17 أبريل 2015
التصنيف : برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)، منبر الجمعة
لا تعليقات
4٬110 مشاهدة

الطلاق: أسبابه، ومسوِّغاته

(الجمعة 17 / 4 / 2015م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

تمهيد

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً﴾(آل عمران: 159)(صدق الله العليّ العظيم).

لقد حَثَّ الإسلامُ على الزواج، وأوصى به، وجعله سَكَناً لكلٍّ من الرجل والمرأة على السواء. ثمّ ها هو يتحدَّث عن الطلاق، وهو افتراقُ الزوجَيْن بعد لقاءٍ واجتماع، افتراقٌ لا يخلو من ضررٍ وأذى، يلحق الزوجَيْن بالأصالة، ويمتدُّ إلى حياة الأولاد ـ إنْ وُجِدوا ـ من دون ذنبٍ اقترفوه، أو خطأ ارتكبوه، وكما يقول المَثَل الشائع: «الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون».

فهل يحِلُّ الطلاق لمجرَّد اختلافٍ بين الزوجَيْن أم أنّ هناك شروطاً تبيح الطلاق وتجوِّزه؟

حكم الطلاق

في الحديث النبويّ الشريف والصحيح: «أبغضُ الحلال إلى الله الطلاق»([1]).

وجاء عنه(ص) أيضاً في الخَبَر الصحيح: «أوصاني جبرئيل(ع) بالمرأة، حتّى ظننتُ أنه لا ينبغي طلاقُها إلاّ من فاحشةٍ مبيِّنة»([2]).

ارتفاع نسبة الطلاق، أسبابٌ واهية

ورغم كون الطلاق أبغض الحلال، ومسبِّباً للضرر والأذى بكافّة أشكاله، تشهد المجتمعات ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الطلاق بين الأزواج، فما هو السرّ في ذلك؟

يدَّعي بعض الأزواج أنّ السبب الذي دفعه إلى الطلاق، أو إلى طلب الطلاق، هو النفور من الطرف الآخر، وأنّه بات يشعر أنّ الحياة معه جحيمٌ لا يُطاق.

والحقُّ، أيُّها الأحبَّة، أنّ مجرَّدَ الإحساس بالنفور من الزوجة أو الزوج ليس مسوِّغاً لطلاقها أو طلب الطلاق منه، وإلاّ لتحوَّلت تلك العلاقةُ المقدَّسة إلى أُلعوبةٍ بيد الزوج أو الزوجة وأحاسيسِهما ومشاعرِهما المتقلِّبة والمتغيِّرة.

يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾(النساء: 19).

إذن فمجرَّدُ النفور لا يعني أنّ المرأة أو الرجل لم يعُدْ صالحاً ليكون شريك حياة.

ولرُبَما يكون لهذا النفور أسبابُه الجسديّة أو النفسيّة، وهي تزول بالعلاج ومراجعة الأخصّائيّين في هذا المجال.

وبعد الذي تقدَّم من الدليل على أنّ الطلاقَ أمرٌ عظيم وخطير لا يسَعُنا أن نقول سوى أنّ المسارعة إلى الطلاق لمجرَّد شعورٍ بالنفور، أو إحساسٍ بالضيق أو الملل، أو رغبةٍ في التغيير، إنّما هو من تلبيسات إبليس ونفثِه ونفخِه، أعاذنا الله منها جميعاً.

الطلاق ـ الهروب، بعضٌ من الأسباب

والحقيقةُ في ما نراه من أغلب حالات الطلاق أنّه كان هروباً من مشكلةٍ، بَدَلاً من إيجاد حَلٍّ لها. والإسلامُ يدعو إلى اعتماد الحَلِّ العاقل والواعي لكلِّ ما يعترض طريق الإنسان من مشاكل، ولا سيَّما في الحياة الزوجيّة. وهذا يتطلَّب وَعْياً كاملاً وحقيقيّاً للحياة الزوجيّة؛ إذ يتصوَّر البعض ـ خطأً ـ أنّها مجرَّد حياة حبٍّ وغرام ولذَّة، بعيداً عن أيِّ مسؤوليّةٍ، فإذا ما دخل تلك الحياة وجدها مختلفةً عمّا كان يتوقَّع، وأخذ يبحث عن مخرجٍ منها.

ولعلّ أهمّ أسباب انتشار الطلاق في مجتمعاتنا اليوم ثلاثة:

1ـ حالة الضيق المادّيّ التي يعاني منها الزوج ـ وهو المكلَّف بالإنفاق على الأسرة ـ في بداية الحياة الزوجيّة، وربما يستمرّ ذلك أحياناً. وهذا ما يدفع بعض الزوجات للتذمُّر وطلب الطلاق. وقد يكون طلبُها محقّاً في بعض الأحيان؛ إذ يكون الزوج كَسُولاً، لا يريد أن يعمل شيئاً، ويريد أن يكتفي من العَيْش بأَهْوَنه.

2ـ كثرة انشغالات المرأة، ولا سيَّما بعد دخولها مجال العمل خارج البيت؛ لحاجةٍ مادّيّة، أو لأنّهم أقنعوها وأوهموها ـ كَذِباً وزُوراً ـ بأنّ شخصيّتها العلميّة والاجتماعيّة لا تكتمل إلاّ بذلك، عِلْماً أنّ «أمير المؤمنين(ع) كان يحطب ويستقي ويكنس [أي الأعمال التي هي خارج الدار]، وكانت فاطمة(عا) تطحن وتعجن وتخبز [أي تقوم بما هو داخل الدار]»([3]).

وهنا سيحصل التقصير في تربية الأطفال، كما سيحصل التقصير في رعاية حقوق الزوج، أو أنّها تمُنُّ على الزوج بمساهمتها في النفقة، حيث يقول الفقهاء: إنّها لا تجب عليها نفقةُ نفسها وعيالها، ومع ذلك هي تساهم فيها بمقدارٍ. كلُّ ذلك يؤدِّي إلى مزيد من التشنُّج في الحياة الزوجيّة، فإذا ما طالبها الزوجُ بإيقاف العَمَل طالبَتْه بالطلاق.

3ـ إنّ بعضَ الأزواج حين يعجز عن حلِّ مشكلةٍ بينه وبين زوجته يسعى للهروب إلى الأمام، من خلال اللجوء إلى الزواج الثاني، وهو ما تُطلِقُ عليه النساء اسم (الخيانة الزوجيَّة)، وهو ليس خيانةً؛ إذ إنّ تعدُّد الزوجات مباحٌ في الإسلام، لكنَّه ليس مستحبّاً، كما يروَّج له هذه الأيَّام، وقد تعرَّضْنا لذلك بشكلٍ مفصَّل في الحديث عن الزواج. هذا الزواج الثاني، وربما الثالث، سيجعل الزوجة تعيش حالةً من الانكسار المعنويّ، وفراغاً واضحاً، ما يدفعها إلى طلب الطلاق من الرجل، أو محاولة مَلْء هذا الفراغ بعلاقاتٍ اجتماعيّة، ورُبَما عاطفيّة.

وهنا مكمن الخطر الأكبر، في أنّ الزواج الثاني للرجل سيتسبَّب في وقوع المرأة في المعصية، أو في حالةٍ اجتماعيّة لا تُحْسَد عليها، وهي كونُها مطلَّقةً، مع ما للمجتمع من نَظْرةٍ سلبيَّة إليها، وإنْ كنّا لا نوافقه على هذه النظرة.

إذن إنّ ارتفاع نسبة الطلاق هذه الأيّام ـ بحسب متابعتنا ـ مؤشِّر على غياب الوعي للحياة الزوجيّة على حقيقتها، وأنّها مسؤوليّةٌ وتكليف. ومن هنا نُهيب بكُلِّ المُقْدِمين على الزواج أن يَعُوا طبيعة هذه الحياة جيِّداً، بعيداً عن الأوهام والأحلام والتصوُّرات الخاطئة.

لماذا أباح الله الطلاق؟

لقد شُرِّع الطلاقُ كحلٍّ لخلافٍ مستحكِم، وخلاصاً من حياة نَكَدٍ وقَهْر، وهرباً من الوقوع في الحرام والمعصية، كالزنا أو النشوز أو العُدْوان الجسديّ والنفسيّ من أحد الزوجَيْن على الطرف الآخر.

فقد أراد الإسلام للحياة الزوجيّة أن تكون حياةً ملؤها السكينة والمودّة والرحمة، حيث يقول: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الروم: 21).

وكما أمر الوَلَد بأنْ يعامل والِدَيْه بالمعروف والإحسان، ولم يسمح له بالإساءة إليهما، فقال: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾(لقمان: 15)، ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً﴾(الأحقاف: 15، وراجع: البقرة: 83، النساء: 36، الأنعام: 151، الإسراء: 23)، كانت وصيّتُه للأزواج تجاه نسائهم بمعاملتهنّ بالمعروف والإحسان، فقال عزَّ من قائل: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾(النساء: 19)، وفي آيةٍ أخرى: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾(البقرة: 229).

ولا يتصوَّرَنَّ أحدٌ أنّ هذه الآيات مختصَّةٌ بالرجال، دون النساء، وإنّما خوطب الرجال هاهُنا لأنّهم يشكِّلون العنصر الأقوى بدنيّاً وماليّاً واجتماعيّاً، فيكون احتمالُ الإساءة منهم أكبر، فكان الخطاب لهم لمزيد تأكيدٍ، وإلاّ فإنّ الخطاب يشمل الزوج والزوجة معاً، ولا إشكال في ذلك.

إذن هي حياة السَّكينة والمودّة والرحمة، والمعاشرة بالمعروف والإحسان، يريدها الله سبحانه وتعالى بين الأزواج، ولكنْ أحياناً؛ ونتيجةً لأسبابٍ عديدة، ليس هاهنا محلّ الكلام المفصَّل فيها، تتحوَّل الحياة الزوجيّة هذه إلى جحيمٍ، وينتقض الغَرَض، فتتبدَّل السَّكينة عذاباً، وتنقلب المودّة بُغْضاً وحِقْداً، وتتحوَّل الرحمة نِقْمةً.

هنا يطرح الإسلام عدّةَ حلولٍ في سبيل الحفاظ على هذه الحياة الأُسَريّة المتماسكة، التي لا تخصّ المرأة والرجل وحدَهما في أغلب الأحيان، وإنّما تمتدّ لتطال بآثارها السلبيّة أو الإيجابيّة الأطفال والأولاد أيضاً، يطرح الإسلام عِدَّة حلول، بَدْءاً من الحَلِّ الداخلي بين الزوجَيْن فيما إذا كان الخلاف حول بعض القضايا التي لا مجال لتدخُّل الآخرين في معالجتها في الحياة الزوجيّة، وهنا أباح الإسلام، وكحالةٍ استثنائيّة واضطراريّة، اللجوء إلى العنف المحدود والمقنَّن ـ وهو الضَّرْب، ولكنْ بشروط ووسائل خاصّة ـ، في ما يوحي لكلا الزوجَيْن أنّ الأمور قد وصلَتْ إلى مرحلةٍ في غاية الخطورة، وأنّ الأمر سيخرج إلى العَلَن، وهو ما لا يرتضيه الطرفان عادةً: ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً﴾(النساء: 34)، وصولاً إلى تحكيم العقلاء من الأهل: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقْ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾(النساء: 35)، وذلك كخطوةٍ أخيرة في طريق الحَلِّ، وتكون الخطوةُ القادمة هي الانفصالُ لا غير؛ إذ أُعْدِمت جميع وسائل الحَلِّ الممكنة.

في مثل هذه الحالات يسوغُ الطلاق، ويكون محبوباً ومرغوباً شَرْعاً وعَقْلاً وعُرْفاً؛ لأنّه يكون السبيلَ الوحيد لخلاص كلا الطرفَيْن من واقعٍ مأساويّ يعيشان فيه.

وأمّا أن يكون الطلاق سَيْفاً مُسْلَطاً فوق رقبة الزوجة أو الزوج، أو طَرْحاً متداوَلاً عند كلِّ نزاعٍ أو خلاف، وهو أمرٌ طبيعيّ؛ إذ يستحيل التطابق الكُلِّيّ بين شخصَيْن، وبالتالي ستكون بينهما اختلافاتٌ قد تنجرُّ إلى خلافات، أن يُطرَح الطلاقُ عند كلِّ نزاعٍ أو خلاف فهذا يعني تهديداً مستمرّاً لكيان الأُسْرة، وسلامتها، ولا سيَّما أنّ آثار الطلاق ستنعكس بلا رَيْب على الأولاد، مادِّيّاً ومعنويّاً.

وهذا يعني أيضاً أنّ الزوجَيْن حين أقدما على الزواج لم يكونا راشدَيْن بما فيه الكفاية. ومن هنا فنحن ندعو المُقْدِمين على الزواج من الشباب والفتيات إلى السعي الحثيث للاطّلاع على واقع الحياة الزوجيّة، بعيداً عن خيال العُشّاق، ووَهْم الغرام، وثِقْل رتابة الحياة مع الأهل (حياة العزوبيّة)، فإنّ للحياة الزوجيّة تفاصيلَها الكثيرة التي ينبغي لكلا الطرفَيْن دراستها بجِدِّيّة وواقعيّة، وبعد ذلك يكون القرار الحاسم في الدخول إلى مثل هذه الحياة أو لا. وأمّا أن يتمّ الإقدام العابث على هذه الحياة الجديدة؛ طمعاً في تغيير نمطٍ من الحياة، ثمّ عند أوَّل منعطفٍ تتمّ المطالبة بالعودة إلى الحياة السابقة، فهذا غايةُ الظُّلْم للشريك (الزوج أو الزوجة)، وثمرات هذه الشراكة (الأطفال).

كما أنّه ينبغي للزوج والزوجة أن يعلما أنّه لا عودة حقيقيّة إلى الحياة السابقة، وإنّما هو نوعٌ ثالث من الحياة، لا أتصوَّر أنّه سيكون أقلَّ وطأةً ومشقَّةً وأَلَماً من الحياة الزوجيّة.

خطواتٌ تمنع الطلاق

ومن هذا المنطلق نذكر هاهنا جملةً من الأمور التي تدعو كلا الزوجَيْن للتفكير مَلِيّاً قبل الإقدام على الطلاق:

1ـ تقوى الله عزَّ وجلَّ؛ فإنّ الطلاق ليس هَدْماً لحياة الزوج والزوجة فحَسْب، وإنّما هو تدميرٌ لحياة الأطفال أيضاً، وهو ظلمٌ لهم. فعلى الزوجَيْن مراعاةُ ذلك في قراراتهما.

2ـ التحلِّي بالرُّشْد والوَعْي الكافيَيْن للتعرُّف على طبيعة ومسؤوليّات الحياة الزوجيّة قبل الإقدام عليها، فمَنْ وجد نفسه قادراً على ذلك فليُقْدِمْ، وإلاّ فليُحْجِمْ؛ دَرْءاً للفساد.

3ـ اللجوء إلى الحلول الشرعيّة التي وضعها الله عزَّ وجلَّ لبعض المشاكل، وقد أشَرْنا إلى بعضها آنفاً.

4ـ رعاية الأهل، بحيث يتدخَّلون كمُصْلِحين حقيقيِّين في أيِّ نزاعٍ يحصل بين الزوجَيْن، ويحكمون بما أنزل الله، وما فيه الصالح العامّ.

5ـ كَسْر نَمَطيّة الحياة الزوجيّة ورتابتها، ولو بالبسيط غير المُكْلِف من الأعمال، كالنُّزُهات، والزيارات، و…

6ـ الصَّبْر على ما يظهر من الطرف الآخر بعد شروع الحياة الزوجيّة، فهذا هو قَدَر الإنسان في هذا المجال، وما عليه إلاّ أن يتكيَّف معه. وليتذكَّرْ الرجلُ دائماً ما يُروى عن رسول الله(ص) أنّه قال: «خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي»([4]). وكذلك لتتذكَّرْ المرأة ما يُروى عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع) أنّه قال: «جهادُ المرأة حسنُ التبعُّل [أي أن تكون زوجةً صالحة]»([5]).

7ـ الاقتداء بالنبيّ(ص) وأهل البيت(عم) في عدم لجوئهم إلى الطلاق إلاّ في ما ندر. ولا يتصوَّرَنّ أحدٌ أنّ حياتهم كانت خاليةً من المشاكل، فهم معصومون، ولكنَّ زوجاتِهم لَسْنَ كذلك، وإنّ بعضَهُنّ كُنّ سيّئاتِ الخُلُق والعِشْرة، ومع ذلك صبروا عليهنّ قربةً إلى الله تعالى. ولقد جاء عن النبيّ(ص) أنّه قال: «مَنْ صبر على سوء خُلُق امرأته أعطاه الله من الأَجْر ما أعطى أيّوب(ع) على بلائه؛ ومَنْ صبرَتْ على سوء خُلُق زوجها أعطاها الله مِثْلَ ثواب آسية بنت مزاحم»([6]).

اللهُمَّ صلِّ على محمد وآله، وسدِّدني لأن أشكرَ الحسنة، وأُغضي عن السَّيّئة، وألبِسْني زينةَ المتَّقين، في كَظْم الغيظ، وإصلاح ذات البَيْن، وخَفْض الجَناح، وحُسْن السِّيرة، وطيب المُخالَقة، بمنِّك وجودك، يا كريم. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

**********

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه ابن ماجة ـ بإسنادٍ صحيح ـ في السنن 1: 650، عن كثير بن عبيد الحمصي، عن محمد بن خالد، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمر، مرفوعاً.

ورواه أبو داوود السجستاني ـ بإسنادٍ صحيح ـ في السنن 1: 484، عن كثير بن عبيد، عن محمد بن خالد، عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، مرفوعاً.

([2]) رواه الكليني ـ بإسنادٍ صحيح ـ في الكافي 5: 512، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله(ع)، مرفوعاً.

([3]) رواه الكليني في الكافي 5: 86، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع).

ورواه الطوسي في الأمالي: 657 ـ 661، عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، عن أبي عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، عن أحمد بن إبراهيم بن أحمد، عن أبي محمد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبي جعفر، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(ع).

([4]) رواه الصدوق في مَنْ لا يحضره الفقيه 3: 555، معلَّقاً مرفوعاً.

([5]) رواه الكليني في الكافي 5: 507، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر، عن أبي إبراهيم(ع)…

([6]) رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق: 214، معلَّقاً مرفوعاً.



أكتب تعليقك