(15 ـ 12 ـ 2012م)
تمهيدٌ
أن تكون محبّاً للعلم فتلك منقبةٌ، وأن تطلب العلم فتلك مكرمةٌ، ولكنَّ الأفضل من ذلك أن تغدو عالماً عاملاً بما علمتَ، فتلك مفخرةٌ.
إنّه لفخرٌ حقّاً أن تفيض ممّا وهبك الله من العلم ـ إذ العلم نورٌ يقذفه الله في قلب من أحبّ ـ على غيرك، دون منّةٍ أو أذى، لا تبتغي بذلك سوى رضا الله عزّ وجلّ، غير طامعٍ أن تأخذ برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إذ ورد في الحديث الصحيح: إنّ العلماء ورثة الأنبياء (الصفّار، بصائر الدرجات: 23) ـ ما لا تعطي مثله؛ اقتداءً بسيّدنا ومولانا الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام، حيث يقول: أكره أن آخذ برسول الله ما لا أعطي مثله.
لا يغدو المرء عالماً بعمامةٍ يعتجرها، أو جبّةٍ يلبسها، أو نعلٍ صفراء ينتعلها، بل يغدو عالماً عاملاً بقدر ما يسعى للجِدّ في البحث والتحقيق طلباً لحكمٍ ربما خفي على آخرين ممَّنْ سبقوه، فتكون الحقيقة هدفه الذي يسعى إليه دوماً وأبداً، غير آيسٍ من الوصول إليها، ولا خائفاً من رفض الناس لها، ورفضهم إيّاه بسببها.
هكذا يتحقَّق النموّ والتكامل في الحياة، وهكذا يكون للعالم الربّانيّ أثرَه الذي يُفتقد حين غيابه، فيكون لغيابه وقعٌ عظيم في النفوس، ويثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء، وتظهر للأنام قيمة حضوره ـ إذ قيمة كلّ امرئ ما يحسنه، كما قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام (نهج البلاغة 4: 18، الحكمة 81) ـ، الذي استغلّه واستفاد منه قومٌ ففازوا، وحُرم منه آخرون؛ لشقائهم، فخابوا.
أمّا لو مات (العالم) فلم يفتقده أحدٌ فإنّ ذلك يكون مدعاةً لإعادة نظرٍ جادّة في علمه وفضله و…
هكذا رحل المرجع الدينيّ السيّد محمد باقر الصدر رحمه الله، تاركاً فراغاً كبيراً، وحاجةً عظيمة، تشهد بها كثرة الدراسات والمؤتمرات التي تناولته، وتناولت فكره وفقهه، وأثر ذلك كلّه في نهضة المجتمع الإسلاميّ.
ومن هنا تتابع مجلّة (نصوص معاصرة)، في عددها هذا (العدد الثامن والعشرون (28))، بعنوان: «الإمام الصدر ومشاريع النهضة في الفكر الإسلاميّ /3/»، عرض جملةٍ من الدراسات في سيرته وفكره (خمس مقالاتٍ علميّةٍ قيِّمةٍ). وتتلوها ثماني دراساتٍ قرآنيّة وفلسفيّة وفكريّة وتاريخيّة. بالإضافة إلى قراءةٍ في أعمال الدكتورة (سابينه شميتكه) حول التشيُّع والاعتزال، للدكتور حسين متّقي.
أكمل قراءة بقية الموضوع ←






