6 يوليو 2015
التصنيف : برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)
لا تعليقات
2٬425 مشاهدة

أمثال/ح10: المكذِّبون للأنبياء… ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً﴾

للدعاية لنشر الحلقة 10

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، والسلام عليكم ـ أيُّها الأحبَّة ـ ورحمة الله وبركاته.

﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(النحل: 112 ـ 117).

قيل، وما أصدقه من قولٍ!: «الصحّة والأمان نعمتان مجهولتان».

والإنسانُ لا يعرف قدر هاتين النِّعمتين ـ كما غيرهما ـ إلاّ أن يفقدهما، وحينها لا تنفع معرفةٌ أو عِلْم أو نَدَم.

ولقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يبيِّن للناس عاقبةَ معصيته، وهي سنّةٌ إلهيّة لا تتخلَّف متى وُجد المقتضي لها، وتوفَّرت كلّ شروطها، وارتفعت الموانع أجمع.

وهكذا ضرب الله مَثَلاً للمكذِّبين بآياته، المُعْرِضين عنها، المتمرِّدين عليها، وهو قريةٌ كانت آمنةً مطمئنّة، تعيش في أمنٍ وسلام، وبحبوحةٍ واستقرار، تحمد الله وتشكره على عظيم نِعَمه، وهي كثيرةٌ، فإذا بها ـ أو بأغلبها، ولا يعترض الآخرون ـ قد كفرَتْ بأنعم الله، وتركَتْ شُكْرَه، قَوْلاً وعَمَلاً، فلا عابدَ فيهم ولا ذاكرَ، ولا مطيعَ ولا شاكرَ، بل يلهثون خَلْفَ المال الحرام، والطعام الحرام، والعمل الحرام.

لا يتورَّعون عن أكل الرِّبا، أو مال اليتيم، أو مال بعضهم البعض بغير حقٍّ، ولا يتجنَّبون لَحْمَ الميتة أو الخنزير أو الخمر، ولا يبالون بإسرافٍ أو تبذير، أو إتلافٍ للنِّعمة، أو سرقةٍ أو رَشْوة، أو نصرة ظالمٍ مفسد، أو خذلان مظلوم.

وكلُّ ذلك تكذيبٌ بآيات الله؛ لأنّها ممّا نهى اللهُ عنه صريحاً في كتابه وسنّة نبيِّه وأوليائه(عم).

فماذا كانت النتيجة؟

لقد جعل الله كُفرانَ النِّعمة مقتضياً لزوالها، وهكذا أحاط أولئك الذين كفروا بنعمته، وكذَّبوا بآياته ـ وهي أهمّ نعمةٍ إلهيّة ـ، بالجوع والخوف، كما يحيط اللباسُ بالبَدَن، فيستوعبه، كذلك استوعب الجوع والخوف ونقص الأموال والثمرات حياةَ أولئك كلَّها. فلا يخرجون من مشكلةٍ إلاّ ليدخلوا في أخرى أشدِّ (أشدَّ) وأدهى.

أيُّها الأحبَّة، انتبهوا لطعامكم وشرابكم جيِّداً، فلقد حرَّم الله عليكم جملةً من الأمور، وجعل عاقبة مَنْ يرتكبها ما ذكرناه من الجوع والخوف.

وقد رُوي عن مولانا أبي عبد الله الصادق(ع) أنّه قال: «كان أبي [أي الإمام الباقر(ع)] يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيه شيءٌ من الطعام؛ تعظيماً له، إلاّ أن يمصّها، أو يكون إلى جانبه صبيٌّ فيمصّها له، قال: وإنِّي أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقَّده، فيضحك الخادم»، ثمّ قال: «إنّ أهل قرية ممَّنْ كان قبلكم كان الله قد أوسع عليهم حتَّى طعنوا، فقال بعضُهم لبعضٍ: لو عمدنا إلى شيءٍ من هذا النقيّ فجعلناه نستنجي به كان ألْيَنَ علينا من الحجارة؟ قال: فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دواباً أصغر من الجراد، فلم يدَعْ لهم شيئاً خلقه الله يقدر عليه إلاّ أكله، من شجرٍ أو غيره، فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كان يستنجون به فأكلوه، وهي القرية التي قال الله: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾».

اللهُمَّ، آمِنّا في أوطاننا، لا تسلِّطْ علينا مَنْ لا يخافُك ولا يرحمنا، واجعَلْ عاقبةَ أمرنا خيراً. والحمد لله ربِّ العالمين.



أكتب تعليقك