3 يوليو 2013
التصنيف : مقالات سياسية
لا تعليقات
2٬395 مشاهدة

السلفية الجاهلية، تلفٌ في العقل والفكر

البوطي
(24 ـ 3 ـ 2013م)
خافوه فقتلوه. ورحل العلاّمة محمد سعيد رمضان البوطي، شاهداً، وشهيداً، ومشتاقاً إلى لقاء الله. لم يكن رحيله عاديّاً؛ إذ هو رجلٌ غير عاديّ، يعيش في ظروف استثنائيّة.
فالمؤامرة الاستكباريّة على سوريا وأهلها لم تنتهِ فصولُها بعدُ، ولا زال مالُ البترول العربيّ يضخّ في جسم الإرهاب دماً جديداً كلَّ يوم، ويؤلِّب الناس على بعضهم، يؤلِّب الولد على أبيه، والأخ على أخيه، والجار على جاره.
يُعرِّفون أنفسهم بالتيّار السلفي، فعن أيِّ سَلَفٍ يتحدَّثون؟!
إنّها السلفيّة الجاهليّة، سلفيّة القتل، والنهب، والاغتصاب، وهتك الحرمات. فهل هذه هي أفعال السلف يا تُرى؟!
إنّها تَلَفِيّة العقل والفكر، فلا مكانَ بينهم، ولا حرمةَ عندهم، لعالمٍ أو عاقل.
يقولون: إنّنا نحارب الشيعة لأنّهم كفّار، فهل كان العلاّمة البوطي شيعيّاً؟!
قتلوه في بيت الله، وهو يعِظُ ويرشد، ويتلو آيات الكتاب المجيد، ويفسِّرها، لعلَّها تكون بشرى لمَنْ آمن واتَّقى، ونذيراً لمَنْ انحرف وعصى.
أرادوا إسكاته بأيّ ثمنٍ، فهدَّدوه وتوعَّدوه، ولمّا لم يستجِبْ لطلبهم بالسكوت عن نصرة الحقّ، والدعوة إلى السلام والمحبّة، قرَّروا قتله.
هكذا هم هؤلاء المرتزقة، من السلفيِّين السنّة والشيعة على السواء، لا يعرفون سوى التكفير والتضليل والتخوين، ولا يراعون في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذِمّةً، لا يحترمون عالماً ولا شيخاً كبيراً. فبمجرّد أن تختلف معهم في فكرةٍ أو رأيٍ أو اجتهادٍ أو تحليلٍ فأنتَ كافرٌ، ويجب أن تُقتَل.
إنّه فكرٌ…، بل هي شيطنةٌ، فقد استحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، وذكر اليوم الموعود.
قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام : الراضي بفعل قومٍ كالداخل فيه معهم، وعلى كلّ داخلٍ في باطلٍ إثمان: إثم العمل به؛ وإثم الرضا به. (نهج البلاغة 4: 40، الحكمة 154).
فيا أيّها الساكتون عن هذا العمل الإجرامي نذكِّركم أنّ هناك يوماً سترجعون فيه إلى الله، وتوفَّى كلُّ نفسٍ ما كسبَتْ، وتُسألون عمّا كنتم تعملون.
فمَنْ رضي بفعل قومٍ أُشرك فيه معهم، ونال نصيبه من فعلهم. وهكذا ستحاسبون على كلّ دمٍ مسفوكٍ في بلاد المسلمين شاركتم بسكوتكم في سفكه، وكلّ عرضٍ منتهَكٍ ساهمتم في هتكه، وكلّ مال مغصوب شهدتم غصبَه وسرقته وسكتُّم.


أكتب تعليقك