26 أبريل 2014
التصنيف : استفتاءات
لا تعليقات
2٬809 مشاهدة

ربا البنوك، كيف نتجنَّبه؟

بين السائل والمجيب

سلام عليكم سماحة الشيخ، حفظكم الله ورعاكم.

كيف يتجنَّب الإنسان أكل مال الربا عند وضع أموال في البنك؟وهل يمكن أن يستفيد من وضع المال في بنك إسلاميّ من دون أن يقع في الحرام؟

(23 / 4 / 2014م)

باسمه تعالى. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

عندما يضع المؤمن أو المؤمنة ماله في البنك فينبغي أن تكون نيّته صادقاً أنّه يفعل ذلك لحفظها من لصّ أو حريق أو…

وعليه فهو لا يبحث عن البنك الذي يدفع فائدةً أكبر، وإنّما يقصد البنك ذو المصداقيّة والشفافيّة والقوّة المصرفيّة التي تجعل أمواله في مأمنٍ من إفلاسٍ أو نصب أو…

ثمّ يأخذ بالسحب من حسابه، والإيداع فيه، دون أن يعير اهتماماً لمسألة الفائدة والمقدار الذي يضعه البنك في الحساب.

فلو جاء آخر السنة ووجد أنّهم لم يضعوا له شيئاً في حسابه فلا يجوز له أن يسأل عن ذلك، وإنّما له أصل أمواله، والباقي لا يطلبه هو، فإنْ وجدها فله أن يأخذها باعتبار أنّ البنك قد أباحها له، وهو لم يشترط على البنك أن يبذلها له. وإنّما تحرم الزيادة إذا اشتُرطت.

وللأسف الشديد فإنّ الغالبيّة العظمى (إذا لم نقُلْ: كُلّ) البنوك الإسلاميّة تتبع النظام المصرفيّ العالميّ القائم على الربا، وبالتالي لا تمتاز هذه المصارف عن غيرها في أنّها تحدِّد نسبةً معيَّنة تدفعها للمودِعين في آخر السنة.

ولكنْ من حيث المبدأ والأصل يمكن إنشاء بنك إسلاميّ لا يتعامل بالربا من خلال تغيير طبيعة المعاملة بين البنك والمودِع، فلا تكون عمليّة إقراض (إيداع)، بل تتعنون بعنوان (المضاربة)، وهي أن يسلِّم الشخص مالَه للبنك لكي يتاجر به، على أن يكون شريكه في الربح بنسبةٍ معيَّنة (10 ـ 20 ـ 30…%).

والفرق هو أنّه في عمليّة الإقراض (الإيداع) الفائدة ثابتة. مثلاً: أودع 100$ يحصل في آخر السنة على 10$ إضافيّة. وربما يكون البنك قد تاجر بالمال وربح 200$.أمّا في عمليّة (المضاربة) فلصاحب المال مثلاً 50% من الربح.

فإذا تاجر البنك بالمال (100$) وربح (200$) فسيكون من نصيب صاحب رأس المال (100$)كاملةً، مضافاً إلى أصل ماله (100$)، ويأخذ البنك (100$) نصيبه من الربح.

وإذا خسر البنك في التجارة فيتحمّلها صاحب رأس المال وحده. ولكنْ في الغالب يحصل ربحٌ.

هكذا يمكن التخلُّص من الربا، بل يكون الربح الحاصل من الاستثمارات التجاريّة التي يقوم بها البنك عادةً بأموال الناس، يكون ذاك الربح مقسَّماً على صاحب المال والعامل (البنك) بالنسبة، وهذا هو مقتضى العدالة الاجتماعيّة، وأمّا ما يجري اليوم فهو أنّ صاحب المال لا يحصل سوى على فتاتٍ من الأرباح التي يجنيها البنك من خلال استثماره تلك الأموال المودَعة لديه.

نسأل الله لنا ولكم ولجميع المؤمنين والمؤمنات العفوَ والعافية، والسلامة في الدين والدنيا، إنّه سميعٌ مجيب.

سلام عليك سماحة الشيخ، هل تعني أنّه في النظام الإسلاميّ يجب أن يتحمَّل البنك وصاحب رأس المال الربح والخسارة معاً؟ جزاكم الله خيراً.

(24 / 4 / 2014م)

في النظام الاقتصادي الإسلامي المال وحده لا ينتج مالاً، وإنّما لا بدّ من العمل ينضمّ إلى المال فينتجا أرباحاً.

وهناك أشكالٌ كثيرة لاستثمار المال من قِبَل مالكه، كـ:

1ـ أن يتاجر بهذا المال بنفسه.

2ـ يوكِّل شخصاً يتاجر نيابةً عنه، وله أجرةٌ على عمله.

3ـ يعطي ماله لشخصٍ كي يتاجر به على أن يكون الربح لهما معاً بالنسبة المتَّفق عليها، وأمّا الخسارة (أي إذا نقص رأس المال في نهاية المدّة أو نهاية الصفقة) فتكون على صاحب المال، في الوقت الذي يكون العامل قد خسر عمله وجهده ولم يحصِّل في مقابله شيئاً.

والشكل الأخير هو المعروف بـ (المضاربة)، وله أحكامه الخاصّة التي تراجَع في محلّها من الكتب الفقهية.

فإنْ كانت المعاملة بين البنك وصاحب المال بعنوان (المضاربة) فالربح لهما بالنسبة، وأمّا الخسارة فعلى صاحب رأس المال وحده.

وإنْ كانت المعاملة بعنوانٍ آخر، فسيكون لها حكم ذلك العنوان.



أكتب تعليقك