17 فبراير 2017
التصنيف : منبر الجمعة
لا تعليقات
3٬637 مشاهدة

الغضب، بين الحقّ والباطل / أسماء أهل البيت(عم) في القرآن

(الجمعة 17 / 2 / 2017م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين.

الغضب الضروريّ

الغضب هو حالةٌ انفعاليّة مشاعريّة، لا يخلو منها أحدٌ من الناس. وقد زوَّد الله الإنسان بهذه القوّة لما لها من الآثار الإيجابيّة في حياته، فلولا الغَضَب ـ وهو هذا الشعور بالضِّيق جَرّاء الظُّلم والعُدْوان ـ لما دافع إنسانٌ عن حقِّه المسلوب، وكرامته المعتَدَى عليها، وهذا الدفاعُ واجبٌ ومصلحةٌ، وإنْ كانت صورتُه الظاهرة في بعض الأحيان على شكل عدوانٍ. قال تعالى: ﴿فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (البقرة: 194).

ومن هنا نستطيع أن نفهم كثيراً من الآيات والروايات التي تحثّ على الغَضَب بهذا المعنى، وهو الانفعال بسبب البَغْي والعدوان، حيث يقول تعالى في ما يمدح به الذين آمنوا وعملوا الصالحات: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ (الشورى: 39).

وفي حديثٍ للإمام الشافعيّ أنّه قال: «مَنْ استُغضب فلم يغضب فهو حمارٌ، ومَنْ استُرضي فلم يَرْضَ فهو شيطانٌ»([1]).

الأنبياء والأئمّة(عم) يغضبون أيضاً

وهكذا نشهد أنّ المعصوم(ع)، سواءٌ الأنبياء(عم) أو النبيّ الأكرم(ص) أو الأئمّة(عم)، كان يغضب في أكثر من موردٍ، وذلك حين يشهد تجاوزاً لشريعة الله، أو تعدّياً على كرامة أحدٍ، أو تجسُّساً على أحدٍ، وما شابه ذلك من الموبقات الدينيّة، والمفاسد الاجتماعيّة.

فها هو كليمُ الله موسى(ع) يحدِّثنا الله تبارك وتعالى عنه فيقول: ﴿وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ… * … * وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ (الأعراف: 150 ـ 154).

وفي كثيرٍ من الروايات والأخبار ما يبيِّن أنّ النبيّ(ص) أو الإمام(ع) كان يُرى وهو غضبانٌ، أو وهو مغضبٌ([2])، ولكنّه لم يكن ليغضب إلاّ لله، ولا يتجاوز حدودَ الله مهما بلغ غضبُه وأخذ منه مأخذاً.

فقد رُوي أنّه كان بين عليٍّ وفاطمة شيءٌ، فجاء رسول الله(ص) يلتمس عليّاً، فلم يجده، فقال لفاطمة: أين هو؟ قالت: كان بيني وبينه شيءٌ، فخرج من عندي وهو غضبانٌ، فالتمسه رسول الله(ص)، فوجده في المسجد راقداً، وقد زال رداؤه عنه، وأصابه التراب، فأيقظه رسول الله(ص)، وجعل يمسح التراب عن ظهره، وقال له: اجلس، فإنَّما أنتَ أبو تراب([3]).

وقد تقدَّم أيضاً ما كان بين رسول الله(ص) وزوجته عائشة، وكيف قالت: كأنْ ليس في الأرض امرأةٌ إلاّ خديجة، فخرج رسول الله(ص)، وهو غضبانٌ، فلبث ما شاء الله أن يلبث، ثمّ دخل عليها…، الحديث([4]).

التوازن عند الغضب

أيُّها الأحبّة، فلننظر كيف كان هؤلاء العظماء يوازنون بين غضبهم وحالتهم المشاعريّة الثائرة، ولو كانت ثورةً لله ولدينه، وبين أفعالهم، فلا يخرجون عن حدود الشريعة في ما تريده من ضوابط لعلاقة المؤمن مع الآخرين، فيخرج النبيُّ(ص) أو الإمام(ع) من البيت قليلاً، ولا يلبث أن يعود إليه هادئاً، ويعمل على حلِّ المشكلة، وبيان موضع الخطأ والانحراف.

الغضب المذموم

نعم، هذه القوّة الغَضَبيّة لا بُدَّ من تهذيبها وتحديدها في الإطار الذي رسمه الله لها، فلا يُتجاوَز بها الحدّ المسموح به شرعاً.

فلا يكون الغضبُ لشفاء الغَيْظ، ومجرَّد الانتقام. إذن فالمدارُ في الحُسْن والقُبْح هو نيّةُ الغَضْبان وواقعُ الحال، وهل أنّه غاضبٌ لله، ولنصرة الحقّ وإزهاق الباطل، أو أنّه يغضب لنفسه وشهواتها؟

وهكذا كانت وصيّة أمير المؤمنين عليٍّ(ع)، حيث قال: «فلا يكُنْ أفضل ما نِلْتَ في نفسك من دنياك بلوغ لذّةٍ أو شفاء غيظٍ، ولكنْ إطفاءَ باطلٍ أو إحياءَ حقٍّ»([5]).

ولا يجوز أن يكون هذا الانفعال المشاعريّ نصرةً للقبيلة أو العشيرة أو الحزب أو الجماعة، ولو كانت على خطأ في القول أو الفعل، فتلك هي العصبيّة الجاهليّة الآثمة، والتي يأثم عليها صاحبها، كما يقول مولانا زين العابدين(ع): «العصبيّةُ التي يأثَمُ عليها صاحبُها أن يرى الرجلُ شرارَ قومه خيراً من خيار قومٍ آخرين، وليس من العصبية أن يُحِبّ الرجلُ قومَه، ولكنْ من العصبيّة أن يُعين قومَه على الظُّلْم»([6]).

وفي مقابل ذلك كلِّه نجد في كتاب الله عزَّ وجلَّ ما يمدح به الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيقول: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ (الشورى: 37)

كما نجد ذلك جَلِيّاً في تصرُّفات أهل البيت(عم) في ما يتعلَّق بحقوقهم الشخصيّة والإساءة إلى ذواتهم، حتّى أنّه يُروى أنّ جاريةً له كانت تصبّ الماء على يدَيْه، فسقط الإبريق من يدها على رأسه، فشجَّه، فسال الدم، فأدركت عظيمَ جنايتها، فبادرته بقولها: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾، فقال: قد كظمتُ غيظي، فقالت: ﴿وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ﴾، قال: قد عفَوْتُ عنكِ، فقالت، وقد طمعَتْ في إحسانه: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾، فقال: اذْهَبي فأنتِ حُرَّةٌ لوجه الله([7]).

خلاصة الكلام

إنّ الغضب هو حالة انفعالٍ مشاعريّ، قد يتجاوز في ثورته وهَيَجانه الحدَّ المسموح به عُرْفاً وشَرْعاً.

وهو من هذه الجهة يشكِّل موطن ضعفٍ في الإنسان. وقد يقوده إلى تهوُّرٍ في الفعل والموقف، فلا تُحمَد عُقْباه.

والمطلوب عُرْفاً وشَرْعاً أن يكون للإنسان العاقل اختيارُه الواعي، وفعلُه الحُرّ، الذي لا يندم يوماً على نتيجته، لأنّه لم يَكُ إلاّ بعد تفكُّرٍ طويل، ودراسةٍ معمَّقة، ومراعاةٍ لحدود الله.

الوجوه المتعدِّدة للإعجاز القرآني

إنّه القرآنُ الكريم، كتابُ الله وشريعته الخالدة، ودستورُ المسلمين الدائم، ومعجزةُ النبيّ الأكرم محمد(ص)، التي تحدّى الجنَّ والإنس معاً أن يأتوا بمثله، فعجزوا، وبان ضعفهم، وأقرّ عقلاؤهم بأنّه ليس كتاباً من صنع البشر، وإنّما هو وحيٌ من لدُنْ حكيمٍ عليم خبير.

هو الكتابُ الذي ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾ (فصِّلت: 42)، وهو الذِّكْرُ، الذي أنزله الله، وتكفَّل بحفظه وصيانته من أن تطاله يدُ التحريف ـ بالزيادة أو النقيصة ـ، فكيف كان ذلك؟

 تسالم المسلمون على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لرسول الله محمد(ص)، بَيْدَ أنّهم اختلفوا في وجه إعجازه، وتعدَّدت أقوالهم في ذلك، فبين مَنْ أنهاه إلى عدَّة وجوهٍ؛ أكثر في عددها قومٌ؛ وأَقَلَّ آخرون؛ ومَنْ اقتصر على وجهٍ واحد([8]).

فهو المعجزُ بصدوره من نفس النبيّ الأكرم محمد(ص)، الذي لم يكن معروفاً بالقراءة والكتابة، وارتياد مجالس العلم وأسواق الشعر.

وهو المعجزُ في بلاغة مبناه؛ وفي فصاحة معناه؛ وفي ما ذَكره من أخبار غَيْبٍ؛ وحقائق علميّة؛ ومبادئ حياةٍ لسائر الأفراد والمجتمعات.

إعجازٌ في الأسلوب

ويمتاز القرآنُ الكريم بأسلوبٍ فريد من نوعه، يتمثَّل في اجتنابه التعرُّض بالمدح والذمّ لأشخاصٍ معيَّنين بأسمائهم؛ فهو يمدح ويذمّ عناوين عامّة تنطبق على أفراد متعدِّدين، ولكنّه لا يتكفَّل بيان هذه المصاديق، وإنّما يَدَع الخبر عامّاً، فلا يجد أحدٌ من الناس ـ مسلماً أو كافراً أو منافقاً ـ ضرورةً أو دافعاً له لحذف فقرةٍ من فقراته.

لم يتعرَّض القرآن الكريم سوى لشخصين سمّاهما بالاسم، وهما:

1ـ زيد بن حارثة

حيث ذكره في سياق حادثةٍ اجتماعية ترتبط بعلاقته بزوجته زينب بنت جحش، وقد عزم على طلاقها، وأراد الله للنبيّ(ص) أن يتزوَّجها من بعده، ليكسر عُرْفاً اجتماعياً باطلاً، وهو (التبنّي)، الذي كان إلغاؤه بهذه الطريقة الصادمة، حيث أُمر النبيّ(ص) أن يتزوَّج من حليلة (زيد)، الذي كان يُعرَف في الجاهليّة بـ (ابن محمد)، مع أنّه(ص) لم يتبنّاه صراحةً، وإنّما ربّاه ورعاه، فهو ربيبُه، وليس ابناً صُلْبيّاً له(ص).

وعلى أيّ حالٍ لم يَرِدْ في هذه القصّة أيُّ مدحٍ أو ذمٍّ لزيد، وإنّما ذُكر في سياق عرض حَدَثٍ تاريخيّ: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً﴾ (الأحزاب: 37).

2ـ أبو لهب

عمُّ النبيّ(ص)، حيث كانت سورةٌ كاملة من نصيبه، وفيها تقريعٌ له، وبيانٌ لجزائه المُخْزي يوم القيامة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ (المسد: 1 ـ 5).

ويُعتَبَر هذا استثناءً من الأسلوب القرآني الفريد الذي قدَّمنا الحديث عنه. وسرُّ هذا الاستثناء أنّ أبا لهب هو من بني هاشم، وهي قبيلةُ النبيّ(ص)؛ وهو أيضاً قد مات قبل النبيّ(ص)، ولم يكن لعَقِبِه حضورٌ سياسيّ واجتماعيّ بعد رحيل النبيّ(ص)، الأمر الذي يُؤمَن معه أن يقوم هؤلاء بحذف الآيات التي تعرَّضت لأبيهم بالذمّ.

إذن اعتمد القرآن الكريم أسلوباً فريداً فيه من الحكمة والدقّة ما يزيل أيّ دافعٍ لأعداء الإسلام لحذف بعض آياته؛ كي لا تكون فاضحةً لحالهم وصفاتهم، وعاملاً أساساً في مواجهة المسلمين لهم.

السرُّ في عدم ذكر أسماء أهل البيت(عم) في القرآن الكريم

وهكذا نستطيع أن نعرف السرَّ في عدم ذكر أهل البيت(عم) بأسمائهم في القرآن الكريم، حيث سيكون الداعي والدافع كبيراً لأعدائهم كي يحذفوا هذه الآيات تحت ذرائع شتّى، فكان ذكرهم بالعنوان والإجمال على أن يكون البيان والتفسير في الحديث النبويّ الشريف، كحديث الثِّقلَيْن، وحديث الكساء، ونحوهما؛ وما يثبته التاريخ من حوادث ووقائع، كحادثة الغدير، وغيرها.

وهكذا حفظ القرآن الكريم بأسلوبه هذا نفسَه من أن تمتدّ إليه يد التحريف، فبقي مصاناً على مرّ الدهور، واختلاف العصور، وهكذا سيبقى إلى يوم القيامة.

**********

الهوامش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 51: 413 ـ 414، عن أبي القاسم الشحامي، عن أبي بكر البيهقي، عن أبي بكر بن أبي إسحاق، عن الزبير بن عبد الواحد، عن محمد بن فهد، عن الربيع، عن الشافعي.

([2]) إبراهيم بن محمد الثقفي، الغارات 2: 486: «فإذا عليٌّ(ع) على منبرٍ من طين مجصّص، وهو غضبان، قد بلغه أنّ ناساً قد أغاروا بالسواد…، الحديث».

القاضي النعمان، شرح الأخبار 3: 18: «فقالت: كأنْ ليس في الأرض امرأةٌ إلاّ خديجة، فخرج رسول الله(ص)، وهو غضبانٌ، فلبث ما شاء الله أن يلبث، ثم دخل عليها…، الحديث».

ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب 2: 194: «فقال رجلٌ: إنّ عليّاً يكره هذا، فبعث [أي الخليفة عثمان] إلى عليٍّ(ع)، فجاء وهو غضبانٌ، ملطّخٌ بدنه بالخبط، فقال له: إنك لكثير الخلاف علينا…، الحديث».

هاشم البحراني، مدينة المعاجز 3: 482: «فلم يقبل عمر بن سعد ـ لعنه الله ـ شيئاً من ذلك، فانصرف عنه الحسين(ع) وهو غضبانٌ عليه…، الحديث».

تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي 2: 357: «وأقبل يقرأ ذلك على رسول الله(ص)، وهو غضبانٌ، فقال له رجلٌ من الأنصار: ويلك، أما ترى غضب النبيّ(ص) عليك؟…، الحديث».

بحار الأنوار 30: 618: وعن عائشة قالت: «قدم النبيّ(ص) لأربع مضين من ذي الحجّة أو خمس، فدخل عليَّ وهو غضبانٌ…، الحديث».

الكليني، الكافي 1: 257: عن سدير قال: كنتُ أنا وأبو بصير ويحيى البزّاز وداوود بن كثير في مجلس أبي عبد الله(ع) إذ خرج إلينا، وهو مغضَبٌ، فلمّا أخذ مجلسه قال: «يا عجباً لأقوامٍ يزعمون أنّا نعلم الغيب…، الحديث».

الكليني، الكافي 5: 318 ـ 319: عن أبي عبد الله(ع) قال: «أتَتْ الموالي أمير المؤمنين(ع)، فقالوا: نشكو إليك هؤلاء العرب، إنّ رسول الله(ص) كان يعطينا معهم العطايا بالسويّة، وزوَّج سلمان وبلالاً وصهيباً، وأبَوْا علينا هؤلاء، وقالوا: لا نفعل، فذهب إليهم أمير المؤمنين(ع)، فكلَّمهم فيهم، فصاح الأعاريب: أبينا ذلك يا أبا الحسن، أبينا ذلك، فخرج وهو مغضَبٌ، يجرّ رداءه…، الحديث».

الكليني، الكافي 8: 225 ـ 226: عن بعض أصحاب أبي عبد الله(ع) قال: خرج إلينا أبو عبد الله(ع) وهو مغضَبٌ، فقال: «إنّي خرجتُ آنفاً في حاجةٍ، فتعرَّض لي بعض سودان المدينة، فهتف بي: لبَّيْك يا جعفر بن محمد لبَّيْك، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفاً ذعراً ممّا قال…، الحديث».

الشريف الرضي، خصائص الأئمّة: 78: «وذكر أنّ بعض عمّال أمير المؤمنين(ع) أنفذ إليه في عرض ما أنفذ من حياته مال الفيء قطفاً غلاظاً، وكان(ع) يفرِّق كلّ شيءٍ يحمل إليه من مال الفيء لوقته، ولا يؤخِّره، وكانت هذه القطف قد جاءته مساءً، فأمر بعدّها، ووضعها في الرحبة ليفرِّقها من الغد، فلمّا أصبح عدَّها، فنقصت واحدةً، فسأل عنها، فقيل له: إنّ الحسن بن عليّ(عما) استعارها في ليلته، على أن يردّها اليوم، فهرول(ع) مغضباً إلى منزل الحسن بن عليّ(عما) وهو يهمهم…، الحديث».

الشريف الرضي، خصائص الأئمّة: 78 ـ 79: «وذكروا أن بعض العمّال أيضاً حمل إليه في جملة الجباية حبّات من اللؤلؤ، فسلَّمها إلى بلال، وهو خازنه على بيت المال، إلى أن ينضاف إليها غيرها، ويفرِّقها، فدخل يوماً إلى منزله، فوجد في أذن إحدى بناته الأصاغر حبّةً من تلك الحبّات، فلمّا رآها اتَّهمها بالسرقة، فقبض على يدها، وقال: واللهِ، لئن وجب عليك حدٌّ لأقيمَنَّ فيك، فقالت: يا أمير المؤمنين، إنّ بلالاً أعارنيها؛ ليفرحني بها، إلى أن تفرَّق مع أخواتها، فجذبها إلى بلال جذباً عنيفاً، وهو مغضَبٌ، فسأله عن صدق قولها، فقال: هو كما ذكرَتْ يا أمير المؤمنين…، الحديث».

تفسير العياشي 2: 309: عن سعيد الأعرج قال: دخلتُ على أبي عبد الله(ع)، وهو مغضَبٌ، وعنده جماعةٌ من أصحابنا، وهو يقول: «تصلّون قبل أن تزول الشمس…، الحديث».

والرواياتُ في هذا المجال كثيرةٌ جدّاً، وتعذَّر إحصاؤها بتمامها، فنكتفي منها بهذا المقدار الدالّ على المراد.

([3]) رواه أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين: 14 ـ 15، عن عليّ بن إسحاق بن عيسى المخزومي، عن محمد بن بكّار بن الريان، عن أبي معشر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال:…، الحديث.

([4]) انظر: القاضي النعمان، شرح الأخبار 3: 18.

([5]) نهج البلاغة 3: 127، من كتابٍ له(ع) إلى عبد الله بن العبّاس.

([6]) رواه الكليني في الكافي 2: 308 ـ 309، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزُّهْري، عن عليّ بن الحسين(عما).

([7]) رواه الصدوق في الأمالي: 268 ـ 269، عن الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عن يحيى بن الحسين بن جعفر، عن شيخٍ من أهل اليمن يقال له: عبد الله بن محمّد، قال: سمعتُ عبد الرزّاق يقول: جعلَتْ جاريةٌ لعليّ بن الحسين(عما)…، الحديث.

([8]) راجع: محمد هادي معرفة، التمهيد في علوم القرآن 4: 28، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، ط2، 1416هـ.

 وراجع: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن 2: 230 ـ 238 (النوع الرابع والستّون في إعجاز القرآن)، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1424هـ ـ 2003م.



أكتب تعليقك