بيان العزاء برحيل سيدنا الأستاذ المرجع محمد حسين فضل الله رحمه الله
(الاثنين 5 ـ 7 ـ 2010م)
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إنّا للهِ وإنّا إِلَيْهِ راجِعُون﴾
لا صوَّتَ الناعي بفقدِك إنّه |
يومٌ على آلِ الرسول عظيمُ |
ببالغ الحزن والأسى ولوعة الفراق ننعى إلى صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وإلى وليّ أمر المسلمين وكافّة العلماء والمجاهدين الأبرار، وإلى الأمة الإسلاميّة جمعاء، المرجع الدينيّ الكبير سماحة آية الله العظمى السيّد محمّد حسين فضل الله (رضوان الله تعالى عليه)، رجلَ العلم والفكر والوعي والتجديد.
هكذا عرفناه
عرفناه عالماً، عاملاً، عابداً، ورعاً، مخلصاً، مجاهداً، ناصراً للحقّ وأهله، مدافعاً عن المظلومين والمقهورين والمحرومين والمستضعفين، مقارعاً للاستكبار العالميّ، كافلاً للأيتام والفقراء والمساكين.
عرفناه عالماً واعياً، اطّلع على الماضي فوعاه تماماً، فاستشرف المستقبل وخطَّط له، وفقيهاً مجتهداً، واكب بفقهه الحياةَ وتطوّرَها، على نهج السلف العامليّ الصالح، كالشهيد الأوّل، والشهيد الثاني، و…
عرفناه عاملاً بما علم، لا يقدِّم رجلاً ولا يؤخِّر أخرى حتّى يعلم أنّ ذلك لله رضا، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
عرفناه ذا عقلٍ واعٍ مستنير يتوق إلى إضاءة حياة الإنسان، كلّ إنسان، بالخير والمحبّة والوعي والحقيقة.
عرفناه مواظباً على الحضور إلى المسجد ـ بيت الله، يُعلِّم ويُرشد ويبلِّغ رسالات ربّه، لا يضجر ولا يملّ ولا يتعب، وكلّ همّه أن يستنقذ هذه الأمّة من جاهليّتها ومكائد العدّو لها.
عرفناه أباً رحيماً ومرشداً حكيماً وكهفاً حصيناً للمجاهدين في سبيل الله في كلّ بقاع العالم، ولا سيّما مجاهدي المقاومة الإسلاميّة في لبنان، يشاركهم جهادهم بعقله وقلبه وفكره ودعائه، وبقي إلى جانبهم في أحلك الظروف وأصعب المراحل، فكان نصرُ الله والفتح.
عرفناه حلقةً قويّةً في سلسلة الخطّ الثوريّ الجهاديّ المقاوم، في سلسلة العظماء الكبار، كالإمام روح الله الخمينيّ، والسيّد المغيَّب موسى الصدر، والسيّد الشهيد محمّد باقر الصدر، و…
عرفناه داعياً إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وداعياً إلى الوحدة بين أبناء الأمّة الإسلاميّة أجمع، بعيداً عن كلّ أشكال التكفير والتضليل.
سيّدنا، رحلتَ وفي قلبك الكبير غصّةٌ كبيرةٌ أن لم تبلغ بهذه الأمّة شاطئ الوحدة والمحبّة والوعي والحضارة، وبرّ الأمن والسلام.
عزاؤنا برحيلك أن مهَّدتَ لنا طريقاً إلى الهدى، وأصَّلتَ فينا حبّ الحقّ وأهله، حبّاً ثابتاً لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، فعلى دربك ـ إنْ شاء الله ـ نحن سائرون، وإنّا لله وإنا إليه راجعون.
فإلى رحمة الله ورضوانه، وجنان الخُلْد التي أعدّت للمتّقين، إلى جوار أجدادك الطيّبين الطاهرين، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.