1 يناير 2014
التصنيف : برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)
لا تعليقات
2٬770 مشاهدة

الحلقة السابعة من برنامج (آيات)، على قناة الإيمان الفضائية: عالم البرزخ

007-دعاية برنامج آيات3

(بتاريخ: الاثنين 18 ـ 11 ـ 2013م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِي * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِي مَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (المؤمنون: 99 ـ 100) (صدق الله العليّ العظيم).

الموتُ لا والدٌ يُبْقي ولا وَلَداً

هذا السبيلُ إلى أنْ لا ترى أَحَداً

هذا النبيُّ ولم يخلُدْ لأمَّتِهِ

لو خلَّد اللهُ بَشَراً قبلَه خَلُدا

ولا بدّ من يومٍ ينتقل فيه الإنسان من هذه الدنيا الفانية إلى دار الآخرة، دار القرار، ونشهد في كلّ يومٍ رحيل أحبَّتنا عن هذه الدنيا، يفارقوننا زرافاتٍ ووِحْداناً، فإلى أين يصيرون، والقيّامة لمّا تقُمْ بعد؟

سؤالٌ يرِد في أذهان الكثيرين. والجواب عنه ما قرأناه قبل قليلٍ: ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾. إذاً هم في عالَم البَرْزَخ، ينتظرون النَّفْخَ في الصُّور: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ﴾. ﴿يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً﴾، ﴿يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ﴾.

أيّها الأحبّة، ما هو عالَم البَرْزخ؟ وأين هو؟ وقبل الإجابة نستمع وإيّاكم إلى هذا التقرير، ثمّ نتابع.

1ـ ما هو عالم البَرْزَخ؟

البَرْزَخ ـ كما أشار بعض الإخوة في هذا التقرير ـ مرحلةٌ وَسَطٌ، وحدٌّ فاصلٌ، وحاجزٌ مانعٌ بين شيئين. قال تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ﴾ (الرحمن: 19 ـ 20). وقال أيضاً: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً﴾ (الفرقان: 53). فالبحر بحران: حلوٌ؛ ومالح. وهما متجاوران. ولكنّ الله سبحانه وتعالى بعظيم قدرته ولطيف صنعه وحكمته حال بينهما، بما يمنع أحدَهما من تجاوز الحَدِّ على الآخر، فلا الحلو يصير مالحاً، ولا المالح يصير حلواً.

وقد قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ﴾ أنّ المراد بالبحرَيْن عليٌّ وفاطمة(عما)، وأنّ رسول الله(ص) هو الحدُّ الفاصل بينهما، المانع لبغيهما وتجاوزهما.

وهذا ما لا نرتضيه؛ لما يتضمّنه من إساءة لأمير المؤمنين وسيّدة نساء العالمين(عما)، وكأنّه لا يحجزهما عن البغي والعدوان إلاّ وجودُ رسول الله(ص) بينهما، فماذا لو غاب(ص) عنهما؟! وقد غاب فعلاً، ولو لمدّةٍ قصيرة، ولم يحصل بغيٌ ولا عدوان، تنزَّه عن ذلك محمدٌ وآلُ محمد(ص)، فهم المعصومون الطاهرون.

وبالعودة إلى معنى البرزخ نقول: هو حياةٌ تفصل بين الدنيا والآخرة، فإذا ما قبض ملك الموت الكريم عزرائيل(ع) روح الإنسان من جسده، وأصبح جثّة هامدة، لا روح فيها ولا حياة، أي افترقت الروح عن الجسد، فتلك حياةٌ من نوعٍ آخر، حياةُ الروح خارج الجسد. تلك حياةٌ وَسَطٌ بين الدنيا والآخرة، فلا هي تخضع لسنن الله في هذه الحياة الدنيا، كما أنّها لا تخضع لما أعدّه الله من حياةٍ للكائنات يوم القيامة، وإنّما هي حياةٌ وَسَطٌ بين الدنيا والآخرة.

وهكذا نعرف أيّها الأحبّة أنّ الروح خالدةٌ لا تموت، وإنّما هي تنفصل عن الجسد فيموت الإنسان، ثمّ تعود إليه يوم القيامة فيحيا من جديد.

إذاً الأرواح حيّةٌ، ولا تموت، سواءٌ كانت لنبيٍّ أو وصيٍّ أو شهيدٍ أو كافرٍ أو مجرمٍ أو فاسق، وإنّما يمتاز الذين قُتلوا في سبيل الله بأنّهم ـ كبقيّة المؤمنين ـ: ﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَنْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: 169 ـ 171).

ومن هنا نؤكِّد أنّ الأنبياء والأوصياء والأولياء(عم) أحياءٌ غير أمواتٍ، يسمعون كلام مَنْ يخاطبهم، ويطلبون من الله قضاء حوائج مَنْ يتوسَّل بهم إلى الله سبحانه وتعالى.

أمّا أَيْن هو البَرْزَخ؟

فقد جاء في بعض الروايات أنّ القبر إمّا أن يكون روضةً من رياض الجنّة أو حفرةً من حُفَر النار، ما يوحي بأنّ روح الإنسان تبقى في هذا المحيط، وهو القَبْر، وفيه تتنعَّم إنْ كانت من أهل النعيم، أو تشقى إنْ كانت من أهل الجحيم.

وفي رواياتٍ أخرى أنّ الأرواح تلحق بمكانها المُعَدّ لها في الجنّة، ولا تعود إلى القبر إلاّ حين ينفخ في الصور للمرّة الثانية، فتعود الأرواح إلى الأجساد، وتبدأ القيامة.

وخلاصة القول: إنّ البَرْزَخ هو ما بين الموت إلى يوم القيامة، فبمجرّد أن تفارق الروح البدن فقد دخل الإنسان عالم البَرْزَخ، وواجه عقباتِه الكثيرة. فهل من فرقٍ بين حياة المؤمن والكافر في عالم البَرْزَخ؟ نستمع إلى ما يعتقده بعض المؤمنين في هذا التقرير، ونتابع.

 2ـ هل هناك فرقٌ بين حياة المؤمن والكافر في عالم البَرْزَخ؟

من الضروريّ أن لا يتساوى المؤمنُ والكافر في القبر؛ إذ يقبح عقلاً مساواة المُجْرم بالمُحْسن: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ (القلم: 35 ـ 36). وذلك هو مقتضى العدل الإلهيّ. وعليه فإنّ حياة المؤمن تختلف عن حياة الكافر اختلافاً جذريّاً، بدءاً من العَقَبة الأولى التي تواجههما إلى بقيّة العَقَبات الكثيرة.

وأوّل هذه العَقَبات سؤال القبر، والكُلّ مسؤولٌ، ولا محيص عن الجواب؛ فمَنْ انطلق لسانُه بالجواب الصحيح، بالعقيدة الحقّة، بالمعارف الإلهيّة، نجا؛ ومَنْ انعقد لسانه؛ لجهله أو سهوه، امتلأ قبره ناراً وعذاباً مُقيمَيْن.

أيّها الأحبّة، هي عقبةٌ كؤود لمَنْ لم يتجهَّزْ لها. ولعلَّه لهذا السبب أُمرنا بالوصيّة، وجوباً أو استحباباً، الوصيّة نكتبها بأنفسنا؛ لأنّ المطلوب أن نحفظ أسس عقيدتنا: مَنْ هو ربّنا؟ وما هو ديننا؟ وما هو كتابنا ودستورنا؟ ومَنْ هو نبيّنا؟ ومَنْ همّ أئمّتنا؟ فإذا لم نعلم أصلاً، وتلك طامّة كبرى، أو إذا لم نحفظ ما عَلِمْناه، فذلك خزيٌ وعار، ولا تنفعنا هناك وصيّةٌ كتبها لنا الشيخ الفلاني، أو أخذناها من المكتبة مطبوعةً منمَّقةً.

أيّها الأحبّة، إذا تجاوزنا هذه العقبة فسنكون أمام عقبةٍ أخرى، أشدِّ وأدهى، ألا وهي ضغطة القبر، التي لا ينجو منها إلاّ مَنْ شاء الله.

وهذا ما نستوحيه من فعل رسول الله(ص) بالسيّدة الجليلة فاطمة بنت أسد، أمّ مولانا أمير المؤمنين عليّ(ع)؛ حيث لما أرادوا دفنها اضطجع(ص) في قبرها، ثمّ لفّها بقميصه، ثمّ لقّنها الشهادة لله بالألوهيّة والوحدانيّة، وله(ص) بالرسالة، ولابنها عليٍّ بالإمامة والولاية. فسُئل عنّ سبب ما فعله؟ فقال: أمّا اضطجاعي في قبرها فلكي لا تصيبها ضغطة القبر؛ وأمّا لفّها بقميصي فلئلاّ تخرج عاريةً يوم القيامة…

إذاً ضغطةُ القبر لا منجى منها، حتّى للصالحين والصالحات، فالكُلُّ سيشهدها.

ومن العَقَبات أيضاً فناءُ هذا الجسد بمشهدٍ من الروح، فذاك الجَسَد الناعم الذي كُنّا نخاف عليه من الشوك والنار والتراب والماء، يتبدَّل، ويتحوّل دوداً تتنقَّل حيث يحلو لها. ولله درُّ إمامنا عليِّ بن محمد الهادي(ع)، وقد أرسل المتوكِّل يوماً في طلبه، فدخل عليه، فقدَّم له الخبيثُ خمراً؛ استهزاءً بحرمة الإمام(ع)، فقال: «واللهِ، ما خامَرَتْ لحمي ودمي، ثمّ أنشأ يقول:

باتوا على قُلَلِ الأجبال تحرسُهم

غُلِب الرجالُ فلم تنفعهم القُلَلُ

واستُنزلوا بعد عزٍّ من معاقلِهم

وأُسْكِنوا حُفَراً يا بئس ما نَزلُوا

ناداهُمُ صارخٌ من بعد دفنهِمُ

أَيْن الأساورُ والتيجانُ والحُلَلُ

أَيْن الوجوهُ التي كانت منعَّمةً

من دونها تُضرب الأستارُ والكِلَلُ

فأفصح القبرُ عنهُمْ حين ساءَلَهُم

تلك الوجوهُ عليها الدودُ يقتتلُ

قد طالَ ما أكلوا دهراً وقد شربوا

وأصبحوا اليومَ بعد الأكل قد أُكِلوا».

كلّ ذلك بمحضرٍ من الروح الحيّة، فتتألّم لمصير رفيقها لسنواتٍ طوال، ذلك الجسد الذي أصبح بذاك الشكل المخزي.

نعم، قد يحفظ اللهُ بعضَ الأبدان عن الفناء، وعن هذا المصير، إلاّ أنّ ذلك سرٌّ من أسرار الله، لا يُطْلِع عليه أحداً، ولا يمكن الركونُ في هذا المجال إلى ما تتناقله الألسنُ بين الفَيْنة والأخرى من حادثةٍ هنا وحادثةٍ هناك.

أيّها الأحبّة، في القبر، في عالم البرزخ، يستشرف كلٌّ من المؤمن والكافر مصيرَه يوم القيامة، فمَنْ كان قبره روضةً من رياض الجنّة فهو إلى دار النعيم، ومَنْ كان قبره حفرةً من حُفَر النار فهو إلى نار الجحيم. فكيف يستعدّ الإنسان لهذا العالم، سؤالٌ ينبغي أن يقلق وجودنا وحياتنا، وأن نجد له الجواب الوافي والشافي قبل فوات الأوان. وقبل الإجابة نستمع وإيّاكم إلى هذا التقرير، فلنشاهده.

3ـ كيف يستعدّ الإنسان لعالم البَرْزَخ؟

لا يختلف المطلوب للنجاة في البَرْزَخ عن المطلوب للنجاة يوم القيامة. فعلى الإنسان أن يبني عقيدتَه، التي سيتمحور حولها سؤال منكر ونكير في القبر، أن يبني تلك العقيدة بشكلٍ صحيح، من خلال البحث والجِدّ والاجتهاد. ففي العقيدة لا يجوز التقليد، وإنّما هو البحث والسؤال والاستفهام حتّى تحصيل القناعة الراسخة بما سيؤمن به، ويعقد عليه قلبه ونيَّته. وهذا ما سيُحاسب عليه في القبر، ويوم القيامة.

لا بدّ من الاهتمام بأصول العقيدة، ومتعلَّقاتها: كضرورة وجود الله، وتوحيده؛ وضرورة بعثة الأنبياء، ومَنْ هم؟ ومَنْ هو نبيُّنا في هذا الزمان؟؛ وضرورة المعاد، لتحقيق العدالة، فلا يكون المُحْسن كالمُسيء؛ والعَدْل؛ والإمامة بما تمثِّله من استمرارٍ لخطّ النبّوة وحركتها؛ وهكذا يتعمَّق أكثر فأكثر في تفاصيل هذه الموضوعات، ممّا سيُسأل عنه في قبره ويوم القيامة.

أمّا بعض الموضوعات الهامشية التي لن يُسأل عنها، ولن تقدِّم أو تؤخِّر في حسابه شيئاً، كالرَّجْعَة، هل هي رَجْعَةُ شخصِ الأئمّة(عم) للانتقام من أعدائهم أو هي رَجْعَة نهجهم الذي هو نهج الحقّ، ولا حقَّ سواه؟ هذا علمٌ لا ينفع مَنْ علمه، ولا يضرّ مَنْ جهله.

المهمّ أن نجهِّز أنفسنا لنكون في عداد جُنْد المهديّ(ع) وحزبه، وإلاّ فماذا سينفعنا أن يعود هو وبعضُ أجداده أو أن يعود نهجُهم إذا كنّا في مَنْ يقف لمحاربتهم. نستعيذ بالله أن نكون من الهالكين بذلك.

أيّها الأحبّة، نستعدّ لعالم البَرْزَخ بالعمل الصالح، نحمله معنا إلى قبورنا، ويرافقنا في رحلتنا الطويلة تلك، فإمّا أن يدخلنا جنّةً ونعيماً، أو يوردنا عذاباً وجحيماً.

ونستعدّ لعالم البَرْزخ بالتربية الصالحة لأولادنا فقد ورد عن النبيّ(ص) أنّه قال: «إذا مات المؤمن انقطع عملُه إلاّ من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له».

فإنْ كانت لديك أموالٌ فاغتنِمْ الفُرْصة، وانظُرْ لنفسِكَ، فأنفِقْ شيئاً من مالك ـ ولا نقول: أنفِقْ كلَّ المال؛ كي لا يكون إلقاءً للنفس في التهلكة أو المَذلّة: ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (البقرة: 195) ـ، فأنفق شيئاً من مالك صدقةً في بناء مسجدٍ، أو مدرسةٍ، أو مستشفى، أو مبرّةٍ، أو أيّ عملٍ من أعمال البِرِّ والإحسان، فإنّ ذلك هو ذخرُك لقبرك، وهو حسابٌ مفتوحٌ مستمرٌّ إلى ما بعد الموت.

وهكذا إذا كنتَ عالِماً، فلا تحبِسْ نفسَك في البيت، ولا تحتجِبْ عن عباد الله، وإنّما اخرُجْ إلى الناس، مارِسْ وظيفتَك في تبليغ الناس وإرشادهم، اخطِبْ، حاضِرْ، درِّس، ألِّف كتاباً، اكتُبْ مقالاً، وانشره كي يستفيد الناس منه، يبقَ هذا العمل العلميّ ذخيرةً لك في صحيفة أعمالك، ويرافقك إلى قبرك، فتسعَدَ به.

وممّا ينفعُك في قبرك سيرةٌ عطرةٌ بين الناس، فيتذكَّرونك بما عَهِدُوه فيكَ من مكارم الأخلاق، فيترحَّمون عليكَ، ويقرأون لك الفاتحة وبعض آيات القرآن، فينالك ثوابها وأنتَ في قبرك، وفي أمسّ الحاجة إليه.

أيّها الأحبّة، البَرْزَخ حياةٌ روحيّة فاصلةٌ بين الدنيا والآخرة، ينعم فيها المؤمن ويشقى الكافر، مستشرفَيْن مصيرَهما يوم القيامة. ولكنْ يمكننا أن نستعدّ لأهوال ذلك العالم منذ اليوم، فاليومَ عملٌ ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل. فالعَجَل العَجَل بالعمل الصالح والأخلاق الطيِّبة؛ فإنّها ذخرٌ في القبر، ويوم القيامة، ﴿يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ (الشعراء: 88 ـ 89).

اللهمّ، إنّي أسألك الراحةَ عند الموت، والمغفرةَ قبل الموت، والعَفْوَ عند الحساب، ورضاكَ والجنّةَ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

والسلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته.

 



أكتب تعليقك