ذكرى عاشوراء، وإشكاليّة أساليب الإحياء (3)
سؤال: هل خرج الإمام الحسين(ع) إلى كربلاء طالبًا الحكم، أم أنه خرج طلبًا للشهادة وليسجّل موقفًا للتاريخ بقتله من قبل يزيد الظالم؟
الجواب: لقد خرج الحسين(ع)، آمراً بالمعروف، وناهياً عن المُنْكَر.
لقد خرج الحسين (ع)، يريد الإصلاح في أمّة جدِّه محمد(ص).
يقول(ع): «إنّي لم أخرُجْ أشِراً ولا بَطِراً، ولا مُفْسِداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطَلَب الإصلاح في أمَّة جَدِّي(ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المُنْكَر، وأسيرَ بسيرة جَدِّي وأبي عليّ بن أبي طالب(ع)؛ فمَنْ قَبِلَني بقَبول الحَقّ فاللهُ أَوْلى بالحَقّ، ومَنْ رَدَّ عليَّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحَقِّ، وهو خيرُ الحاكمين»([1]).
ولا يمكن لهذين الأمرين أن يتحقَّقا على نحوٍ كامل ومستمرّ إلاّ من خلال استلام السلطة، وإقامة شرع الله.
وهذا ما يشير إليه قول أمير المؤمنين عليٍّ(ع): «اللهُمَّ إنّك تعلم أنّه لم يكُنْ الذي كان منّا منافسةً في سلطان، ولا التماسَ شيءٍ من فضول الحُطام، ولكنْ لنرُدَّ المعالمَ من دينك، ونُظْهِرَ الإصلاح في بلادك، فيأمَنَ المظلومون من عبادك، وتُقامَ المعطَّلةُ من حدودك»([2]).
إنّ شهوةَ الإنسان إلى المنصب والجاه تمثِّل طموحاً ذاتيّاً مشروعاً، ولكنْ أيُّ منصبٍ هو هذا الذي يشتهيه المؤمن؟ إنّه المنصب الذي يستطيع من خلاله إحقاقَ حقٍّ، وإزهاقَ باطلٍ، وخدمةَ الناس ومساعدتهم. وهذه هي سيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)، حيث دخل عليه عبدُ الله بن العبّاس وهو يخصف نَعْلَه، فقال له: ما قيمة هذا النَّعْل؟ فقال: لا قيمة لها، فقال(ع): «واللهِ، لهي أحبُّ إليَّ من إِمْرَتِكم، إلاً أن أُقيم حقّاً أو أدفع باطلاً»([3]).
إذن الممنوع هو كلُّ منصبٍ وموقع يكون الهدف منه الاستعلاء والاستكبار على الناس، وأمّا إذا كان عازماً على مساندة الحقّ وأهله، ومواجهة الباطل وأهله، ومساعدة المستضعفين، فليستهدِفْ أيَّ منصبٍ يشاء.
**********
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ