3 يوليو 2013
التصنيف : مقالات عقائدية، منبر الجمعة
لا تعليقات
5٬178 مشاهدة

الشفاعة والتوسُّل: الحقيقة، والصيغة

2016-09-30-%d9%85%d9%86%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d8%b9%d8%a9%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%81%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%b3%d9%84%d8%8c

 (الجمعة 30 ـ 9 ـ 2016م)(الأربعاء 24 ـ 4 ـ 2013م)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه المنتَجَبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

الشفاعة والتوسُّل مفهومان قرآنيّان روائيّان، تعرَّضَتْ لهما جملةٌ من الآيات القرآنيّة والروايات المأثورة.

معنى الشفاعة

والذي يظهر من هذه الآيات أنّ الشفاعة بمعنى طلب بعض المخلوقات من الخالق جلّ وعلا قضاء حاجةٍ أو غفران ذنبٍ لمحتاجٍ أو عاصٍ: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ (الأعراف: 53).

ومن المخلوقات مَنْ قد أَذِنَ الله له بالشفاعة، ورَضِيَ له قولاً: ﴿يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً﴾ (طه: 109).

ومنهم مَنْ لم يأذن لهم، ولا يقبل لهم طلباً: ﴿أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ * قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (الزمر: 43 ـ 44).

ومن الطبيعي أنّ الشفاعة النافعة يوم القيامة، بل وفي الدنيا أيضاً، هي شفاعة القسم الأوّل، وهي شفاعةٌ بإذن الله ورضاه، وبالتالي تكون الشفاعة كلُّها له عزّ وجلّ: ﴿وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ (سبأ: 23).

وهؤلاء المرضيّون المأذونون بالشفاعة لا يشفعون إلاّ لمَنْ ارتضى الله، فيشفعون له بعضَ تقصيره، وإسرافه على نفسه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِي * وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ (الأنبياء: 25 ـ 28). وأمّا المُصِرّ على ذنبه، المعانِد لربِّه، المضيِّع لفرائضه، المكذِّب بآخرته، فلا تنفعه شفاعةٌ: ﴿إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنْ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ (المدّثّر: 39 ـ 48).

وأما القسم الثاني فليس لشفاعتهم أيُّ أثرٍ على الإطلاق: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ (البقرة: 255).

إذاً الشفاعة مشروطةٌ بالإِذْن الإلهيّ فيها، ولا تنال إلا مَنْ ارتضاه الله تعالى.

وعليه فالعبد يحتاج هنا إلى أمرَيْن:

1ـ أن يُدخِل نفسه في مَنْ ارتضاه الله؛ كي تناله شفاعة الشفعاء.

2ـ طلب وتحصيل الإذن الإلهيّ في الشفاعة لمَنْ يريد أن يتَّخذَهم شفعاء.

معنى التوسُّل

وأمّا التوسُّل فهو اتِّخاذ الوسيلة والواسطة إلى الله عزّ وجلّ، بحيث تكون هذه الوسيلة ممَّنْ له كرامةٌ ومحبّةٌ وجاهٌ عند الله عزّ وجلّ، فيستطيع بإذن الله ورضاه أن يكون السببَ في تيسير بعض الصعاب، وقضاء بعض الحاجات.

وقد أمر الله سبحانه وتعالى باللجوء إلى اتِّخاذ وسيلةٍ، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: 35).

إذاً التوسُّل بمعنى الاستشفاع، أي اتِّخاذ شفيعٍ ووسيلةٍ وواسطةٍ لفيض الله، وهو يستلزم طلب الإذن لهؤلاء في أن يكونوا شفعاء. ولهذا فكلُّ صيغةٍ وردت في طلب الإذن لخير عباد الله وأشرف مخلوقاته في الشفاعة هي توسُّلٌ بهم.

إذاً التوسُّل عبارة عن عملٍ يتضمَّن هدفَيْن:

1ـ أن يُقِرَّ العبدُ ويعترف بذنبه، وأنَّه خاضعٌ خاشعٌ معتذِرٌ، وطالبٌ رضوانَ الله؛ ليكون في عداد مَنْ ارتضاهم الله، وأجاز الشفاعة لهم.

2ـ أن يطلب لمَنْ يريد أن يتَّخذهم شفعاء الإذنَ الإلهيّ بهذه الشفاعة، من خلال سؤال الله ذلك صراحةً.

إذاً فالخطابُ ينبغي أن يكون لله، لا للمخلوقات، مهما علا شأنُها.

هل التوسُّل شِرْكٌ؟

ذكرنا في ما تقدَّم أنّ الله سبحانه وتعالى أَمَرَنا باللجوء إلى اتِّخاذ وسيلةٍ، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: 35)، وحاشا لله أن يأمُرَ بشِرْكٍ. وعليه فما يُقال من أنّ التوسُّل شركٌ خفيٌّ كلامٌ باطلٌ بلا رَيْب.

نعم، إذا كان التوسُّل بمعنى الإيمان والاعتقاد بتأثيرٍ مستقلٍّ لهؤلاء المتوسَّلين، بحيث يكون لهم تأثيرٌ خاصٌّ بهم، في عرض تأثير الله عزّ وجلّ، وإلى جانبه، وأنّهم لا يحتاجون إليه في تأثيرهم هذا، كان ذلك من الشرك بالله في تأثيره، في حين أنّ عقيدة الإسلام قائمةٌ على توحيد الله في التأثير، وأنّه لا مؤثِّر في الكون سواه. وإلى هذا المعنى تشير الآيات الكريمة: ﴿قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً﴾ (الإسراء: 56 ـ 57)، و﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلاَ للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (الزمر: 2 ـ 3).

أمّا الإيمان والاعتقاد بتأثيرٍ مقيَّدٍ، أي في طول تأثير الله عزّ وجلّ، وبعد إذنه ورضاه، بمعنى أنّ الله جلّ وعلا هو مَنْ منح هؤلاء القدرة على التأثير، وخوَّلهم التصرُّف في بعض الأمور، فهو ممّا لا يتنافى مع التوحيد أبداً، بل هو في صُلْب التوحيد، حيث لا يمكن لأحدٍ غيره سبحانه وتعالى منحَ هذه القدرة وهذه الطاقة.

وهذا هو المعنى الصحيح ـ الذي نرتضيه ـ للتوسُّل بالأنبياء والأولياء.

وكذا الاستشفاع بهم؛ فإنَّهم يشفعون بإذن الله، ولمَنْ ارتضاه الله للشفاعة، فهم عبادٌ مكرَمون، لا يَعصُونَ الله ما أَمَرهم، ولا يسبقونه بالقول، وهم بأمرِهِ يعملون. ونحن باستشفاعنا بهم نطلب الإذن لهم بالشفاعة من الله عزّ وجلّ.

هذه هي حقيقةُ الشفاعة والتوسُّل الذي نؤمن به، والذي لا مجال للطعن فيه بأنّه شِرْكٌ خفيّ.

الصيغة الأفضل للتوسُّل والاستشفاع

لقد وَرَدَتْ في الأدعية المأثورة، الثابتة عن أهل بيت العصمة والطهارة، عباراتٌ تتضمَّن معنى الاستشفاع والتوسُّل، من قبيل:

1ـ ما ورد في دعاء يوم الخميس: «اللهمّ صلِّ على محمّد وآله، واجعل توسُّلي به شافعاً، يوم القيامة نافعاً»([1]).

2ـ ما ورد في دعاء التوبة: «اللهمّ صلِّ على محمّد وآله، وشفِّعْ في خطايايَ كرمَك»([2]).

3ـ ما ورد في الدعاء عند قراءة القرآن: «اللهمّ اجعله لنا شافعاً يوم اللقاء، وسلاحاً يوم الارتقاء»([3]).

4ـ ما ورد في دعاء السحر في شهر رمضان، المعروف بـ (دعاء أبي حمزة الثمالي): «اللهمّ، إنّي بذمّة الإسلام أتوسَّل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك»([4]).

5ـ ما ورد في التوسُّل بمحمّد وآل محمّد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين: «اللهمّ، بهم إليك توسُّلي وتقرُّبي»([5]).

6ـ ما ورد في بعض الأدعية: «اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، واسمع كلامَه إذا دعاك، وأَعْطِه إذا سألك، وشفِّعه إذا شفع»([6]).

7ـ وكذا: «اللهمّ شفِّع محمّداً في أمَّته، واجعلنا ممَّنْ تشفِّعه فيه برحمتك. اللهمّ اجعلنا في زمرته، وأدخلنا في شفاعته»([7]).

8ـ وكذا: «اللهمّ، إنّي لو وجدتُ شفعاءَ أقربَ إليك من محمّد وأهل بيته الأخيار، الأئمّة الأبرار، لجعلتُهم شفعائي. فبحقِّهم الذي أوجبتَ لهم عليك، أسألُك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقِّهم، وفي زمرة المرجوّين لشفاعتهم»([8]).

9ـ وكذا: «وأسألك بذلك الاسم؛ فلا شفيع أقوى لي منه، وبحقِّ محمّد وآل محمّد، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تقضي لي حوائجي، وتُسمِعَ محمداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين وعليّاً ومحمّداً وجعفراً وموسى وعليّاً ومحمّداً وعليّاً والحسن والحجّة صلوات الله عليهم وبركاته ورحمته صوتي؛ ليشفعوا لي إليك، وتشفِّعهم فيَّ»([9]).

10ـ وكذا: «اللهمّ، هؤلاء أهل الكساء والعباء يوم المباهلة، ومَنْ دخل من الإنس والملائكة المقرَّبين، اجعلهم شفعاءنا»([10]).

والملاحَظ في هذه العبارات أنّها كلّها بصيغة الخطاب لله عزَّ وجلَّ، واستئذانه، والطلب منه أن يرتضي بأنْ يكون الشيء الفلاني أو الشخص الفلاني شفيعاً.

كما أنّ عبارات التوسُّل تظهر أنّ الخطاب لله عزَّ وجلَّ في أن يأذَنَ باتِّخاذ هذا وسيلةً.

وعليه من منطلق الالتزام بما جاء في الدعاء المأثور، أي الوارد عنهم(عم)، وهو أفضلُ من اختراع دعاءٍ أو استعمال صيغةٍ مغايِرةٍ للصِّيَغ المأثورة، نقول: حَرِيٌّ بالمؤمنين الالتزام بما في هذه الأدعية الثابتة من صيغ للتوسُّل والاستشفاع، بدلاً من إنشاء صِيَغ مختلفة، وإنْ وردت في بعض الأدعية والزيارات غير الثابتة؛ لضعف إسنادها، أو عدم وجود إسنادٍ لها أصلاً، من قبيل:

1ـ ما جاء في إحدى زيارات الحسين(ع): «فكُنْ لي يا سيّدي سَكَناً وشفيعاً، وكُنْ بي رحيماً، وكَنْ لي منجىً يوم لا تنفع الشفاعة عنده إلاّ لمَنْ ارتضى، يوم لا تنفع شفاعة الشافعين، ويوم يقول أهل الضلالة: ما لنا من شافعين، ولا صديقٍ حميم، فكُنْ يومئذٍ في مقامي بين يدي ربّي لي منقذاً؛ فقد عظم جرمي إذا ارتعدت فرائصي، وأخذ بسمعي، وأنا منكِّس رأسي؛ بما قدَّمت من سوء عملي، وأنا عارٍ كما ولدتني أمّي، وربّي يسألني، فكُنْ لي يومئذٍ شافعاً ومنقذاً، فقد أعددتُك ليوم حاجتي ويوم فقري وفاقتي»([11]).

2ـ ما جاء في إحدى زيارات قبور أئمّة البقيع(عم): «فكونوا لي شفعاء»([12]).

3ـ ما جاء في دعاء الكفاية: «يا جبرئيل يا محمّد، يا جبرئيل يا محمّد ـ تكرِّر ذلك ـ، اكفياني ما أنا فيه؛ فإنّكما كافيان، واحفظاني بإذن الله؛ فإنّكما حافظان»([13]).

4ـ ما جاء في دعاء الفَرَج: «يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني؛ فإنّكما كافياي، وانصراني؛ فإنّكما ناصراي»([14]).

5ـ ما جاء في دعاء التوسُّل: «يا سيّدنا ومولانا، إنّا توجَّهنا واستشفعنا وتوسَّلنا بك إلى الله، وقدَّمناك بين يدي حاجاتنا، يا وجيهاً عند الله اشفَعْ لنا عند الله»([15]).

6ـ ما جاء من الدعاء عقيب صلاة الحجّة(عج): «يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني؛ فإنّكما كافياي. يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، انصراني؛ فإنّكما ناصراي. يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، احفظاني؛ فإنّكما حافظاي. يا مولاي يا صاحب الزمان ـ ثلاث مرّات ـ، الغوث الغوث الغوث، أدركني أدركني أدركني، الأمان الأمان الأمان»([16]).

7ـ ما اعتاده بعض الناس من استدعاء القوّة والعون بقولهم: «يا عليّ مدد»، وغير ذلك من العبارات.

اللهمّ أَرِنا الحقَّ حقّاً، وارزقنا اتِّباعَه؛ وأَرِنا الباطلَ باطلاً، وارزقنا اجتنابَه؛ ولا تجعلهما متشابهَيْن علينا، فنتَّبع هوانا بغير هدىً منكَ، يا أرحم الراحمين. وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.

**********

الهوامش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) الصحيفة السجّادية: 554.

([2]) الصحيفة السجّادية: 155.

([3]) الكليني، الكافي 2: 575.

([4]) الطوسي، مصباح المتهجِّد: 590.

([5]) المجلسي، بحار الأنوار 99: 95.

([6]) مصباح المتهجِّد: 456.

([7]) يحيى بن الحسين، الأحكام 1: 158.

([8]) الصدوق، عيون أخبار الرضا(ع) 1: 309.

([9]) مصباح المتهجِّد: 303 ـ 304.

([10]) ابن طاووس، إقبال الأعمال 2: 355.

([11]) ابن قولويه، كامل الزيارات: 411 ـ 412.

([12]) الكافي 4: 559.

([13]) الكافي 2: 558 ـ 559، كتاب الدعاء، باب الدعاء للكرب والهمّ والحزن والخوف، ح9. وقد رواه الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن إسماعيل بن يسار، عن بعض مَنْ رواه قال: قال: إذا أحزنك أمرٌ فقُلْ في آخر سجودك:…إلخ.

وهذا الإسناد ضعيفٌ؛ بسهل بن زياد الآدمي، الذي ضعّفه النجاشي بقوله: «كان ضعيفاً في الحديث، غير معتمد فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب، وأخرجه من قم إلى الريّ، وكان يسكنها» (رجال النجاشي: 185). وإلى تضعيفه خلص السيد الخوئي أيضاً بعد مناقشة كل ما أقيم من أدلّة على وثاقته.

وكذلك هو ضعيفٌ؛ بإسماعيل بن يسار الهاشمي، الذي ضعَّفه النجاشي بقوله: «ذكره أصحابنا بالضعف» (رجال النجاشي: 29).

وكذلك فيه مَنْ لم يُسمَّ، وبالتالي يكون مجهول الهويّة والحال، فلا تثبت وثاقته.

كما أنّ الحديث مضمَرٌ، فلا يُدرى مَنْ هو القائل؟ وهل هو المعصوم أو غيره؟! نعم، رواه الشيخ الحسن بن الفضل الطبرسي في (مكارم الأخلاق، تحت عنوان: (صلاة الكفاية)، معلَّقاً عن الصادق(ع) قال: تصلّي ركعتين وتسلِّم، وتسجد، وتثني على الله تعالى، وتحمده، وتصلّي على النبيّ محمد وآله، وتقول:…إلخ.

وهو ضعيفٌ؛ للتعليق.

([14]) دلائل الإمامة: 552. وقد رواه أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري ، عن أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي الحسين بن أبي البغل الكاتب، قال : تقلَّدتُ عملاً من أبي منصور بن الصالحان، وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري، فطلبني وأخافني، فمكثتُ مستتراً خائفاً، ثم قصدتُ مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدتُ المبيت هناك للدعاء والمسألة، وكانت ليلة ريح ومطر، فسألتُ ابن جعفر القيِّم أن يغلق الأبواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع؛ لأخلو بما أريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان ممّا لم آمنه، وخفتُ من لقائي له، ففعل، وقفل الأبواب، وانتصف الليل، وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومكثتُ أدعو وأزور وأصلّي. فبينما أنا كذلك إذ سمعتُ وطأة عند مولانا موسى(ع)، وإذا رجلٌ يزور، فسلَّم على آدم وأولي العزم(عم)، ثم الأئمّة واحداً واحداً، إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان(ع)، فلم يذكره، فعجبتُ من ذلك، وقلتُ: لعلّه نسي، أو لم يعرف، أو هذا مذهبٌ لهذا الرجل. فلما فرغ من زيارته صلّى ركعتين، وأقبل إلى عند مولانا أبي جعفر(ع)، فزار مثل الزيارة، وذلك السلام، وصلّى ركعتين، وأنا خائفٌ منه؛ إذ لم أعرفه، ورأيته شابّاً تامّاً من الرجال، عليه ثياب بيض، وعمامة محنك بها بذؤابة، ورداء على كتفه مسبَلٌ، فقال لي: يا أبا الحسين بن أبي البغل، أين أنتَ عن دعاء الفرج؟! فقلتُ: وما هو يا سيدي؟ فقال: تصلّي ركعتين، وتقول: يا مَنْ أظهر الجميل، وستر القبيح، يا مَنْ لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، يا عظيم المَنّ، يا كريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كلّ نجوى، يا غاية كلّ شكوى، يا عون كلّ مستعين، يا مبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّاه ـ عشر مرّات ـ، يا سيّداه ـ عشر مرات ـ، يا مولياه ـ عشر مرّات ـ، يا غايتاه ـ عشر مرات ـ، يا منتهى رغبتاه ـ عشر مرات ـ، أسألك بحقّ هذه الأسماء، وبحقّ محمد وآله الطاهرين(عم)، إلاّ ما كشفت كربي، ونفَّست همّي، وفرَّجت عنّي، وأصلحت حالي، وتدعو بعد ذلك بما شئتَ، وتسأل حاجتك. ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض، وتقول مائة مرة في سجودك: يا محمد يا عليّ، يا عليّ يا محمد، اكفياني؛ فإنّكما كافياي، وانصراني؛ فإنكما ناصراي. وتضع خدّك الأيسر على الأرض، وتقول مائة مرة: أدركني، وتكرّرها كثيراً، وتقول: الغوث الغوث، حتّى ينقطع نفسك، وترفع رأسك، فإنّ الله بكرمه يقضي حاجتك إنْ شاء الله تعالى…إلخ.

وهذا الإسناد ضعيفٌ؛ بأبي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري؛ إذ لم يرِدْ له توثيقٌ في كتب الرجال، قديمها وحديثها، فهو مجهول الحال، وبالتالي لا تثبت وثاقته.

وكذا هو حال أبي الحسين بن أبي البغل الكاتب، حيث قال النمازي في (مستدركات علم رجال الحديث 8: 363): «لم يذكروه». وعليه فهو مجهول الحال، ولا تثبت وثاقته.

([15]) بحار الأنوار 99: 247. وأوّل مَنْ نقل هذا الدعاء العلاّمة المجلسي فقال: «أقول: وجدتُ في نسخة قديمة من مؤلَّفات بعض أصحابنا رضي الله عنهم ما هذا لفظه: هذا الدعاء رواه محمّد بن بابويه رحمه الله عن الأئمّة(عم)، وقال: ما دعوتُ في أمرٍ إلاّ رأيتُ سرعة الإجابة، وهو: اللهمّ إنّي أسألك وأتوجَّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة محمّد(ص). يا أبا القاسم، يا رسول الله، يا إمام الرحمة، يا سيّدنا ومولانا، إنّا توجَّهنا واستشفعنا وتوسَّلنا بك إلى الله، وقدَّمناك بين يدي حاجاتنا، يا وجيهاً عند الله اشفَعْ لنا عند الله…». ومن الواضح أنّ هذا الدعاء لا إسناد له، وبالتالي لا وثوق لنا بصدوره عن أهل البيت(عم).

([16]) جمال الأسبوع: 175. وقد روى عليّ بن موسى بن طاووس هذا الدعاء بلا إسنادٍ، وهو: «اللهمّ، عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وضاقَتْ الأرض، ومنعت السماء، وإليك يا ربِّ المشتكى، وعليك المعوَّل في الشدّة والرخاء، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، الذين أمرتنا بطاعتهم، وعجِّل اللهم فرجهم بقائمهم، وأظهر إعزازه…إلخ».

وبما أنّ هذا الدعاء لا إسناد له فلا وثوق لنا بصدوره عن أهل البيت(عم).

 



أكتب تعليقك