12 مارس 2014
التصنيف : حوارات
لا تعليقات
4٬328 مشاهدة

(عقائد الإماميّة) للمظفَّر، عرضٌ وتقييم

دعاية برنامج واستراح القلم-عقائد الإمامية

حوارٌ مع الإعلاميّة الأخت رولا فرحات،

في برنامج (واستراح القلم)، على قناة الإيمان الفضائيّة

ويمكنكم مشاهدتها على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=oLI44vpjC18

(بتاريخ: السبت 22 ـ 2 ـ 2014م)

عقيدتنا في النظر والمعرفة

1ـ اعتبر الشيخُ المظفَّر أنّ البحث عن المعرفة، والتفكُّر للوصول إلى العقيدة الصحيحة، هما واجبان بحكم العقل، وبغضِّ النظر عن النصوص الشرعيّة… ما هو دليله؟

الجواب: عندما يرى الإنسان نفسه موجوداً في هذا الكون الفسيح، ويرى أنّ كلَّ ما في هذا الكون مسخَّرٌ لخدمته، وتأمين راحته، فمن الطبيعي أن يتساءل مَنْ الذي أوجدني؟ ولأيِّ غايةٍ؟ وما هي نهايتي؟ وهذه هي الأسئلة التي تشكِّل أجوبتُها أساسيّات العقيدة: وجود الخالق المدبِّر الإله، وتوحيده؛ ووجود الأنبياء الذين يعرِّفوننا سبيل تحقيق الغاية التي من أجلها وُجدنا؛ ووجود اليوم الآخر الذي يُثاب فيه المحسنون ويُعاقب فيه الظالمون، وإلّا تساوى المحسن والمسيء، وهو ما يستقبحه العقل السليم.

كذلك عندما يدرك الإنسان حقيقة النِّعَم التي يتمتَّع بها، وأهمُّها الوجود، فإنّ عقله يحكم عليه بضرورة شكر المنعم، ولا بدَّ أن يتعرَّف عليه أوّلاً، ثمّ يتعرَّف على ما يرضيه ويسخطه، وإلّا فقد يصدر منه ما يسخطه وهو يظنّ أنّه يشكره ويرضيه. ومن هنا يثبت بحكم العقل ضرورة التعرُّف على الخالق والمدبِّر، وعلى ما يرضيه ويسخطه، وهذا لا يكون إلّا من خلال الأنبياء(عم)، وصولاً إلى الالتزام بهذه التشريعات الإلهيّة؛ لئلّا يكون من مرتكبي القبيح، وهو عدم شكر المنعم، أو مبادلة الإحسان بالإساءة.

وممّا يحكم به العقل أيضاً أنّ مرتكب القبيح لا بدّ أن ينال عقابه، وفي الدنيا نشهد كثيراً من مرتكبي القبائح يتساوون مع المحسنين، بل قد ينالون من نعيم الدنيا ولذائذها أكثر من المحسنين، فمتى سيكون الجزاء العادل؟ إنّه في يوم معادٍ وحساب، ينال فيه كلٌّ جزاء عمله.

 النبوّة لطفٌ

2ـ بأسلوبٍ ممنهج، ودليلٍ عقليّ مميَّز، استطاع الشيخ المظفَّر إثبات ضرورة أن يرسل الله تعالى أنبياء… حبَّذا لو تضيئون على لمعة الشيخ في استدلاله.

الجواب: لقد اعتمد الاستدلال هنا على مقدّمتين في غاية الأهمّيّة، وإنْ كان كثيرون لا يلتفتون إليهما، أو يتغافلون عنهما:

الأولى: إنّ الإنسان موجودٌ مخلوقٌ ضعيفٌ: ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً﴾ (النساء: 28)، ومحتاجٌ إلى مَنْ يزوِّده بالمعارف والعلوم التي تصلح لتنظيم حياته، ولتحقيق ما فيه الخير والمصلحة له ولذرّيّته وبنيه وسائر شؤونه. وأفضل هذه العلوم والمعارف ما يمنّ به عليه الله؛ لأنّه هو الخالق والصانع والمصوِّر، فهو الأخبر بحقيقة هذا الموجود، وما الذي يصلحه، وما الذي يفسده. لذلك نشاهد هذا الربط في أوَّل ما نزل على النبيّ في مفتتح الرسالة:  ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ (العلق: 1 ـ 5).

الثانية: إنّ الخالق عزَّ وجلَّ جامعٌ لصفات الكمال، فهو العالِم المطلق، وهو القادِر القاهِر، وهو المريد الذي لا يعوقه شيءٌ عن إرادته، وهو المحبّ لكلِّ خير، ومن الحسن والخير أن يشكر المخلوق خالقَه بما يحبّه ويرضاه، أي باتّباع تعاليمه وإرشاداته وإرادته.

فالنتيجة أنّه لا بدَّ من بيان هذه التعاليم والشرائع. وبذلك يثبت ضرورة إرسال الأنبياء الحاملين لهذه التعاليم، والمكلَّفين بإبلاغها للناس كافّةً. وهذا معنى أنّ الله لطيفٌ بعباده، يحبّ لهم الخير والتكامل، ومقتضى ذلك أن يفتح لهم أبواب الهدى، ويوصل إليهم تعاليمه؛ ليمكنهم التقرُّب إليه بطاعته وعبادته والتزام كافّة أوامره ونواهيه.

عقيدتنا في الإسلام

3ـ مَنْ يقرأ هذا الكتاب، يظنّ ـ للحظة ـ أنّ الشيخ المظفَّر يعيش في زماننا هذا؛ يقول: «وإذا كنا نشاهد اليوم الحالة المُزرية عند الذين يُسمُّون أنفسهم بالمسلمين؛ فلأنّ الدين الإسلامي في الحقيقة لم يطبَّق بنصِّه وروحه…». فللشيخ رؤيةٌ راقية عن الإسلام… حبّذا لو توضِّحون مقاربته وكلامه عن الإسلام.

الجواب: ليست هذه الرؤية التي يطرحها الشيخ المظفَّر(ر) من مختصّاته، فجميعُ المسلمين دون استثناءٍ يقرّون ويعترفون بأنّ الالتزام بتعاليم الإسلام هو الطريق الوحيد لصلاح الدنيا والآخرة. وكيف لا يكون ذلك وأهمّ ما يطلبه الإنسان في هذه الحياة الأمن والسلام والصحّة والعافية والرخاء المعيشي.

أمّا الأمن والسلام فهو من ركائز الإسلام، حتّى لقد قدَّمه أبو الأنبياء خليلُ الله إبراهيم(ع) في دعائه على ترك عبادة الأصنام، وكأنَّه يريد الإشارة إلى أنّ الأمن والسلام مساعِدٌ على التوحيد المعرفي والعَقْدي والعملي: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾ (إبراهيم: 35).

وأمّا الرخاء المعيشي فقد جاء في القرآن الكريم أنّ الالتزام بما أُنزل من عند الله هو سببٌ تكوينيّ للرفاه والرخاء في المعيشة، فقال: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ (المائدة: 66).

إذاً هو سوءُ العمل يؤدّي إلى ما نشهده اليوم في الساحة، هو الخطأ في التطبيق، هو الانحراف عن جادّة الصواب، هو اتّباع الهوى والشهوات، هو طول الأمل، هو الركون إلى الدنيا، هو التخلّي عن التعاليم الدينيّة الحقّة، كلُّ ذلك أوصل الأمّة إلى ما هي عليه اليوم من التناحر والتقاتل والتشتُّت.

فالأمانة ضائعةٌ، فالغيبة والنميمة والتجسُّس والغُشّ والرِّبا والسَّرِقة والرَّشْوة والفساد المالي و… لم تُبقِ على شيءٍ من الأمن والسلام بين الناس.

والصدق مهجورٌ، فالتهمة والافتراء والإشاعات وتشويه صورة الأخ المسلم أو الشريك في الوطن أو النظير في الخَلْق و…، وفي المقابل الإطراء الزائف ومعاونة الظالم ومداهنة القاتل والفاسد و…، جعلت من الكذب ملحَ الرجال، ودبلوماسيّةً ناجحة، وحنكةً وحكمة. كلُّ ذلك بعيداً عن نهج الحقّ، نهج عليّ بن أبي طالب(ع) حين قال: «واللهِ، ما معاويةُ بأدهى منّي، ولكنَّه يغدر ويفجر. ولولا كراهية الغدر لكنتُ من أدهى الناس، ولكنْ كلُّ غَدَرة فَجَرة، وكلُّ فَجَرة كَفَرة. ولكلِّ غادرٍ لواءٌ يُعرَف به يوم القيامة». (نهج البلاغة 2: 180).

والتكافل معدومٌ، حتّى في ما أوجبه الله على الأغنياء من حقٍّ معلوم للسائل والمحروم، فما عادوا يدفعون الخُمْس والزكاة؛ لأسبابٍ عديدة، يطول بيانُها.

وهذه الأمور هي جوهر العبادة، وروح الشريعة، ولا قيمة لعبادةٍ لا تُترجَم سلوكاً عمليّاً في واقع الحياة، من خلال أداء الأمانة؛ وصدق الحديث؛ والتكافل الاجتماعي.

عقيدتنا في الإمامة

4ـ لقد تطرَّق الشيخ المظفَّر إلى نقاطٍ عدّة في هذا المبحث، كعدم جواز التقليد في موضوع الإمامة ـ وأنها لطفٌ، كالنبوّة… ـ، كيف وصل الشيخ إلى نتيجة: «لا يخلو عصرٌ من العصور من إمامٍ مفروض الطاعة».

الجواب: من الجميل جدّاً هذه اللفتة الكريمة من الشيخ المظفَّر(ر)، حيث يؤكِّد أنّ العقائد من الأمور التي لا يجوز فيها التقليد، بل لا بدَّ فيها من البحث والفحص عن الدليل القطعيّ الذي يرفع كلَّ شكٍّ أو ريب من نفس الإنسان، فيعتقد بما يوصله إليه الدليل.

وكأنَّه هنا يعرِّض ببعض أتباع المذاهب الإسلاميّة الذين لم يكلِّفوا أنفسهم عناء البحث عن الدليل على أحقِّيّة هذا أو ذاك في خلافة النبيّ(ص)، وقيادة الأمّة الإسلاميّة من بعده.

وهنا أودّ الإشارة إلى أنّ هذا الكلام يطاول أيضاً بعض الذين يعتقدون بأئمّة أهل البيت(عم) تَبَعاً لآبائهم وجدودهم، دون أن يتعرَّفوا على الدليل والبرهان على كلِّ مفردةٍ من المفردات العَقْديّة التي يؤمنون بها، ويروِّجون لها.

ولئن كان أغلب أتباع أهل البيت(عم) يحيطون علماً بالدليل على ولايتهم وإمامتهم وأفضليّتهم وأحقّيّتهم؛ نتيجة اتّساع دائرة الدعوة والتبليغ المذهبي ـ وهذا أمرٌ جيِّدٌ وضروريّ، وإنْ كان لنا بعض الملاحظات على بعض الأساليب المتَّبعة هنا وهناك ـ، فإنَّ المسلمين عموماً ـ وللأسف الشديد ـ لا يمتلكون مثل هذه الإحاطة بأدلّةِ حقّانيّة الدين الإسلامي ككُلٍّ، والأدلّةِ التي يطرحها أتباع الديانات الأخرى لتصحيح اعتقاداتهم، والأجوبةِ عليها، ما يجعلهم في معرض الخطر من السقوط في شَرَك أتباع تلك الديانات، ولهذا يحرِّم الفقهاء على المسلمين قراءة كتب الضلال، ومنها كتب الديانات الأخرى، غير الإسلام؛ خوفاً عليهم من التأثُّر بها، وبما فيها من أفكارٍ خاطئة، بينما لا يحرِّمون على أتباع مذهبٍ إسلامي أن يقرأ كتب أتباع المذهب الآخر؛ ربما لثقتهم بأنَّهم محصَّنون تجاه هذا المذهب وذاك بما فيه الكفاية، فلَيْتَهم يتحصَّنون تجاه الأديان الأخرى بالمقدار نفسه.

وحين يكون الدليل على ضرورة نصب الإمام هو نفسه الدليل على ضرورة إرسال الأنبياء، وهو اللطف الإلهيّ بعباده، فيقرِّبهم إلى الطاعة؛ لأنّه يحبّ لهم الخير والكمال، فمن الطبيعي أنّه لا يمكن لمجتمعٍ إنسانيّ أن يخلو من الإمام المفترض الطاعة، وإلّا كان ذلك نقصاً في اللطف الإلهيّ.

نعم، قد يغيب الإمام عن أعين الناس لحكمةٍ ومصلحة، وربما كانت غَيْبتُه لعدم استعداد ولياقة الناس لاستقباله واتِّباعه، فيكونون ممَّنْ جنى على نفسه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (الأنفال: 53)، وقد كان ظاهراً فخذلوه، وقتلوه، وأَسْلَموه، فغاب عنهم، ولن يعود إلّا بضمان أنَّهم لن يعودوا لما فعلوه، فغَيْبتُه بما كسبَتْ أيدينا، وظهوره رهنٌ بسلوكنا، ونحن الذين نؤجِّل ظهوره، مهما علَتْ أصواتُنا: «اللهمّ عجِّلْ لنا ظهوره»، أو «وعجِّلْ فرجهم»، أو «متى الفرج يا مولاي»، أو ما إلى ذلك من شعارات ونداءات.

عقيدتنا في صفات الإمام وعلمه

5ـ من مميِّزات الشيخ المظفَّر أنّه يحاول إثبات نظريّة «علم الإمام بحقيقة الأمور» من خلال «الأبحاث النفسيّة للإنسان العادي». حبَّذا لو تشرحون لنا كيفيّة استدلاله.

الجواب: يحاول الشيخ المظفَّر(ر) أن يقول: إنّ نفس النبيّ أو الإمام أكملُ من نفوس بقيّة الناس. ومعنى ذلك أنّ القوى الكامنة في هذه النفوس تتمايز عن القوى الكامنة في غيرها، من حيث الشدّة، فهي أشدُّ ممّا هو في الآخرين. ومن تلك القوى قوّة الإلهام، التي يشعر بها ويشهدها كلُّ واحدٍ منّا في حياته، لمرّاتٍ عديدة. إذاً لا مجال لإنكار وجودها في النفس البشريّة. وهذه القوّة موجودةٌ في النبيّ والإمام بشكلٍ أكمل ممّا هي عليه عند غيرهم، وبها تحصل للنبيّ والإمام انكشافاتٌ وتجلّيات، ويحصِّل علوماً ومعارف، من دون مقدّمات أو تلقين.

ولكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه بقوّةٍ هنا: لماذا نشهد في تراثهم الصحيح ما يؤكِّد أنّهم(عم) كانوا يجهلون بعضَ الحقائق، التي لا يحسُن الجهلُ بها، ومع ذلك لم تحصل لهم هذه الانكشافات، فهل أنّهم لم يريدوا أن يعلموا؟! طبيعة هذه الوقائع تؤكِّد أنّ العلم مهمٌّ هاهنا، ومع ذلك لم يعلموا، ومارسوا حياتهم كبقيّة الناس (أكل بيضة الرِّبا ثم قيؤها / الزوجة الناصبيّة / السمك الجِرِّيث).

عقيدتنا في المهديّ

6ـ بمقاربةٍ رائعة، استطاع الشيخ المظفَّر إثبات العقيدة في المهديّ عند عامّة البشر، فقال: «ولأجل ذلك آمنَتْ بهذا الانتظار جميع الفرق الإسلاميّة، بل الأمم من غير المسلمين». كيف قارب المسألة، وخاصّةً مسألة حياة المهديّ(عج) من ولادته إلى الآن.

الجواب: مهما كان الاختلاف بين المسلمين وغيرهم من جهةٍ، والمسلمين فيما بينهم من جهةٍ أخرى، حول هويّة وحياة المنقِذ والمخلِّص، فإنّ الثابتَ الوحيد في ذلك هو إيمانُ البشر كلِّهم بيومٍ تعود البشريّة فيه إلى ما ينبغي أن تكون عليه، إلى الأمن والسلام والخير والعَدْل المطلق، ولو بمعنى أنْ يؤخَذ للمظلوم حقُّه من الظالم؛ فقد لا نوافق على أنّ الارض ستخلو من الظلم والحَيْف والعدوان نهائيّاً، ولكنْ سيكون هناك مَنْ ينتصر للظالم، ويستردُّ له حقَّه من ظالمه، وبسرعةٍ، لا كما تضيع الحقوق اليوم.

هذا الانتظار ليومٍ تتحقَّق فيه العدالة هو الثابتُ والقاسم المشترك بين الأمم، المسلمين بكلِّ مذاهبهم وغيرهم.

وقد يُشكِل البعض على تفصيلٍ هنا أو هناك، كولادته منذ أكثر من ألف سنةٍ، وعمره المديد، وضرورة هذه الأمور، وسبب اختفائه، وما إلى ذلك من التفاصيل الجزئيّة، التي لا تطاول أصلَ فكرة وجود المخلِّص.

وطبعاً بحسب العقيدة الشيعيّة الإماميّة الاثني عشريّة فإنّ المخلِّص والمنقِذ هو محمد بن الحسن العسكريّ المهديّ(عج)، الذي وُلد في سنة 255هـ، وعاش متستِّراً لمدّة خمس سنوات في كنف أبيه، ثمّ عاش 70 سنةً في غَيْبةٍ صغرى، وصولاً إلى الغَيْبة الكبرى، التي يعيشها الآن، ولا يظهر فيها على أحدٍ من الناس، ولا يجوز لأحدٍ أن يدَّعي مشاهدته، وإلّا كان كاذباً؛ لقوله(عج) في توقيعه إلى سفيره الرابع عليّ بن محمد السَّمْري: «وسيأتي من شيعتي مَنْ يدَّعي المشاهدة، ألا فمَنْ ادَّعى المشاهدةَ قبل خروج السفياني والصَّيْحة فهو كذّابٌ مفترٍ» (الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: 516).

عقيدتنا في التقيّة

7ـ دافع الشيخ المظفَّر عن «التقيّة»، وجعلها أمراً «تقتضيه فطرة العقول»؛ ثمّ عرض لمسألة استغلالها من البعض للتشنيع على الإماميّة. حبَّذا لو تضيئون لنا عمق الشيخ المظفَّر في هذا المبحث.

الجواب: ما هو الإشكالُ على التقيّة؟

قد يُقال: إنّها كَذِبٌ، ولو من خلال السلوك، فالمُتَّقي يمارس شيئاً وهو يعتقد خلافَه، والكَذِب حرامٌ.

وجوابه: هل الكِذْب حرامٌ مطلقاً؟ تماماً كما يحقّ لنا أن نسأل: هل الميتة حرامٌ مطلقاً؟ وهل الخمر حرامٌ مطلقاً؟

ماذا لو توقَّفت حياة الإنسان على شرب الخمر أو أكل لحم الميتة، بمعنى أنّه إنْ لم يفعل هلك ومات؟ هل يبقى حكمهما هو الحرمة أو يصبح تناولهما واجباً؟

الكلام نفسه يأتي في موضوع الكَذِب. فنحن لا نقول بحلِّيّة الكَذِب، بل هو حرامٌ شرعاً، ولكنْ لو توقَّفت حياة الإنسان، أو كان قوله الحقّ أو عمله بما يعتقده يؤدّي إلى أذىً وضرر كبير عليه، فهل يبقى الكِذْب حراماً في حقِّه؟

هنا تحِلُّ التقيّة، وقد لا تصل حدَّ الوجوب. ومعنى التقيّة أن يقول أو يعمل خلاف ما يعتقد أنّه حقٌّ وصواب؛ حفاظاً على نفسه من الأذى والضرر، وصولاً إلى القتل.

وللأسف الشديد فإنّ جَوْر الحُكّام والسلاطين على مرِّ العصور دفع بأئمّة أهل البيت(عم) وشيعتِهم إلى ممارسة التقيّة، بدءاً من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) وانتهاءً بإمام زماننا المهديّ المنتظر(عج). فها هو مولانا جعفر بن محمد الصادق(ع) يقول: دخلتُ على أبي العبّاس السفّاح، وهو بالحِيرة، وقد شكَّ الناس في الصَّوْم، وهو واللهِ من شهر رمضان، فسلَّمتُ عليه، فقال: يا أبا عبد الله، أَصُمْتَ اليوم؟ فقلتُ: لا، والمائدةُ بين يدَيْه، قال: فادْنُ فكُلْ، قال: فدنَوْتُ، فأكلتُ، قال: وقلتُ: الصَّوْم معك، والفِطْر معك، فقال الرجل لأبي عبد الله(ع): تفطر يوماً من شهر رمضان؟! فقال: إي واللهِ، أن أُفطر يوماً من شهر رمضان أحبُّ إليَّ من أن يُضرَب عنقي. (الكليني، الكافي 4: 83).

وقد يُقال: فأين الصبرُ على الطاعة؟ والصبرُ عن المعصية؟ وأين التضحيةُ في سبيل الالتزام بتعاليم الإسلام؟

وجوابه: إنّ الله سبحانه وتعالى رفع عنّا ما يسبِّب الحَرَج والمشقّة، فقال: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحجّ: 78).

وأهلُ التشريع، محمدٌ وآل محمد، قد رخَّصوا لنا في إنقاذ أنفسنا بتغيير السلوك ظاهراً، بشرط أن يبقى عقدُ القلب على ما هو حقٌّ وصواب، وما وصل إلينا بالطُّرُق المعتَبَرة.

وعلى أيِّ حالٍ فالمسألة أنّ التقيّةَ جائزةٌ، ويمكن لمَنْ أراد أنْ يضحّي براحته وسعادته ورخاء عيشه أنْ لا يمارس التقيّة، ويتحمَّل الصعاب في سبيل إظهار الحقِّ للناس كافّةً.

كما أنّ التقيّة في بعض الأحيان تكون حراماً، كما لو وصلت إلى حدّ القتل، كأنْ يأمرني الظالم بقتل فلانٍ وإلّا قتلني، فهنا لا يجوز لي حفظُ نفسي بإهلاك غيري: فعن أبي جعفر الباقر(ع) قال: «إنّما جُعلت التقيّةُ ليحقَن بها الدماء، فإذا بلغ الدم فلا تقيّة» (البرقي، المحاسن 1: 259).

وعن أبي عبد الله الصادق(ع) أنّه قال: «إنّما جُعلت التقية ليحقَن بها الدم، فإذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة» (الطوسي، تهذيب الأحكام 6: 172).

عقيدتنا في الدعاء

8ـ إنّ اعتبار «الدعاء» من صلب عقيدتنا هو أمر يجب التوقُّف عنده؛ لأنّه يُشير إلى عقل الكاتب، الذي لا يقدِّم العقيدة بأدلّةٍ تجريديّة، بل يضيف عليها لمسةً من العاطفة والقلب التي يُعطيها الدعاء؛ لذا أفرد مبحثاً لذلك. كيف تقرؤون هذه الإشارة من الشيخ المظفَّر؟

الجواب: أعتقد أن الشيخ المظفَّر(ر) يستحضر هنا الأدعية المأثورة عن أهل البيت(عم)، والتي تشكِّل مدرسةً متكاملة المنهج في تربية الإنسان وتهذيب نفسه، وتعميق الأحاسيس والمشاعر الإنسانيّة فيه، وضبط إيقاع حركته الحياتيّة اليوميّة على ما جاء من تشريعات إلهيّة في القرآن الكريم، أو جاء به النبيُّ الكريم(ص).

من هنا كان الحديث عن الدعاء في كتابٍ مخصَّص لبيان العقيدة الإسلاميّة متناسباً تماماً.

مضافاً إلى أنّ للدعاء تأثيراً في ردِّ القضاء والبلاء، وهو ما ينفتح أيضاً على مباحث عَقْديّة، وإنْ كان الشيخ المظفَّر(ر) لم يتعمَّق في بيان هذه الناحية.

وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه يريد لهذه المباحث العقليّة، وأدلّتها التجريديّة، أن يلين وَقْعها، وتخفّ وطأتها، من خلال ما في كلمات الدعاء والمناجاة من عاطفةٍ ورِقّة، فهي لفتةٌ جميلة، ولعلّ هذا كان مقصوداً للشيخ المظفَّر(ر).

وهنا أؤكِّد على ضرورة مقاربة أدعية أهل البيت(ع) بدراساتٍ تخصُّصيّة توفِّيها شيئاً من حقِّها، ولكنْ هذا ما لم يتسنَّ له أن يبصر النور بعدُ.

أدعية الصحيفة السجّاديّة

9ـ لم يكتفِ الشيخُ المظفَّر بالتطرُّق إلى الدعاء بشكلٍ عامّ، بل ذهب إلى بعض الكتب المعروفة ـ وأيُّ كتابٍ أشهرُ من الصحيفة السجّاديّة ـ ليحلِّلها ويعدِّد امتيازاتها. حبَّذا لو تعدِّدون لنا هذه الميزات، مع شرح كلام الشيخ المظفَّر.

الجواب: الميزة الأساسيّة لأدعية الإمام زين العابدين(ع)، وهي كثيرةٌ، وبعضها جُمع في ما صار يُعرَف بـ «الصحيفة السجّاديّة»، أنّها صدرت عن الإمام المعصوم، حجّة الله على خلقه، الداعي إلى الله، الهادي إلى سبيله، في ظروفٍ لم يكُنْ يَسَعه فيها أن يبلِّغ رسالة ربِّه إلّا من خلال هذه الوسيلة.

إذاً هي ذات وظيفة تبليغيّة تربويّة تعليميّة، مضافاً إلى وظيفتها العباديّة والمعنويّة.

من هنا نلحظ في الصحيفة السجّاديّة كمّاً كبيراً من المفاهيم والوصايا والإرشادات والطروحات العقائديّة والفكريّة والاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والنفسيّة و…، بما يتناسب وطبيعة الدعاء، وقِصَر عباراته، وإمكان رواجه بين الناس دون أن يثير الحُكّام الظالمين، فيتعرَّضوا للإمام(ع) بسوءٍ.

وإنّ أهمّ ما تركَّزت عليه هذه الأدعية معرفة الله وتوحيده. ولعلّ الإمام(ع) يواجه من خلالها الصورة المغلوطة عن الله التي أرساها الحُكّام والسلاطين في نفوس الناس، وأشنعُ ما فيها أنّ هؤلاء المستبِدّين هم خلفاءُ الله وظلُّه في أرضه.

عقيدتنا في معنى التشيُّع

10ـ ولأنّ الشيخ المظفَّر ينظر إلى «التشيُّع» من الجانب الإنساني والأخلاقي الراقي فقد حشد بعض الأحاديث التي تبيِّن اهتمام الأئمّة بأخلاق أتباعهم. كيف قارب الشيخ المظفَّر مسألة «التشيُّع» واتّباع الأئمّة(عم)؟

الجواب: لقد كان الشيخ المظفَّر(ر) منسجماً تمام الانسجام مع ما جاء عن أهل البيت(عم) في معنى التشيُّع وحقيقته.

فليس التشيُّع أن يقول الرجل: أحبُّ عليَّ بن أبي طالب(ع)، ثمّ لا يكون فعّالاً، فلننظر إلى ما قاله إمامُنا الباقر(ع) ـ ولا أدري لِمَ حذفه الشيخ المظفَّر ممّا ذكره من حديث جابر الجعفي ـ يقول: «حسبُ الرجل أن يقول: أحبُّ عليّاً وأتولّاه، ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالاً؟! فلو قال: إنّي أحبُّ رسول الله، فرسولُ الله(ص) خيرٌ من عليّ(ع)، ثم لا يتَّبع سيرته، ولا يعمل بسنَّته، ما نفعه حبُّه إيّاه شيئاً» (الكليني، الكافي 2: 74).

إذاً فالتشيُّع ليس خفقةَ قلبٍ أو هَزَّة شعورٍ، وإنّما حقيقة التشيُّع أنّه ورعٌ عن المعاصي، واجتهادٌ في الطاعة، وعفّةٌ عن الحرام، وسدادٌ في الرأي والموقف.

ومن هنا نعتبر أنّ الشيخ المظفَّر(ر) كان موفَّقاً جدّاً في مقاربته لمعنى التشيُّع كما بيَّنه أهل البيت(عم)، لا كما يحلو لبعض المشايخ والسيّاد اليوم أن يروِّجوا له من أنّ «حبّ عليٍّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة»، و«سوَّدتُ صحيفة أعمالي ووكلتُ الأمر إلى حيدر»، وما إلى ذلك من أفكار أقلّ ما يُقال فيها: إنّها جانَبَتْ الصواب، وأغرَتْ الناس بالمعصية. وهذا ما لا يرضي الله، ولا رسوله، ولا أولياءه.

عقيدتنا في الدعوة إلى الوحدة الإسلاميّة

11ـ استهلّ الشيخ المظفَّر هذا المبحث بقوله: «عُرف آل البيت(عم) بحرصهم على بقاء مظاهر الإسلام، والدعوة إلى عِزَّته، ووحدة كلمة أهله، وحفظ التآخي بينهم…»، ثمّ عرض بعض المواقف والكلمات عن الأئمّة التي تشير إلى ضرورة الوحدة. حبَّذا لو تعرضون لنا كلام الشيخ.

الجواب: ما أحوجنا إلى ما استعرضه الشيخ المظفَّر(ر) في مبحثه هذا من موقف أهل البيت قاطبةً من المسلمين عموماً، ومن الحُكّام ما داموا يتظاهرون بالإسلام، ولا يشكِّلون خطراً وجوديّاً عليه، فيخرج يزيد بن معاوية، الذي خلع جُبّة الإسلام، قَوْلاً وسلوكاً وعَمَلاً، فكان لا بدَّ من حربه.

وإنْ كان يمكن لأحدٍ أن يناقشه في كيفيّة التعامل مع الحُكّام، والثورة عليهم إذا ما توفَّرت العُدَّةُ والعَدَد اللازمان لتحقيق النصر.

وهذا لا يتنافى مع الوحدة الإسلاميّة، فلا زلنا في الحديث أنّ حقيقة الإسلام، كما حقيقة التشيُّع، هي أن يلتزم المسلم بأحكام الله، ويتَّبع سنَّة رسوله، ومَنْ لم يفعلْ فلا طاعة له، ولا بيعة له. وهذا لا يعني أن نشهر السيف على كلِّ عاصٍ، ولكنَّه لا يعني أيضاً أن نسمح لكلِّ عاصٍ وفاسق وفاجر بأن يتسلَّط على رقاب ومقدَّرات المسلمين.

من هنا لا نجد ما يدعو إلى الربط الوثيق بين الوحدة الإسلاميّة ومهادَنة الظالمين.

ومَنْ قال بأنّ المسلمين من غير مذهب أهل البيت(عم) يريدون لهؤلاء الطغاة والظَّلَمة أنْ يتربَّعوا على كرسيّ الخلافة الإسلاميّة؟!

إذاً نحن ندعو إلى الوحدة بين المسلمين من خلال رصِّ الصفوف في مواجهة كلِّ قِوى الكفر والاستبداد والاستكبار، الشرقي أو الغربي، الخارجي أو الداخلي.

وفي ظلِّ هذه المواجهة لا يجوز لمسلمٍ أن يكفِّر مسلماً؛ لمجرَّد اختلافٍ في عقيدةٍ أو رأي أو مَنْسَك، بل غايةُ حقِّه أن يناقشه بالأسلوب العلميّ الوازن والهادئ، واللهُ يهدي مَنْ يشاء.

ويبقى المسلم أخا المسلم، محقونَ الدم، محفوظَ المال، مصونَ العِرْض.

هذه هي الوحدة الإسلاميّة المرجُوّة، وليس الهدف أن يصير الشيعيّ سنّيّاً أو السنّيّ شيعيّاً، بل الهدف أن يتعايشوا في محبّةٍ ووئام، ليكونوا للظالم خَصْماً، وللمظلوم عَوْناً، وليحتفظ كلٌّ منهم بطقوسه وممارساته العباديّة والاجتماعيّة و…

عقيدتنا في حقّ المسلم على المسلم

12ـ كم نحتاج في عصرنا الحالي إلى علماء يعيشون معنى الإسلام في إنسانيّته ورحمته. ولا يحتاج القارئ إلى الغَوْص كثيراً ليكتشف هذا السموّ في فكر الشيخ المظفَّر؛ فقد بدأ مبحثه بقوله: «إنّ من أعظم وأجمل ما دعا إليه الدين الإسلامي هو التآخي بين المسلمين، على اختلاف طبقاتهم ومراتبهم ومنازلهم…». حبَّذا لو تعرضون لنا كلام الشيخ المظفَّر عن علاقة المسلمين ببعضهم، وأهمّيّة التطرُّق إلى هذا الموضوع في كتاب عَقْديِّ…

الجواب: أَسَفاً على هذه الأُمّة التي ضيَّعت كتابَ ربِّها، فكيف تلتفت إلى ما دونه؟!

يقول الله عزَّ وجلَّ في بيان حقيقة ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المسلمين: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: 10).

ولن أستغرق في الحديث عن فضل الأخ، وحقِّه، وكيف ينبغي أن تكون العلاقةُ به، فهو أمرٌ وجدانيّ يستشعره كلُّ إنسانٍ سويّ.

هكذا يجب أن تكون علاقة المسلم بالمسلم، علاقة الأخ بأخيه، يحبُّ له ما يحبّ لنفسه، ويكره له ما يكره لها، علاقةً وشيجة تضجّ بالعاطفة الصادقة، واللهفة الحارّة، والرعاية الكاملة، والتكافل الاجتماعي. إنّها علاقة الأخ بأخيه، وكفى.

هذا ليس تمنّياً أو رغبةً. هذا تكليفٌ إلهيّ لا يجوز إهمالُه.

لكنّ واقع الحال لا يعكس التزاماً صادقاً بهذا التكليف. وهو سرُّ انحطاط المسلمين اليوم؛ حيث لم يعودوا جَسَداً واحداً إذا اشتكى منه عضوٌ تداعت له سائر الاعضاء بالسَّهَر والحُمّى، وإنّما أصبحوا مِزَقاً متفرِّقين، لكلٍّ حسابُه، ولكلٍّ هدفُه، وكلُّ حزبٍ بما لديهم فَرحون، وأصبحوا مَثَلاً صادقاً لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ (الأنفال: 46).

فالله الله في الوحدة بين المسلمين، الله الله في الوحدة بين المؤمنين، الله الله في حُرْمة المسلم، في سُمْعة المسلم، في صورة الإسلام، فلا تشوِّهوها بأعمالٍ لا تمُتُّ إلى الدِّين بصلةٍ.

لقد جَهَد كثيرٌ من العلماء، وبذلوا أعمارهم كلَّها، في الدعوة إلى الوحدة الإسلاميّة، وفي رَأْب الصَّدْع بين المسلمين، وفي بَذْر روح التقارب في نفوس المسلمين. وتقدَّمت المسيرةُ بشكلٍ مُرضٍ نوعاً ما. ولكنَّنا نشهد اليوم مَنْ شرع في تخريب تلك العلاقة بين المؤمنين، والقضاء على كلِّ تلك الجهود، فهل من يقظةٍ وصَحْوة تُعيد الناس إلى واجبهم، نسأل الله أن يمنّ علينا بالوعي وحِسِّ المسؤوليّة، لنستحضر في عمق وجداننا وصيّة الله جلَّ وعلا: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (آل عمران: 103).



أكتب تعليقك