حوارٌ مع سماحة الشيخ محمد دهيني
ضمن برنامج (آراء وأحداث)، على قناة الثقلين العالميّة، مع الإعلاميّة نسرين نجيم
بتاريخ: الأحد 19 ـ 5 ـ 2013م، الساعة 5.00 عصراً
1ـ هل في الأديان ما يعزِّز التطرُّف؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
ليس في الأديان ما يدعو إلى التطرُّف، فضلاً عن أن يعزِّزه. وفي دراسة تاريخيّة لحياة الأنبياء والرسل مع أقوامهم ـ ولا سيّما نبيّ الإسلام، النبيّ الخاتم، ووارث الأنبياء، والإسلام هو الدين المهيمن على الدين كلِّه ـ تتأكَّد هذه الفكرة.
فما من نبيٍّ مارس العنف والقمع والإرهاب مع قومه أو غيرهم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾، وإنّما كان لسان دعوتهم: ﴿وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾، و﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ﴾.
وإنما كانت الدعوة إلى الهدى والحقّ بالكلمة الطيّبة والأسلوب الأحسن: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
وهكذا كان من صفات أتباع الأنبياء أنّهم رحماء بينهم: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾.
نعم، حين يعتدي الآخرون على المتديِّنين، ويضطهدونهم، ويقمعونهم، فلا بدّ من الدفاع عن النفس والعقيدة والشريعة، ومن باب المعاملة بالمثل: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾.
إذاً التطرُّف، بما يرافقه في الغالب من نزعةٍ نحو القمع الفكري والميداني، والإرهاب، والعنف في التعامل مع الآخر، أمرٌ مرفوضٌ في الشرائع السماوية كافّةً، وهو أمرٌ مرفوضٌ عند العقلاء أيضاً. إذاً هو مرفوضٌ عقلاً وشرعاً.
ولكنّنا نشهد بعض الحركات التي تنتسب إلى الدين تنزع نحو التطرُّف في الفكر، والسلوك. ولتبرير ما يقومون به يعتمدون على بعض الروايات والأحاديث الموضوعة، والتي لا تمتّ إلى الدين وأصحابه بصلةٍ، وإنّما هي صنيعة أمثال هذه الحركات التي لم يخلُ منها زمانٌ قطّ.