12 مارس 2014
التصنيف : حوارات
لا تعليقات
2٬829 مشاهدة

خصائص البسملة

دعاية هدى ونور-خصائص البسملة2

أجرى الحوار الإعلامي الشيخ حسين الحايك،

في برنامج (هدىً ونورٌ)، على قناة المنار

(بتاريخ: الجمعة 6 ـ 12 ـ 2013م)

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

البسملة في السور القرآنيّة

افتُتحت جميع السور القرآنية بـ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ما عدا سورةٍ واحدة، وهي سورة براءة (التوبة)؛ وذلك ـ كما رُوي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) ـ «لأنّ البسملة أمانٌ، وبراءةٌ نزلت بالسيف، فليس فيها أمانٌ».

والبسملة عند الشيعة الإماميّة جزءٌ من كلّ سورة قرآنيّة، وبالتالي عندما نوجب على المصلّي أن يقرأ بعد الفاتحة سورة قرآنيّة كاملةً فلا بدّ أن يقرأها مع البسملة، وبنيّة كون البسملة من تلك السورة التي يريد قراءتها.

وهي عند بعض المذاهب الإسلاميّة الأخرى ليست بآيةٍ من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، وإنّما كُتبت للفصل بين السور، وللتبرُّك بالابتداء بها، كما بُدئ بذكرها في كلِّ أمر ذي بال.

ويستحبّ في الصلاة الإخفاتيّة الجهر بالبسملة دون بقيّة آيات السورة، وهذا من علامات المؤمن: الجهر بـ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، خلافاً لمذاهب أخرى يخفتون بها حتّى في الصلوات الجهريّة، وقد رُوي عن إمامنا الباقر(ع) في ذمِّهم أنّه قال: «سرقوا أكرم آيةٍ في كتاب الله: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ».

فضل البسملة

وقد ورد في فضل ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رواياتٌ عديدة، نستحضر في هذه العجالة روايتين لا غير:

1ـ رُوي عن أمير المؤمنين عليّ(ع) أنّه قال: «واللهِ، ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أقربُ إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها».

2ـ رُوي عن مولانا أبي عبد الله الصادق(ع) أنّه قال: «ما نزل كتابٌ من السماء إلاّ وأوّله ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ».

3ـ ورُوي عن أبي جعفر الباقر(ع) أنّه قال في تفسير ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: «الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم ملك الله، والله إله كلِّ شيء، والرحمن بجميع خلقه، والرحيم بالمؤمنين خاصّة».

متعلَّق الجار والمجرور

وعندما نبدأ الجملة بـ ﴿بِسْمِ اللهِ فما هو متعلَّقه؛ إذ في العربيّة لا بدّ للجارّ والمجرور من متعلَّق؟

نقول: متعلَّق الباء في بسملة الحمد الابتداء، أي أبتدئ باسم الله الرحمن الرحيم، ويُراد به تتميم الإخلاص في مقام العبودية بالتخاطب. أي حتّى في مقام الخطاب فأنا أبدأ وأفتتح كلامي باسم الله، ذي النعمة والفضل عليَّ، خالقاً ورازقاً ومدبَّراً لجميع شؤوني.

وربما يقال: إنّه الاستعانة. ولا بأس به، ولكنّ الابتداء أنسب؛ لاشتمال سورة الفاتحة ـ التي تعتبر البسملة جزءاً منها ـ على الاستعانة صريحاً في قوله تعالى: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.

المعاني السامية

﴿بِسْمِ اللهِ: أي باسم المعبود الذي يستحقّ العبادة والطاعة، دون غيره من الكائنات؛ لأنّه هو الخالق والرازق والمدبِّر، فمَنْ أوْلى منه بالعبادة والطاعة؟!

﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: رُوي عن مولانا الصادق(ع) أنّه قال: «الرحمن اسمٌ خاصّ بصفة عامّة، والرحيم اسمٌ عامّ بصفة خاصّة».

ومعنى ذلك أنّ الرحمن اسمٌ خاصٌّ بالله لا يُطلَق على غيره، ولكنّه اسمٌ يُنبئ عن صفةٍ عامّة، وهي الرحمة للمؤمنين والكافرين، المطيعين والعاصين، بأنْ رزقهم وفتح لهم باب الهداية وما سواها من النِّعَم. فهو العاطفُ على خَلْقه بالرزق، لا يقطع عنهم موادّ رزقه، وإنْ انقطعوا عن طاعته.

وأمّا الرحيم فهو اسمٌ عامّ يُطلَق على الله وعلى غيره، ولكنّه اسمٌ ينبئ عن صفةٍ خاصّة، وهي الرحمة بالمؤمنين دون سواهم. فهو الرحيم بعباده المؤمنين في تخفيف طاعته عليهم، فهو لم يُكلِّفهم بكلِّ ما يطيقونه.

لماذا (الرحمن الرحيم)؟

ولربَّ قائلٍ: لِمَ لَمْ يُذكر غير هذين الوصفين لله، مع أنّ أسماءه وصفاته كثيرةٌ؟

والجواب: هل هناك أنسبُ من صفة (الرحمة) لتحقُّق النجاح في الأعمال، وللتغلُّب على المشاكل والصعاب؟!

والقوّة التي تستطيع أن تجذب القلوب نحو الله وتربطها به هي صفة الرحمة؛ إذ لها طابعها العامّ، مثل: قانون الجاذبيّة، وينبغي الاستفادة من صفة الرحمة هذه لتوثيق العرى بين المخلوقين والخالق.

وتُعلِّمُنا البسملة أيضاً أنّ أفعال الله تقوم أساساً على الرحمة، والعقاب له طابعٌ استثنائيّ لا ينزل إلاّ في ظروفٍ خاصّة، كما نقرأ في الأدعية المرويّة عن آل بيت رسول الله(ص): «يا مَنْ سبقَتْ رحمتُه غضبَه».



أكتب تعليقك