13 يناير 2014
التصنيف : برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)
لا تعليقات
3٬468 مشاهدة

الحلقة الثامنة من برنامج (آيات)، على قناة الإيمان الفضائية: شكر النعمة

008-دعاية برنامج آيات3

(بتاريخ: الاثنين 18 ـ 11 ـ 2013م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ (إبراهيم: 7) (صدق الله العليّ العظيم).

شكرُ المنعم والمحسن مفهومٌ قرآنيّ وأخلاقيّ وإنسانيّ. فالشكر من الخصال الحسنة بحكم العقل العمليّ للبشر، ومن هنا حكموا بضرورة أن يتعرَّف الإنسان بعد أن يعرف نعمة الله الخالق عليه على ما يرضي الله سبحانه وتعالى، ويكون بمثابة الشكر له سبحانه وتعالى على ما أنعم وتفضَّل. وهذا ما سيدفعه للالتزام بتشريعات السماء التي جاء بها الأنبياء(عم)، لأنّها هي وحدها، دون غيرها، المرضيّة لله سبحانه وتعالى.

ويتساءل بعض الناس عن صحّة وجواز أن يشكر الإنسان أخاه الإنسان في ما يُحسن به إليه، بدعوى أنّه ينبغي توحيد الله سبحانه وتعالى في كلِّ شيء، فلا نعبد إلاّ إيّاه، ولا نسجد إلاّ له، ولا نشكر سواه، كي نكون من الموحِّدين لله عزَّ وجلَّ كما يستحقّ ويرضى.

فهل يتعارض الشكر للخالق مع الشكر للعبد؟ نتبيَّن الجواب من القرآن الكريم، ولكنْ بعد أن نستمع وإيّاكم إلى هذا التقرير، ونتابع.

1ـ هل يتعارض الشكر للخالق مع الشكر للعبد؟

في التقرير استغرب البعض شكر العبد، فكأنّه يرى أنّ أصل النعم هو الله عزَّ وجلَّ، فلماذا نشكر العبد؟ وأيُّ حقٍّ له في ذلك؟

وذهب آخرون إلى أنّك لن تستطيع أن ترضي الإنسان مهما فعلت.

وأكَّد قسمٌ ثالث أنّ شكر الله يختلف عن شكر العبد، وأنّ شكر الله مقدَّم على شكر العبد.

والذي يُظهره القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ (لقمان: 14)، أنّ الإنسان مكلَّفٌ بشكر والدَيْه، وهما ممَّنْ أحسن إليه.

ولم يقتصر الأمر على التكليف بشكرهما، فقد ورد عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه قال : «إنّ الله عزَّ وجلَّ أمر بثلاثةٍ مقرونٍ بها ثلاثةٌ أخرى: أمر بالصلاة والزكاة، فمَنْ صلّى ولم يزكِّ لم تقبل منه صلاته؛ وأمر بالشكر له وللوالدين، فمَنْ لم يشكر والدَيْه لم يشكر الله؛ وأمر باتّقاء الله وصلة الرحم ، فمَنْ لم يصِلْ رحمه لم يتَّقِ اللهَ عزَّ وجلَّ».

وقد حثَّتْ بعضُ الروايات على شكر الإنسان أخاه الإنسان إذا أحسن إليه، وأسدى إليه معروفاً، فقد رُوي عن مولانا عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قال : «إنّ الله يحبّ كلّ قلبٍ حزين، ويحبّ كلٍ عبدٍ شكور، يقول الله تبارك وتعالى لعبدٍ من عبيده يوم القيامة: أَشَكرْتَ فلاناً؟ فيقول: بل شكرتُك يا ربّ، فيقول: لم تشكُرْني؛ إذ لم تشكُرْه، ثم قال: أَشْكرُكُم لله أَشْكرُكُم للناس».

مضافاً إلى ما يُروى عن سيّدنا عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنّه قال: «مَنْ لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر اللهَ عزَّ وجلَّ».

ومن هنا فلا ينبغي التحفُّظ والتحرُّج من المبادرة إلى شكر المنعم والمحسن من المخلوقين، فمن مكارم الأخلاق ومحاسنها أن يبادر المرءُ إلى شُكْر مَنْ قدَّم له خدمةً أو مساعدةً، أو قضى له حاجةً، فيشكره لأنّه كان المباشر لهذه الخدمة أو الحاجة، ويبقى الله هو المنعم الأوّل، وذو اليد الطولى على الإنسان، فيستحقّ شكراً أرفع وأجلّ وأعظم، شكراً لا يشاركه فيه أحدٌ من خلقه.

وإذا كان شكر المنعم مطلوباً فهل هو خُلُقٌ حَسَنٌ ينبغي أن نتحلّى به فحَسْب، أو أنّ لهذا السلوك فوائد نجنيها، وآثارٌ نتلمّسها، في حياتنا؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال نستمع وإيّاكم إلى هذا التقرير، فلنشاهده.

 2ـ ما فائدة شكر النِّعَم؟

ذُكرت في هذا التقرير فوائد وآثار عديدة للشكر، كزيادة النعمة والرحمة والنجاة، فهل في القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك؟

في البداية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الله سبحانه وتعالى قد أمر بشكره، فقال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِي﴾ (البقرة: 152).

والأمر ظاهرُه الوجوب، إلاّ أن تصرفه القرينة عن ذلك، فيكون دالاًّ على الاستحباب.

وقد اعتبرت آياتٌ أخرى أنّ الشكر لله هو الدليل على صدق العبوديّة وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ (البقرة: 172)، وقال: ﴿فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ (النحل: 114),

وقد عدَّت آياتٌ قرآنية عديدة الشكرَ في مقابل الكفر، فنقرأ قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ (إبراهيم: 7)، وفي آية أخرى: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ (النمل: 40)، وفي آية أخرى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ للهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ (لقمان: 12)، وفي آية أخرى: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ﴾ (سبأ: 15 ـ 17)، وفي آية أخرى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ (الزمر: 7).

ممّا تقدَّم نعرف أنّ الشكر هو أداءٌ لحقّ الله سبحانه وتعالى، وهو المنعم الحقيقي، الذي أفاض على الكائنات كلِّها وجودها، ودبَّر لها أمورها، وهداها سواء السبيل.

فالشكر واجبٌ لا محيص عنه، وهو الميزان والحدّ الفاصل بين الإيمان والكفر. فمَنْ عرف نِعَم الله، وأدرك استحقاقه للشكر والثناء، ولم يؤدِّ إليه حقّه كما يرضى وينبغي، فهو كافرٌ بنعمة الله، جاحدٌ لفضله، منكرٌ لإحسانه، وأيُّ سلوكٍ أقبحُ من هذا؟!

وأمّا إذا أدّى العبد حقَّ خالقه، فشكره على نعمه كلِّها، وهي كثيرةٌ لا يحصيها عدداً: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ (إبراهيم: 34)، استحقّ خيرَ الدنيا والآخرة.

أمّا خير الآخرة فجنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالداً فيها.

وأمّا خير الدنيا فتُحدِّثُنا آياتُ القرآن الكريم عن آثارٍ عديدة للشكر:

1ـ دفع العذاب في الدنيا والآخرة: ﴿مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾ (النساء: 147).

وتؤكِّد هذا المعنى آيةٌ أخرى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ﴾ (القمر: 33 ـ 35).

2ـ دوام الرزق والنعمة: ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (العنكبوت: 17)، اشكروه لتدوم النِّعمة والرزق، ولا تنقطع عنكم.

وقد حدّثنا الله سبحانه وتعالى عن قوم سبأ وجزائهم لعدم شكرهم، فقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ﴾ (سبأ: 15 ـ 17). فما داموا شاكرين كانوا مرزوقين، ولمّا أعرضوا وكفروا حُرموا ذلك الرزق الوفير، وضُيِّق عليهم في معاشهم.

3ـ الزيادة في النِّعَم: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ (إبراهيم: 7).

أيّها الأحبّة، لقد كان التوفيق لشكر النعمة غايةً وهدفاً للأنبياء، فها هو نبيُّ الله سليمان(ع)، بعد قصّته مع النمل، وبعد أن استبانت له عظمة نعمة الله عنده، حتّى إنّه ليفهم لغة الحيوانات كلِّها، ويسيطر عليها، ويستغلّها في إقامة مملكة العدل، يسأل الله أن يوفِّقه لشكره على هذه النعمة العظيمة: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ (النمل: 19).

ويبيِّن الله عزَّ وجلَّ لنا أنّ من علامات رشد الإنسان إدراكه لقيمة النِّعم الإلهيّة في حياته، وضرورة شكرها، فقال في محكم كتابه: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ﴾ (الأحقاف: 15).

أيّها الأحبّة، إذا واظب العبد على شكر النعمة فإنّ سيستحضر في كلِّ أوقاته نِعَم الله عنده، ويدرك أكثر فأكثر قُدرة المنعم، وعلمه، وحكمته، ولطفه، وهو الله، خالق السماوات والأرض، ومدبِّر الأمر فيها، فيزداد حبّاً له، وتعلُّقاً به، وإخلاصاً في العبوديّة له، والتقرُّب إليه.

أمّا وقد عرف الإنسان نِعَم الله عليه، فكيف يمكن له أن يشكر هذه النِّعَم؟ نستمع إلى هذا التقرير، ثمّ نتابع.

3ـ كيف نشكر الله على نعمه؟

أيكفي لشكر النعمة أن يقول العبدُ: «الشكر لله»؟!

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ﴾ (سبأ: 13).

هذه الآية الكريمة توضِّح لنا أنّ الشكر الحقيقي لا يتمّ بكلماتٍ ننطق بها، سرعان ما تختفي وتتلاشى، وإنّما الشكر الكامل سلوكٌ عمليّ يكشف عن التقدير والاحترام والامتنان لوليّ النعمة.

إذاً الشكر صنفان: ناقص؛ وكامل.

فالشكر القوليّ هو الشكر الناقص، والشكر العمليّ هو الشكر الكامل.

كيف نشكر الله سلوكاً وعملاً؟

أن ينعم الله عليك بنعمةٍ يعني أنّه يريد أن يُرضيك، فيجب عليك في المقابل أن تقوم بما يُرضيه، من خلال الالتزام بأوامره ونواهيه. هذا أوّلاً.

وثانياً: إذا أنعم الله عليك بنعمة المال أو الرزق أو الجاه أو السلطة أو القوّة أو البيان أو العقل فلا تستعملنّ هذه النعمة في معصية الله. وإلى هذا المعنى يشير أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) بقوله: «أقلّ ما يلزمكم لله أن لا تستعينوا بنِعَمه على معاصيه».

وثالثاً: أن تحفظ هذه النعمة بصرفها في محلِّها الصحيح، ولا تضيِّعْها بالإسراف والتبذير والهَدْر وسوء التدبير، فإنّها تزول عنك، ولا تعود مجدَّداً.

ورابعاً: أن تعلم أنّ الله عندما أنعم عليك جعل لك في هذه النعمة شركاء، وينبغي أن تؤدّي إليهم نصيبهم.

وخامساً: أن تعرف أن نِعَم الله أمانةٌ لديك، فلا تفرِّطْ في الأمانة، ولا تستهلكْها كلَّها، فهي لك ولمَنْ بعدك من الأجيال، فخُذْ نصيبك ودَعْ للآخرين نصيبهم.

ربَّنا أوزِعْنا أن نشكر نِعَمَك التي أنعمتَ بها علينا، وعلى رأسها نعمة الإسلام والهداية للدين القويم، وولاية محمد وآله الطيّبين الطاهرين.

والسلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته.



أكتب تعليقك