23 يونيو 2015
التصنيف : برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)
لا تعليقات
2٬536 مشاهدة

أمثال/ح3: الكافرون… ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ﴾

للدعاية لنشر الحلقة 3

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، والسلام عليكم ـ أيُّها الأحبَّة ـ ورحمة الله وبركاته.

﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾(البقرة: 171)(صدق الله العليّ العظيم).

هو مثلٌ جديد يضربه الله للكافرين، الذين يعبدون من دون الله أوثاناً لا تضرّ ولا تنفع، لا تتحدَّث ولا تبصر ولا تسمع.

والكفّار ـ أيُّها الأحبَّة ـ صنفان: معانِدٌ؛ وغيرُ معانِد. فغيرُ المُعانِد يستجيب لدعوة الحقّ، ويستمع القول، ويفكِّر فيه، ثمّ يتَّبعه إنْ اقتنع به. وأمّا المُعانِد فقد مثَّل له القرآن الكريم بما تقدَّم في الآية الكريمة.

وقد ذكر المفسِّرون في بيان التشبيه في هذه الآية وجوهاً ثلاثة:

وهو أحسن الوجوه: وهو المرويُّ عن أبي جعفر(ع): إنّ مَثَل الذين كفروا في دعائك إيّاهم كمَثَل الناعق في دعائه ما لا يسمع، ولا يستجيب. فهم مُعْرِضون عن دعوة النبيّ(ص)، وكأنَّهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون.

إنّ مَثَل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم من الأوثان كمَثَل الناعق في دعائه ما لا يسمع. وهو كذلك؛ فإنَّها من صخرٍ أو خَشَب أو حديد أصمّ، أو طعام سرعان ما يفسد ويتناثر.

إنّ مَثَل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم كمَثَل الناعق في دعائه الصَّدى في الجَبَل وما أشبهه، فلا يحصل من ندائه على شيءٍ، وسرعان ما يكتشف زيف ما يتردَّد في مسامعه من الصوت ـ الصَّدى.

وهكذا تشير هذه الآية إلى منطق المشركين الواهي في عبادة غير الله، من الأوثان والأصنام وغيرها، وهي مجرَّد كائناتٍ ضعيفة، لا تملك حَوْلاً ولا قوّة، وليس لها من أمر تدبير هذا الكون شيءٌ على الإطلاق. وإنَّما هي مخلوقاتٌ محتاجة.

كما تشير إلى منطق الكفّار الفاسد أيضاً في تحريم ما أحلَّ الله، بعيداً عن دعوة الأنبياء والمرسَلين، الذين ينقلون أحكام الله إلى خلقه، تلك الأحكام التي بها ـ لا بغيرها ـ صلاحُ حياة الأفراد والمجتمعات.

وما تلك العبادة الفاسدة، أو ذلك الالتزام الخاطئ، سوى نتاجٍ سيِّئ للتقليد الأعمى لعادات الآباء والأجداد، وجَرْياً عابثاً في مسالكهم.

ولقد أدان الإسلام هذا المنطق القائم على تقديس ما عليه الآباء والأجداد؛ لأنه ينفي العقل الإنسانيّ، ويرفض تطوُّر التجارب البشريّة، ويصادر الموضوعيّة في معالجة قضايا السَّلَف.

هذا المنطق الجاهليّ يسود اليوم ـ ومع الأسف ـ في بقاعٍ مختلفة من عالمنا، ويظهر هنا وهناك بشكل (صَنَمٍ) من العادات والتقاليد الخرافيّة، مشكِّلاً بذلك أهمّ عامل لانتقال الخرافات من جيلٍ إلى جيلٍ آخر.

وخلاصةُ الكلام: إنّ هذه الآية الكريمة تبيِّن سبب تعصُّب هؤلاء الكفّار وإعراضهم عن الانصياع لقول الحقّ، وتقول: إنّ مَثَلك ـ يا رسول الله ـ في دعوة هؤلاء المشركين إلى الإيمان، ونبذ الخرافات والتقليد الأعمى، كمَنْ يصيح بقطيع من الدوابّ؛ لإنقاذهم من الخَطَر، ولكنَّ الدوابّ لا تدرك منه سوى أصواتٍ غير مفهومة.

أجل، فهؤلاء الكفّار والمشركين كالحيوانات والأنعام التي لا تسمع من راعيها، الذي يريد لها الخَيْر، سوى أصواتٍ مبهَمة.

ربَّنا، لا تُزِغْ قلوبنا بعد إذ هدَيْتَنا، وهَبْ لنا من لدُنْكَ رحمةً، إنّكَ أنتَ الوهّاب. والحمد لله ربِّ العالمين.



أكتب تعليقك