استفتاءات (109 ـ 113)
109ـ حقّ الزوج في إرجاع الزوجة المطلَّقة أثناء عدّتها
110ـ الخلق والتصوير، أيُّهما الأسبق؟
111ـ تطهير المكان والحذاء من بول وغائط ولعاب الكلب
112ـ وقت استحقاق المهر المؤخَّر
113ـ كلام المهديّ في المهد
109ـ حقّ الزوج في إرجاع الزوجة المطلَّقة أثناء عدّتها
سؤال: أختٌ طلبت الطلاق الرجعي وطلّقها زوجها كذلك، فإذا قال لها زوجُها أثناء عدّتها: أرجعتُكِ، وهي لا تريد الرجوع، هل يصحّ هذا الإرجاع حتّى لو كانت رافضةً للرجوع؟ ولو كان الطلاق خلعيّاً فهل لها أن تأخذ المتأخِّر أو لا؟
الجواب: إرجاعُ المطلَّقة إلى الزوجيّة أثناء العدّة هو حقٌّ للزوج، سواءٌ رضيَتْ الزوجة به أم لا، فيجوز للزوج أن يُرجعها متى شاء ما دامَتْ في العدّة
وفي الطلاق الخلعي ـ كما هو معلومٌ ـ تبذل الزوجة للزوج؛ ليخلعها (يطلِّقها)، وقد يكون البذلُ بعضَ المهر أو كلَّه أو أكثر منه، فالمدار على اتّفاقهما، فإنْ اتّفقا على ما هو أقلّ من المهر، فلها أن تأخذ الباقي. ولكنْ في هذا الطلاق لا يحقّ للزوج إرجاع الزوجة المطلَّقة، ولو أثناء العدّة، إلاّ إذا رجعَتْ الزوجة في البذل، وامتنعت عن تسليم المبذول للزوج، فينقلب الطلاق رجعيّاً، وتصير كالمطلَّقة طلاقاً رجعيّاً، يجوز للزوج إرجاعها ما دامت في عدّتها.
110ـ الخلق والتصوير، أيُّهما الأسبق؟
سؤال: سمعتُ أحد المعمَّمين يقول: في القرآن الكريم: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾[الأعراف: 11]، وهذا يعني أن هناك خلقاً للإنسان متقدّماً على تصويره بفترةٍ طويلة؛ بقرينة «ثمّ»، وبعد ذلك كان سجود الملائكة لآدم، وعليه فنحن مخلوقون قبل السجدة! ومثلها قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾، يعني علَّم القرآن وبعد ذلك خلق الإنسان، فلمَنْ علَّم القرآن؟!
الجواب: يتَّخذون قراراً بشقّ طريقٍ جديد، فيضعون له المخطَّطات كلّها، ثمّ يفتتحون المشروع، ويضعون حجر الأساس مكتوباً عليه: «تمّ إنشاء هذا الطريق في عهد فلان»
حين وضعوا حجر الأساس لا يوجد شيءٌ من الطريق، وإنما هو القرار والمخطَّطات فقط، ومع ذلك يقولون: تمّ إنشاء… فهذا هو معنى ﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾
ثمّ بعد ذلك يبدأ تنفيذ المخطَّطات، وما كان على الورق يصير على الأرض، ويتَّخذ شكلاً واضحاً بارزاً محدَّداً، فصار له صورةٌ وواقعٌ خارجيّ، وهذا هو معنى ﴿صَوَّرْنَاكُمْ﴾
وحينها قال للملائكة: ﴿اسْجُدُوا لآدَمَ﴾
وأما استعمال الجمع فبلحاظ أن آدم هو أبونا، وعلى صورته سنكون. فالقرار والمخطَّط كان شاملاً للجميع، والتصوير الفعليّ كان لآدم وحده، ولكن بما أننا نتطابق في الصورة مع آدم فصحّ أن يُقال: إن الله صوَّرنا منذ أن خلق آدم
وأما الجمل في قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾(الرحمن: 1 ـ 4) فليس بينها عطفٌ بواو أو فاء أو ثمّ؛ لتفيد الترتيب، بل بلاغيّاً عندما يتمّ فصل الجملتين وعدم وصلهما بالواو فهذا يكون لأن الثانية بَدَلٌ أو توكيدٌ أو بيانٌ للأولى، كما عندما قال تعالى: ﴿فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً﴾(الطارق: 17)، أو عندما قال عزّ وجلّ: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى﴾(طه: 120)، فليست الوسوسةُ مختلفةً عن القول نفسه، فالوسوسةُ هي ذاك القول نفسه، ولهذا لم تُعْطَف الجملتان، فلم يقُلْ: فوسوس لهما الشيطان وقال…
وهنا نفس الشيء؛ ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ ما هو معناها وبيانها؟ يوضِّح ويؤكِّد من خلال قوله جلَّ وعلا: ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ﴾ ـ ومن الواضح أنه حين خلقه كان ضعيفاً جاهلاً ـ، ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ وهو اللغة ـ لغة الكلام والقراءة ـ التي بها يتفاهم مع غيره، وهذا هو تفسير قوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾(البقرة: 31)
ويكون ﴿الْقُرْآنَ﴾ هنا بمعنى القراءة، وهو مستعملٌ فيها، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾(القيامة: 17 ـ 18) فالقرآن في كلتا الآيتين بمعنى «القراءة»
111ـ تطهير المكان والحذاء من بول وغائط ولعاب الكلب
سؤال: عند جيراننا كلبٌ يتجوّل في مدخل البيت وسطحه، ونعاني من نجاساته (البول والغائط) كثيراً، وهذا المكان لا تطلع عليه الشمس؛ لتطهِّره، فهل حكم أحذيتنا هو النجاسة الدائمة؟
الجواب: أوّلاً: أعانكم الله على هذا البلاء
وثانياً: ليس لكم سوى غضّ النظر والتجاهل، بمعنى أن لا تلتفتوا إلى ما على الأرض، ولا تحفظوا مكان فضلاته، وبالتالي فما لم تتأكَّدوا أن هذا المكان بعَيْنه ـ وهو موضع دعساتكم ـ هو نفسه الذي كانت فيه النجاسة فهو طاهرٌ؛ لأنه لا يقين بنجاسته بعَيْنه
ثمّ عليكم الاستفادة من قاعدة الجفاف، فحتى لو دعستم في موضع النجاسة المؤكَّدة، إذا كان أصحاب الكلب قد أزالوا عين النجاسة، وكان الموضع قد جفَّ ولو بغير الشمس، وكان الحذاء جافّاً، فإن النجاسة لا تنتقل من الموضع إلى باطن الحذاء؛ لأنهما جافّان، ولا تنتقل النجاسة مع الجفاف وعدم وجود رطوبةٍ مُسْرِية
كما يمكنكم الاستفادة من عمليّة شطف الدرج أو السطح، التي تحصل عادةً كلّ عدّة أيّام، فبعد كلّ شطفةٍ يمكنكم الحكم بعودة الطهارة للمكان كلّه، إلى أن تتأكّدوا من نجاسة مكانٍ محدَّد على نحو الخصوص
وتستطيعون الاستفادة من تطهير الأرض لباطن القدم والحذاء، فالحذاء إذا أصابَتْه نجاسةٌ من الأرض، ثم مشيتُم به على الأرض الجافّة، حتّى زالت عين النجاسة، وزال الاستقذار العرفيّ (يعني لم يعُدْ للنجاسة أثرٌ يثير القَرَف والاشمئزاز)، يطهر باطن الحذاء دون الحاجة إلى غسله بالماء
وعلى أيّ حالٍ نسأل الله العَوْن على هذه البليّة
112ـ وقت استحقاق المهر المؤخَّر
سؤال: حسب ما قرأتُ لكم أن ما يُسمّى بالمؤخَّر يُستَحَقّ عند موت أحد الزوجين أو الطلاق، سؤالي: ألا يُستَحَقّ مؤخَّر المرأة قبل ذهاب الرجل لقضاء فريضة الحجّ؟
الجواب: ما دام مؤخَّراً فهو كالدَّيْن الذي لم يحلّ وقت تسديده، فلا يجب تسديده وتخليص الذمّة منه قبل الحجّ، ولا حتّى قبل أيّ عملٍ آخر، ولو كان فيه تعرُّضٌ للموت، كإجراء جراحةٍ خطيرة أو مغامرةٍ كبيرة، أو ما شابه ذلك
بل المهرُ المؤخَّر دَيْنٌ في ذمّة الرجل إلى أحد وقتين: الموت (موت الرجل أو المرأة)؛ أو الطلاق
113ـ كلام المهديّ في المهد
سؤال: هل تكلَّم الإمام المهديّ عند ولادته؟
الجواب: لم يثبت ذلك بنقلٍ صحيح، يُطمأنّ معه لحصول الكلام في الصِّغَر، وعليه لا يمكننا الاعتقاد بذلك؛ إذ لا حُجّة ولا دليل عليه، والله العالم بحقائق الأمور.



