارماً
(لقراءة الاستفتاءات وأجوبتها)
199ـ هل قتل العراقيّون الإمام الحسين(ع)؟
سؤال: هل يصحّ أن يُقال: إن العراقيّين هم مَنْ قتلوا الإمام الحسين؟
الجواب: في تقسيمات ذاك الزمان، حيث المحاور كالتالي: حجاز؛ عراق؛ شام… نعم يمكن القول بأن الحسين(ع) قُتل في أرض العراق، وعلى يد العراقيّين.
ومع ذلك فهذا الجُرْم لا يُنسَب إلاّ إلى فاعليه، دون أولادهم وذراريهم وعشائرهم: >ولا تزر وازرة وزر أخرى<. وكذلك في المحاسن تماماً.
فعندما نقول: أهل مكّة أخرجوا النبيّ، أو أهل المدينة آووا ونصروا النبيّ، فهذا خاصٌّ بمَنْ فعل ذلك في زمانه، ولا يمتدّ في مدى الزمان.
وعليه، لا ينبغي لأهل العراق اليوم أن يتحسَّسوا من مثل هذه المقالة والنسبة، وأن يسعوا للدفاع عن أهل العراق، أو بالتحديد عن أهل الكوفة في ذاك الزمان، كما يحصل من قِبَل بعض الخطباء، الذين يكون جُلُّ همِّهم وأغلبُ طرحهم مركَّزاً على هذه المسألة؛
وفي المقابل، لا يستحسن للآخرين أن يتمسَّكوا اليوم بذاك العنوان (أهل الكوفة) للإشارة إلى أولئك القتلة المجرمين؛ فإن ربط هذا العنوان بالتخاذل والجريمة قد يمثِّل إساءةً عامّةً لأناسٍ طيِّبين ومؤمنين.
وللأسف نشهد هذا الأسلوب في بعض الشعارات، كما في قول بعض المؤمنين بالثورة والجهاد لقادتهم: «نحنُ لسنا أهل الكوفة…». نسأل الله الهداية والتوفيق لجميع المؤمنين.
200ـ أفضل الأوقات لنافلة الليل وقرآن الفجر
سؤال: في الآية التي يتحدَّث فيها عن قرآن الفجر هل هناك وقتٌ معين تكون قراءة القرآن فيه هي الأفضل، قبل طلوع الفجر أو الشمس؛ وبالنسبة لنافلة الليل هل هناك وقتٌ أفضل للإتيان بها؟
الجواب: المراد بقرآن الفجر في هذه الآية الصلاة التي تتضمَّن بعضاً من آيات القرآن الكريم، وليس المراد بها كلّ آيات القرآن المستحبّ تلاوتها، بل المقصود بها الآيات الواجب قراءتها في الصلاة المفروضة في صلاة الصبح (وهي الحمد والسورة التي تليها في الركعتين الأوليين).
وعليه، ليس هناك وقتٌ خاصّ يشتدّ فيه استحباب قراءة القرآن عند الفجر، بل لا بُدَّ من النظر إلى الصلاة وأوقاتها الأفضل، والأفضل هو أوّل الوقت، يعني عند الفجر تماماً، هذا أوج فضلها.
وأما صلاة الليل فيمكن الإتيان بها طيلة الليل، بدءاً من المغرب، ولكن أفضل أوقاتها في الثلث الأخير من الليل، وضمن هذا الثلث الأفضل هو السَّحَر، وهو آخر الليل المتَّصل بالفجر، فكلَّما أخَّر صلاة الليل إلى ذلك الوقت (السَّحَر) كان أفضل. وفَّقنا الله وإيّاكم لطاعته.
201ـ كتب تفسير القرآن الموثوقة
سؤال: بأيّ كتابٍ تنصحني في تفسير القرآن الكريم، يكون موثوقاً؟
الجواب: هناك كتابٌ مختصر لتفسير ((من وَحْي القرآن))، للسيد المرجع فضل الله، وهو تفسيرٌ اجتماعي تربوي قيِّم.
وهناك تفسيرٌ مختصر، للشيخ محمد جواد مغنية، اسمه ((التفسير المبين)).
وأما التفاسير الكبيرة فهناك
((من وَحْي القرآن))، للسيّد فضل الله؛
((الميزان في تفسير القرآن))، للسيّد الطباطبائي؛
((الأمثل في تفسير كتاب الله المُنزَل))، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي.
مع الإشارة إلى أنه مهما كان التفسير جيّداً وعلميّاً فهذا لا يعني عصمته وخلوّه من النقائص والأخطاء، وعليه ينبغي أن تكون قراءته مع أخذ هذه الملاحظة بعين الاعتبار: القراءة مع التفكُّر والتدبُّر والتحقيق.
202ـ التكتُّف وقولُ ((آمين)) في الصلاة لا يبطلانها
سؤال: سبق أن ذكرنا بعض الآراء حول قول: ((آمين))، والتكفير في الصلاة، وسؤالي هو: بناءً على أن الصلاة عبادة تعبُّدية ولا يجوز إدخال الكلام والأفعال الآدمية الزائدة فيها، ما هو مستند مَنْ أجازهما من الإمامية في الصلاة وأفتى بعدم بطلان الصلاة بهما؟ بشكلٍ سريع ومختصر.
الجواب: (آمين) هو اسمُ فعل أمر بمعنى: ((استجِبْ)) أو ((اللهمّ استجِبْ)).
وإنْ لم تكن ((اللهمّ)) من ضمن المعنى الذي وضعت له فهي داخلةٌ في معناها استعمالاً، بحيث تكاد لا تستعمل إلاّ بهذا المعنى ((اللهم استجِبْ))، ولذلك تختم بها أدعية الخير.
وبناءً عليه إذا ذكرها المصلّي في صلاته، لا بقصد الجزئية، أي لا بقصد كونها جزءاً مشروعاً ومشرَّعاً من قِبَل الله على نحو الوجوب أو الاستحباب، فهنا لا توجد مشكلةٌ؛ إذ لم يتحقَّق التشريع المحرَّم، وهو لم يأتِ بكلامٍ أجنبيّ، بل هي ذكرٌ لله، فالدعاءُ كلُّ دعاءٍ هو ذكرٌ لله، وذكرُ الله جائزٌ على أيّ حالٍ، وفي كلّ موضعٍ من الصلاة.
نعم إذا قصد به الجزئية تكون المشكلة من جهة التشريع، فليس لأحدٍ سوى الله بالأصالة (والرسول والإمام بالنيابة) أن يجعل في الصلاة أفعالاً وأقوالاً في مواضع مخصوصة، ولذلك أيُّ إضافةٍ من قِبَل المكلَّف بقصد الجزئية، ولو على نحو الاستحباب، تعتبر تشريعاً محرَّماً.
نعم، بعض الفقهاء قد يرى الحرمة مطلقاً؛ من باب أن الإتيان بها في الموضع المعروف بعد الفاتحة لا ينفكّ عن قصد الجزئيّة أو التشبُّه بالمُبتَدِعة الذين أضافوها هاهنا تشريعاً وبقصد الجزئيّة، والتشبُّهُ بهم وتكرارُ فعلهم والتزامُه باستمرار وعلى الدوام هو ترويجٌ لمذهبهم الباطل، فهنا لا يدور الأمر مدار القصد الشخصيّ، وهل يعتبرها المكلَّف جزءاً أو لا؟ بل المدار على واقع الحال الغالب، وهو أن الإتيان بها بعد الفاتحة ظاهرةٌ عامّة، ويُراد منها اعتبارها جزءاً ولو مستحبّاً من الصلاة، فلا يجوز الترويج لمثل هذه الظاهرة…
ولعلّ نفس هذا الكلام يَرِدُ في الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة.
سؤال: وماذا عن التكفير أو وضع اليد على الأخرى أثناء القيام؟
الجواب: الكلام هو نفسه؛
مع قصد الجزئية فالمشكلة من حيث التشريع؛
ومع عدم قصد الجزئية، بل وضعيّة اتفاقية يرتاح لها المصلّي مثلاً، وقد يغيِّرها من يومٍ لآخر، فلا مشكلة من حيث المبدأ.
اللهمّ إلاّ إذا قيل: إن في فعلها دواماً واستمراراً تشبُّهاً بمَنْ يقصدون جزئيّتها وشرعيّتها، وهذا ترويجٌ لذاك المذهب الباطل.
سؤال: ليس الحديث عن وضعٍ اتفاقيّ للراحة، إنّما كفعلٍ يرى صاحبه أنه للخشوع والخضوع في الصلاة، وهذا تصرُّف وفعل، وليس دعاءً.
الجواب: نعم الرؤية بأنه للخشوع والخضوع لا ينفكّ عن قصد كونه جزءاً مكمّلاً، وهذا هو عين البِدْعة الأولى في تشريع هذا العمل.
203ـ رمزية المحجَّبات تفرض عليهنّ التزاماً صارماً
سؤال: أليس ينبغي للنساء الحفاظ على قُدْسيّة الحجاب الذي يرتدينه، فينبغي أن يمتنعْنَ عن أيّ فعلٍ يخدش في شخصيّتهنّ بنظر الناس؛ لأن ذلك سينعكس على أحكام الإسلام وأهله؟
الجواب: في المسيحية الحجاب يعتبر رمزاً كهنوتيّاً، وصاحبتُه اختارَتْ طريق الزهد والتقشُّف، وقرَّرَتْ الالتزام أكثر من غيرها، والامتناع حتّى عن المباحات لسواها؛
بينما الحجاب في الإسلام هو مجرّد تكليفٍ شرعيّ، لا يمنع صاحبته من القيام بكلّ ما يُباح لغيرها القيام به، فهو أشبه بالتزام المواطن في أيّ بلدٍ بقوانين ذلك البلد، ومنها مثلاً: أن يؤدّي ضريبةً معيّنة؛ أو أن لا يخرج عارياً؛ أو أن لا يرفع صوت المذياع والتلفزيون، فهل المواطن الصالح الملتزم بمثل هذه القوانين يتوجَّب عليه؛ لمجرّد أنه اختار طريق الصلاح هذا، أن يتميَّز عن غيره من المواطنين بالامتناع عمّا أُبيح لهم؟!
هذا هو أحد الفروق في النظرة إلى الحجاب بين المسيحيّة والإسلام، ولذلك من الخطأ أن يُحاسِبوا المسلمات وفق نظرتهم عن الحجاب، بل لا بُدّ من المحاسبة وفق نظرة المسلمات أنفسهنّ عنه…



