21 أبريل 2017
التصنيف : منبر الجمعة
لا تعليقات
3٬499 مشاهدة

سلسلة الاجتهاد الحديث الواعي (4): الغُلُوّ الديني والمذهبي، النبيُّ(ص) والأئمّةُ(عم) لا ظلَّ لهم / القسم الثاني

 (الجمعة 21 / 4 / 2017م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين.

ولا يزال المؤمنون يُعانون من انتشار عقائد فاسدة، ما دلَّ عليها دليلٌ، بل خالفَتْ خيرَ دليلٍ، وهو القرآنُ الكريم. إنّها مظاهرُ الغُلُوّ الدينيّ والمذهبيّ، وهي تدبّ في حياة المؤمنين كدبيب النمل، وسرعان ما تنتشر وتعمّ، حتّى يخالها البعض من ضروريّات الدين أو المذهب، في حين أنّها دخيلةٌ عليهما، وهما منها بَراءٌ، حيث لم يقُلْ بها، ولم يمارسها، أيٌّ من أئمّة الدين والمذهب.

ومن مظاهر الغلوّ: ما ذكره بعض السنّة والشيعة من أنّ النبيّ(ص) لم يكن له ظلٌّ.

كما نُسبت هذه الصفة والمنقبة أيضاً إلى الأئمّة من أهل البيت(عم).

وهي أباطيل وُضعَتْ بعد انتهاء عصر الحضور للنبيّ والأئمّة(عم)؛ حيث لا يمكن لأحدٍ أن يختبر ذلك حِسّاً، فيمكن أن يُكذَب عليهم بمثل هذه الإشاعات، وليس من دليلٍ حسِّيّ على النَّفْي.

ولقد أوضحنا في ما سبق أنّ في منهج تجميع القرائن على العَدَم كفايةٌ، وهو منهجٌ علميّ متَّبَع. فبتجميع القرائن المبعِّدة لوقوع مثل هذا الأمر يمكننا أن نصل إلى الاطمئنان ـ بل إلى القطع واليقين أحياناً ـ بكذبه وعدم وجوده.

ولقد ذكرنا جملةً من القرائن على تضعيف القول بعدم وجود ظلٍّ للنبيّ الأكرم محمد(ص)، منها ما هو تاريخيٌّ، ومنها ما هو نقليّ (5 روايات).

رواياتٌ معارِضةٌ

ولئن سلَّمنا صحّة بعض هذه الأحاديث المتقدِّمة فهي معارَضةٌ بما دلّ على أنّ للنبيّ(ص) ظلاًّ ـ ولئن كان في أسانيد بعضها كلامٌ فإنّها على العموم أقوى من حديثَيْ نفي الظلّ ـ، وأهمّها:

أـ عن عبد الله بن جبير الخزاعي، أنّ رسول الله كان يمشي في أناسٍ من أصحابه، فسُتر بثوبٍ، فلمّا رأى ظلَّه رفع رأسه فإذا هو بملاءة قد سُتر بها، فقال له: مَهْ، وأخذ الثوب فوضعه، فقال: إنّما أنا بشرٌ مثلكم.

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح»([1]).

ولكنَّ الأمر ليس كما قال الهيثمي؛ فالخزاعي ليس من رجال الصحيح؛ فقد قال الحافظ في الإصابة: «تابعيٌّ، أرسل حديثاً فذكره أبو نعيم وأبو عمر في الصحابة. قال أبو نعيم: مختلف في صحبته. وقال أبو عمر: قيل: إنّ حديثه مرسل. وقال أبو حاتم الرازي: شيخٌ مجهول»([2]).

ب ـ عن عائشة قالت: كان رسول الله في سفرٍ، ونحن معه، فاعتلّ بعيرٌ لصفيّة، وكان مع زينب فضلُ ظهرٍ، فقال لها رسول الله: إن بعير صفيّة قد اعتلّ، فلو أعطيْتِها بعيراً لكِ، فقالت: أنا أعطي هذه اليهوديّة، فغضب رسول الله، وهجرها بقية ذي الحجّة والمحرَّم وصفر وأيّاماً من شهر ربيع الأول، حتّى رفعت متاعها وسريرها، فظنَّتْ أنه لا حاجة له فيها، فبينما هي ذات يومٍ قاعدة بنصف النهار إذ رأَتْ ظلَّه قد أقبل، فأعادت سريرها ومتاعها.

قال الهيثمي: «رواه أبو داوود باختصارٍ. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سمية، روى لها أبو داوود وغيره، ولم يجرحها أحدٌ، وبقيّة رجاله ثقات»([3]).

وروى مثله أحمد بن حنبل، عن عبد الرزّاق، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت قال حدَّثتني شميسة أو سميّة، قال عبد الرزّاق: هو في كتابي سمينة، عن صفية بنت حيّي، أن النبيّ(ص) حجّ بنسائه، فلمّا كان في بعض الطريق نزل رجلٌ فساق بهنَّ، فأسرع، فقال النبيّ(ص): كذاك سوقك بالقوارير، يعني النساء؟! فبينا هم يسيرون برك بصفيّة بنت حيي جملها، وكانت من أحسنهنَّ ظهراً، فبكت، وجاء رسول الله(ص) حين أُخبر بذلك، فجعل يمسح دموعها بيده، وجعلت تزداد بكاءً، وهو ينهاها، فلمّا أكثرت زبرها وانتهرها، وأمر الناس بالنزول، فنزلوا، ولم يكن يريد أن ينزل. قالت: فنزلوا، وكان يومي، فلمّا نزلوا ضرب خباء النبيّ(ص)، ودخل فيه، قالت: فلم أدْرِ علامَ أهجم من رسول الله(ص)، وخشيتُ أن يكون في نفسه شيءٌ منّي، فانطلقتُ إلى عائشة، فقلتُ لها: تعلمين أنّي لم أكن أبيع يومي من رسول الله(ص) بشيءٍ أبداً، وإنّي قد وهبْتُ يومي لكِ على أن ترضي رسول الله(ص) عنّي، قالت: نعم، قال: فأخذت عائشة خماراً لها قد ثردته بزعفران، فرشَّته بالماء؛ ليذكى ريحه، ثم لبست ثيابها، ثم انطلقت إلى رسول الله(ص)، فرفعت طرف الخباء، فقال لها: ما لك يا عائشة؟! إنّ هذا ليس بيومك، قالت: ذلك فضل الله يؤتيه مَنْ يشاء، فقال مع أهله، فلمّا كان عند الرواح قال لزينب بنت جحش: يا زينب، أفقري أختك صفية جملاً، وكانت من أكثرهنَّ ظهراً، فقالت: أنا أفقر يهوديّتك، فغضب النبيّ(ص) حين سمع ذلك منها، فهجرها فلم يكلِّمها حتّى قدم مكّة وأيّام منى في سفره حتّى رجع إلى المدينة والمحرَّم وصفر، فلم يأتِها، ولم يقسِمْ لها، ويئست منه، فلما كان شهر ربيع الأوّل دخل عليها، فرأَتْ ظلَّه، فقالت إنّ هذا لظلُّ رجلٍ، وما يدخل عليَّ النبيّ(ص)، فمَنْ هذا؟! فدخل النبيُّ(ص)، فلما رأَتْه قالت: يا رسول الله، ما أدري ما أصنع حين دخلت عليَّ، قالت: وكانت لها جارية، وكانت تخبؤها من النبيّ(ص)، فقالت: فلانةٌ لك، فمشى النبيّ(ص) إلى سرير زينب، وكان قد رُفع، فوضعه بيده، ثمّ أصاب أهله، ورضي عنهم([4]).

وروى مثله أيضاً أحمد بن حنبل، عن عفّان، عن حمّاد، عن ثابت، عن شميسة، عن عائشة، أن رسول الله(ص) كان في سفرٍ له، فاعتلّ بعيرٌ لصفيّة، وفي إبل زينب فضلٌ، فقال لها رسول الله(ص): إنّ بعيراً لصفيّة اعتلّ، فلو أعطيْتِها بعيراً من إبلك، فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية، قال: فتركها رسول الله(ص) ذا الحجّة والمحرَّم، شهرين أو ثلاثة لا يأتيها، قالت: حتّى يئسْتُ منه، وحوَّلْتُ سريري، قالت: فبينما أنا يوماً بنصف النهار إذ أنا بظلِّ رسول الله(ص) مقبلٌ، قال عفّان: حدَّثنيه حمّاد، عن شميسة، عن النبيّ(ص). ثمّ سمعته بعد يحدِّثه، عن شميسة، عن عائشة، عن النبيّ(ص)، وقال بعد: في حجٍّ أو عمرة، قال: ولا أظنّه إلاّ قال: في حجّة الوداع([5]).

ج ـ ما أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك، عن محمد بن المؤمّل، عن الحسن، عن الفضل بن محمد البيهقي، عن نعيم بن حمّاد، عن عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن عيسى بن عاصم، عن زرّ بن حبيش، عن أنس بن مالك قال: بينما النبيّ(ص) يصلّي ذات ليلةٍ صلاة إذ مدّ يده ثمّ أخَّرها، فقلنا: يا رسول الله، رأيناكَ صنعْتَ في هذه الصلاة شيئاً لم تكن تصنعه في ما قبله، قال: أجل، إنّه عرضت عليَّ الجنّة، فرأيتُ فيها داليةً قطوفها دانية، فأردْتُ أن أتناول منها شيئاً، فأوحي إليَّ أن أستأخِرْ فاستأخَرْتُ، وعرضَتْ عليَّ النار في ما بيني وبينكم، حتّى رأيْتُ ظلّي وظلّكم فيها، فأومَيْتُ إليكم أن استأخِروا، فأوحي إليَّ أن أقرَّهم، فإنك أسلمْتَ وأسلموا، وهاجرْتَ وهاجروا، وجاهَدْتَ وجاهدوا، فلم أَرَ لكَ فضلاً عليهم إلاّ بالنبوّة، فأوَّلْتُ ذلك ما يلقى أمّتي بعدي من الفِتَن.

ثم قال الحاكم: «هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرِّجاه»([6]).

خلاصة الكلام

إنّ الذي أوقع هؤلاء الغلاة في هذه الشبهة معتقداتٌ اكتسبوها من بعض الغلاة المتصوِّفة، الذين يرَوْن أنّه(ص) مخلوقٌ من النور، وليس من التراب كبقيّة البشر.

وهذا الكلامُ غيرُ صحيح؛ فإنّ تأمُّلاً بسيطاً في ما جاء في القرآن الكريم عن بدء خلق الإنسان، وممَّ خُلقَتْ زوجته، يوصلنا إلى الاعتقاد بأنّ الله خلق الناس كلَّهم من نَفْسٍ واحدة، وخلق منها زوجها، أي من تلك النَّفْس، أي من تلك الطبيعة، أي من ذلك الجنس. فالزوجان في هذه الدنيا، وعلى هذه الأرض؛ بحسب التكوين الإلهيّ، لا بُدّ أن يكونا من طبيعةٍ واحدة، لا من طبيعتين متغايرتين، وجنسين مختلفين. فلا يمكن أن يُتصوَّر زواجٌ كاملٌ ومنتِجٌ بين كائنٍ من طين وكائنٍ من نورٍ أو نارٍ، بل لا بُدّ أن يكون الزواج المُثْمِر بين إنسانين مخلوقين من طبيعةٍ واحدة، وجنسٍ واحد، ألا وهو الطِّين.

وبما أنّ النبيّ الأكرم(ص) قد تزوَّج وأنجب من نساءٍ مخلوقاتٍ من الطين، فهذا يعني أنّه مثلهُنَّ من حيث الطبيعة والجنس، أي من الطِّين، وليس النور.

وليس لقائلٍ أن يقول: إنّ ذلك مختصٌّ بـ (آدم) وَحْدَه، فزوجتُه (حوّاء) من جنسه، وهو الطِّين، وأمّا بقيّة الناس فيمكن أن تكون زوجاتُهم من طبيعةٍ أخرى، تختلف عن طبيعتهم.

فإنّ هذا القولَ غيرُ صحيح؛ لأنّ الخطاب الإلهيّ للناس كافّة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ (النساء: 1). وتؤكِّد ذلك الآية الكريمة: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ (النحل: 72)، حيث استعملَتْ صيغة الجمع (أنفسكم). فالقاعدة عامّةٌ، وشاملةٌ للناس كافّة، وهي أنّه لا يُتصوَّر زواجٌ بين الطِّين والنار، بين الطِّين والنور.

وبذلك يثبت بطلان ما يشيع بين بعض المؤمنين، من أنّ النبيّ الأكرم محمد(ص) وأهل بيته الأطهار(عم) قد خُلِقوا من نورٍ؛ إذ خُلق (آدم) من طين، فوجدهم بعرش الله مُحْدِقين، أو أنّه نظر إلى يمين العرش فأبصر أنوارهم(عم).

إنّ هذا الاعتقادُ باطلٌ، وإنْ تضمَّنَتْه بعضُ الروايات([7])؛ فإنّها ـ كلَّها ـ ضعيفةٌ سَنَداً، أو مضموناً؛ إذ مفادُ هذه الروايات أنّ لله عرشاً مجسَّماً محدوداً، له يمينٌ وشمال، وتُحدق به الأشياء. تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

وهذا (تجميع القرائن على العَدَم) منهجٌ علميٌّ إلزاميٌّ للمؤمن، يجب عليه أن يتَّبعه؛ كي لا يقع، عن قصدٍ أو غير قصدٍ، في التقوُّل على المعصوم(ع)، والكَذِب على الله عزَّ وجلَّ ورسوله وأوليائه(عم). وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.

**********

الهوامش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) انظر: الهيثمي، مجمع الزوائد 9: 21.

([2]) ابن حجر، الإصابة 3: 129.

([3]) انظر: الهيثمي، مجمع الزوائد 4: 323.

([4]) مسند أحمد بن حنبل 6: 337 ـ 338.

([5]) مسند أحمد بن حنبل 6: 131 ـ 132.

([6]) الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 4: 456.

([7]) فقد روى المجلسي في بحار الأنوار 15: 23 ـ 24، نقلاً من كتاب رياض الجنان، لفضل الله بن محمود الفارسي، بإسناده [وهذا الإسناد غير معروفٍ] إلى جابر بن عبد الله قال: قلتُ لرسول الله(ص): أوّل شيءٍ خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: «نور نبيّك يا جابر، خلقه الله، ثمّ خلق منه كلَّ خيرٍ».

وعن جابر أيضاً قال: قال رسول الله(ص): «أوّلُ ما خلق الله نوري، ابتدعه من نوره، واشتقّه من جلال عظمته».

وروى الصدوق في الخصال: 481 ـ 482؛ وفي معاني الأخبار: 306 ـ 308، عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن إبراهيم بن يحيى بن عجلان المروزي المُقْرئ، عن أبي بكر محمد بن إبراهيم الجرجاني، عن أبي بكر عبد الصمد بن يحيى الواسطي، عن الحسن بن عليّ المدني، عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب(عم) قال: «إنّ الله تبارك وتعالى خلق نور محمد(ص) قبل أن خلق السماوات والأرض والعرش والكرسيّ واللوح والقلم والجنّة والنار، وقبل أن خلق آدم ونوحاً…، ثمّ أظهر عزَّ وجلَّ اسمَه على اللوح، وكان على اللوح منوِّراً أربعة آلاف سنة، ثم أظهره على العرش، فكان على ساق العرش مثبَتاً سبعة آلاف سنة، إلى أن وضعه اللهُ عزَّ وجلَّ في صلب آدم…».

وروى الصدوق في الخصال: 638 ـ 639، عن أبيه(رض)، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الحميد العطّار، عن محمد بن راشد البرمكي، عن عمر بن سهل الأسدي، عن سهيل بن غزوان البصري قال: سمعْتُ أبا عبد الله(ع) يقول: إنّ امرأة من الجنّ كان يقول لها عفراء…، [سألها النبيّ(ص)]: يا عفراء أيَّ شيءٍ رأيتِ؟ قالت: رأيتُ عجائب كثيرة، قال: فأعجب ما رأيتِ؟ قالت: رأيتُ إبليس في البحر الأخضر على صخرةٍ بيضاء مادّاً يدَيْه إلى السماء، وهو يقول: إلهي إذا برَرْتَ قَسَمَك وأدخَلْتَني نارَ جهنَّم فأسألك بحقّ محمدٍ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا خلَّصتني منها وحشرتني معهم، فقلتُ: يا حارث، ما هذه الأسماء التي تدعو بها؟ قال لي: رأيتُها على ساق العرش من قبل أن يخلق الله آدم بسبعة آلاف سنة…

وروى الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: 254 ـ 256، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، عن محمد بن عليّ بن أحمد بن الهمداني، عن أبي الفضل العبّاس بن عبد الله البخاري، عن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن عليّ بن موسى الرضا(ع)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب(عم) قال: قال رسول الله(ص) [في حديث المعراج]:…فقلتُ: يا ربِّ، ومَنْ أوصيائي؟ فنُوديت: يا محمد، إنّ أوصياءك المكتوبون على ساق العرش، «فنظرتُ ـ وأنا بين يدي ربّي ـ إلى ساق العرش، فرأيتُ اثني عشر نوراً، في كلّ نورٍ سطرٌ أخضر مكتوب عليه اسم كلّ وصيٍّ من أوصيائي، أوّلُهم عليّ بن أبي طالب، وآخرُهم مهديّ أمّتي…».

وروى الصدوق في معاني الأخبار: 108 ـ 109، عن أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي(رض)، عن أبي العبّاس أحمد ين يحيى بن زكريا القطّان، عن أبي محمد بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضَّل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله(ع) [في قصّة خلق آدم وحوّاء وما جرى معهما في الجنّة]:…فقال الله جلَّ جلاله: «ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي، فرفعا رؤوسهما، فوجدا اسم محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة بعدهم صلوات الله عليهم مكتوبةً على ساق العرش بنورٍ من نور الجبّار جلَّ جلاله…».

ورواياتٌ كثيرة مماثلةٌ.

ولا يسَعُنا سوى أن نرفض هذه الروايات وأمثالها ـ ولعلّها كلَّها ضعيفةٌ سنداً ـ بعد التدبُّر في مضمونها العقائديّ الفاسد والباطل، وهو القولُ بالتجسيم، وأنّ لله عرشاً مادّيّاً ذا يمينٍ وشمال وساق، وإنْ كنّا نؤمن بفضل النبيّ(ص) وأهل بيته(عم)، وأنّهم خيرُ عباد الله قاطبةً، والمكرَّمون لديه، وأنّهم أوصياء النبيّ الأكرم محمد(ص) حقّاً، أوّلهم عليّ(ع)، وآخرهم المهديّ(عج)، لا يتقدَّمهم إلّا مارقٌ، ولا يتأخَّر عنهم إلاّ زاهقٌ، والتابعُ لهم لاحقٌ.



أكتب تعليقك